ملخص
في ختام قمة "الناتو" ببروكسل، أكد الحلفاء التزامهم بالأمن المشترك رغم التحديات، مع توقع زيادة الإنفاق الدفاعي الأوروبي. بينما أثارت الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة توترات، وشدد الأمين العام للحلف على فصل الخلافات التجارية عن التعاون الأمني، مع التركيز على مواجهة التهديدات الروسية ودعم أوكرانيا.
في ختام اجتماعات وزراء خارجية دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" المنعقد في العاصمة البلجيكية بروكسل، أكد الأمين العام للحلف، مارك روته، أن الدول الأعضاء في المنظمة الأمنية تلقوا رسالة واضحة من وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بشأن التزام واشنطن بالحلف، إضافة إلى توقع واشنطن بأن تتحمل أوروبا وكندا مزيداً من المسؤولية عن الأمن المشترك، وأن تستمر في زيادة الإنفاق الدفاعي.
وأوضح روته، أن "الإجماع الذي خرجنا به من هذه المناقشات خلال اليومين الماضيين هو أنه مع ازدياد خطورة العالم، فإننا نحتاج إلى الناتو أكثر من أي وقت مضى. نحن متحدون في التزامنا تجاه بعضنا البعض في هذا الحلف".
وجاءت تصريحات روته بعد أيام من الشكوك التي خيمت حول مدى التزام واشنطن بحلف "الناتو"، تحت حكم الرئيس دونالد ترمب، وذلك في ظل استعداد الأخير للتقارب مع موسكو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وطرحه شكوكاً حول ما إذا كانت بلاده ستدافع عن حلفاء الناتو "إذا لم يدفعوا"، ووصلت حد احتمالات انسحاب الولايات المتحدة من الحلف، وما زاد تعقيدها توقيع الرئيس ترمب الأخير أمراً تنفيذياً بفرض رسوم جمركية بنسبة 10 في المئة كحد أدنى على كل الواردات إلى الولايات المتحدة و20 في المئة على الواردات من الاتحاد الأوروبي، ما أثار موجة من الصدمة في مختلف أنحاء العالم.
ملتزمون بزيادة النفقات الدفاعية
وفق تصريحات روته، فقد أكد الأخير أن الالتزام الأميركي تجاه الحلف "ليس فقط مبدئياً قائماً على القيم والتاريخ المشترك، بل هو التزام عملي لمواجهة التهديدات الأمنية المباشرة، وأبرزها التهديد القادم من روسيا، إضافة إلى تهديدات أخرى من جهات دولية وغير دولية، سواء في الشمال أو الجنوب أو على الجناح الشرقي أو في الفضاء الإلكتروني".
وقال الأمين العام للحلف، أن "الناتو سيعمل على زيادة الاستثمار في الدفاع بشكل كبير"، مشيراً إلى أن العديد من الحلفاء بدأوا بالفعل في ذلك. كما أوضح أن الحلف سيعزز الإنتاج العسكري بوتيرة أسرع، وسيعمل على تقليل العقبات البيروقراطية والقيود التي تعيق كفاءة الصناعة الدفاعية، لضمان تلبية الحاجات المتزايدة في هذا المجال، قائلاً: "سنستثمر المزيد، بل الكثير المزيد، كما بدأ العديد من الحلفاء بالفعل. سننتج المزيد، وبوتيرة أسرع. في جميع أنحاء الحلف، سنعمل على تقليل الإجراءات البيروقراطية وتخفيف القيود التي تعيق الإنتاج الصناعي الدفاعي الفعال، وذلك لتلبية الطلب المتزايد على القدرات الدفاعية".
وقال روته إنه وخلال الاجتماعات، بحث الحلفاء التعاون مع الشركاء في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بما في ذلك أستراليا واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية. وشدد روته على أن "الأمن في منطقة المحيطين الهندي والهادئ أصبح أكثر ترابطاً مع الأمن الأوروبي الأطلسي"، مشيراً إلى أن "الحرب في أوكرانيا تعكس هذا الترابط، في ظل استمرار الصين وكوريا الشمالية وإيران في دعم روسيا عسكرياً مما يشكل تهديداً لنا جميعاً". وأضاف أن الحلفاء يقظون لهذه التهديدات ومصممون على مواجهتها، من خلال تعزيز التعاون الدفاعي والصناعي، وأن الوزراء ناقشوا هذا الأمر خلال الاجتماعات مؤكدين على أهمية تعميق شراكات "الناتو" في المنطقة، وأعلن روته أنه سيزور اليابان الأسبوع المقبل لتعزيز هذه العلاقات بشكل أكبر.
ملتزمون بدعم أوكرانيا
وفي ما يخص أوكرانيا، عقد الحلف اجتماعاً لمجلس الناتو- أوكرانيا بحضور وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها، الذي قدم للحلفاء تحديثاً عن الوضع الميداني.
وأكد روته أن الحلفاء جددوا التزامهم بدعم أوكرانيا عسكرياً في الوقت الحالي، ومساعدتها في بناء قواتها المسلحة في المستقبل. كما ناقش الوزراء المحادثات الجارية التي تقودها الولايات المتحدة مع كل من أوكرانيا وروسيا لإيجاد حل عادل ومستدام لإنهاء الحرب. وقال: "نحن ندعم الدفع نحو تحقيق السلام، وقد أظهر الحلفاء، من خلال الجهود التي تقودها فرنسا وبريطانيا استعدادهم وقدرتهم على تحمل المزيد من المسؤولية للمساهمة في تحقيق السلام عندما يحين الوقت. يواصل الناتو تقديم الدعم السياسي والعملي لأوكرانيا، من خلال قيادتنا في فيسبادن، ومكتبنا في أوكرانيا، وغيرها من القنوات. وأُعلن يوم الأربعاء، تعهد حلفاء الناتو بتقديم أكثر من 20 مليار يورو (نحو 22 مليار دولار أميركي) كمساعدات أمنية لأوكرانيا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025، ما يؤكد التزامنا الراسخ".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كذلك ناقش الحلف تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي، حيث انضمت إلى الاجتماعات الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، كايا كالاس، التي قدمت إحاطة حول "الورقة البيضاء" الخاصة بجاهزية الدفاع الأوروبي لعام 2030، قائلاً إن "لا يزال التحالف عبر الأطلسي يشكل حجر الأساس للأمن الأوروبي والاستقرار العالمي، وسيظل إشراك الحلفاء غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أمراً ضرورياً. ولكن ينبغي أن نبني على هذه الفرصة الفريدة لتعزيز التعاون بين الناتو والاتحاد الأوروبي بشكل أكبر، فالجميع سيستفيد من العمل معاً".
وأكد روته أن العلاقة بين ضفتي الأطلسي لا تزال حجر الأساس للأمن الأوروبي والاستقرار العالمي، مع التشديد على أهمية إشراك الحلفاء غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في هذه الجهود.
فصل القضايا الدفاعية عن التجارية
وحول التعريفات الجمركية التي فرضتها واشنطن على الدول الحلفاء وما إذا كان ذلك سيؤثر في قدرة الحلفاء على زيادة إنفاقهم العسكري كما تطالب الولايات المتحدة، شدد روته على ضرورة أن تظل النزاعات التجارية بين الدول الأعضاء "منفصلة" عن قضايا الدفاع. وقال "أعتقد أن هذين أمران منفصلان تماماً. يجب أن نبقيهما منفصلين وألا نسمح بتداخلهما في مناقشاتنا".
واستبعد المسؤول وقوع انتهاك للمادة الثانية من معاهدة حلف شمال الأطلسي التي تنص أن على الحلفاء "السعي إلى القضاء على كل تعارض في سياساتهم الاقتصادية الدولية وتشجيع التعاون الاقتصادي".
وأعربت دول أعضاء في الناتو عن قلقها الخميس والجمعة خلال اجتماع لوزراء خارجية الحلف في بروكسل من عواقب الزيادة الهائلة في الرسوم الجمركية الأميركية.
وبينما قال وزير الخارجية النروجي إسبن بارث إيدي الخميس "إذا أردنا أن نزود أنفسنا بالوسائل اللازمة لدفاع أقوى، فإننا نحتاج إلى النمو الاقتصادي"، مضيفاً أن "الحمائية لن تجلب لنا أي خير". دعا من جانبه وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو الأوروبيين إلى "الوحدة"، وقال بارو للصحافيين أمس الخميس عند وصوله إلى مقر حلف "الناتو" "لن يكون ردنا بالمستوى المطلوب إلا إذا اتحدنا وإذا أظهر الأوروبيون وحدة، فبهذه الطريقة يمكنهم خوض المفاوضات من موقع قوة عندما تنفتح لمصلحة الازدهار الأوروبي".
وأقر الوزير الفرنسي بأن التضامن بين الولايات المتحدة وأوروبا "تعرض لضربة إثر القرارات التي اتخذت وأعلن عنها الرئيس ترمب" الذي فرض رسوماً جمركية متبادلة على بلدان العالم لم يسلم منها الاتحاد الأوروبي. وأكد بارو كذلك أن "الاتحاد الأوروبي سيرد وسيقوم بذلك في مرحلة أولى الأسبوع المقبل لمواجهة الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة قبل بضعة أسابيع على الصلب والألومنيوم". مضيفاً أنه بعد ذلك "ستجرى مشاورات لاتخاذ تدابير جديدة إثر الرسوم الجمركية المتبادلة التي تم تطبيقها".
ومن مقر الناتو أيضاً، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك "من الواضح لنا كأوروبيين أنه ليس يوم تحرير بكل تأكيد للأميركيين. بالنسبة إلى أميركا، إلى المستهلكين الأميركيين، تعني هذه التعريفات قبل كل شيء يوم تضخم. لكنه بالنسبة إلى أوروبا يوم اتحاد".
والأربعاء وقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمراً تنفيذياً يفرض رسوماً جمركية بنسبة 10 في المئة كحد أدنى على كل الواردات إلى الولايات المتحدة و20 في المئة على الواردات من الاتحاد الأوروبي، ما أثار موجة من الصدمة في مختلف أنحاء العالم.