Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

يعيش سكان غزة على بقايا المعلبات والجوع ينهش بطون الأطفال

لم تقتصر التأثيرات الكارثية على وقف برامج الطرود الغذائية بل سببت أيضاً تعطل تكايا الطعام المجاني عن إعداد الوجبات الساخنة

استيقظ جميع أبناء سلوى و الأم لا تزال في مكانها تجلس واضعة يدها على خدها تفكر ماذا تطعم صغارها الذين ناموا بالأمس من دون وجبة عشاء، وتقول "بات الأكل والحصول عليه في غزة مهمة صعبة وشاقة تحتاج إلى مجهود كبير لاقتناص وجبة في اليوم".

وبعد لحظات قليلة سحبت سلوى كرتونة مساعدات غذائية وزعتها الأمم المتحدة على سكان القطاع قبل شهرين، وأخذت تعد المعلبات بداخلها "ثلاث علب حمص وخمس من الفول وعلبتا تونة وكيلوغرام من العدس"، فارتسمت علامات الحزن والقلق على وجه الأم وخاطبت صغارها قائلة "يجب علينا توفير الطعام وتقليل وجبات الأكل".

تعويل على المعونات الغذائية

ومن دون أن تفكر، رد أحد صغارها معترضاً "لا يمكن ذلك فنحن من الأساس لا نأكل إلا مرتين في اليوم وكميات بسيطة، فهل تريدين أن نموت من الجوع؟"، لكن سلوى تجاهلت حديث ابنها الجائع وهمت بإعداد طبق من الحمص لإفطار أبنائها.

وتؤكد الأم سلوى أن إغلاق إسرائيل المعابر ومنع إمداد غزة بالطعام بدأ يؤثر في بطون صغارها، إذ ينامون جوعى ويأكلون كميات قليلة يومياً من الغذاء، وتقول "لا طعام في الأسواق والخضراوات نادرة ولا أستطيع شراءها".

وتعتمد سلوى في إطعام أسرتها على بقايا المعلبات التي حصلت عليها ضمن المساعدات الإنسانية التي توزعها منظمات الأمم المتحدة، مضيفة أن "عائلتي فقيرة وتعيش على المعونات، ونأكل ما نتسلمه من غذاء فقط، وبعد 45 يوماً من الحصار المشدد لا أزال أحتفظ ببعض المعلبات التي سنأكلها، وبعد ذلك لا أعرف ماذا سأطعم صغاري".

وفي الثاني من مارس (آذار) الماضي قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منع الغذاء والماء عن سكان غزة، وأغلق المعابر ورفض إمداد القطاع بالطعام والمعونات الغذائية بصورة نهائية، وهذا بدأ يتسبب في جوع شديد عند الغزيين، ومنذ أن فرضت إسرائيل الحصار على الغزيين يشعر السكان طوال الوقت بأن مضاعفة الأزمات المعيشية قد ينجم عنها موت بطيء، إذ تتجاهل تل أبيب والولايات المتحدة جوعهم ومعاناتهم.

وكما سلوى فكذلك ضحى التي تعتمد على بقايا المعلبات، وتقول "نفد مني الرز والعدس والحمص، والآن آكل بقايا معلبات المساعدات الإغاثية التي حصلت عليها سابقاً، ومنذ فرض الحصار لم أشتر أي صنف من الخضراوات، وقد تيبست معدتي بسبب الأكل الجاف والمواد الحافظة".

جوع شديد

تعد ضحى الخبز من بقايا الطحين المتوافر لديها وهي تتحضر للأسوأ في حال نفاد الطحين، وبالتالي غياب رغيف الخبز عن المائدة، مضيفة "أكتفي يومياً بفتح علبة واحدة من الفاصوليا أو البازلاء أو سمك التونة من أجل توفير ما بقي من أصناف خشية أن يطول إغلاق المعابر".

وبدأ الجوع الشديد ينهش بطون الغزيين ويزداد التضور مع كل يوم يمر على سكان القطاع والمعابر مغلقة، وهذا الوضع ينذر بعودة تفشي المجاعة، فهذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها إسرائيل التجويع كسلاح، ففي الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 قطعت إمدادات الغذاء عن غزة، وكذلك فعلت في فبراير (شباط) 2024، والآن تعيد استخدام السلاح ذاته.

وبعد سقوط زوجته ضحية الحرب أصبح عمر يؤدي دور الأب والأم في الوقت ذاته لاثنين من أبنائه، ويقول "أعمل نحو 16 ساعة في اليوم لأحصل على أجر زهيد وأشتري بهذا المبلغ الطعام لأطفالي، وكل يوم يشغلني سؤال ماذا سأطعم صغاري"، مضيفاً أنه "بسبب عدم توافر موارد غذائية ولا مصادر أموال فقد أصبحت الأزمات مضاعفة، وأعمل على تأخير وقت تقديم وجبة الإفطار حتى لا أضطر إلى إعداد وجبة الغداء في وقت باكر، وحالياً أطعم أطفالي وجبتين فقط".

ويتابع عمر أن "استمرار إغلاق المعابر أدى إلى ارتفاع أسعار المعلبات وتزامن ذلك مع عدم تلقي أية مساعدات إغاثية، كما أني لا أستطيع شراء الأصناف القليلة من الخضراوات المتوفرة في السوق، إذ يتراوح سعر الكيلوغرام الواحد من كل صنف ما بين 10 و20 دولاراً".

مستودعات فارغة

وتوقفت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الإغاثية عن توزيع المساعدات الغذائية على سكان غزة على رغم أن 90 في المئة من السكان يعتمدون على تلك المعونات، لكن مستودعات هذه المؤسسات فارغة تماماً.

وفي الـ 15 من أبريل (نيسان) الجاري ينتهي الموعد الذي حذر منه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) حول نفاد طعام الغزيين، وبحسب متحدث الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك فإن منع إمداد غزة بالغذاء تسبب في زيادة أسعار المواد الغذائية لأكثر من 100 ضعف.

ولم تقتصر التأثيرات الكارثية على وقف برامج الطرود الغذائية بل سببت أيضاً تعطل تكايا الطعام المجاني عن إعداد الوجبات الساخنة للجائعين بعد نفاد المخزونات الخاصة بصناعة تلك الوجبات، وتقول سلمى إنه "بعد إغلاق تكية الطعام أبوابها لم يبق سوى الخبز والزعتر للبقاء على قيد الحياة، وكنت أكل يومياً وجبة ساخنة من تكايا الطعام واليوم أصبحت أعيش حالاً من الفقر المدقع والجوع الشديد، ولا أعرف كيف سنتمكن من تأمين الطعام لأطفالنا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي هذا السياق يقول مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة إن "إسرائيل تتعمد ارتكاب جريمة التجويع الجماعي من خلال إغلاق المعابر المؤدية من وإلى قطاع غزة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية".

ويضيف الثوابتة أن "إسرائيل منعت إدخال 18600 شاحنة مساعدات و1550 شاحنة وقود، إضافة إلى قصف أكثر من 60 تكية طعام وإخراجها عن الخدمة، إذ يتعمد الجيش استهداف المخابز مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وانتشار الجوع بين المدنيين".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير