ملخص
كثيراً ما أصر "حزب الله" على أن سلاحه ضروري للدفاع عن لبنان في مواجهة أي "عدوان" إسرائيلي في حين يعطي إصرار إسرائيل على إبقاء قواتها في خمسة مرتفعات "استراتيجية" مبرراً لهذه الرواية، بحسب متخصصين.
يبدو نزع سلاح "حزب الله" الذي لم يكن مطروحاً في السابق قابلاً للتنفيذ أكثر من أي وقت مضى مع تصاعد الضغوط الأميركية على القيادة اللبنانية الجديدة وبعد الخسائر الفادحة التي تكبدها في حربه الأخيرة مع إسرائيل.
ويفيد متخصصون بأن نتيجة المحادثات حول برنامج طهران النووي التي انطلقت السبت الماضي بين إيران والولايات المتحدة قد تؤثر بصورة كبيرة في مستقبل ترسانة الحزب التي كانت قبل الحرب الأخيرة تتجاوز تلك التي يمتلكها الجيش اللبناني.
"تأثير الحرب غير بوضوح الوضع ميدانياً في لبنان"
ويقول المحلل المتخصص في الشأن اللبناني لدى "مجموعة الأزمات الدولية" ديفيد وود إن "تأثير الحرب غير بوضوح الوضع ميدانياً في لبنان"، معتبراً أنه "من الممكن أن يتجه 'حزب الله' إلى نزع السلاح، بل والمشاركة حتى في هذه العملية طواعية بدلاً من مقاومتها".
والحزب هو الفصيل العسكري الوحيد الذي احتفظ بسلاحه بعد انتهاء الحرب الأهلية في لبنان عام 1990 تحت شعار "المقاومة" في مواجهة إسرائيل. وتشمل الخيارات المحتملة لمعالجة المسألة، وفق وود، تفكيك بنية الحزب العسكرية الكاملة أو دمج أسلحته ضمن الجيش، مع إدماج مقاتليه بصورة فردية في صفوف الجيش اللبناني، لكنه شدد على أن "الطريق الأسلم" للتعامل مع قضية نزع السلاح هي "أخذ الوقت الكافي"، ويؤكد وود أن "من الممكن أن تسعى إيران إلى مبادلة دعمها لحلفائها الإقليميين، بمن فيهم 'حزب الله'، بتنازلات في المفاوضات مع الولايات المتحدة".
جنوب الليطاني
وأفاد مصدر مقرب من الحزب، من دون الكشف عن اسمه، بأن معظم المواقع العسكرية التابعة له في جنوب الليطاني باتت تحت سيطرة الجيش اللبناني الذي عزز انتشاره في المنطقة.
وبحسب المصدر نفسه "لا توجد أي قدرة عسكرية لدى الجيش اللبناني للدفاع عن الجنوب في وجه العدو الإسرائيلي"، معتبراً أن "إصرار الأميركيين على إتلاف الجيش لصواريخ المقاومة بدل احتفاظه بهذه القوة دليل إضافي على أن أميركا لا تريد أن يكون الجيش اللبناني قوياً أو حتى لديه أي قدرة محتملة على مواجهة إسرائيل".
"التطبيق الكامل لوقف الأعمال العدائية"
وخلال زيارة إلى لبنان الشهر الجاري قالت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس إن واشنطن تواصل الضغط على الحكومة اللبنانية "من أجل التطبيق الكامل لوقف الأعمال العدائية بما يشمل نزع سلاح 'حزب الله' والميليشيات كافة"، مشيرة إلى أن ذلك يجب أن يتم "في أقرب وقت ممكن".
"لا مفر"
في الأثناء شدد رئيس الجمهورية اللبناني جوزاف عون على التزامه حصر السلاح بيد الدولة، مشدداً في الوقت ذاته على "أهمية اللجوء إلى الحوار" لتحقيق ذلك، لكن الباحثة لدى "معهد واشنطن" حنين غدار ترى أنه "لا مفر" من المواجهة مع الحزب "إذ إن البديل الوحيد لعدم نزع سلاح 'حزب الله' بالقوة يتمثل بقيام إسرائيل بالمهمة". وتشير غدار إلى أن جناحاً تقوده شخصيات مثل الأمين العام الجديد للحزب نعيم قاسم ورئيس كتلة "حزب الله" في البرلمان محمد رعد "يريد شراء الوقت، بينما يرغب جناح آخر باتخاذ خطوات أكثر جرأة"، لكنها ترى أن أي انقسامات ضمن صفوف الحزب، إن وُجدت، تنبع من تباين في شأن استراتيجيات البقاء، وليست مؤشراً إلى وجود نية بتسليم السلاح.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
نكسة
ويعتبر رئيس فرع استخبارات منطقة الجنوب سابقاً العميد المتقاعد علي شحرور أن "'حزب الله' أصيب بنكسة. وبالتأكيد ليس من صالحه الدخول في أي حرب أو الوقوف ضد الدولة"، ويضيف "تتجه إيران إلى المفاوضات أيضاً ما من شأنه أن ينعكس على كل المحور الموجود في المنطقة"، في إشارة إلى ما يعرف بـ"محور المقاومة" الذي تقوده طهران. ويؤكد شحرور أن "الإسرائيليين يعطون ذريعة لحزب الله للتمسك بسلاحه بكل تأكيد" بسبب عدم امتثالهم لاتفاق وقف إطلاق النار.
ويبدي عدد من مسؤولي الحزب أخيراً استعدادهم للحوار في شأن الاستراتيجية الدفاعية التي تشمل بحث مصير سلاح الحزب، وليس مسألة تسليمه.
وكثيراً ما أصر الحزب على أن سلاحه ضروري للدفاع عن لبنان في مواجهة أي "عدوان" إسرائيلي، في حين يعطي إصرار إسرائيل على إبقاء قواتها في خمسة مرتفعات "استراتيجية" مبرراً لهذه الرواية، بحسب متخصصين.
"معضلة الدجاجة أم البيضة" أولاً
ويشبه الأستاذ الجامعي والباحث كريم بيطار المسألة بـ"معضلة الدجاجة أم البيضة" أولاً، ويرى أن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو قيام الحزب بتسليم بعض أسلحته الثقيلة إلى الجيش، مع التشديد على أنه غير مسؤول عن الأسلحة العائدة لمدنيين موالين له وغير منضوين فيه رسمياً. لكنه يؤكد أن الأمر، في نهاية المطاف، سيتوقف إلى حد كبير "على المفاوضات الأميركية - الإيرانية التي بدأت للتو"، موضحاً أنه "في غياب الضوء الأخضر من الإيرانيين، أشك أن يسلم 'حزب الله' طوعاً أسلحته إلى الجيش، حتى وإن عرض عليهم تشكيل كتيبة مستقلة ضمن الجيش اللبناني".
وأنهى اتفاق لوقف إطلاق النار توصل إليه في الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مواجهة بين الحزب وإسرائيل تواصلت أكثر من عام وتطورت إلى حرب مفتوحة استمرت شهرين، أضعفت الفصيل المدعوم من إيران بصورة لافتة في الداخل على وقع خسائر في الميدان والعتاد ومقتل أبرز قادته، لكن الجيش الإسرائيلي لا يزال ينفذ غارات شبه يومية على جنوب لبنان.
ونص الاتفاق على انسحاب مسلحي "حزب الله" من جنوب الليطاني وتفكيك أي بنى تحتية عسكرية تابعة له في المنطقة، لكن الحزب يشدد على أن الاتفاق لا ينطبق على بقية مناطق البلاد.