ملخص
يسعى الاتحاد الأوروبي إلى التوصل إلى موقف موحد في شأن أي اتفاق محتمل لإنهاء الحرب في أوكرانيا والخطوات التي قد يتضمنها، بما في ذلك نشر قوات حفظ سلام ورفع العقوبات عن روسيا والدعم العسكري لكييف.
تعاني أوروبا لإسماع صوتها مع مضي الولايات المتحدة قدماً في البحث مع روسيا عن سبل إنهاء الحرب في أوكرانيا، التي اندلعت مع بدء الهجوم الروسي خلال الـ24 من فبراير (شباط) 2022.
ويهدد فتح الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطوط تواصل مباشرة مع روسيا بتهميش كييف وحلفائها الأوروبيين، في مرحلة يرجح أن تتخذ خلالها قرارات مصيرية تتعلق بأمن أوكرانيا والقارة.
وقالت مفوضة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي كايا كالاس "لن ينجح أي اتفاق سلام يعقد من دوننا، لأن ثمة حاجة إلى الأوكرانيين وكذلك الأوروبيين، لتنفيذ أي اتفاق من أي نوع".
فما الأوراق التي يحوزها الأوروبيون لحجز مكان إلى طاولة التفاوض؟
الانقسام في شأن قوات حفظ السلام
أبلغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته الدول الأوروبية أن مشاركتها في المحادثات رهن بجعل القارة "ذات صلة" من خلال تقديم مقترحات في شأن كيفية تمكنها من توفير ضمانات أمنية ترافق أي اتفاق سلام.
وسارع قادة دول أوروبية إلى عقد اجتماع في باريس الإثنين الماضي بهدف الخروج بموقف موحد في مواجهة الخطوات الأميركية، لكنهم بقوا منقسمين في شأن احتمال نشر قوات حفظ سلام في إطار أي اتفاق لإنهاء الحرب التي تُنهي عامها الثالث الأسبوع المقبل.
وفي حين تبدو فرنسا وبريطانيا أكثر ميلاً للمشاركة في خطوة كهذه، تتردد دول أخرى أبرزها ألمانيا، مع تشكيكها في جدوى الالتزام بإجراء من هذا النوع قبل أن يلوح أي اتفاق سلام في الأفق.
واستبعدت الولايات المتحدة إرسال جنود أميركيين لكن ترمب يدفع الأوروبيين للقيام بذلك، مؤكداً تأييده الكامل لنشر قوات حفظ سلام في أوكرانيا.
ومن جهتها، أكدت موسكو رفضها انتشار قوات من دول منضوية في الـ"ناتو" على أراضي أوكرانيا وإن كان ذلك في إطار جهود لحفظ السلام بعد الحرب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مسألة العقوبات على روسيا
قالت ماريا مارتيسيوت من مركز السياسة الأوروبية "يبدو أن ترمب يساوم مع أوروبا وأوكرانيا، وعلينا الخروج بموقف جماعي صلب". وأضافت "على المقترح الأوروبي أن يحدد المجالات التي على الولايات المتحدة إكمالها وجعلها مشروطة كذلك، على سبيل المثال في شأن الضمانات الأمنية، إذا نشرت قوات أوروبية... يجب أن تُنشر قوات أميركية".
بعد لقائه في الرياض وفداً روسياً يتقدمه نظيره سيرغي لافروف، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أول من أمس الثلاثاء إن على أوروبا أن تشارك في مرحلة ما ضمن المحادثات في شأن أوكرانيا، نظراً إلى المروحة الواسعة من العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على موسكو عقب بدء الهجوم على أوكرانيا.
وأقر سفراء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أمس الأربعاء حزمة جديدة من القيود الاقتصادية على روسيا، متعهدين مواصلة "الضغط" على الرئيس فلاديمير بوتين، علماً أن التكتل سبق أن فرض عقوبات غير مسبوقة على موسكو على خلفية الحرب داخل أوكرانيا.
وتجمد دول التكتل أكثر من 200 مليار يورو من أصول المصرف المركزي الروسي، أي ما يوازي نحو ثلثي الأرصدة الروسية المجمدة في مختلف أنحاء العالم. ويرجح أن تدفع موسكو في اتجاه رفع العقوبات وإعادة الأصول المجمدة ضمن إطار أي اتفاق سلام في شأن أوكرانيا، لكن واشنطن تحتاج إلى تعاون أوروبا لتنفيذ أية خطوة في هذا المجال.
الدعم العسكري الأوروبي لكييف
قالت الباحثة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية سيليا بيلان إن "موقف الأوروبيين يبقى واضحاً، اتفاق لمصلحة روسيا بالكامل ليس مقبولاً". وأوضحت "في حال أُبرم اتفاق كهذا لن يُسهموا في تطبيقه، من خلال عدم رفع العقوبات على سبيل المثال".
وتبقى عقبة محتملة في هذا المجال هي المجر، التي يرتبط رئيس وزرائها فيكتور أوربان بعلاقات طيبة مع بوتين وترمب، وقد حال خلال ستة أشهر دون تمديد العقوبات الأوروبية على موسكو.
ومنذ بدء الحرب، قدمت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ما قيمته 52 مليار دولار من التجهيزات العسكرية والأسلحة لكييف، بما يوازي ما قدمته الولايات المتحدة.
وتؤكد واشنطن حالياً أن على أوروبا أن توفر الحصة الأكبر من المساعدات المستقبلية لأوكرانيا، مع سعيها إلى خفض كمية الدعم الذي توفره لكييف.
وشدد مسؤولون أوروبيون على أن بروكسل ستواصل دعم كييف، مؤكدين السعي إلى دفع الدول الأعضاء في التكتل القاري لإقرار حزمة دعم عسكرية جديدة لأوكرانيا.
وقالت كالاس الأسبوع الماضي "إذا قررت أوكرانيا أن تقاوم، سنتقدم بمبادرات جديدة للقيام بذلك".
لكن في حال رفضت أوكرانيا أي اتفاق محتمل بين الولايات المتحدة وروسيا في شأن إنهاء الحرب وقررت مواصلة القتال، تطرح علامات استفهام كبرى في شأن إذا ما كانت أوروبا قادرة على دعم كييف بما يكفي بمفردها.
وفي هذا الصدد، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "ستكون لدينا فرصة متدنية، متدنية للغاية، للاستمرار من دون دعم الولايات المتحدة".