Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تظاهرات 50501... أبعد من الشعبية وأقرب إلى النخبوية

لعلها المرة الأولى التي ترفع في الولايات المتحدة لافتات تحوي كلمة "طغيان" ضمن سياقات غير دولية والمنتمون إلى الحركة يقولون إنها تحركات للتنديد بما يصفونه بـ"تجاوزات ترمب"

متظاهرون ضد ترمب خلال احتجاج نظمته حركة 50501 (أ ف ب)

ملخص

من أبرز النقاط اللافتة في تظاهرات ولاية فلوريدا "الحمراء"، ومن بينها تحركات محيط متنزه بحيرة إيولا أن الغالبية المطلقة من المتظاهرين والمتظاهرات من البيض متوسطي وكبار العمر، ممن يدل مظهرهم على الانتماء إلى الطبقة المتوسطة وما فوق. ولم يكُن هناك ظهور أو وجود للمتظاهر الكلاسيكي الشاب في مقتبل العمر الثائر الغاضب العصبي المتحمس الرافع شعارات اليسار السياسية أو الفوضى الأناركية، حتى لافتات المطالبة بالتحرر الجنسي أو حقوق "مجتمع الميم" تكاد تكون غير مرئية، أو في أضيق الحدود.

في الولاية التي اعتنقت اللون الأحمر باختيارها، لا مرة أو مرتين بل ثلاث، ولم تصوت لمرشح رئاسي ديمقراطي منذ فوز الرئيس السابق باراك أوباما فيها عام 2012، وأعطت أصواتها للمرة الثالثة على التوالي إلى الرئيس دونالد ترمب، بما في ذلك المرة التي خسر فيها أمام الرئيس السابق جو بايدن عام 2020، في الولاية التي حصد ترمب أصواتها الانتخابية الـ30 كاملة متكاملة، في فلوريدا، الولاية المتبناة من قبل الرئيس الأميركي ليجعل منها "بيته"، على رغم أنه مولود في نيويورك، بدا مشهد المتظاهرين البيض من منتصفي ومتقدمي العمر حاملين لافتات مناهضة له غريباً بعض الشيء، أو بالأحرى كل الشيء.

في الواحدة بعد الظهر وفي شمس مدينة أورلاندو، رابع أكبر مدينة في فلوريدا من حيث عدد السكان بعد جاكسونفيل وميامي وتامبا، بدأ تدفق عشرات الأميركيين الذين يحملون "أدوات التظاهر". فبعضهم جلس في مقاهٍ لاحتساء القهوة، ومن بينهم من اختار المشي حول بحيرة إيولا، إحدى أبرز علامات المدينة السياحية، أو وقفوا يتجاذبون أطراف حديث ما بدا أنه بالغ الجدية وفيه قدر من السرية.

في الثانية تماماً، توجهت هذه العشرات التي سرعان ما تحولت إلى بعض مئات صوب الرصيف المشرف على تقاطع رئيس، ورفع الجميع اللافتات الصغيرة وغالبيتها مكتوبة بخط اليد. الرسائل واضحة وصريحة، والمحتوى جرى اختياره بعناية. "قاوم الفاشية، حارب الأوليغارشية"، "حل الترمبية عن العالم"، "أكره الحشود، لكن أكره ما يحدث أكثر"، "أنقذوا الديمقراطية الآن"، "لا ضوابط وتوازنات، لا ديمقراطية أميركية"، "دافعوا عن الدستور"، "اجعلوا أميركا طبيعية مرة أخرى"، "إبقوا الأغنياء بعيداً من السياسة" وغيرها كثير من العبارات التي تعكس غضباً من نوع غريب هذه المرة. ليست هناك قضية محددة، أو هدفاً بحد ذاته. هي حال تعتري بعضهم بصورة واضحة ومتصاعدة، لكنها أيضاً تثير مخاوف وتطرح أسئلة تختلف عن كل ما سبقها من تظاهرات.

تظاهرات من نوع فريد

الولايات المتحدة الأميركية من أكثر دول العالم التي شهدت وما زالت تظاهرات على مر تاريخها. من "حفل شاي بوسطن" الشهير عام 1773 الذي مهد لاستقلال أميركا بعد مواجهة مع المستعمرين البريطانيين، وسكب حملة ثلاث سفن محملة بالشاي تابعة لشركة الهند الشرقية في مياه المرفأ في بوسطن، إلى مسيرات حركة الحقوق المدنية دعماً للحقوق المتساوية للأميركيين السود بين عامي 1963 و1965 في ألاباما، إلى تظاهرات حركة "احتلوا وول ستريت" عام 2011 الداعية إلى إصلاح السياسات الاقتصادية ووقف ما سمّته الحركة "احتكار الشركات المالية الكبرى وتأثيرها في صناع القرار في واشنطن"، إلى التظاهرات المتكررة المطالبة بوقف عنف الأسلحة وحوادث القتل الجماعي على مر العقود ومعها التحركات التي اندلعت غير مرة عقب تعرض السود لعنف يوصف بـ"غير المبرر" من قبل الشرطة، أبرزها التجمعات التي أعقبت مقتل المواطن الأميركي الأسود جورج فلويد على يد شرطي في مدينة مينيابوليس عام 2020 وغيرها كثير، اعتاد الأميركيون أجواء التظاهرات.

الجميع يعرف ما له وما عليه في كثير من التحركات، والخروج على القواعد نتيجته معلومة، وبما أن القضية موضوع التظاهر هذه المرة بعيدة من الاحتكاك بالشرطة، أو المطالبة بمساواة فئة، أو نوع أو إثنية أو عرق بالآخرين، أو غيرهما من مواضيع التظاهر المعتادة، فقد سادت أجواء هي خليط من التوتر والترقب وقدر غير قليل من الرصد والمتابعة في موقع التظاهرة.

 

عطلة عيد الفصح شهدت نحو 80 تحركاً في كثير من المدن الأميركية. إنها جزء مما أصبح يعرف بـ"تظاهرات 50501"، أي 50 احتجاجاً في 50 ولاية، حركة واحدة. والمنتمون إلى الحركة يقولون إنها تحركات للتنديد بما يصفونه بـ"تجاوزات ترمب" التنفيذية.

والحركة ظهرت على منتدى على منصة "ريديت" في يناير (كانون الثاني) الماضي، أي بعد أيام من بدء الفترة الرئاسية لترمب. وكعادة الدعوات العنكبوتية، اكتسبت زخماً مما انعكس فعلياً في عدد من التظاهرات في مدن الولايات المختلفة، وإن ظل الزخم محدود العدد، وإن عميق الأثر، مع شعور عام بأجواء الاختلاف والترقب المهيمنة.

اللافتات المرفوعة تعكس طيفاً من نقاط الاعتراض، الضمان الاجتماعي والاستعانة بالأغنياء لإدارة شؤون غير الأغنياء والانفراد بقرارات وإجراءات لا تعبر بالضرورة عن الجميع وتآكل الحريات المدنية وخرق الدستور وإلحاق الضرر بالتعليم العالي والهجرة والمهاجرون والترحيل وغيرها.

الغالبية من البيض

ومن أبرز النقاط اللافتة في تظاهرات ولاية فلوريدا "الحمراء"، ومن بينها تحركات محيط متنزه بحيرة إيولا أن الغالبية المطلقة من المتظاهرين والمتظاهرات من البيض متوسطي وكبار العمر، ممن يدل مظهرهم على الانتماء إلى الطبقة المتوسطة وما فوق. ولم يكُن هناك ظهور أو وجود للمتظاهر الكلاسيكي الشاب في مقتبل العمر الثائر الغاضب العصبي المتحمس الرافع شعارات اليسار السياسية أو الفوضى الأناركية، حتى لافتات المطالبة بالتحرر الجنسي أو حقوق "مجتمع الميم" تكاد تكون غير مرئية، أو في أضيق الحدود.

لعلها المرة الأولى التي ترفع في الولايات المتحدة لافتات تحوي كلمة "طغيان" ضمن سياقات غير دولية. بمعنى آخر، شهدت أميركا تظاهرات واحتجاجات على مر عقود للمطالبة بحماية شعب ما في مشارق الأرض، أو فئة بعينها في مغاربها من طغيان هناك. أما أن يرفع أميركيون لافتات تندد بما يصفونه أو يرونه بأنه "طغيان" محلي، فهذه سابقة.

 

وسبق وتعرض الرئيس ترمب في فترة ولايته الأولى، بين عامي 2017 و2020، لموجات من التظاهرات والاحتجاجات. ليس هذا فقط، بل حتى اللافتات التي ظهرت على ضفة متنزه إيولا مطالبة بـ"عزل الرئيس" حملت نكهة مختلفة تماماً عن نكهات مطالبات العزل المتواترة طوال فترته الرئاسية الأولى.

في الفترة الأولى، نبعت مطالبات العزل التي علم أصحابها أنها على الأرجح بغرض المناورة السياسية ومن باب التعبير عن المعارضة، ولن تنتهي على الأرجح بالعزل الفعلي، من أسباب محددة، مكالمة هاتفية أجراها ترمب مع رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي عام 2019 وقيل إنه تطرق خلالها إلى جوانب تتعلق بمنافسه في الانتخابات حينئذ جو بادين بغرض إلحاق الضرر به، واتخاذ ترمب لإجراءات من شأنها أن تؤدي إلى حرب نووية والتهديد بإغلاق مؤسسات إعلامية وقبول أموال من حكومات أجنبية وغيرها. هذه المرة، تقف اللافتات المكتوب عليها "عزل وإزالة" من دون توضيح أو ذكر لسبب محدد. إنها جزء من الأجواء الغريبة الفريدة.

وضمن الغرابة والتفرد أن أياً من المتظاهرين أو اللافتات لم تحمل إشارة من قريب أو بعيد إلى "قانون حمل السلاح" في فلوريدا الذي يسمح لأي شخص فوق عمر الـ 21 سنة باقتناء سلاح من دون الحاجة إلى اجتياز ما يعرف بـ"فحص المعلومات الأساسية" أو الحصول على أي تدريب مسبق، وحمل "سلاح مخفٍ" أي غير ظاهر.

يشار إلى أن ولاية فلوريدا، تحديداً جامعة ولاية فلوريدا في تالاهاسي، شهدت حادثة إطلاق نار قام بها طالب في الجامعة يبلغ من العمر 20 سنة، وابن نائبة قائد الشرطة المحلي في مقاطعة ليون، مما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة أربعة.

وبحسب "أرشيف العنف المسلح" (مؤسسة أميركية غير ربحية)، بلغ عدد حوادث إطلاق النار من أشخاص عاديين في ولاية فلوريدا العام الماضي نحو 32 واقعة، مما وضعها في المرتبة الثالثة من حيث عدد حوادث إطلاق النار الجماعي في ذلك العام، بعد كل من إلينوي وكاليفورنيا اللتين شهدتا 35 واقعة في كل منهما.

ولم يرفع متظاهر لافتة مطالبة بإلغاء أو تصحيح "التعديل الثاني" للدستور الأميركي الذي "يحمي حق المواطنين الأميركيين في الاحتفاظ بأسلحة وحملها" الذي جرت المصادقة عليه في ديسمبر (كانون الأول) عام 1791. كما لم يهتف متظاهر ضد ما علق به الرئيس ترمب على الحادثة بقوله "هذه أمور فظيعة، لكن السلاح لا يطلق النار، الناس هم من يفعلون ذلك"، وأضاف أنه من المدافعين الكبار عن التعديل الثاني، وأنه كان كذلك منذ البداية، وأنه يحميه، وأن هذا الأمر (إطلاق النار) يحدث منذ فترة طويلة، لكن عليه التزام حماية هذا الحق الذي "خاض الانتخابات على أساسه". فقد هتفوا هتافات عامة تعكس حالاً عامة من عدم اليقين، "عار" و"ارفعوا أيديكم" و"صوتوا لإخراجهم" وغيرها من الهتافات شديدة العمومية والشخصيات غير المذكورة بالاسم هي السمة.

"سايبرتراك" و"تيسلا" حاضرتان

لكن الغموض سرعان ما ينكشف حين تظهر مركبة "سايبرتراك" عند تقاطع الطرق موقع التظاهرة. ولحظ قائدها العاثر، تغلق إشارة المرور ويطول الإغلاق، فتعلو الهتافات المناهضة الغاضبة مع تنزيل اللافتات باستثناء تلك التي تتطرق إلى تمكين الأغنياء والمليارديرات من مصائر غير الأغنياء والمطالبة بإنهاء الأوليغارشية والتوقف عن الاعتماد على الأثرياء في السياسة.

تخضرّ الإشارة، تنطلق الـ"سايبرتراك" التي باتت تعرف بـ"الحافلة المثيرة للاستقطاب" بأقصى سرعة وسط هتافات منددة. وفي اللحظة ذاتها، تمر سيارة "تيسلا" وتمعن قائدتها في إطلاق آلة التنبيه المؤيدة للتظاهرة بشدة وقوة، وتلوح بإبهمها لأعلى في إشارة إلى تأييد ما تمثله الفعالية الاحتجاجية.

والسيارتان تنتجهما مصانع وشركات يملكها رجل الأعمال الملياردير المتحول إلى السياسة المهدد بالزحزحة من منصبه في وزارة كفاءة الحكومة وكمستشار بارز للرئيس المثير للجدل إيلون ماسك. إنه الشخص الغائب غير المذكور بالاسم الحاضر البارز في التظاهرة.

تتوسط الجمع الذي أصبح غفيراً بحلول الساعة الثالثة بعد الظهر ثلاث سيدات يرتدين ثياباً حمراء طويلة فضفاضة مع غطاء رأس أبيض يشبه ما كانت ترتديه النساء في العصور الوسطى. وتحمل إحداهن دمية بلاستيكية لرضيع، ويلوح ثلاثتهن بلافتات عليها عبارات خاصة بحقوق النساء الإنجابية وسلب استقلاليتهن.

 

الفكرة مشتقة من رواية "حكاية جارية" للمؤلفة مارغريت آتوود التي أثارت جدلاً واسعاً بهذه الرواية التي صدرت للمرة الأولى عام 1982، وتحولت إلى مسلسل تلفزيوني بدأ إنتاجه عام 2016. الرواية تدور حول "ديستوبيا" أي مدينة فاسدة أو واقع مرير لمجتمع بائس، تُجرد النساء فيه من حقوقهن واستقلاليتهن ويُحولن إلى أوعية للتكاثر برعاية المجتمع الشمولي المهيمن عليه ثيولوجياً أو من قبل "الرجعية الدينية" التي تعتبر النساء أوعية خصوبة لإنجاب الأطفال ويسمين "خادمات"، وكن ظهرن خلال تظاهرات نسائية غاضبة أثناء فترة رئاسة ترمب الأولى.

ويظل المعنى في بطن الشاعر، فكثير من التعليقات التي يرصدها الإعلام الأميركي الواقف على الضفة المقابلة لترمب يحرص على رصد تعليقاته في حق النساء، فهو بحسب ما يجري رصده في التقارير كثيراً ما يعلق على إما الجاذبية الجسدية أو الذكاء لدى مساعداته.

في المقابل، قال ترمب أثناء المنافسة الانتخابية بينه والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2024، "هل تريد أن تخسر مدخرات حياتك لأننا وضعنا امرأة ضعيفة وحمقاء في البيت الأبيض؟"، مما اعتبره بعضهم تنميطاً مرفوضاً وعنصرية تجاه النساء.

وفي ما عدا "حكايات جارية" الممثلة في التظاهرات، لا اللافتات المرفوعة ولا الحناجر المبحوحة تركز على قضايا النساء، فالقضية أو القضايا أعمق وأعم وأصعب وأكثر التباساً هذه المرة.

متابعة مشوبة بالحذر

عمليات المتابعة والرصد والمراقبة من قبل المارة ومرتادي المقاهي والمطاعم المحيطة كانت بالغة الثراء والاهتمام، لكن شابها أيضاً قدر محسوس لا منطوق من التوتر، إذ إن جزءاً معتبراً من مرتادي هذه المنطقة في أورلاندو، الواقعة على مرمى حجر من استوديوهات "يونيفرسال" و"ديزني" وعشرات الملاهي والمتنزهات والبحيرات، وعلى رأسها متنزه بحيرة إيولا، موقع التظاهرة، من السياح الذين حمل بعضهم مشاعر القلق والوجل لدى دخولهم إلى أميركا على رغم حصولهم على تأشيرات قانونية. ومن جهة أخرى، المكون الديموغرافي لأورلاندو يفرض نفسه مسبباً رئيساً للحساسية والترقب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب إحصاءات وأرقام مكتب تعداد الولايات المتحدة الأميركية الخاص بتركيبة أورلاندو في أول يوليو (تموز) عام 2024، يشكل البيض نحو 43 في المئة والسود نحو 23 في المئة ومن أصول آسيوية نحو 4.5 في المئة ومن أصول لاتينية وإسبانية نحو 36 في المئة، إضافة إلى أصول متعددة أخرى.

وهذا التنوع الديموغرافي يؤدي في ظل السياسات والإجراءات والتصريحات المثيرة للجدل حول المهاجرين والهجرة إلى حال من الترقب والقلق حتى بين الأجيال الثانية والثالثة من المهاجرين ممن هم مواطنون أميركيون شرعيون، إضافة إلى حاملي الإقامات القانونية بأنواعها. وهذا ربما يفسر أجواء الترقب والمتابعة الحريصة من قبل المحيطين بالتظاهرة في أورلاندو.

حتى المناقشات تدور بحرص بالغ، فبعضهم يقرأ المكتوب على اللافتات بصوت خافت ويتابع مرور أفراد الشرطة على درجاتهم الهوائية، مطالبين المتظاهرين بعدم النزول من على الرصيف حماية لأرواحهم، ويلتقط صوراً ومقاطع فيديو بالهواتف المحمولة، لكن مع توخي الحذر، والبعض الآخر انشغل تماماً بمن يطلق آلات التنبيه أثناء المرور تأييداً للتظاهرة، أو تنديداً بها، ومن يرفع الإبهام لأعلى للتشجيع وقلة معدودة تلوح بـ"الوسطى" تنديداً. لكن نقطة الحوار الأبرز التي تجمع الأميركيين وغير الأميركيين هي سمة هذه المرحلة من التظاهرات، ألا وهي العمومية وعدم التحديد، وفي الوقت نفسه، وحدة الرؤية للغاضبين والنظرة طويلة المدى التي تجمع بينهم.

أكثر مما تتحمله لافتة

ولا يوجد موضوع موحد أو رسالة بعينها، فبين اللافتات ما غاص كاتبوها في نصوص سردية مطولة، وبينها ما اكتفى بكلمة أو اثنتين. وأحد المشاركين سأل آخر بعد انتهاء الفعالية "أي لافتة أعجبتك أكثر؟"، أخذ يفكر طويلاً ثم قال "إنها اللافتة التي أحملها". أظهرها مجدداً ليقرأ السائل بصوت مرتفع، "أكثر مما تتحمله لافتة واحدة".

وعلى رغم ذلك، يظل الجانب الأكبر من تظاهرات وفعاليات 50501 أبعد ما يكون من الشعبية وأقرب ما يكون إلى النخبوية، واستطلاعات الرأي العام لها اليد العليا، إذ أشارت شركة "غالوب" الأميركية لبحوث وتحليلات الرأي العام الخميس الماضي إلى أن ترمب يختتم الربع الأول من ولايته الثانية بمتوسط ​​نسبة موافقة على أدائه بلغت 45 في المئة، وهي نسبة أعلى من نسبة 41 في المئة التي حصل عليها خلال ولايته الأولى، لكنها أقل من الرؤساء المنتخبين بعد الحرب العالمية الثانية.

ولفتت "غالوب" إلى أنه في ظل حال عدم اليقين الاقتصادي هذا الشهر، قال 44 في المئة من البالغين الأميركيين إنهم يثقون بقدرة ترمب على اقتراح أو القيام بالخطوات الصحيحة حول الاقتصاد، وبين هؤلاء 33 في المئة قالوا إن لديهم "قدراً كبيراً" من الثقة، و14 في المئة قالوا إن لديهم "قدراً لا بأس به" من الثقة.

وبين قياسات الرأي العام وقياسات أداء التظاهرات، فجوات وفروق، وكثير مما يصعب التنبؤ به أو الاعتماد عليه مؤشراً أو توجهاً لا على المدى البعيد أو القريب.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات