Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عمال لبنان ينشدون تصحيح رواتبهم... والوزير: الأرقام مبالغ فيها

يجري التداول براتب يصل حتى 1000 دولار وهو رقم مبالغ فيه حسب الوزير محمد حيدر

بعد سنوات على الأزمة المالية غير المسبوقة بقي العامل اللبناني من دون تصحيح منصف لأجره (اندبندنت عربية)  

ملخص

في عام 2024 رفع الحد الأدنى للأجور حتى قارب 200 دولار أميركي، فلم ينصف العامل في ظل الظروف المعيشية الصعبة، فهل الزيادة المقبلة ستنصفه أخيراً؟

بعد التضخم المفرط الذي سيطر على لبنان في الأعوام الخمسة الأخيرة، وزيادة الأسعار التي قاربت 64 مرة ما كانت عليه قبل الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد منذ 2019، بقيت الأجور في مجملها غير منصفة للعمال. صحيح أن نسبة كبيرة من المؤسسات في القطاع الخاص حرصت على تصحيح أجور موظفيها سعياً إلى تحقيق العدالة بما يتماشى مع غلاء المعيشة، إلا أنها بقيت دون المستوى المطلوب، وبشكل خاص دون المستوى الذي كانت عليه قبل الأزمة. وصحيح أنه رُفع الحد الأدنى للأجور مرات عدة، وآخرها في أبريل (نيسان) الماضي حين رفع في القطاع الخاص ليبلغ ما يقارب 200 دولار أميركي أو 18 مليون ليرة لبنانية، بقي العامل يتحمل أعباء الأزمة في ظل الظروف المعيشية الصعبة.

بعد تسلمه مهامه في وزارة العمل، أعلن وزير العمل الجديد محمد حيدر العمل على تحسين الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص بالتنسيق مع الوزارات المعنية كافة، واعداً بتحسين ظروف العمل وإيجاد فرص عمل جديدة. منذ ذاك الوقت تسلط الأضواء على المساعي والجهود لرفع الحد الأدنى للأجور، وصولاً إلى اجتماع لجنة المؤشر الذي دعا إليه وزير العمل الجديد للنظر بمعالجة رواتب وأجور العاملين في القطاع الخاص، فهل يرفع الحد الأدنى للأجور أخيراً بشكل ينصف العامل ويراعي بالفعل غلاء المعيشة في البلاد؟

 

تصحيح للأجور لا ينصف العامل

عندما استقرت الأوضاع السياسية بعد انتخاب رئيس الجمهورية جوزاف عون، وتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة نواف سلام، سيطرت أجواء إيجابية غلب عليها التفاؤل في البلاد، وعاد ملف تصحيح الأجور إلى الواجهة من جديد من ضمن القضايا العديدة التي كانت هناك توقعات بمعالجتها في العهد الجديد، في ظل التضخم الاقتصادي الكبير المترتب عن الأزمة. علماً أنه عام 2024 عندما اجتمعت لجنة المؤشر مع الهيئات الاقتصادية ونقابات المهن الحرة ووزير العمل السابق، اتخذ قرار برفع الحد الأدنى للأجور إلى 200 دولار تقريباً في ظل مطالبة برفعه إلى قرابة 600 دولار أميركي.

في الوقت نفسه اتخذ قرار بإعطاء كل عامل في القطاع الخاص غلاء معيشة بقيمة 100 دولار أميركي تقريباً، لكنه لم يعط للموظف، لكن في ظل التضخم الكبير الحاصل، وغلاء المعيشة والارتفاع الجنوني في الأسعار، لم تلب هذه الزيادة أياً من حاجات العمال، وأتت دون المستوى المطلوب. في الواقع بدت الزيادة مهينة لهم، كونها لا تكفي العامل وحاجات الأسر التي قد تتخطى 800 دولار أميركي شهرياً في الأقل، هذا ما استدعى إعادة النظر بالأجور لتلائم الوضع المعيشي وتحمي العمال من الاستغلال، ولا يستمر انتهاك حقوقهم بعدما أنهكتهم الظروف المعيشية الصعبة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لتأمين حياة كريمة للعامل

في مقابلة خاصة مع "اندبندنت عربية" أوضح وزير العمل محمد حيدر أن رفع الحد الأدنى للأجور من أولويات الوزارة ومن أولوياته الخاصة تحديداً، تماماً كما أعلن في أول تصريح له بعد تسلمه الوزارة حين أعلن العمل على رفع الحد الأدنى للأجور، والأهم بعد تحسين القدرة الشرائية للعمال، إلا أنه أوضح "أن هذا العمل لا يرتبط به كوزير حصراً، وإن كان القرار النهائي يرجع له. فللتوصل إلى مثل هذا القرار، لا بد من دراسته، بشكل فاعل ومعمق، ليحصل العامل على مطلبه، ولتأمين الحياة الكريمة له كما يستحق بالأجر الذي يحصل عليه، خصوصاً بعد الأزمة الاقتصادية. فثمة مراحل عديدة تسبق التوصل إلى تحسين القدرة الشرائية للعامل، وهو قرار له تفرعات عدة لا بد من أخذها في الاعتبار"، وتابع وزير العمل "يهم العامل من دون أدنى شك أن يحصل على أجر لائق لقاء العمل الذي يقوم به، إنما في الوقت نفسه من الضروري أن يكون لرب العمل إنتاج معين كاف لتكون له قدرة على تحمل النفقات اللازمة. وفي الوقت نفسه لا بد من أن تكون مالية الدولة قادرة على المساهمة في ذلك. والواقع الذي يمكن ملاحظته أنه منذ عام 2019 إلى اليوم يستمر الوضع على حاله بوجود هوة عميقة بين القطاعين العام والخاص. فعمد القطاع الخاص على تصحيح أجور العاملين فيه وزيادتها، في وقت كانت الزيادة محدودة في القطاع العام، مما سبب شرخاً كبيراً بين الأجور في القطاعين، حتى إنه في القطاع الخاص عادت الأجور في بعض المؤسسات إلى ما كانت عليه قبل عام 2019، أو حتى قد تكون أفضل بعد أحياناً، فيما لا يزال القطاع العام يرزح تحت وطأة الأزمة المالية، لذلك هناك حرص ومساع حالياً على تحسين الوضع في القطاع الخاص، وفي الوقت نفسه هناك دراسة مع المعنيين في الدولة حول سبل تحسين سلسلة الرتب والرواتب التي ترتبط أساساً بالدولة وبقدرتها على تحمل النفقات بحسب الموارد التي لديها".

بين حقوق العامل وقدرة رب العمل

صحيح أن تصحيح أجور العمال مطلب حالياً لمواكبة الظروف المعيشية السائدة، لكن في المقابل لا يمكن تحقيق ذلك من دون النظر في أوضاع أرباب العمل لاعتبارهم يؤمنون فرص العمل للعمال، هي مسألة لا يمكن أن تحصل بطريقة عشوائية لا تراعي أوضاعهم، لذلك تجرى الدراسة بتأن وفق حيدر، وهي مسألة تتم على أساس نقاش يدور بين الأطراف المعنية وتطرح فيه وجهات النظر وإمكانات الأطراف المعنية والمساوئ على كل منها، إذ إن رفع الحد الأدنى للأجور لا يرتبط بالرقم الذي يتقاضاه الموظف حصراً، إنما أيضاً بالضرائب واشتراكات الضمان وتعويضات نهاية الخدمة، إذ يسدد رب العمل ما يفوق الأجر الذي يتقاضاه الموظف، لذا لا تقتصر نفقاته على الأجر، بل تضاف إليه ضرائب المالية، وتعويضات نهاية الخدمة، والتأمين وغيرها ما يزيد من الضغوط عليه. وهنا يأتي دور لجنة المؤشر التي تعمل على دراسة العناصر كافة لتكون زيادة الحد الأدنى للأجور منصفة للأطراف كافة، وهي تضم في اجتماعاتها العمال وأرباب العمل والوزارة لدراسة الأسلوب الأمثل والرقم المناسب لتأمين حياة كريمة للعامل وتوفير حقوقه التي يطالب بها، من دون أن يشكل عبئاً على القطاع الاقتصادي ومن ضمنه أرباب العمل.

أضاف حيدر "إذا انهار رب العمل يفقد العامل فرصة العمل فتكون خطوة سيئة بدلاً من أن تكون إيجابية له. يمكن أن أتكاتف مع العمال شعبوياً وأندفع باتجاه رقم معين أتمسك به لرفع الحد الأدنى للأجور. بذلك أسيء إلى العامل، وقد ألغي فرصة عمل له بسبب الضرر الذي يلحق بالمؤسسة التي يعمل لديها بدلاً من تحسين ظروفه، لذلك بعد النقاش مع جمعية الصناعيين والاتحاد العمالي وأرباب العمل واتفاق الجميع على الحوار لوضع النقاط الرئيسة والخطوات التي ستتخذ لتحسين الحد الأدنى للأجور، تجرى الدراسة التي تنصف الأطراف كافة، فهو ليس قراراً يؤخذ بجلسة واحدة للجنة المؤشر، إنما يتطلب تأنياً لما قد يترتب عن ذلك من تداعيات كثيرة، تماماً كما حصل عام 2019 بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب في القطاع العام. نحن نسعى إلى ألا يحصل في القطاع الخاص ما حصل في القطاع العام من انهيار في بداية الأزمة في حال رفع الحد الأدنى للأجور بطريقة غير مدروسة، علماً أن مسؤولية وزارة العمل تقتصر على القطاع الخاص، فيما الدولة مسؤولة عن القطاع العام إلا أن المسألة ترتبط أيضاً بمالية الدولة".

في الأسابيع الأخيرة تُدوول بالحد الأدنى الجديد للأجور الذي يصل إلى 1000 دولار أميركي، وكانت هناك توقعات بأن تبلغ هذا الحد. هو رقم مبالغ فيه بحسب حيدر، ولا يمت إلى الحقيقة بصلة، كذلك فإن التداول فيه ينعكس سلباً على العمال وأرباب العمل على حد قوله، حتى إنه يشك بأن يكون هدف الجهات المسربة تعمد الأمر لإفشال الاجتماع عبر نشر الرقم بطريقة غير مدروسة، فالهدف هنا ليس صون مصلحة العمال بل بالعكس، هدفه أن يفشل اجتماع لجنة المؤشر التي حصل فيها دراسة واتفاق على الخطوات الأولى لرسم الواقع الاقتصادي وبلوغ الهدف المرجو.

وختم حيدر "أنه في الاجتماع الأول للجنة، كانت هناك دراسة أولية لتأمين حد أدنى مقبول يتحمله القطاع الاقتصادي لأن المطلوب ليس طرح أرقام شعبوية، وبعدها بلوغ مرحلة يحصل فيها تراجع لعدم إمكان تأمينها إذا كانت تقود مؤسسات إلى الإفلاس، ويفقد العمال فرص العمل، فعبر رفع الحد الأدنى للأجور الهدف إنصاف العامل والحفاظ على حقوق أرباب العمل ومصالحهم في الوقت نفسه". 

وبلغة الأرقام، يصل عدد العمال في القطاع الخاص إلى 450 ألف عامل يخضعون لقانون العمل. أما في القطاع العام فيتقاضى العمال رواتبهم بحسب راتب عام 2019، لذلك في اجتماع لجنة المؤشر الذي ترأسه وزير العمل الجديد، تناول المجتمعون رواتب وأجور العاملين في القطاعين الخاص والعام. وبعد المحادثات اتفق على تشكيل فريق عمل مصغر لعقد اجتماعات مكثفة بهدف رفع النتائج خلال مهلة 15 يوماً كحد أقصى، في ما يتعلق برفع الأدنى للأجور، ورفع قيمة المنحة المدرسية، وزيادة قيمة التعويضات العائلية، ودراسة وضع التقديمات وبدل النقل، على أن تجتمع لجنة المؤشر مرة جديدة بتاريخ الـ28 من الشهر الجاري لدراسة النقاط كافة وإعلان نتائجها. 

المزيد من تقارير