Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجيش السوداني يطوق القصر الرئاسي ويتأهب لفك حصار الفاشر

مقتل 5 أشخاص وإصابة 4 آخرين جراء قصف صاروخي لـ"الدعم السريع" على مدينة الأبيض

الجيش السوداني يتقدم على "الدعم السريع" في الخرطوم بعد سيطرة سابقة   (أ ف ب)

ملخص

على وقع تصاعد العمليات العسكرية بشرق الخرطوم يشكو مواطنو مناطق الجريف شرق من تدهور الوضع الإنساني نتيجة شح الغداء وانقطاع خدمات الماء والكهرباء وانعدام الدواء.

بعد أسابيع من الهجوم متعدد المحاور الذي يشنه الجيش والقوات المتحالفة معه بهدف إكمال بسط سيطرته على جميع أنحاء العاصمة الخرطوم، باتت قوات الجيش السوداني على وشك دخول القصر الجمهوري وتحريره من قبضة قوات "الدعم السريع" مع اقترابها ظهر أمس، بدرجة كبيرة من مقر القصر الرئاسي ولم تعد تفصلها عنه سوى أمتار قليلة.

ويأتي ذلك التقدم داخل الخرطوم تزامناً مع ابتدار الجيش وحلفائه لتحركات كبيرة على محور دارفور، والشروع في خطوات عملية لفك الحصار عن مدينة الفاشر.

تحرير وشيك

أكدت مصادر ميدانية أن من المنتظر أن يعلن بصورة رسمية عن اكتمال عملية تحرير القصر الجمهوري في غضون 72 ساعة على أكثر تقدير بعد تمكن قوات الجيش من توسيع دائرة تحركاتها وتأمين السيطرة على عدد من المواقع المتاخمة لمقر القصر الرئاسي بوسط الخرطوم.

وكشفت المصادر عن أن الجيش يتابع تقدمه الميداني لتضييق الخناق على قوات العدو من جهة النيل الأزرق غرب جسر المنشية، بينما استهدف الطيران الحربي نقاط تمركز "الدعم السريع" بالمدخل الجنوبي الشرقي للخرطوم.

وكان الجيش سيطر خلال الأشهر الماضية على حدود العاصمة الخرطوم مع ولايات سنار والجزيرة شرقاً في سوبا والقرى المحيطة بها حتى منطقة جياد الصناعية وبدأ زحفاً حقق من خلال مكاسب كبيرة في ولاية الخرطوم.

 

وأوضحت تنسيقية لجان مقاومة كرري أن قوات الجيش سيطرت بالكامل على جميع المربعات السكنية في حي الوحدة بمحلية شرق النيل شرق الخرطوم بعد طرد قوات "الدعم السريع" من آخر معاقلها بحي البركة بالمحلية.

وأشارت التنسيقية إلى أن القوات النظامية بدأت في الانتشار وتنفيذ حملات تمشيط لأحياء المحلية وجمع السلاح من أيدي العصابات والأفراد.

وبحسب مقاومة كرري فإن المواطنين يعانون شح الغذاء ومياه الشرب والأدوية نتيجة توقف سلاسل الإمداد من الولايات المجاورة، آملين بعودة سريعة لفتح الأسواق وخدمات الكهرباء والمياه.

حصار ومحرقة

في السياق أوضح المحلل والباحث الأمني محمد سعيد نور الدائم أن حسم الجيش لمعارك الكباري في ولاية الخرطوم وتحييده لجسور سوبا والمنشية والمك نمر، يجعل بقاء قوات "الدعم السريع" داخل الرقعة الجغرافية لمدينة الخرطوم أشبه بالوجود داخل محرقة، كونها باتت بلا إمداد ومحاصرة من ثلاث جهات مع وجود قوات كبيرة من الجيش داخل المدينة، وأخرى تتقدم نحوها من الخارج.

أضاف نور الدائم أن اكتمال تحرير العاصمة بعد دخول الجيش إلى مناطق وأحياء مدينة الخرطوم بحري ومحلية شرق النيل بصفة خاصة أصبح مسألة وقت لا غير، وما يبطئ وتيرة العمليات العسكرية داخل الأحياء هو السعي لتحقيق ذلك بأقل خسائر بشرية ومادية ممكنة، مشيراً إلى أن تحرير قلب مدينة الخرطوم واستعادة السيطرة على القصر الجمهوري يحمل دلالات معنوية وسياسية وعسكرية كبيرة كونه يمثل رمزية السيادة في البلاد.

 

ومع اقتراب قوات الجيش من منطقة الديوم الشرقية والسجانة القريبة من وسط الخرطوم، على الطريق المؤدي إلى القصر الجمهوري والقيادة العامة، شددت قوات "الدعم السريع" حصارها على المواطنين العالقين ومنعتهم الحركة والغذاء ومياه الشرب والأدوية والوصول إلى المستشفيات.

وقالت لجنة مقاومة الديوم إن "أحياء المنطقة تعيش إلى جانب خطر الاشتباكات وضعاً إنسانياً كارثياً تنعدم فيه كل مقومات الحياة، مما دفع الجيش واللجان للشروع في إجلاء العالقين بين خطوط النار ومناطق سيطرة (الدعم السريع) إلى أحياء الرميلة والقوز جنوب العاصمة بعد عملية إجلاء ليلية شاقة سيراً على الأقدام تحت تهديد قناصة (الدعم السريع)".

على وقع تصاعد العمليات العسكرية بشرق الخرطوم يشكو مواطنو مناطق الجريف شرق من تدهور الوضع الإنساني نتيجة شح الغداء وانقطاع خدمات الماء والكهرباء وانعدام الدواء.

وناشد العالقون وسط القتال بمنطقة في الجريف السلطات مساعدتهم في توفير مقومات الحياة الأساسية وحل مشكلة السيولة وتعقيدات التحويلات المالية واستغلال ضعاف النفوس للأزمة بفرض عمولات  تصل نسبتها أكثر من 20 في المئة من كل تحويل، في وقت تعاني فيه معظم الأسر من فقد العائل وعديد من أفرادها خلال الفترة الماضية منذ اندلاع الحرب.

قصف الأبيض

في كردفان لقي خمسة أشخاص من بينهم سيدة وأطفالها مصرعهم وأصيب أربعة آخرون جراء قصف صاروخي شنته قوات "الدعم السريع" على مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان منذ الصباح وحتى ساعات المساء.

ودانت شبكة أطباء السودان القصف المتعمد للمواقع السكنية والمرافق العامة بالمدينة لليوم الثاني على التوالي، مؤكدة أن هدفه تهجير المدنيين وإفراغ المدن من قاطنيها، مما يشكل تحدياً لجميع القوانين الدولية التي تحرم استهداف المدنيين في الحرب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان الجيش تمكن في نهاية فبراير (شباط) الماضي من إنهاء حصار قوات "الدعم السريع" للمدينة، والمستمر منذ ما يقارب العامين، بالتقاء قوات متحرك الصياد القادم من أم روابة مع قوات فرقة "الهجانة".

على محور دارفور أكدت مصادر محلية وصول تعزيزات بشرية ومادية كبيرة لمصلحة الجيش والقوات المشتركة في محيط منطقة المالحة شمال دارفور، 210 كيلومترات شمال شرقي الفاشر، استعداداً لانطلاق عمليات ومواجهات كبيرة وحاسمة تهدف إلى فك الحصار عن عاصمة إقليم دارفور، والذي تفرضه عليها قوات "الدعم السريع" منذ مايو (أيار) 2024.

وأوضحت المصادر أن الجيش القوات المشتركة حققا خلال الأسابيع الماضية، تقدماً ملحوظاً في مختلف محاور القتال بمدينة الفاشر، وعززا انتشارهما بتجهيزات وعتاد ضخم شمال شرقي المدينة وعلى منطقة جبل عيسى تمهيداً لبدء عمليات فك الحصار عن الفاشر.

معركة فاصلة

وفقاً للمصادر تستعد قوات الجيش والمشتركة والقوات الأخرى لمعركة فاصلة مع قوات "الدعم السريع" لكسر حصار مدينة الفاشر، بإسناد من الطيران الحربي الذي شن غارات مكثفة استهدفت مواقع قوات "الدعم السريع" ورصدت تحركاتهم في كل المحاور بمحيط الفاشر.

وأكدت الفرقة السادسة مشاة للجيش بالفاشر تقدمها بمختلف المحاور، وتمكنت بالتعاون مع القوات المشتركة من إحباط محاولة فرار مجموعة من الميليشيات من مدينة الفاشر، مما أسفر عن مقتل 10 من المتمردين، وتدمير مركبتين قتاليتين، والاستيلاء على قناصتين.

وذكر بيان للفرقة أن قواتها بمساندة الوحدات الداعمة، نجحت في كشف وضبط عناصر تابعة للميليشيات حاولت التسلل إلى الفاشر بطرق مستحدثة، في محاولة لتفادي المراقبة الأمنية.

ومنذ ما يقارب العام تشهد مدينة الفاشر التي تضم نحو مليوني شخص ظروفاً إنسانية بالغة التدني بسبب الحصار الخانق عليها بواسطة قوات "الدعم السريع"، والمعارك العنيفة بين الجانبين في ظل الحرب الممتدة منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع".

 

من جانبها تحشد قوات "الدعم السريع" المئات من المستنفرين القبليين في مناطق مليط ومدو والصياح، ونشرت مجموعات من قواتها وعرباتها القتالية في محيط مدينة مليط، 65 كيلومتراً من الفاشر، ونشرت قناصة فرق في الجبال بمحيط المدينة، وحظرت استخدام الإنترنت بمصادرة أجهزة "ستارلنك" استعداداً لمواجهات معارك الفاشر المنتظرة.

وبثت تلك القوات مقاطع مصورة على قناتها الرسمية في "تيليغرام" لما وصفته بوصول متحرك ضخم من مقاتليها إلى شمال دارفور بهدف إكمال اجتياح مدينة الفاشر وتطهيرها من قوات الجيش والقوات المشتركة والحليفة.

بدوره توعد المقدم أحمد حسين مصطفى، الناطق باسم القوات المشتركة أن تكون الفاشر هي "نقطة الانطلاق لتطهير وتنظيف بقية مدن إقليم دارفور التي دنستها ميليشيات الجنجويد ومرتزقتهم"، مطمئناً بأن الموقف الميداني في المدينة يسير بصورة جيدة.

وأكد حسين أن الأوضاع في الفاشر مستقرة وتحت السيطرة التامة من جانب الجيش والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح والقوة الشعبية والمقاومة الشعبية، وأن الجيش والقوات المشتركة تمكنت خلال الأيام القليلة الماضية من تدمير جرار يحمل دانات وذخائر في محيط المدينة.

عن الأهمية العسكرية لتحركات الجيش في هذا التوقيت تجاه دارفور أوضح المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية اللواء متقاعد عبدالهادي عبدالباسط أن فك الحصار عن الفاشر يعنى البداية الفعلية لتحرير عواصم ولايات الإقليم الأربع الرئيسة جنوب وشرق ووسط وغرب دارفور.

أشار إلى أن فك حصار الفاشر يعني توقف الإمداد البشرى والعتاد والسلاح بإغلاق كل طرق إمداد المتمردين من تشاد وجنوب السودان، وهرب قيادات الإدارات الأهلية المتعاونة مع التمرد التي تعمل على تحشيد المقاتلين لمصلحة التمرد.

نساء مقاتلات

على نحو متصل أعلن مسؤول الاتصال الخارجي بالمقاومة الشعبية في إقليم دارفور والقيادي بالمقاومة الشعبية القومية هشام نورين محمد نور أن متحركات الجيش والقوات المشتركة التي وصلت يعززها التلاحم الشعبي الكبير مع المستنفرين والمقاومة الشعبية جاهزة لتطهير محيط مدينة الفاشر وفك الحصار عنها، مشيداً بالشجاعة اللافتة التي أبدتها ميارم الفاشر (نساء المدينة) في الدفاع عنها، ومشاركتهن المباشرة والفعالة في العمليات الحربية، مما أسهم في تحقيق الانتصارات ضد القوات المعتدية ورفع الروح المعنوية للمقاتلين.

وأوضح نور أن المقاومة الشعبية لعبت دوراً مقدراً في صمود الفاشر والتصدي لهجمات قوات ميليشيات "الدعم السريع" المتمردة عليها، بما في ذلك "ميارم دارفور" وقوات "قشن" (القوة الشعبية للدفاع عن النفس)، وقوات "دقو جو"، بالتعاون مع القوات المسلحة السودانية وسلاح الطيران والقوات المشتركة، مما أحبط كل المحاولات المتكررة اليائسة لاختراق المدينة، وكبد المتمردين خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد. وتابع أن "هجمات الميليشيات المتمردة الغادرة والعشوائية على الفاشر وقبلها مدن وحواضر ولايات دارفور، شكلت اعتداءات وحشية وبربرية وجرائم حرب بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي، وحدت مواطني دارفور وحفزهم للدفاع عن وجودهم وأرضهم وأعراضهم باستماتة، على رغم استخدامهم كل أنواع الأسلحة الثقيلة الفتاكة والمسيرات وغيرها من الأسلحة المحرمة دولياً".

وبعد أكثر من عام ونصف العام من الحرب التي انطلقت شرارتها من داخل الخرطوم في منتصف أبريل 2023 نجح الجيش قبل أكثر من شهر في كسر الحصار الذي كان مضروباً على مقر القيادة العامة للجيش، وتمكن قبلها من الانفتاح وعبور أهم ثلاثة جسور تربط بين مدن العاصمة السودانية وتوغل في وسط الخرطوم.

وعقب استعادته لمدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط البلاد في يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ الجيش تقدمه الواسع نحو تحرير العاصمة الخرطوم.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات