ملخص
وحدة "بيكي بلايندرز" الأوكرانية، التي بدأت كجماعة متطوعين مستوحاة من المسلسل الشهير، تحولت إلى قوة قتالية ضاربة بطائرات مسيّرة، مكبدة القوات الروسية خسائر فادحة.
تحولت مجموعة متطوعين، جمعهم شغف بالمسلسل التلفزيوني "بيكي بلايندرز" Peaky Blinders، إلى إحدى أكثر الوحدات العسكرية الأوكرانية هيبة في ميادين القتال – زاعمين أنهم قضوا على مئات الجنود الروس المشاركين في آلة الحرب التي أطلقها فلاديمير بوتين.
ففي بداية الغزو الروسي، هبت مجموعة من المدنيين للدفاع عن بلداتهم وقراهم، متسلحين فقط ببنادق صيد مثلما فعلت عصابة شيلبي في المسلسل التلفزيوني الشهير [نسبة إلى توماس شيلبي زعيم عصابة "[بيكي بلايندرز]. لكن بعد ثلاثة أعوام من القتال العنيف، تطورت الوحدة – التي أطلقت على نفسها اسم "بيكي بلايندرز" – لتصبح من بين أكثر فرق المسيرات فتكاً ضمن قوات كييف.
ويخوض عناصر الوحدة لعبة فتاكة من الكر والفر، فيطلقون مسيرات رخيصة ومصنعة بكميات كبيرة، ويستخدمونها لإلقاء القنابل على دبابات العدو وخنادقه، متفادين أي رد روسي في غابات دونيتسك شرق أوكرانيا. والحال أن هذه المنطقة هي مسرح لبعض من أعنف معارك الحرب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما أسلحتهم التي يتحكمون بها عن بعد، فيصل ثمنها إلى 800 جنيه استرليني (نحو 1030 دولاراً أميركياً)، مع الإشارة إلى أن الوحدة تخسر بالمعدل ست مسيرات يومياً إن كانت الرياح عاتية.
ومن ثم، فإن نسبة 85 في المئة من الإصابات الروسية اليومية تسجَل في هذه المنطقة، في إطار محاولات قوات بوتين – المعروفة لدى عناصر الوحدة باسم قوات "أورك" Orcs [نسبة إلى أسماء المسوخ البشرية في مؤلفات جون تولكين]، للاستيلاء على مقاطعة دونيتسك ومقاطعة لوهانسك المجاورة لها.
ومن جهتها، اكتسبت الوحدة، وهي جزء من قوات "الحرس الوطني"، شهرة واسعة بعد أن دافعت بضراوة عن مدينة فوفتشانسك في مقاطعة خاركيف شرق أوكرانيا، التي تعرضت للدمار جراء القتال. وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2024، توجهت عناصرها المذكورة ليدافعوا عن مدينة بوكروفسك في دونيتسك، نظراً لكونها هدفاً رئيساً لروسيا، التي أرسلت جحافل من الجنود ضمن محاولاتها للاستيلاء عليها.
وبعد أن قامت "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي) بتصوير أحد جنود وحدة "بيكي بلايندرز"، وقّع على قبعتين مميزتين من قبعات الوحدة، وطلب من المراسلين تسليمهما للممثل كيليان مورفي الذي جسد شخصية زعيم العصابة الخيالية توماس شيلبي.
وتشير التقارير إلى أن الممثل الفائز بجائزة أوسكار شعر بالتقدير والامتنان، فاحتفظ بإحدى القبعتين، ووقع على الأخرى وأعاد إرسالها إلى جنود الجبهة مع رسالة دعم لقضيتهم.
أما مخرج المسلسل، ستيفن نايت، فلم يتوان عن القيام بمبادرة إضافية، حيث أرسل 30 قبعة مسطحة أخرى من تصميم "غاريسون تايلرز"– المصمم الرسمي لأزياء المسلسل - إلى مجموعة المتطوعين الذين كانوا في الأساس غير محترفين.
ولا يزال عناصر الوحدة، بالقسم الأكبر منهم، يعتمرون تلك القبعات المسطحة حتى أثناء القتال، وقد طُرز على كل منها شعارهم الخاص: "فلنعثر عليهم وندمرهم".
وفي حديث مع قناة "أي بي سي" ABC، صرح أنطون سبيتسن وهو قائد الوحدة وأحد مؤسسيها قائلاً: "بدأ الأمر كدعابة، لكننا تطورنا لاحقاً إلى وحدة قتالية فاعلة، وبدأنا بتجنيد أعضاء فيها".
وتابع "جميع أعضاء الوحدة من المتطوعين، وليس لدينا أي جنود احترافيين"، مضيفاً "لقد سبق أن أثبتنا قدرتنا على الدفاع الفاعل عن أراضينا، سواء كنا معماريين أو مزارعين أو موسيقيين".
وفي سياق مواز، كان أنطون، المولود في مقاطعة خاركيف، يعمل قبل الغزو كمعلم يقدم دروساً مجانية في اللغة الإنكليزية للأوكرانيين اليتامى. وبفضل شركته في مجال البناء، تمكن من ترميم مستشفى للأطفال متخصص في علاج الأمراض العصبية، ممولاً ذلك من جيبه الخاص.
بيد أن أنطون لقي حتفه إثر إصابة قاتلة تعرض لها في ميدان المعركة، وقد نعاه شقيقه الأصغر أولكسندر في مطلع فبراير (شباط). وقد خلف أولكسندر شقيقه أنطون في قيادة الوحدة، التي قطعت عهداً بالثأر من بوتين.
وقال أولكسندر في رثاء شقيقه "اليوم بالنسبة إليّ هو الأكثر سواداً، والأصعب في حياتي. فاليوم، رحل شقيقي، أقرب الأشخاص إلي وأعزهم. فكم يصعب عليّ الكتابة عن حياة أنطون وتذكرها. لكنه عاش بطلاً، ومات بطلاً".
وأضاف "في خضم المعركة، تعرض لإصابة بالغة سلبت نبض حياته، فارتقى إلى جنات الخلود، ورحل إلى الأبد. ارقد بسلام يا شقيقي".
أما ياروسلاف تشيجنكو، أحد جنود الوحدة، فكان قبل الغزو رب عائلة يدير شركته الخاص المتخصصة في ترميم المباني وتجديدها.
لكن عندما قرر رفاقه التطوع وطلبوا مساعدته، شرع في تجميع الأموال وتأمين الآليات الضرورية للجبهة الأمامية، قبل أن يدرك أنه سيحقق منفعة أسمى لبلاده لو انضم إليهم في الحرب.
واليوم، يتولى تقديم محتوى إعلامي عن الوحدة، وينشر صوراً عن أعضاء الفريق وهم يحملون الرشاشات ويعتمرون تلك القبعات المسطحة التي باتت بمثابة رمز لهويتهم.
وصرح قائلاً: "لقد كان أنطون أشجع الأشخاص الذين عرفتهم في حياتي. فكان قدوة لنا، ونحن تبعناه بلا تردد. وسلكنا معاً طريقاً محفوفاً بالأخطار".
وأكمل "لكنها ليس النهاية. فنحن سنواصل مسيرته ونحافظ على المعايير الرفيعة التي وضعها. رحمك الله يا أخي".
وورد على قناة "تيليغرام" التابعة للوحدة القتالية: "لسوء الحظ، شهدت مجموعتنا حادثة مأسوية. ولهذا السبب، بقيت قناتنا متوقفة لبعض الوقت. بيد أن أحداً لم يوقف الحرب. ولولا الصعوبات التي اعترضتنا، لواصلنا تقدمنا. فعدد المحتلين لا يزال كبيراً ويجب اتخاذ تدابير حاسمة لردعهم".
في هذا السياق، جاء في أحدث منشور على قناة وحدة "بيكي بلايندرز" عبر "تيليغرام"، التي يتابعها 25 ألف شخص: "يتضح الآن أن الوضع ليس قاتماً تماماً من جانبنا، ولا مشرقاً بالكامل من جانبهم".
وتابع المنشور "عاجلاً أم آجلاً، سينضب بارود المدافع، وتنفد الذخائر التي تعود إلى عهد الاتحاد السوفياتي، على رغم ما يقال عن كونها ’لا متناهية‘. لكن الأهم هو أن نبقى ثابتين على موقفنا وأن نضرب بقوة أكبر في كل مرة".
وختم المنشور "وبهذه البساطة، تتناثر جثث الجنود الروس في كل زاوية وفي كل اتجاه. وبالنظر إلى مجرى الأحداث من زاوية أوسع، يكفي أن تروا الثمن الذي يدفعونه [أي الروس] مقابل تقدمهم على الجبهة".
وتأتي هذه التصريحات في وقت يحذر المسؤولون الأوكرانيون البارزون من أن جيوش أوروبا ليست مجهزة لشن حرب جديدة بقيادة الروبوتات، وسط تقدم روسيا المستمر، و"بسرعة صاروخية"، في مجال التكنولوجيا العسكرية.
وفي حديث مع "اندبندنت"، قال أولكسندر بروكودين، محافظ منطقة خيرسون الأوكرانية الواقعة على الجبهة الأمامية "لا بد أن يستعد كل جيش في أوروبا لهذه الحرب الجديدة. ومع أن كلامي قد يبدو وقحاً، لكنه ما من جيوش مستعدة لما هو قادم، ولهذه النوعية من الحروب، لا في أوروبا ولا في المملكة المتحدة. ومن ثم، فهي حرب بين الروبوتات، والآلات، والطائرات المسيرة. وليست أبداً حرباً من النوع الذي اعتاد عليه الناس".
© The Independent