Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اعتراض أسلحة للدعم السريع بشمال دارفور ومواجهات دامية في شوارع الخرطوم

يسعى الجيش السوداني إلى تطويق قوات "الدعم السريع" وقطع الإمداد عنها لإنجاز "آخر مراحل تحرير العاصمة"

دفع الجيش السوداني بتعزيزات بشرية كبيرة من عناصره المدربة على حرب المدن لمواجهة انتشار القناصة على أعلى المباني العالية (أ ف ب)

ملخص

إلى أين تتجه سيناريوهات معارك تحرير العاصمة السودانية؟

قالت قوات تقاتل إلى جانب الجيش السوداني اليوم الجمعة إنها اعترضت قافلة كانت متجهة إلى قوات "الدعم السريع" في ولاية شمال دارفور وبحوزتها كمية كبيرة من الإمدادات العسكرية.
ونفت قوات "الدعم السريع" شبه العسكرية تعرض أي قافلة لهجوم، وقالت لوكالة "رويترز" إن بيان القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح "غير صحيح ومجرد أكاذيب".
وذكرت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، المتحالفة مع الجيش السوداني، أن هدف قوات "الدعم السريع" من إدخال الإمدادات هو استخدامها في القصف العشوائي لأحياء في الفاشر، آخر معقل للجيش في إقليم دارفور، وفي أم درمان ولمخيمات نازحين.
وقالت القوة المشتركة في بيان إن القافلة التي اعترضتها جنوب شرقي الفاشر كانت بحوزتها كمية كبيرة من الإمدادات الحربية، من بينها 10 آلاف دانة مدفع عيار 40 مليمتراً، و12 ألف دانة هاوتزر، وآلاف من الصواريخ والقنابل والذخائر. وذكرت أنها "حيدت" أيضاً مرتزقة أجانب، من دون تقديم تفاصيل أخرى. وكانت قد أعلنت من قبل أنها اعترضت مرتزقة من كولومبيا التي اضطرت إلى تقديم اعتذار.

قتال شوارع

ويخوض الجيش السوداني منذ فجر أمس الخميس حرب مدن وشوارع ضارية ضد قوات "الدعم السريع" عبر الأحياء والمنازل والأزقة الضيقة، ويجري نصب المكامن على مفترقات الطرق الرئيسة والفرعية، في مناطق شرق وجنوب وغرب العاصمة الخرطوم، وتتواصل الموجهات المباشرة على مسافة قريبة بين الطرفين، داخل الأحياء السكنية.

ويتابع الجيش السوداني والقوات المتحالفة معه تقدمه في عدة محاور في وسط وأطراف ولاية الخرطوم في معارك تعتبر فاصلة في خطته لإكمال تحرير العاصمة خلال الأسابيع القادمة بحسب توقعات معظم المراقبين العسكريين.

احتدام المواجهات

وتشهد مناطق حيوية عدة وسط الخرطوم وفي محيط القصر الجمهوري اشتباكات عنيفة شملت منطقة السوق العربي، الخرطوم (2)، وأحياء جنوب الخرطوم، ضمن مساعي الجيش لإكمال تطويق قوات "الدعم السريع" الموجودة وسط الخرطوم وتضيق الخناق عليها من كل الاتجاهات في طريقها نحو القصر الرئاسي.

وأعلن الإعلام الحربي لسلاح مدرعات الجيش أن وحدات الدروع دمرت نقاط للعدو في مواقع استراتيجية عدة جنوب الخرطوم، شملت شارع الصحافة زلط، ومحطة الغالي، ومستشفى الجودة، ومدرسة الخرطوم النموذجية، وتتقدم نحو وسط العاصمة.

وأوضحت مصادر ميدانية أن الجيش دفع بتعزيزات بشرية كبيرة من قوات المشاة البرية من عناصره المدربة على حرب المدن لمواجهة انتشار القناصة على أعلى المباني العالية، مشيرة إلى أن قوات الجيش بسطت سيطرتها الخميس على منطقة "حلة كوكو" بشرق النيل التي تبعد عن "كبري المنشية" نحو ثلاثة كيلومترات، والذي ستفتح السيطرة عليه الطريق لالتحام قوات الخرطوم بحري مع قوات الجيش و"درع السودان" القادمة من الجزيرة، فضلاً عن سلاح المدرعات.

وفق المصادر، فإن جبهة شرق الخرطوم التي تضم القيادة العامة وأحياء بري وامتداد ناصر شرق مطار الخرطوم الدولي تشهد معارك محتدمة، أصبح خلالها الجيش أقرب إلى المطار أكثر من أي وقت مضي، فيما وصلت قوات النخبة إلى حي الفيحاء المواجه لجسر المنشية في شرق النيل.

قصف ومواجهات

وفي محور أم درمان أوضحت المصادر نفسها أن قوات الجيش بعد انتصاراتها المتتالية في محلية "أم بدة" طوقت منطقة سوق ليبيا بالكامل وتتقدم لإكمال تحرير كافة حارات المحلية.

ومن جنوب أم درمان بث جنود مقاطع فيديو لمواجهات واشتباكات عنيفة تدور بين "الدعم السريع" وسلاح المهندسين داخل أحياء وشوارع مربعات أبو سعد (14) و(15) و(18) قرب مدينة النخيل، حيث تمكنت من بسط سيطرتها على محطة ود البلال وما زالت مواجهات الشوارع المباشرة مستمرة في تلك المناطق، فيما تقدمت قوات الجيش القادمة من النيل الأبيض عقب تحريرها لمدينة القطينة بتلك الولاية إلى المدخل الجنوبي لمدينة الخرطوم باتجاه خزان جبل أولياء حيث تتجمع أعداد كبيرة من قوات "الدعم السريع" بالمنطقة.

وقال بيان للجيش أن المضادات الأرضية للفرقة التاسعة مشاة بمنطقة مروي العسكرية بالولاية الشمالية تمكنت فجر اليوم الجمعة من التصدي لسرب من أربع مسيرات استهدفت بها قوات "الدعم السريع" مقر الفرقة وسد مروي ومحطة توليد الكهرباء بالسد.

من جانبها قصفت قوات "الدعم السريع" بالمدفعية الثقيلة متحركات قوات سلاح المهندسين في جنوب أم درمان في محاولة لإبطاء تقدمها داخل بقية مربعات أبو سعد بمنطقة الفتيحاب.

وبثت القناة الرسمية لقوات "الدعم السريع" على تيليغرام مقاطع فيديو حول استمرار وجود قواتها في محلية شرق النيل وتحقيقها انتصاراًت في محلية شرق النيل وداخل الخرطوم، مؤكدة أن المدينة في "أيدٍ أمينة" على حد زعمها.

وأكد القائد الميداني بـ"الدعم السريع" محمد حسين (حجير)، في مقطع مصور تصدي قواته لمحاولة تسلل من جانب الجيش عبر مجرى النيل في اتجاه المنطقة الصناعية بالخرطوم.

المرحلة الأخيرة

في السياق أوضح المتخصص في إدارة الأزمات بمركز الدراسات الاستراتيجية اللواء أمين مجذوب إسماعيل أن "الجيش بدأ فعلياً المرحلة الأخيرة من تطهير العاصمة، وفق استراتيجية تشير إلى نجاحه في تقطيع أوصال قوات (الدعم السريع) إلى مجموعات صغيرة يسهل التعامل معها، ولم يعد أمامها إلا الاستسلام أو التعرض للإبادة التامة". ويرى إسماعيل أن "النجاح الكامل لخطة الجيش في تطهير العاصمة تعتمد على التجفيف التام لأي دعم لوجيستي لقوات (الدعم السريع) داخل العاصمة، مما سيمكن الجيش من التوغل أكثر داخل قلب العاصمة بعدما وصل إلى مشارف القصر الرئاسي ومطار الخرطوم".
وتوقع المتخصص في إدارة الأزمات أن يستغرق تحرير العاصمة بالكامل من قوات "الدعم السريع" أسابيع عدة وليس أشهراً، لما ظهر من كفاءة الجيش في حسم التمرد بالخرطوم، لافتاً إلى حرص الجيش واهتمامه بالمحافظة على البنية التحتية للمرافق العامة والخدمية في مناطق العاصمة المختلفة، حتى يتسنى للمواطنين العودة إلى ديارهم، وبخاصة القرى المحيطة بولاية الخرطوم التي تؤمن حاجات العاصمة من المحاصيل الغذائية والمنتجات الزراعية.

 تخطيط وتمهيد

على صعيد متصل أوضح الباحث في المجال الأمني ضو البيت دسوقي أن "قيادة الجيش ظلت تمهد للمرحلة الحالية لتحرير العاصمة عبر خطة الاستنزاف الواسعة التي اتبعتها طوال أكثر من عام ونصف ضد قوات (الدعم السريع) انطلاقاً من أطراف العاصمة، وذلك بالتحصن الدفاعي وتكثيف الضربات الجوية والمدفعية على مراكز تجمعاتها لتدمير قوتها الصلبة داخل مدن العاصمة الثلاث (الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري)، وقطع وتجفيف خطوط الإمداد الرئيسة القادمة لها من ولايات غرب السودان باستهداف مكثف لجميع إمداداتها اللوجيستية.

وأشار دسوقي إلى "نجاح خطة الجيش في فرض حصار تدريجي على قوات (الدعم السريع) الموجودة داخل ولاية الخرطوم، بخاصة بعد تحرير ولاية الجزيرة جنوب العاصمة وتقدم قوات سلاح المدرعات من أربعة محاور من الجنوب والجنوب الشرقي والغربي ومن مدينة بحري شمالاً نحو الخرطوم وتشديد الخناق على قوات (الدعم السريع) في الخرطوم القديمة، وأم درمان والخرطوم وعزل الولاية عن أي إمدادات عبر الطرق البرية".

تهيئة المسرح

وتابع، "الآن بات مسرح القتال مهيأً وجاهزاً لانطلاق هجوم بري رئيس وكبير بتقدم القوات نحو العاصمة من كل الاتجاهات بصورة متزامنة، لا سيما بعد سيطرة الجيش على الجسور والنقاط الاستراتيجية مثل جسور المك نمر والنيل الأبيض وسوبا وكوبري بري إلى جانب القيادة العامة".
وأوضح الباحث الأمني أن "صعوبة وبطء تقدم الجيش سببه انتشار القناصين وتحصن مقاتلي (الدعم السريع) وسط أحياء مأهولة بالمواطنين، واضطر الجيش إلى إخلاء سكان عديد من الأحياء في مناطق الاشتباكات إلى مناطق أخرى إلى حين انتهاء العمليات العسكرية"، لافتاً إلى أنه "في حال تعثر التقدم البري قد يلجأ الجيش إلى تنفيذ عمليات إنزال خاصة لتحرير بعض المنشآت الحيوية مثل المطار، والقصر الجمهوري لإتمام سيطرته وتحرير كل العاصمة"، لافتاً إلى أن "الانهيار المتواصل لدفاعات (الدعم السريع) يعزز فرص التقدم المتواصل للجيش لفرض سيطرته العسكرية الشاملة على العاصمة، ما لم تحدث مفاجآت ومستجدات ميدانية غير متوقعة تغير من الواقع الحالي على الأرض".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


أزمة إنسانية

إنسانياً تسببت المعارك العنيفة في تأزم الأوضاع الإنسانية بمناطق الاشتباكات وخلفت المعارك الجارية شحاً في السلع والمواد الغذائية ومعاناة متفاقمة للعالقين في مناطق الاشتباكات جنوب الحزام بالخرطوم وارتفعت الأسعار بصورة كبيرة صعبت حصول المواطنين على المتوافر من السلع.

وتسبب إغلاق معظم المخابز في ندرة الخبز لعدم توفر الطحين مع ارتفاع كبير في أسعاره.

واستمر انقطاع خدمات الكهرباء والمياه والمعاناة الكبيرة في سبيل الحصول على المياه، إذ بلغ سعر البرميل الواحد من الماء 10 آلاف جنيه.

وأوضحت غرفة طوارئ جنوب الحزام في جنوب الخرطوم عن توقف جميع المطابخ في قطاع عد حسين ومايو نتيجة لهذه الهجمات. كما استمرت الملاحقاًت العسكرية ضد أعضاء الغرفة ومشرفي المطابخ الجماعية (التكايا) الذين ينشطون في تقديم الخدمات الإنسانية، ما يشكل تهديداً لسلامتهم وسلامة أسرهم.

اعتقال متطوعين

وقال بيان للغرفة إن منازل سبعة من أعضاء الغرفة وخمسة من مشرفي المطابخ المجانية، تعرضت خلال الأسبوعين الماضيين للاقتحام والنهب، من قبل مسلحين متفلتين.

وتابع البيان، "جميع المطابخ توقفت في قطاع مايو وعد حسين، ما أثر مباشرة على آلاف المحتاجين من سكان المنطقة التي لا تزال تقع تحت سيطرة (الدعم السريع)، وتحولت الآن مع تقدم الجيش إلى منطقة مواجهات عسكرية ساخنة".

وأشار البيان إلى أن اعتقال نائب مدير مستشفى بشائر حاتم الضو من قبل قوات "الدعم السريع" منذ نحو الشهر تسبب في توقف جميع المتطوعين المنتمين للغرفة عن العمل، مما أدى بدوره إلى شلل تام في نشاط الغرفة داخل المستشفى.

أكدت الغرفة أن "استمرار الوضع الحالي يهدد استمرار المبادرات الإنسانية في ظل الضغوط المتزايدة على العاملين في المجال الخدمي، ويثير مخاوف من تفاقم الأزمة الإنسانية في المناطق المتضررة.

ويواجه مستشفى بشائر الوحيد العامل بجنوب الخرطوم شبح الإغلاق الكامل، وذلك عقب خروج ستة أقسام عن العمل، إضافة إلى نقص حاد في الوقود، وفق المدير العام للمستشفى محمد عبدالله.

وفي شرق الخرطوم يعيش آلاف المواطنين في أحياء المنطقة أوضاعاً إنسانية معقدة بسبب نقص الخدمات والغذاء والدواء والعلاج.

تحذيرات أممية

من ناحية أخرى حذر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك أمس الخميس من أن السودان يواجه خطر الانحدار نحو الهاوية، واحتمال مقتل مئات آلاف المواطنين، ما لم تتوقف الحرب المدمرة الدائرة في البلاد وتتدفق المساعدات الإنسانية.

وقال تورك أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، "إن المحنة المؤلمة التي يعيشها الشعب السوداني، والحاجة الملحة تفرض علينا سرعة التحرك لتخفيف معاناته".

المفوض الأممي لفت إلى أن "هناك خمس مناطق أخرى قد تواجه المجاعة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، بينما تقع 17 منطقة أخرى في مرمى الخطر"، مذكراً بتحذيرات الوكالات الإنسانية من أنه في غياب تحرك لإنهاء الحرب، وتقديم المساعدات الطارئة، وإعادة الزراعة إلى مسارها الطبيعي، فإن مئات الآلاف من الناس قد يموتون.

وبعد أكثر من عام ونصف العام من الحرب التي انطلقت شرارتها من داخل الخرطوم في منتصف أبريل (نيسان) 2023، نجح الجيش قبل أكثر من شهر في كسر الحصار الذي كان مضروباً على مقر القيادة العامة للجيش، عقب التحام قوتي سلاح الإشارة والخرطوم بحري، وتمكن قبلها من الانفتاح وعبور أهم ثلاثة جسور تربط بين مدن العاصمة السودانية وتوغل في وسط الخرطوم.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات