ملخص
عقدت اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني السوري اجتماعات في حمص واللاذقية وطرطوس ودمشق، وتواصل اللقاءات ببقية المدن، ووضعت معايير عدة منها عدم إشراك أي تنظيمات مسلحة، وضرورة إشراك المرأة السورية بناء على الكفاءة، وستقدم اللجنة في نهاية عملها توصيات لا قرارات.
بعد أسابيع قليلة من سقوط نظام الأسد في سوريا، جرى إعلان مؤتمر وطني في سوريا لمناقشة مستقبل البلاد السياسي والخروج بحكومة سورية جديدة تلبي تطلعات الشعب السوري بالحرية والكرامة، إلا أن هذا المؤتمر لم ير النور حتى الآن، وتأجل أكثر من مرة بهدف أن يكون شاملاً وجامعاً.
في الـ12 من فبراير (شباط) 2025، أعلنت رئاسة الجمهورية العربية السورية أسماء لجنة التحضير لمؤتمر الحوار الوطني، إذ أفادت الرئاسة في بيان لها بتشكيل اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، مشيرة إلى أن أعضاء اللجنة هم: حسن الدغيم وماهر علوش ومحمد مستت ومصطفى الموسى ويوسف الهجر وهند قبوات وهدى الأتاسي، مضيفة بأن اللجنة تقر نظامها الداخلي وتضع معايير عملها بما يضمن نجاح الحوار الوطني، لافتة إلى أن عمل اللجنة ينتهي بمجرد صدور البيان الختامي للمؤتمر.
بعد إعلان تشكيلها، عقدت اللجنة مؤتمراً صحافياً في العاصمة السورية دمشق، وخلال المؤتمر قال المتحدث باسم اللجنة حسن الدغيم إن اللقاءات المكثفة بين القيادة والوفود الشعبية شكلت الأرضية التي تتوج اليوم ببدء الأعمال التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، مشيراً إلى أن اللجنة بدأت أعمالها مستندة إلى المرحلة السابقة ومستلهمة منها في إعداد الآليات المتعلقة بإدارة المضامين أو الإدارة التقنية، وأضاف أنه "عندما تنضج عملية التواصل وإعداد الأوراق الأولية للتنفيذ، ستتم الدعوة إلى مؤتمر الحوار الوطني، وأن كل سورية أو سوري وطني هو عضو في الحوار الوطني من حيث المبدأ".
"مسد" خارج المعادلة
على الفور بدأت اللجنة جولاتها في المحافظات السورية، فعقدت اجتماعاً في حمص وآخر في اللاذقية، وما تزال حتى اليوم تواصل عملها، لكن في المقابل رفضت ما تسمى "الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا" شكل اللجنة، معتبرة أنها "لا تمثل جميع السوريين ولا تلبي تطلعاتهم، وإعلانها يدل على معايير الحصر، وتوجه خاطئ ينم عن سوء تقدير للواقع السوري، ويعكس قصوراً واضحاً في عملية التحول الديمقراطي لسوريا الجديدة"، كما اتهمت الإدارة الذاتية اللجنة بأنها "اتخذت التهميش وحالة الانغلاق من دون مرونة، وذلك يهدد بإعادة الأمور نحو النظام المركزي القديم، وهذا ما لا نأمله ولا نفضله في شمال شرقي سوريا"، وفق البيان.
تعليقاً على عدم مشاركة الإدارة الذاتية، أو ما يسمى "مجلس سوريا الديمقراطية / مسد"، يقول الباحث السياسي مؤيد غزلان قبلاوي إن "اللجنة لم تشمل ’مسد‘، لأنها ذراع مدنية لجسد عسكري، ومؤتمر الحوار الوطني هو مؤتمر مدني لا تمثله المرجعيات المدنية ذات الخلفية العسكرية، أما بالنسبة إلى اعتراض ’مسد‘ على اللجنة فإن هذا لن يؤثر في عملها، لأن هناك مكونات كردية أخرى غير ’قسد‘ و’مسد‘ مثل ’المجلس الوطني الكردي‘ وغيره من المكونات الكردية، ومن جانب آخر فإن المؤتمر لن يدعو تيارات بصفتها وكينونتها، بل سيدعو أفراداً، إذ جرى الحديث مع أفراد من ممثلين سياسيين بعضهم ما يزال في المجلس الوطني الكردي".
مشاركة كردية فعالة
يضيف قبلاوي الذي كان شارك ببعض اجتماعات اللجنة، "كانت هناك تفاعلات إيجابية حول القضايا الحساسة التي ستناقش خلال الحوار الوطني، منها قضية الاندماج في وزارة الدفاع وقضية الدستور وقضية الرؤية الاقتصادية للبلاد والعقوبات وغيرها، وطلب من الأشخاص الذين اجتمعت معهم اللجنة بأن يقوموا بإعطاء ممثلين عن الشعب الكردي من مختلف الفئات، بمشاركة المرأة والنقابات والأكاديميين، وحتى الناشطين والمؤثرين في الساحة الكردية".
ويؤكد الباحث السياسي السوري أن "عمل اللجنة مستقل، ولا يوجد تأثير فيه، ولا يوجد أي إيعازات لها من أي قبيل، إذ إن اللجنة هي التي تضع البرنامج ومحاور النقاشات مع كل محافظة، وهي التي تأخذ التوصيات من المشاركين وممثلي المحافظات، وشهدنا خلال الاجتماعات التي جرت في مدينة حمص حضوراً كبيراً ولافتاً للغاية"، ولدى سؤاله عن أبرز النتائج التي حققتها اللجنة حتى الآن، يقول قبلاوي إن "النتائج تحتاج لأيام عدة أخرى كي تظهر، وذلك بعد أن تسمي المحافظات والمناطق ممثليها في مؤتمر الحوار، وما جرى حتى الآن هو تمهيد مهم لمؤتمر الحوار الوطني، واللجنة تحتاج إلى جولات أخرى، علماً أن نتائج عمل اللجنة سينتهي بتقديم توصيات نهائية وليس قرارات".
الأول منذ 75 عاماً
رئيس لجنة الحوار الوطني ماهر علوش قال إن "سوريا تمر بمحطة مفصلية تتطلب من الجميع تحمل المسؤولية الوطنية لإيجاد حلول لمختلف القضايا المطروحة، ومؤتمر الحوار الوطني يهدف إلى الاستماع إلى آراء المواطنين واقتراحاتهم حول القضايا الوطنية، مع تحويل هذه الأفكار إلى ورش عمل فعلية لضمان تفاعل حقيقي بين مختلف فئات المجتمع"، وأشار علوش إلى أن "السوريين لم تتح لهم فرصة الحوار المباشر منذ 75 عاماً، وهذا المؤتمر يشكل فرصة تاريخية لتجاوز الماضي والمشاركة في صياغة مستقبل البلاد بصورة فاعلة". ولمزيد من التفاصيل حول آلية عمل اللجنة، أوضح المتحدث باسم اللجنة التحضيرية حسن الدغيم أن "المجموعات المسلحة والتشكيلات العسكرية لن تشارك في المؤتمر، لأنها تتعارض مع طبيعة الحوار، الذي يعد منصة ترفض الانقسامات الطائفية والإثنية، وتقوم على مبدأ المواطنة، كما أن المؤتمر هو حوار وطني، وليس استعراضاً للقوة العسكرية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الدغيم أشار أيضاً إلى أن "موعد انعقاد المؤتمر متروك للنقاش مع المواطنين وزيارة المحافظات والاطلاع على مختلف الرؤى وتقديم أوراق العمل، وعندما تكتمل هذه المراحل سيتم تحديد موعد الانطلاق. كما أن المؤتمر سيرفع توصياته إلى رئاسة الجمهورية، التي ستتولى تنفيذها". ولفت إلى أن مشاركة المحافظات في المؤتمر ستتم بعد الاجتماع بالمواطنين في كل محافظة للوقوف على خصوصياتها، واختيار الشخصيات الوطنية القادرة على تمثيل مصالحها، كما أن "اللجنة لن تسعى إلى تطييف المجتمع أو فرض المحاصصة الطائفية، لكنها ستراعي هذا التنوع، ويتركز عملها على إدارة الحوار الوطني، ومساعدة المواطنين في الوصول إلى النتائج المرجوة، وينتهي دورها بمجرد صدور البيان الختامي لها".
تأكيد دور المرأة
المتحدث باسم اللجنة قال أيضاً إن القضايا التي "ستناقش في المؤتمر ستحدد من خلال تبادل وجهات النظر وزيارات المحافظات وترتيب أوراق العمل، إذ إن البلاد بعد تعطيل دستور 2012 بحاجة إلى ملء الفراغ الدستوري من خلال إعلان دستوري". أما بخصوص عدد المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني، فأوضح الدغيم أن "ذلك متروك للنقاش العام وستكشف عنه الأيام، وستكون المعايير الوطنية والنزاهة هي المحدد الأساس في اختيار الشخصيات، ولن يسمح بمشاركة الشخصيات التي أيدت القتل وإلقاء البراميل المتفجرة، كما أن الطائفة الأسدية لا مكان لها إلا في محاكم العدالة، في المقابل سيكون للمرأة السورية دور في المؤتمر، وذلك بناء على معايير الكفاءة".
من جانب آخر أفادت وكالة الأنباء السورية "سانا"، بأن "جلسات حوارية عقدت في مدينتي طرطوس ودمشق بحضور شخصيات سياسية وإعلامية"، وأضافت الوكالة أن "الجلسة الحوارية في طرطوس شهدت مشاركة ممثل الشؤون السياسية في طرطوس واللاذقية إياد هزاع، إلى جانب عدد من الخبراء والشخصيات المحلية"، وأضافت أنه أيضاً "في دمشق، نظمت اللجنة جلسة حوارية مع الإعلاميين في مبنى وزارة الإعلام، إذ ناقش الحضور محاور تتعلق بمستقبل العملية السياسية ومسارات الحوار الوطني". وبحسب مصادر "اندبندنت عربية"، فإن الجلسة التي نظمت في دمشق ترأسها المتحدث باسم اللجنة التحضيرية حسن الدغيم وناقشت قضايا عدة، منها "ضرورة مشاركة جميع السوريين في صنع القرار".