Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جائزة نوبل للأدب تتخطى فضيحة التحرش باختيار فائزين والرواية الأميركية قد تكسر الحصار الأوروبي

العرب يأملون بفوز أدونيس بعد 30 عاماً من التناسي والعين على دول الأطراف

 الأكاديمية السويدية صرح جائزة نوبل (يوتيوب)

هل تتخطى الأكاديمية السويدية هذه السنة "الفضيحة" التي هزت أركانها العام الماضي، وأساءت إلى سمعتها، بمنحها كاتبين معاً، جائزة نوبل الأدبية منفردة وليس بالتقاسم، للمرة الأولى في تاريخها منذ تأسيسها في العام1901؟ هل تنصف الجائزة هذه السنة المرأة فتختار كاتبة أو كاتبتين لتعوّض أخلاقياً عن فعل التحرش الجنسي المهين الذي تم في ظل الأكاديمية والذي وقعت ضحيته 18 سيدة؟ أي اسمين سيعلنهما السكرتير العام للأكاديمية ماتس مالم فائزين بالجائزة ظهر بعد غد الخميس في ستوكهولم؟

أحدث تغييب جائزة نوبل للأدب السنة الفائتة 2018 حالاً من الخيبة والشك فهي المرة الأولى التي تُحجب فيها الجائزة لأسباب "أخلاقية" بعدما حُجبت قسراً سبع مرات خلال الحرب العالمية الأولى في العامين 1914 و1918، وبين العامين 1940 و1943 نتيجة استشراء الحرب العالمية الثانية. كانت الأكاديمية أعلنت مرغمة حجب جائزة الأدب السنة الماضية، في بيان حسَم الجدال الذي قام بعد رواج إشاعة عن "سوء سلوك جنسي" بل  "تحرش جنسي" أضحت بمثابة فضيحة أربكت أعضاء الأكاديمية والمثقفين السويديين وجمهور نوبل في السويد والعالم، وأسفرت عن اتهامات وصراعات معلنة وخفية، داخل الأكاديمية وخارجها، أدت إلى اللجوء إلى المحكمة. حينذاك أحدث قرار الأكاديمية حجب جائزة الأدب، صدمة شغلت الصحافة العالمية والمواقع الإلكترونية والأوساط الأدبية في العالم التي تنتظر سنة تلو أخرى، اسم الكاتب الفائز بأرقى جائزة أدبية. لكنّ من تابع مسار السجال الذي شهدته أروقة الأكاديمية، أدرك أن المسألة غير مقتصرة على "تحرش جنسي" بل هي تطاول أحوال الأكاديمية الداخلية نفسها، وانقسام أعضائها حول شخصية السكرتيرة الدائمة للأكاديمية سارة دانيوس التي أُقيلت في 12 أبريل (نيسان) 2018، وأثارت إقالتها حركة احتجاج كبيرة. فهذه السكرتيرة التي كانت تملأ موقعها، سرعان ما عهدت إلى مكتب محاماة بمهمة التحقيق في أمر فضيحة "التحرش الجنسي" التي اتُهم بها زوج كاتارينا فورستنسون، العضو في أكاديمية الخالدين، وهو فرنسي يدعى جان كلود إرنو، إضافة إلى اتهامه بتسريب أسرار الأكاديمية والأسماء الفائزة قبل إعلانها.

وتمثلت الفضيحة في إقدام 18 سيدة على اتهام زوج كاتارينا بالتحرش بهنّ خلال عمله. وعقب صدور نتائج تحقيق مكتب المحاماة، رفضت أكثرية الأعضاء هذه النتائج، وأحجمت عن رفع شكوى قضائية ضد الزوج المتهم الذي يشغل موقع المدير الفني للـ "فوروم" أو "المحفل" الثقافي الشهير في ستوكهولم. وجددت الأكثرية ثقتها بكاتارينا وأعلنت دعمها إياها. لكنّ ثلاثة من الأعضاء اعترضوا واستقالوا، مؤيدين التحقيق الذي قامت به السكرتيرة الدائمة التي أُقيلت بعد ستة أيام، من منصبها. وكانت أقيمت تظاهرة ضخمة أمام مركز الأكاديمية شاركت فيها ألفا امرأة دعماً للسكرتيرة، وأعرب آلاف المثقفين السويديين اعتراضهم على إقالتها، فهي بنظرهم المرأة الأولى التي تتولى مثل هذا المنصب. وكانت سارة بدأت مشروع تحديث للأكاديمية يشمل بنيتها ونظامها الداخلي. ويبدو أن مشروعها لم يرُقْ لبعض الأعضاء الآخرين. ومما زاد من حال الاضطراب داخل الأكاديمية إقدام 227 أستاذاً أكاديمياً و700 باحث من الجامعات السويدية على رفع بيانات صارمة أعربوا فيها عن قلقهم إزاء واقع الأكاديمية واحتجاجهم على الفضيحة، مركزين على أن الأكاديمية "تؤدي دوراً مركزياً في صون الصرح الأدبي واللغوي في السويد". أما "المتحرش" جان كلود إرنو فحكم عليه بالسجن سنتين ونصف سنة. لكن هذا العقاب لم يكن ليغطي الفضيحة التي أحدثها والتي كادت تقوّض صرحاً تاريخياً وعالمياً هو الأكاديمية السويدية.

اسماء غير متوقعة

إلا أن تغييب الجائزة العام الماضي جعل منها هذه السنة حدثاً تنتظره الأوساط الأدبية والإعلامية في العالم، فهي تمنح مزدوجة أولاً ثم إنها ستحمل مفاجأتين كبيرتين كما تعرب صحف ومواقع عالمية، متوجة اسمين من بلدان لم تحصل على الجائزة أو نادراً ما حصلت عليها. أما مكاتب المراهنات النولية فتتخبط فيها التوقعات كما في كل سنة، من دون أن يتأكد اسم معين، مع أنها كانت تصيب في أحيان. فأعضاء اللجنة اعتادوا أن يفاجئوا الأوساط بأسماء غير متوقعة لا تخطر في بال أحد.

هل تتمتع الولايات المتحدة هذه السنة بحظ في الفوز لا سيما أن أسماء أميركية يتم تداولها ومنها على سبيل المثل: كورماك ماكارثي (86)، دون دليلو (82) وجويس كارول أوتس (81)؟ ويبدو أن الدفة تميل إلى الراوئية أوتس إذا ما قررت الأكاديمية مكافأة الولايات المتحدة وشخصية نسائية، فأعمالها وسمت مرحلة بكاملها لكونها تُعنى بقضايا المرأة والمجتمع والإجهاض والتحرش، عطفاً على أسلوبها السردي الجميل، وهي مترجمة عالمية ولها قراء ومعجبون كثر. ومعروف أن الولايات المتحدة لم تكن تحظى برضا أعضاء لجنة الأكاديمية خصوصاً في عهد السكرتير العام السابق والمعروف بتشدده وبهواه الأوروبي هوراس أنغدال، فهو قال مرة:" من المؤكد أن هناك كتاباً أقوياء في كل الثقافات الكبيرة، ولكن لا يمكننا إنكار حقيقة أن أوروبا هي دوماً مركز العالم الأدبي وليست الولايات المتحدة... فالأميركيون منعزلون ولا يترجمون كثيراً ولا يشاركون في حوار الآداب". ويلاحظ أن بعد فوز توني موريسون العام 1993 لم يفز طوال السنوات الأخيرة سوى بوب ديلان بصفته مغنياً وشاعراً، وانعكس هذا الفوز سلباً على الأدب الأميركي الجديد. فديلان هو في موقع البين- بين، مغنٍ وشاعر في وقت تبرز أسماء روائيين وشعراء أميركيين كبار عالمياً.

ومن الأسماء العالمية المطروحة أيضاً: الروائية الكندية مارغريت أتوود وهي من المدافعات عن حقوق المرأة بقوة، الكاتب الإيطالي كلوديو ماغريس، الروائي البرتغالي أنطونيو لوبو إنتونيس، الروائي الألباني إسماعيل كاداريه، الروائي الياباني هاروكي موراكامي الذي غزت رواياته اليابان والعالم، الكاتب الكيني نغويجي وا ثيونغو، ويطرح بعض الصحافيين اسم الروائي البريطاني جون لو كاري.

عربياً لا يزال اسم الشاعر أدونيس مطروحاً كل سنة، بعد فوز نجيب محفوظ العام 1988، لكنه شخصياً يستبعد فوزه لأسباب سياسية كما يردد دوماً، فما دامت سورية في حرب فتسمية روائي أو شاعر سوري للفوز بنوبل أمر صعب جداً. وكان أدونيس واجه حملة قام بها مثقفون وإعلاميون سوريون وعرب مناهضون للنظام السوري ضده متهمين إياه بتأييد النظام. بينما دافع عنه مثقفون معتبرين إياه ضد النظام. ومن الأسماء العربية المرشحة أيضاً الشاعر الفلسطيني غسان زقطان الذي رشحته السلطة الفلسطينية بعد رحيل الشاعر محمود درويش. وتطرح صحف فرنسية اسم الروائي اللبناني الياس خوري بصفته مرشحاً أيضاً للجائزة. هل يفوز اسم عربي بعدما تجاهلت الجائزة العالمية أدبنا طوال ثلاثين عاماً؟

المزيد من ثقافة