ملخص
تشترط إسرائيل "نزع السلاح بشكل كامل" من القطاع وخروج "حماس" من غزة وعودة ما بقي من رهائن قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية. من جهتها، تشدد الحركة على ضرورة بدء مباحثات المرحلة الثانية، وأكدت استعدادها لأن تفرج خلالها عن كل الرهائن. كما تطالب "حماس" بأن تتضمن هذه المرحلة انسحابا إسرائيليا كاملا من القطاع ووقفا نهائيا لإطلاق النار وإعادة فتح المعابر وفكّ الحصار.
غادر فريق من المفاوضين الإسرائيليين إلى الدوحة الاثنين، لإجراء جولة جديدة من المحادثات بشأن استمرار اتفاق وقف إطلاق النار الهش في غزة، غداة إعلان إسرائيل قطع إمدادات الكهرباء عن القطاع سعيا لزيادة الضغط على حركة "حماس" التي اتهمت إسرائيل بمواصلة "الانقلاب" على الاتفاق.
وقال مسؤول إسرائيلي لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن هويته، إن الفريق غادر بالفعل، من دون تقديم أي تفاصيل إضافية. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الوفد يرأسه مسؤول كبير من جهاز الأمن الداخلي "شين بيت".
وقبيل المفاوضات قطعت إسرائيل الكهرباء التي تغذي محطة تحلية المياه الرئيسية في القطاع التي تخدم أكثر من 600 ألف شخص.
في المقابل رأى المتحدث باسم "حماس" عبد اللطيف القانوع اليوم أن "حديث الاحتلال عن خطط عسكرية لاستئناف القتال في غزة وقرار قطع الكهرباء خيارات فشلت وتشكل تهديداً على أسراه، ولن يحررهم إلا بالتفاوض".
وفيما حذرت الأمم المتحدة من "تداعيات خطرة" للقرار الإسرائيلي على السكان المدنيين في غزة، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن "هذا القرار الأخير سيؤدي إلى انخفاض كبير في إمدادات مياه الشرب في قطاع غزة اعتباراً من اليوم"، بينما حذرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية كاثرين ديشاور من أن وقف المساعدات وقطع الكهرباء "غير مقبولة بموجب التزامات إسرائيل بالقانون الدولي".
تأييد أميركي
غير أن الولايات المتحدة، الحليفة الرئيسة لإسرائيل، تؤيد القرار على ما يبدو، وقال وزير الخارجية الأميركي مارك روبيو للصحافيين إن "الإسرائيليين سيفعلون ما يعتقدون أنه في مصلحتهم لإجبار 'حماس' على اتخاذ قرار".
"محور فيلادلفي"
من ناحية أخرى نددت "حماس" اليوم بإبقاء إسرائيل قواتها في "محور فيلادلفي" عند الحدود مع مصر، واعتبرت ذلك انتهاكاً جديداً لاتفاق الهدنة في غزة، وقالت الحركة إنه "وفقاً للاتفاق فقد كان من المقرر اكتمال انسحاب الاحتلال من محور صلاح الدين (فيلادلفي) بحلول اليوم الـ 50 للاتفاق، والذي كان يفترض أن يتم أمس، وهو ما لم يحدث حتى الآن، وهذا الانتهاك الصارخ يمثل خرقاً واضحاً للاتفاق ومحاولة مكشوفة لإفشاله وتفريغه من مضمونه".
وكانت القوات الإسرائيلية استولت على الممر خلال هجومها على جنوب غزة العام الماضي، وشددت على أن مواصلتها السيطرة عليه تعد أمراً ضرورياً لمنع تهريب الأسلحة إلى الأراضي الفلسطينية، كما نفذت ضربة اليوم استهدفت ثلاثة مسلحين كانوا يزرعون متفجرات في غزة.
أبرم الاتفاق بوساطة الولايات المتحدة ومصر وقطر، وبدأ تنفيذه في 19 يناير (كانون الثاني)، بعد 15 شهراً على اندلاع الحرب عقب الهجوم غير المسبوق الذي شنته "حماس" على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
وامتدت المرحلة الأولى من الاتفاق ستة أسابيع. ومع انقضائها مطلع مارس (آذار)، أعلنت إسرائيل رغبتها في تمديدها حتى منتصف أبريل (نيسان) بناء على مقترح أميركي. في المقابل، تطالب "حماس" ببدء مفاوضات المرحلة الثانية التي يفترض أن تضع حدا نهائيا للحرب. فيما تواصل دول الوساطة بذل جهود لمعالجة التباينات بين الطرفين.
واعتبرت حركة "حماس"، أن إسرائيل تتهرب من تنفيذ اتفاق وقف النار. وقالت في بيان إن "الاحتلال يواصل الانقلاب على الاتفاق، ويرفض البدء بالمرحلة الثانية، مما يكشف نواياه في التهرب والمماطلة". وأدانت السلطة الفلسطينية قطع إسرائيل الكهرباء عن القطاع واعتبرته "تعميقا لحرب الإبادة والتهجير والكارثة الإنسانية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبعدما قامت إسرائيل مطلع الشهر بتعليق دخول المساعدات إلى القطاع المحاصر، أعلنت الأحد، وقف إمداده بالتيار الكهربائي.
وأعادت الخطوة التذكير بإعلان إسرائيل مطلع الحرب، تشديد الحصار الذي كانت تفرضه على القطاع منذ سيطرة "حماس" عليه عام 2007. وقامت حينها بقطع الكهرباء عن القطاع ولم تعاود إمداده بها سوى في منتصف مارس 2024.
وانتقدت كل من ألمانيا وبريطانيا القرارات الأخيرة لإسرائيل. وحذرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية كاثرين ديشاور من أن وقف المساعدات وقطع الكهرباء "هي أو قد تكون غير مقبولة بموجب التزامات (إسرائيل) بالقانون الدولي". بدوره عبر المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر للصحافيين عن "قلق عميق إزاء هذه التقارير"، وقال "نحض إسرائيل على رفع هذه القيود".
ويغذي الخط الكهربائي الوحيد بين إسرائيل وغزة محطة تحلية المياه الرئيسية في القطاع. ويعول سكان غزة خصوصا على الألواح الشمسية والمولدات لتوليد الكهرباء، وخصوصا أن الوقود يدخل الى القطاع بكميات ضئيلة.
وقال عدد من أهالي غزة لوكالة فرانس برس إن قطع الكهرباء لن يزيد إلا من معاناتهم. وقالت دينا الصايغ (31 عاما) وهي من سكان مدينة غزة أن قطع الكهرباء "دليل على حرب الإبادة". وأضافت "الاحتلال لا يتوقف عن قتل الفلسطينيين المدنيين سواء بالقصف والصواريخ أو بالتجويع وتدمير مقومات الحياة".
وتشترط إسرائيل "نزع السلاح بشكل كامل" من القطاع وخروج "حماس" من غزة وعودة ما بقي من رهائن قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية. من جهتها، تشدد الحركة على ضرورة بدء مباحثات المرحلة الثانية، وأكدت استعدادها لأن تفرج خلالها عن كل الرهائن. كما تطالب "حماس" بأن تتضمن هذه المرحلة انسحابا إسرائيليا كاملا من القطاع ووقفا نهائيا لإطلاق النار وإعادة فتح المعابر وفكّ الحصار.
والأسبوع الماضي، استضافت القاهرة قمة عربية استثنائية كشفت خلالها عن خطة لمستقبل قطاع غزة بديلا عن مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتهجير سكان القطاع والسيطرة عليه أميركيا بهدف تحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، وهو ما لم يقابل بترحيب أميركي أو إسرائيلي. ويقول مراقبون إن كل خطة تتضمن شيئاً غير مقبول سواء بالنسبة لإسرائيل أو "حماس"، أو بالنسبة للدول العربية.
وقال السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل توماس ر. نايدز، في تعليقات صحافية، إن "الشيطان يكمن في التفاصيل، ولا معنى لأي من التفاصيل في هذه الخطط. إن إسرائيل و"حماس" لديهما مواقف متعارضة بشكل أساسي، في حين أن أجزاء من الخطة العربية غير مقبولة بالنسبة لإسرائيل، والعكس صحيح. أنا أؤيد اقتراح أفكار جديدة، ولكن من الصعب للغاية على أي شخص أن يجد أرضية مشتركة ما لم تتغير الديناميكيات بشكل كبير".
توقيف طالب في جامعة كولومبيا
في سياق آخر قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب اليوم إن احتجاز محمود خليل، أحد قادة الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في جامعة كولومبيا في نيويورك، هو "عملية التوقيف الأولى وسيوقف المزيد"، وجاء في منشور للرئيس الأميركي عبر منصته "تروث سوشال"، "نعلم أن هناك مزيداً من الطلاب في 'كولومبيا' وجامعات أخرى في أنحاء البلاد شاركوا في أنشطة مؤيدة للإرهاب ومعادية للسامية ومعادية لأميركا، وإدارة ترمب لن تتسامح مع ذلك".
ويعد خليل أحد أبرز قادة الحركة الاحتجاجية التي تشهدها الجامعة منذ العام الماضي ضد الحرب الإسرائيلية في غزة، وقد أوقفته شرطة الهجرة الفيدرالية الأميركية نهاية الأسبوع، وجاء في بيان لوزارة الأمن الداخلي الأميركية أن التوقيف جاء "تماشياً مع أوامر تنفيذية أصدرها الرئيس ترمب تحظر معاداة السامية وبالتنسيق مع وزارة الخارجية".
وتخرج خليل حديثاً في جامعة كولومبيا وكان يحوز إقامة دائمة في الولايات المتحدة (غرين كارد) أثناء توقيفه، وفق اتحاد العمال الطالبيين في الجامعة.
ولوّح ترمب عبر منشوره باتخاذ مزيد من التدابير بحق محتجين آخرين قال إن بعضاً منهم "محرضون مأجورون" من دون إعطاء أي دليل على ذلك، وكتب "سنعثر على هؤلاء المتعاطفين مع الإرهابيين في بلدنا ونقبض عليهم ونرحّلهم ولن يعودوا أبداً".
وشهدت جامعات أميركية بينها جامعة كولومبيا احتجاجات طلابية ضد الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة، تخلل بعضها أعمال عنف وإشغال مبان جامعية وتعطيل محاضرات، ووضعت طلاباً محتجين على ممارسات إسرائيل في مواجهة آخرين منضوين في حملات مؤيدة لها.