Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا أعاد البشير فتح الحدود مع إرتيريا؟

أغلق السودان في 6 يناير (كانون الثاني) 2018، حدوده مع إرتيريا، بموجب مرسوم جمهوري يعلن حال الطوارئ في كسلا

أرسل السودان في يناير 2018 تعزيزات من الجيش وقوات الدعم السريع إلى ولاية كسلا (غيتي)

تعيد ولاية كسلا في شرق السودان، الأحد في 3 فبراير (شباط)، فتح الحدود مع إريتريا المجاورة التي تبلغ 650 كيلومتراً. يأتي ذلك بعد ثلاثة أيام من إعلان الرئيس عمر البشير، على نحو مفاجئ، فتح المعابر الحدودية، ما يهيّئ المناخ لتطبيع العلاقات بين البلدين بعد عام من التوتر والاتهامات المتبادلة.

وأغلق السودان في 6 يناير (كانون الثاني) 2018، حدوده مع إرتيريا، بموجب مرسوم جمهوري يعلن حال الطوارئ في كسلا. وأعقب ذلك إرسال تعزيزات عسكرية إلى الولاية، عند الحدود مع إرتيريا وإثيوبيا. وقد اعتبر البرلمان السوداني، الذي جدد قبل أسبوعين حال الطوارئ، أن هدف الإجراءات هو الحد من الهجرة غير الشرعية وجمع السلاح ومكافحة التهريب.

جاء قرار البشير خلال كلمة له أمام حشد شعبي في مدينة كسلا، متحدثاً عن أزلية العلاقة بين السودان وإرتيريا، ومنوّهاً بأن الشعبين "تجمعهما الأخوة وروابط الدم والتاريخ والجغرافيا"، قبل أن يتقدم بشكره للحكومة الإرتيرية ودول الجوار.

وأرسل السودان في يناير 2018 تعزيزات من الجيش وقوات الدعم السريع إلى ولاية كسلا، في إطار "الاستنفار والجاهزية لتأمين الحدود".

ونفى الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، في مقابلة مع تلفزيون بلاده، وجود تعزيزات عسكرية مصرية في إريتريا، معتبراً أن الحديث عن ذلك مجرد "فبركات" صاغتها المخابرات السودانية والإثيوبية لتبرير نشر قواتهما على الحدود مع بلاده.

وذكرت وزارة الإعلام الإرتيرية، حينذاك، أن السودان أوى ودرّب معارضين لإرتيريا في معسكرات خاصة لتنفيذ أعمال سياسية وعسكرية ضدها.

تأرجح بين الخرطوم وأسمرة  

تتأرجح العلاقة بين السودان وإريتريا، منذ استقلال الأخيرة عن إثيوبيا عام 1993. ولا تنسى ذاكرة حكام الخرطوم انطلاق العمل المسلح للمعارضة السودانية الجنوبية والشمالية من إريتريا إلى السودان، عام 1994، عقب اتهام الرئيس الإريتري أفورقي الخرطوم، بدعم جماعات متشددة في إريتريا.

وفي عام 2005، بدأت العلاقات بين البلدين تتحسن، لا سيما مع توقيع "الحركة الشعبية لتحرير السودان"، بقيادة جون قرنق، اتفاق سلام مع الخرطوم. ثم توصلت الحكومة السودانية، في 2006، إلى اتفاق سلام مع "جبهة شرق السودان" التي كانت تنطلق من إريتريا، وصار رئيس الجبهة مساعداً للرئيس البشير منذ ذلك الوقت وما يزال في موقعه، وظلت العلاقة مستقرة حتى تدهورت في نهاية العام الماضي.

مصالحات القرن الأفريقي

شهدت دول القرن الأفريقي خلال الشهور الماضية تطورات إيجابية متسارعة، انطلقت باتفاق مصالحة تاريخي بين الخصمين اللدودين، إثيوبيا وإريتريا، في يوليو (تموز) 2018 بعد 20 عاماً من القطيعة، تلته المصالحة بين إرتيريا والصومال، بعد اتهامات وجهت إلى أسمرة بدعم حركة الشباب المجاهد الصومالية، وما ترتب على ذلك من توقيع عقوبات دولية عليها منذ عام 2009.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ثم كانت المحطة الثالثة في هذه المصالحات ما عرف باتفاق أسمرة (عاصمة إرتيريا) بين إثيوبيا والصومال وإريتريا، لتعزيز التعاون واحترام سيادة كل دولة، وتجنب دعم المعارضة في أي منها. وأخيراً، التطبيع بين إرتيريا وجيبوتي بوساطة إثيوبيا، بعد خلاف حدودي دام أكثر من عقد.

يُذكر أن هذه التطورات ارتبطت بوصول أبي أحمد إلى الحكم في إثيوبيا، وسعيه إلى تصفير المشكلات الخارجية، للتفرغ للمشكلات الداخلية، لا سيما أن فترة حكمه قصيرة، وتستمر حتى الانتخابات المقبلة في 2020.

وتنعكس هذه الاتفاقات إيجاباً على اقتصاد إثيوبيا، مع تنشيط التبادل التجاري بينها وبين الخارج عبر منافذ جيبوتي والصومال والسودان وإريتريا.

الخرطوم خاسرة

ومن الانفراجات، خروج إريتريا من عزلتها، وتخلي إريتريا عن دعم حركة شباب المجاهدين الصومالية، وتخلي إثيوبيا عن السعي إلى إضعاف الحكومة المركزية في الصومال كي لا تطالب بإقليم أوغادين الذي تتنازع عليه الدولتان.

ويعتقد عدد من الدبلوماسيين الأفارقة في الخرطوم، أن من أسباب التوتر بين السودان وإرتيريا هو أن الخرطوم تُعد الخاسرة الأكبر من المصالحات. ويذكّر هؤلاء بفشل وساطة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لإقناع الرئيس الإرتيري أفورقي بمصالحة البشير. وقد وجدت إرتيريا بديلاً من السودان في الاستيراد بعدما كانت تعتمد عليه لفترة طويلة.

ويعتبر الخبير في شؤون القرن الأفريقي عبدالوهاب الطيب أن المتضرر الأول من إغلاق الحدود بين السودان وإريتريا هو سكان المنطقة، حيث توجد قبائل مشتركة وتداخل اجتماعي. ويرى أن إغلاق الحدود لم يوقف الحركة التجارية فحسب، بل كان مرهقاً أمنياً وعسكرياً أيضاً. ويقول إن الدولتين تحيط بهما دول مأزومة، وتحسّن علاقاتهما يفتح الباب لدخول السودان مصالحات القرن الأفريقي، ويوفّر فرصة لتعاون أمني واقتصادي.

قفز على الوساطة

وعلمت "اندبندنت عربية" أن الفترة الماضية شهدت تحركات سرية بين الخرطوم وأسمرة، لعبت فيها قيادات قبلية وسياسية تربطها صلات قربى مع الرئيس الإرتيري دوراً بارزاً، ومكث مساعد الرئيس السوداني موسى محمد أحمد في إرتيريا نحو شهر في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، لتقريب المواقف بين البلدين وتسوية الخلافات.

واعتبر مراقبون خطوة البشير إعادة فتح الحدود مع إريتريا "قفزاً فوق الحواجز" وعدم انتظار نتائج الوساطة الإثيوبية.

المزيد من العالم العربي