ملخص
انتقدت منظمات خيرية دولية قرار بريطانيا خفض المساعدات الخارجية من أجل زيادة الإنفاق الدفاعي وحذرت من تداعياته الإنسانية، لافتة إلى أنه يشكل تهديداً لسمعة المملكة المتحدة عالمياً.
ينوي رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر تقليص موازنة المساعدات الخارجية التي تقدمها المملكة المتحدة لعدد من الدول حول العالم، في خطوة لزيادة تمويل الإنفاق على الدفاع، هي الأكبر منذ مرحلة الحرب الباردة.
وأكد ستارمر أن تخصيص مبلغ إضافي سنوي تبلغ قيمته 13.4 مليار جنيه استرليني (16.25 مليار دولار أميركي) اعتباراً من عام 2027 لتعزيز الدفاع، يعد أمراً حيوياً لمواجهة تهديدات مثل تلك التي يشكلها "طغاة"، مثل (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين.
وأوضح رئيس الوزراء البريطاني أن الزيادة في الإنفاق الدفاعي من 2.3 في المئة إلى 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ستمول من خلال خفض المساعدات الخارجية من 0.5 في المئة إلى 0.3 في المئة من الدخل القومي الإجمالي.
وزير الخارجية البريطاني السابق ديفيد ميليباند حذر من خطورة هذا المنحى، مشيراً إلى أن تقليص الإنفاق على المساعدات الخارجية قد يشكل "ضربة" لسمعة المملكة المتحدة، ما من شأنه أن يؤدي إلى "عواقب وخيمة" على الأمد الطويل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبرزت ردود فعل من جانب مؤسسات إنسانية دولية، وأعربت "منظمة الأمم المتحدة للطفولة" (يونيسيف) UNICEF عن "قلق بالغ" إزاء القرار، في حين دانته منظمة "ووتر إيد" WaterAid [التي تعنى بتحسين فرص الحصول على مياه نظيفة وصرف صحي في أفقر مجتمعات العالم]، ووصفته بأنه "خيانة قاسية" للأشخاص الذين يعانون الفقر.
فيما يأتي، تتناول "اندبندنت" موضوع حجم الإنفاق البريطاني على المساعدات الخارجية، وما حُقق بفضل هذه الأموال على مر الأعوام.
كم تخصص المملكة المتحدة سنوياً للمساعدات الخارجية؟
تنفق المملكة المتحدة نحو 0.5 في المئة من إجمال دخلها القومي السنوي على المساعدات الدولية. وتشير أرقام وزارة الخارجية والتنمية البريطانية إلى أنه بين عامي 2020 و2023 أُنفق 54 مليار جنيه استرليني (68.58 مليار دولار) على "المساعدات الإنمائية الرسمية" [دعم التنمية الاقتصادية في البلدان منخفضة الدخل].
وكانت المملكة المتحدة أنفقت عام 2023 مبلغ 15.34 مليار جنيه استرليني (19.48 مليار دولار) على المساعدات الخارجية، مقارنة بـ12.8 مليار جنيه استرليني (16.26 مليار دولار) عام 2022. وشهد عام 2021 إنفاق 11.4 مليار جنيه استرليني (14.48 مليار دولار)، بينما خُصص 14.5 مليار جنيه استرليني لتلك المساعدات عام 2020.
ومن إجمال الإنفاق عام 2023، ذهب ما يقارب 4.3 مليار جنيه استرليني (5.46 مليار دولار) لدعم اللاجئين وطالبي اللجوء في المملكة المتحدة، مع إنفاق نحو مليار و600 مليون جنيه استرليني (مليارين و32 مليون دولار) على المساعدات الإنسانية والرعاية الصحية.
ما الدول التي تستفيد من المساعدات الخارجية البريطانية؟
خلال عام 2023 كانت أوكرانيا أكبر متلق للمساعدات الخارجية البريطانية، وحصلت على 250 مليون جنيه استرليني (316 مليون دولار) بتراجع نحو 92 مليون جنيه استرليني (116.84 مليون دولار) - أو ما نسبته 26.9 في المئة - عن عام 2022.
وفي عام 2023 حلت إثيوبيا في المرتبة الثانية بعد أن تلقت 164 مليون جنيه استرليني (208.28) مسجلة ارتفاعاً كبيراً عن العام السابق بنسبة 82.4 في المئة (74 مليون جنيه استرليني أو ما يوازي 94 مليون دولار). وتلتها أفغانستان في المركز الثالث بمبلغ 115 مليون جنيه استرليني (146 مليون دولار).
وكانت كل من سوريا واليمن ونيجيريا والصومال وباكستان والبرازيل وبنغلاديش ضمن المراكز العشرة الأولى على قائمة متلقي المساعدات البريطانية، وحصلت مجتمعة على 597 مليون جنيه استرليني (758 مليون دولار).
كيف علقت المؤسسات الخيرية على هذا الخفض؟
حذرت جمعيات خيرية من أن التغييرات "ستكون لها آثار مدمرة"، وستتسبب بـ"عواقب مباشرة" على الأطفال والأسر داخل المملكة المتحدة وفي مختلف أنحاء العالم.
منظمة "أكشن إيد" الخيرية ActionAid التي تدعم النساء والفتيات اللاتي يعشن في حال فقر، وصفت قرار رئيس الوزراء البريطاني السير كير خفض موازنة المساعدات بأنه "متهور". وأعربت عن "صدمتها العميقة وخيبة أملها" من قرار الحكومة.
وقالت الرئيسة التنفيذية للمنظمة هانا بوند "لا يوجد أي مبرر للتخلي عن الفئات الأكثر ضعفاً وتهميشاً في العالم مراراً وتكراراً، استجابة للمستجدات الجيوسياسية. إنه قرار سياسي، وخيار ستكون له عواقب وخيمة".
وأضافت بوند "في وقت تُقلص فيه موارد ’الوكالة الأميركية للتنمية الدولية‘ (يو أس أيد) USAID بصورة حادة، والتخلي عن برامج التنمية الرئيسة من جانب أحد أكبر المانحين في العالم، يبدو أن حكومة المملكة المتحدة تحذو حذو الآخرين بدلاً من معارضة هذا المنحى الخطر والوقوف في وجهه".
منظمة "أنقذوا الأطفال" في المملكة المتحدة Save the Children UK أعربت عن "ذهولها" من القرار، ووصفته بأنه "خيانة لأطفال العالم الأكثر ضعفاً، ويشكل نكسة للمصلحة الوطنية للمملكة المتحدة".
الرئيس التنفيذي للمنظمة معظم مالك رأى أن هذا التغيير "يشكل تهديداً للشراكات التي تربط المملكة المتحدة مع دول في مختلف أنحاء العالم". ونبه إلى أنه "ستكون له عواقب مباشرة على الأطفال والأسر داخل بريطانيا وكذلك في جميع أنحاء العالم".
وختم بالقول "خلال وقت سابق من هذا الأسبوع، تعهد رئيس الوزراء البريطاني بـ’الوقوف إلى جانب أوكرانيا‘. والآن، يقدم إشعاراً بسحب دعم أساس يحتاج إليه أطفالها الذين أجبروا على النزوح، وشاهدوا مدارسهم تدمر بالقصف، وعاشوا في حال من الخوف على مدى ثلاثة أعوام".
© The Independent