ملخص
بموجب القانون الإيراني يمنح الوزير المعني مهلة 10 أيام للمثول أمام البرلمان، إذ يتوجب عليه تقديم إيضاحات في شأن الوضع الاقتصادي قبل التصويت على سحب الثقة منه
في ظل سلسلة من الأزمات ومع مخاوف بعد عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للبيت الأبيض، أصبح وزير الاقتصاد والمالية الإيراني عبدالناصر همتي ضحية جديدة للانهيارات المتتالية التي تلاحق العملة الإيرانية، ففي تطور جديد للأزمات التي يواجهها اقتصاد إيران، بدأ البرلمان الإيراني إجراءات عزل وزير الاقتصاد والمالية في ظل التراجع الحاد لقيمة العملة المحلية في مقابل الدولار، وفقاً لما أعلنه التلفزيون الرسمي.
وخلال جلسة برلمانية متلفزة قال النائب أحمد نادري إن إدارة البرلمان تلقت طلباً رسمياً لإقالة وزير الاقتصاد مما يمهد الطريق لجلسة استجواب قد تنتهي بحجب الثقة عنه.
وبموجب القانون الإيراني يمنح الوزير المعني مهلة 10 أيام للمثول أمام البرلمان، إذ يتوجب عليه تقديم إيضاحات في شأن الوضع الاقتصادي قبل التصويت على سحب الثقة منه.
ووفق إحصاء أعدته "اندبندنت عربية" فقد سجل الريال الإيراني خسائر فادحة منذ تولي وزير الاقتصاد والمالية الحالي، فخسرت العملة الإيرانية نحو 54 في المئة من قيمتها بعدما قفز سعر صرف الدولار الأميركي من 600 ألف ريال خلال يوليو (تموز) الماضي إلى نحو 925 ألف ريال حالياً.
عودة ترمب تفاقم أزمات الاقتصاد
وفي السياق ذاته ربما تشكل عودة دونالد ترمب للبيت لأبيض تحدياً كبيراً للاقتصاد الإيراني، ولم يعد من المرجح أن يحقق الرئيس مسعود بزشكيان وعوده بالوصول إلى نسبة نمو للناتج المحلي ثمانية في المئة خلال الأعوام المقبلة، بحسب ما قاله أستاذ الاقتصاد في جامعة فرجينيا جواد أصفهاني
وتعاني إيران منذ أعوام ارتفاع التضخم ونقص الوقود وضعف العملة، وتعني عودة ترمب لرئاسة أميركا إمكان تشديد العقوبات المفروضة عليها، خصوصاً أن فريقه يضم عدداً من المحافظين المتشددين ضد أية مصالحة أو تنازل لمصلحة طهران.
وفي تقرير حديث توقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد الإيراني 0.8 في المئة وحسب خلال العام المقبل، في مقابل 3.7 في المئة خلال العام الحالي كنسبة متوقعة، مشيراً إلى أنه مع عودة ترمب للبيت الأبيض سيستمر الناتج المحلي في إيران في مسار الانخفاض طوال الأعوام الأربعة المقبلة.
وفي تصريحات حديثة له يرى أصفهاني أن الرئيس الإيراني لن يتمكن من تحقيق وعده بتحقيق نمو مقداره ثمانية في المئة ضمن الخطة المعلنة حتى عام 2028، مضيفاً أن "الاقتصاد الإيراني ستزيد أزمته مع عودة ترمب للبيت الأبيض".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى رغم ذلك زادت إيران المخصصات العسكرية في موازنة العام الحالي 200 في المئة لمواجهة التوترات الإقليمية، وبينما تخضع البلاد للعقوبات الصارمة منذ نصف قرن تقريباً فإنها لا تتمكن من بيع النفط بطريقة طبيعية أو الدخول في التجارة الدولية.
وذكر أصفهاني أن العقوبات تسببت في انهيار العملة الإيرانية وزيادة التضخم مع عجز في الموازنة بعد أن وصل التضخم إلى 30 في المئة بحسب آخر الأرقام الرسمية.
وأضاف أن "مساعي الحكومة إلى خفض التضخم وإنعاش الاقتصاد أمر صعب لأن هناك مؤشرات على أن العقوبات ستصبح أكثر صرامة مع عودة ترمب".
ومن غير المتوقع أن يعتمد الرئيس الأميركي تنازلات لمصلحة طهران، إذ يضم فريقه صقوراً من المحافظين الذين لا يقبلون هذا السيناريو، وقال أصفهاني إن "البلاد أمام سيناريوين، الأول جيد قد يأتي بصفقة تسمح برفع العقوبات أو تخفيفها في الأقل مما سيؤدي إلى نمو اقتصادي يرتفع أكثر من خمسة في المئة، أما السيناريو الأسوأ فيتمثل في خفض صادرات النفط إلى نصف مليون برميل يومياً ما يعني أنها ستعاني تحقيق اثنين أو ثلاثة في المئة".
تدهور الأوضاع المالية
فيما جاءت تحركات البرلمان الإيراني بعد اجتماع مغلق بين الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ووزير الاقتصاد، ناقشا خلاله التدهور السريع للوضع المالي في البلاد.
وتسارعت وتيرة انهيار الريال الإيراني خصوصاً بعد سقوط الرئيس السوري بشار الأسد، الحليف الرئيس لإيران، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فقد بلغ سعر الصرف في السوق السوداء نحو 717 ألف ريال في مقابل الدولار، بينما ارتفع اليوم الأربعاء سعر صرف الدولار الأميركي إلى 925 ألف ريال في طهران، وهو أعلى مستوى تاريخي تقريباً.
وللمقارنة فقد كان سعر الدولار في السوق الموازية يقارب 600 ألف ريال خلال يوليو الماضي عندما تولى بزشكيان منصب الرئاسة.
وتعاني إيران أزمة اقتصادية حادة منذ أن أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات صارمة عليها عام 2018 بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق النووي، ومنذ ذلك الحين يواجه الاقتصاد الإيراني ضغوطاً متزايدة بسبب التضخم المتسارع والتراجع المستمر لقيمة العملة، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية للمواطنين.
وفي أبريل (نيسان) 2023 صوت البرلمان الإيراني لمصلحة إقالة وزير الصناعة والتجارة آنذاك رضا فاطمي أمين بسبب ارتفاع الأسعار الناجم عن العقوبات الدولية، في خطوة تعكس الضغط المتزايد على الحكومة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية.
وفي ظل انهيار العملة المحلية الإيرانية (التومان) وارتفاع أسعار الذهب في البلاد، أفادت وسائل إعلام إيرانية بإقالة محافظ البنك المركزي محمد رضا فرزين.
وقال موقع "صحيفة اعتماد" الإصلاحية إن الرئيس مسعود بزشكيان طلب من فرزين تقديم استقالته من منصب محافظ البنك المركزي في ظل انتقادات وجهت إلى الحكومة في شأن عدم السيطرة على سوق العملات والذهب مع انهيار تسجله العملة بصورة غير مسبوقة.