ملخص
كثيرة هي المراسيم التي وقعها دونالد ترمب منذ عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير، التي طعن بها أمام القضاء أو علقت أحياناً بعدما عد قضاة أن الرئيس تخطى الصلاحيات المنوطة به. أما الملياردير الجمهوري، فيعد أن القضاة هم الذين تجاوزوا الحدود لمنعه من تطبيق برنامجه، لا سيما في مجال الهجرة وإصلاح الميزانية.
حذر مشرعون، أمس الثلاثاء، من أن إدارة دونالد ترمب تخطط لتسريح مئات من علماء وباحثي الحكومة الفيدرالية الأميركية في إطار تخفيضات جذرية لوكالة حماية البيئة.
ستشمل الإقالات العاملين في مركز الأبحاث العلمية الذي يوظف أكثر من 1500 شخص في وكالة حماية البيئة التي تعنى بقضايا بيئية بما في ذلك التلوث والمياه النظيفة وتغير المناخ.
ووفق وثائق اطلع عليها أعضاء ديمقراطيون في لجنة العلوم والفضاء والتكنولوجيا في مجلس النواب الأميركي، فإن غالبية الموظفين "لن يتم الإبقاء عليهم"، بينما سيتم نقل المناصب المتبقية إلى إدارات أخرى داخل الوكالة.
من شأن عمليات التسريح التي لم يتم إنجاز تفاصيلها، أن تعزز هدف ترمب المتمثل في خفض الإنفاق الحكومي عن طريق تقليل القوى العاملة الفيدرالية، إضافة إلى إلغاء القواعد البيئية والصحية.
في فبراير (شباط)، قال ترمب إن مدير وكالة حماية البيئة لي زيلدن الذي اختاره سيد البيت الأبيض للإشراف على الوكالة، يخطط لخفض عديد موظفيها البالغ عددهم الإجمالي 17 ألفاً بنحو 65 في المئة.
لدى سؤالها عن الإقالات المقررة، قالت المتحدثة باسم وكالة حماية البيئة مولي فاسيليو، إن الهيئة "بصدد اتخاذ خطوات مهمة مع دخولنا المرحلة التالية من التحسينات التنظيمية". وتابعت فاسيليو "نحن ملتزمون تعزيز قدرتنا على توفير الهواء النظيف والمياه والأرض النظيفة لجميع الأميركيين".
وأضافت، "رغم عدم اتخاذ أي قرارات حتى الآن، فإننا نستمع بإمعان إلى الموظفين على جميع المستويات لجمع الأفكار حول كيفية زيادة الكفاءة والتأكد من أن وكالة حماية البيئة محدثة وفاعلة أكثر من أي وقت مضى".
أثارت خطط إلغاء مكتب الأبحاث التابع لوكالة حماية البيئة غضب مشرعين ديمقراطيين. وقالت النائبة عن كاليفورنيا زوي لوفغرين، كبيرة الديمقراطيين في لجنة العلوم بمجلس النواب الأميركي، "يجب أن ينطوي كل قرار تتخذه وكالة حماية البيئة على تعزيز حماية صحة الإنسان والبيئة"، مشددة على أن هذا الأمر لا يمكن أن يحدث إذا تم إلغاء مركز الأبحاث العلمية التابع للوكالة.
وأشارت إلى أنه خلال الولاية الرئاسية الأولى له "قام ترمب وأصدقاؤه بتسييس العلوم وتشويهها... الآن، هذه محاولتهم قتلها إلى الأبد"، ولفتت إلى أن "وكالة حماية البيئة لا يمكنها الوفاء بالتزامها القانوني باستخدام أفضل العلوم المتاحة" من دون الباحثين.
وشددت منظمة "اتحاد العلماء المهتمين" غير الربحية، على أهمية الدور الذي يؤديه الموظفون المشمولون داخل وكالة حماية البيئة.
وقالت تشيترا كومار، مديرة اتحاد العلماء المهتمين في جامعة كاليفورنيا، في بيان "يطبق العلماء والخبراء في هذا المكتب أفضل العلوم المتاحة ويجرون مراجعات لها للحد من التلوث وتنظيم المواد الكيماوية الخطرة للحفاظ على السلامة العامة للجمهور". وتابعت "الإدارة تعلم والتاريخ يبين أن الصناعة لن تنظم نفسها بنفسها".
تأثير الخفض الأميركي
في سياق متصل أعلنت المنظمة الدولية للهجرة الثلاثاء أن أكثر من ستة آلاف من موظفيها في جميع أنحاء العالم سيخسرون وظائفهم بعد خفض موازنة المساعدات الخارجية للولايات المتحدة.
وأشارت المنظمة الدولية للهجرة التي كانت توظف حوالى 22 ألف شخص نهاية عام 2024، في بيان إلى أنها ستضطر للتعامل مع خفض تمويلها بنسبة 30 في المئة هذا العام، ويعود ذلك إلى الاقتطاعات التي قررها الرئيس ترمب عند عودته إلى البيت الأبيض.
وتعتمد الوكالة الأممية التي تختار الدول الأعضاء فيها المشاريع التي ترغب في دعمها، حتى الآن على الولايات المتحدة لتغطية أكثر من 40 في المئة من ميزانيتها.
وذكرت المنظمة الدولية للهجرة أن للاقتطاع الأميركي "تداعيات خطيرة على المهاجرين في أوضاع صعبة مما يؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية وتقويض أنظمة الدعم الحيوية للسكان النازحين".
في المجمل تأثر أكثر من ستة آلاف موظف بإلغاء الوظائف.
يعود الغاء نصف هذه الوظائف إلى تعليق إدارة ترمب لبرنامج إعادة توطين اللاجئين في الولايات المتحدة.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة الثلاثاء إن أكثر من 250 موظفاً من بين أكثر من ألف موظف سيخسرون وظائفهم في مقر المنظمة في جنيف.
واوضحت أن العدد الكبير من الموظفين المشمولين مرده إلى "نموذج تمويل المشاريع" الذي تتبعه، مما يجعلها تعتمد بشكل شبه كامل على التمويل الطوعي، فـ "عندما ينتهي تمويل مشاريع معينة، يمكن أن تكون العواقب كبيرة".
ولخفض نفقاتها تعتزم المنظمة أيضاً نقل المناصب "إلى مكاتب إقليمية أقل كلفة" أو "تنسيق عملها بشكل أفضل مع الجهات الإنسانية الأخرى".
وقالت المنظمة "إن موظفي المنظمة الدولية للهجرة يمثلون ببساطة أفضل ما في القطاع العام، ونأسف بشدة لخسارتهم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ترمب يطالب بـ"إقالة" قاضٍ
من جانب آخر، طالب ترمب، أمس الثلاثاء، بـ"إقالة" قاضٍ أمر بتعليق عمليات الترحيل الواسعة للمهاجرين، في واحدة من أشرس هجمات الرئيس الأميركي على المؤسسة القضائية.
وكتب ترمب على منصته "تروث سوشال"، أن "هذا القاضي، ككثيرين غيره من القضاة الفاسدين الذين اضطررت للمثول أمامهم، ينبغي أن يقال". وأضاف أن "مكافحة الهجرة غير الشرعية كانت ربما السبب الأول" لفوزه في الانتخابات الرئاسية، مؤكداً "أنا أقوم فحسب بما طلبه مني الناخبون".
والقاضي المعني بتصريحات الرئيس الجمهوري البالغ 78 سنة هو جيمس بوسبرغ، القاضي الفيدرالي في واشنطن الذي أمر، السبت الماضي، في إجراءات معجلة بتعليق عمليات ترحيل المهاجرين لمدة 14 يوماً، وطالب بوقف عملية خاصة لطرد نحو 200 عضو مفترض في عصابة فنزويلية إلى السلفادور.
ورغم قرار التجميد، نفذت عملية الطرد التي استندت إلى قانون يعود لعام 1798 يسمح بتوقيف "أعداء أجانب" في أوقات الحرب. وأشارت إدارة ترمب إلى أن الطائرات كانت قد أقلعت عندما صدر القرار.
وشكلت هذه الحجة موضع جلسة، أول من أمس الإثنين، ترأسها القاضي بوسبرغ الذي لم يخف شكوكه وطلب من الحكومة الأميركية أن تقدم إليه أجوبة، وفق وسائل إعلام أميركية.
وأصدر رئيس المحكمة العليا جون روبرتس بياناً نادراً ينتقد موقف ترمب، جاء فيه "لأكثر من قرنين من الزمن، ثبت أن الإقالة ليست رداً مناسباً، ثبت أن المساءلة ليست الاستجابة المناسبة لخلاف يتصل بقرار قضائي".
ولفت إلى أن "المراجعة الاستئنافية موجودة لهذا الهدف". وجاء بيان روبرتس بعيد مطالبة ترمب بإقالة بوسبرغ.
وليست المرة الأولى يهاجم ترمب المؤسسة القضائية التي تعاني من التحيز في نظره، لكن يبدو أن هجومه بلغ مستوى غير مسبوق مع دعوته إلى إقالة قاض.
ويعود لمجلس النواب قرار إطلاق مسار تنحية قاض فيدرالي، لكن لا يمكن إقالة القاضي إلا بعد محاكمة وتصويت في مجلس الشيوخ مع أغلبية مؤهلة، وهي من دون شك إجراءات طويلة فرص نجاحها شبه معدومة في ظل الاستقطاب السياسي.