Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

يالها من متعة.. أن ترى دونالد ترمب وبوريس جونسون تحت رحمة نساء أكبر سناً

تمهّلت بيلوزي قبل أن تقتنع بضرورة بدء محاولة عزل الرئيس وهذا في حد ذاته يجب أن يخيفه جداً

دونالد ترمب وبوريس جونسون يقعان تحت رحمة امرأتين غير مخمليتين (رويترز)

تشعر ببعض السخرية اللذيذة إذ ترى الرجل الذي بدّل زوجاته مثلما غيّر سياراته يخضع لمساءلة تقودها سيدة لها من العمر 79 عاماً، تؤمن بالنسويّة وترتدي بذلة، فيما يتعرّض الرجل الذي ضلّل الملكة كي تسمح له بتعليق البرلمان للتوبيخ على يد سيدة عمرها 74 عاماً تضع دبوس زينة على ثيابها وتتحدر من طبقة  مختلفة عن طبقته.  نعم، تعيق تقدّم بوريس جونسون ودونالد ترمب سيدتان تكبرانهما سنّاً. ويبدو الوضع في غاية المثالية، مثل حبكة سينمائية محكمة، فها مجموعة مهمشة تاريخياً، أي سيدات سبعينيات، تكبح جماح النخبة الحاكمة على جهتي المحيط الأطلسي توقفها.

في أميركا، تقود عملية مساءلة رئيسنا سيدة تكبر زوجته الأولى بعشر سنوات تقريباً (لمتابعي هذه اللعبة من المنزل، نعني الزوجة قبل السابقة)، تلك التي بدّلها في أوائل تسعينيات القرن الماضي. وربما كره ترمب هيلاري كلينتون ولكن نانسي بيلوزي  هي من يتوجب عليه أن يخشاها إلى أقصى الدرجات. لا تهاب نانسي إطلاق الملاحظات الحادة، وفي إحدى المرات قالت عن هوس ترمب بجداره الحدودي العزيز على قلبه "كأنها مسألة تمسّ رجولته، هذا لو استطعنا ربط الرجولة به على الإطلاق".

ثم تظهر مسألة تركيز بيلوزي. لو فازت هيلاري لتقاعدت هي ولكن بما أن ترمب هو الرئيس، تصرّ على مواصلة المسيرة كي تضعه في موقع المساءلة.

تمهّلت بيلوزي قبل أن تقتنع بضرورة بدء محاولة عزل ترمب. ولدى أخذ ذلك بالاعتبار إلى جانب أن نانسي مشهورة بدقّتها المزعجة في عد الأصوات، فإن الأمر يجب أن يبعث التوتر في نفس الرئيس. يحثّها الديمقراطيون على بدء إجراءات محاولة العزل منذ شهر يناير (كانون الثاني) إثر فوزهم بالأغلبية في مجلس النواب بعد الانتخابات النصفية. وفيما يتوعّد ترمب ويرتكب الهفوات، يبدو أنّ عدم نضج الرئيس مسلٍّ بالنسبة لبيلوزي. فهي شهدت على سوء تصرف الكثير من الرجال خلال 17 ولاية لها كما أنها ليست بغريبة عن نزق الأطفال إذ لديها منهم خمسة. نعم، نانسي يبلوزي من السيدات المنضبطات الأكبر سناً ولا بدّ أن تخيف الرئيس. فهي من المشرّعين الماهرين الذين تفتقدهم إدارته.  

وفي الضفة الأخرى للأطلسي، يتعذّب "نبيّ"، كاذب آخر على يد سيدة سبعينية شرسة أخرى. وهذه المباراة أروع بعد، لأنّ بوريس المترف ربيب الطبقة المخملية يتعرّض للمساءلة من جانب امرأة عصاميّة تكبره بعشرين عاماً. والليدي هيل ليست في سنّ الـ 74 فحسب، بل هي على الجهة المقابلة، والخاطئة، في عالم من اللوردات. وفقاً للمقالة التي تناولتها في صحيفة " ذا غارديان"، فهي عملت في حانة أثناء تحضيرها لامتحانات المحاماة وكانت أوّل طالبة في مدرستها (المجانية) تواصل الدراسة على مقاعد جامعة كامبردج. أتذكرون حين نعت ترمب ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز بالـ"الساقية الصغيرة" في محاولة منه لإحباطها؟ لا شيء يخيف رجلاً كهذا أكثر من امرأة وصلت إلى موقع نفوذ من خلال الكدّ والإجتهاد في العمل.

وجّهت الليدي هيل عبارات قاسية لبوريس، فقالت لدى قراءتها حكماً نصّ على  أنّ رئيس الوزراء البريطاني ضلّل الملكة إليزابيث الثانية من خلال محاولته تعليق البرلمان وفرض خطته بشأن بريكست "كان الوقع بالغاً على أسس نظامنا الديمقراطي". يجب أن يتأمل المرء في الفروقات بين الليدي هيل من جهة، وهي امرأة ولدت في بيئة متواضعة وأصبحت اليوم رئيسة المحكمة العليا في المملكة المتحدة، وبين الملكة من جهة أخرى التي ولدت لعائلة صاحبة حظوة وعجزت مع ذلك عن صدّ جونسون.

تقف كل من أميركا وبريطانيا الآن على حافة الاندثار، بلدان تحت رحمة شخصين مستبدّين لا يرحمان ولكنهما غبيّان. لكن كلاً منهما وجد نداً له في سيدة ما كان ليعتبرها شخصاً مهماً.    

تملأ السخرية عالم ترمب لذا يبدو أن ظهور هاتين السيدتين واعتبارهما "بطلتي" المقاومة هو أمر مناسب جداً. وأشعر بالسرور التام كامرأة تابعت بخوف كل الكراهية الموجّهة للنساء، التي يدعو لها نهج ترمب حين أراها وهي تُباد ولو جزئياً على يد سيّدة يعتبرها الرئيس على الأرجح أكبر سناً من أن تستحقّ التقدير كامرأة.

© The Independent

المزيد من آراء