Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماسك ينفي محاولته السيطرة على الحكومة لكن المؤسسات تترنح

لقد شاهد كثر بشيء من الرعب كيف فتك الملياردير بمكاتب حكومية مختلفة

إيلون ماسك ودونالد ترمب شريكان في هذه المؤامرة (أ ب)

ملخص

بدعم من ترمب يوسع إيلون ماسك نفوذه داخل مؤسسات الحكومة الأميركية، مما يهدد البيروقراطية والاستقرار السياسي، ويؤدي هذا الاستيلاء إلى قرارات كارثية وتقويض المساءلة وتعزيز الفساد، إذ تُمنح الامتيازات بناء على الولاء بدلاً من المصلحة العامة، مما يعرض الديمقراطية للخطر.

لقد شاهد كثير من الأميركيين، وهم يشعرون بشيء من الرعب، كيف سُمح لإيلون ماسك، وهو أغنى شخص في العالم، باقتحام مختلف مؤسسات الحكومة الأميركية خلال الأسابيع الأخيرة. بدعم من الرئيس دونالد ترمب ومساندة فريق صغير من المخلصين نجح الملياردير في فرض حصار على البيروقراطية الفيدرالية الضخمة في أميركا.

والثلاثاء الماضي وقّع ترمب على أمر تنفيذي يمنح ماسك مزيداً من السلطات، إذ يُلزم الوكالات الفيدرالية بالتعاون مع "وزارة الكفاءة الحكومية" (المعروفة اختصاراً باسم دوجه DOGE) من أجل خفض مستويات التوظيف وتقييد التعيينات الجديدة.

وفي أول تصريح أدلى به لوسائل الإعلام منذ انضمامه إلى إدارة ترمب كموظف حكومي "خاص"، رد ماسك على الانتقادات التي تصفه بأنه يقود "استيلاء عدائياً" على الحكومة الأميركية وقال "لقد صوّت الناس لمصلحة إصلاح حكومي جذري، وهذا ما سيحصلون عليه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن هل تشبه تحركات ماسك "استيلاء عدائياً" على الحكومة أو حتى انقلاباً؟ أرى أنها أقرب إلى شكل من "الاستيلاء على الدولة"، وإليك ما يعنيه ذلك.

إنه ليس انقلاباً أو انقلاباً ذاتياً

تحت ذريعة رفع مستوى الكفاءة الحكومية وزيادة انتاجيتها إلى الحد الأقصى، مُنحت وزارة الكفاءة الحكومية قدراً كبيراً من القوة فقد

•  اخترقت النظام الضخم المسؤول عن جميع المدفوعات الحكومية كافة تقريباً.

•  انتهكت قواعد البيانات الحساسة والسجلات الطبية الخاصة.

•  تحايلت على متطلبات تضارب المصالح والشفافية الروتينية.

•  فككت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID.

•  حصلت على حق الوصول إلى أنظمة الكمبيوتر الخاصة في عدد من الوكالات الفيدرالية.

إن الحرب الخاطفة التي شنها ماسك في أنحاء واشنطن والتي جرى تنفيذها في مخالفة واضحة لعدد من القوانين الفيدرالية، لم تثر الارتباك وحسب، بل وكان تفسيرها يمثل تحدياً صعباً.

الحجة الرائجة التي يدعمها بعض المؤرخين والمعلقين هي أن تصرفات ماسك ترقى إلى منزلة الانقلاب، ويزعم هؤلاء أن هذا ليس انقلاباً بالمعنى الكلاسيكي لوضع اليد على مراكز القوة المادية، بل هو استيلاء على البنية التحتية الرقمية من قبل مجموعة غير منتخبة تسعى إلى التخلي عن الممارسات الديمقراطية والاعتداء على حقوق الإنسان.

ومع ذلك فإن هذا المصطلح ليس صحيحاً من الناحية الفنية، والتعريف الأكثر قبولاً للانقلاب هو "محاولة صريحة من قبل المؤسسة العسكرية أو النخب الأخرى داخل جهاز الدولة لخلع رئيس الدولة الحالي باستخدام وسائل غير دستورية".

وبما أن ماسك وترمب شريكان في هذه المؤامرة، فمن الواضح أن ملياردير التكنولوجيا لا يحاول عزل الرئيس عن طريق العنف.

ثمة تفسير آخر محتمل مفاده أن هذا انقلاب ذاتي، ويصف هذا [التفسير] وضعاً يعمد فيه "الزعيم الوطني الحالي إلى اتخاذ إجراءات غير مشروعة حاسمة ضد المؤسسات والنخب المعاكسة من أجل إدامة سلطة الرئيس".

في ديسمبر (كانون الأول) الماضي حاول الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول شن انقلاب على نفسه عندما أعلن الأحكام العرفية لحماية البلاد ظاهرياً من قوى المعارضة، وسرعان ما تراجع عن قراره وسط انشقاقات في أوساط النخبة رافقتها تظاهرات عامة حاشدة.

وعلى رغم أن الانقلابات الذاتية أصبحت أكثر شيوعاً فإن ماسك، وليس ترمب، هو من يقوم بالعمل القذر في الولايات المتحدة، كما أن الهدف الرئيس لماسك، وهو البيروقراطية، لا يعادل من الناحية النظرية السلطة الرئاسية (باستثناء ما يقال في نظريات المؤامرة).

ما هو "الاستيلاء على الدولة"؟

بصورة أكثر دقة يرقى الحصار الذي يفرضه ماسك إلى شكل من أشكال "الاستيلاء على الدولة"، وهذا يشير إلى "استحواذ أطراف سياسية على موارد الدولة لتحقيق غاياتهم هم، سواء كانت خاصة أو سياسية".

وبهذا المنطق قد يكون هدف ماسك الاستيلاء على أجزاء مختلفة من الحكومة الأميركية وتحويل الدولة إلى أداة للإثراء.

إن الاستيلاء على الدولة هو عملية بسيطة نسبياً ولكنها مدمرة للغاية، وقد حدث هذا في دول مثل إندونيسيا والمجر ونيجيريا وروسيا وسريلانكا وجنوب أفريقيا (مسقط رأس ماسك)

أولاً، تكتسب النخب في عالمي السياسة والشركات السيطرة على المؤسسات الرسمية وأنظمة المعلومات وعمليات صنع السياسات البيروقراطية، ثم يستخدمون هذه القوة لتطبيق القواعد بصورة انتقائية، واتخاذ قرارات متحيزة وتخصيص الموارد على أساس المصالح الخاصة (بدلاً من المصلحة العامة).

في الدول التي جرى الاستيلاء عليها غالباً ما يستخدم الزعماء الأقوياء السياسة الاقتصادية والقرارات التنظيمية بهدف مكافأة أصدقائهم السياسيين، فعلى سبيل المثال ساعد رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الجنوب أفريقي السابق جاكوب زوما حلفائهم من خلال:

•  اتخاذ قرارات حكومية لمكافحة الاحتكار.

•  إصدار التصاريح والتراخيص.

•  منح العقود الحكومية والامتيازات.

•  التنازل عن القواعد التنظيمية أو الرسوم الجمركية.

•  منح وضع الإعفاء الضريبي.

إن الاستيلاء على الدولة هو في الأساس عملية افتراس [أو ابتلاع لأجهزتها] ومن خلال السيطرة على الطريقة التي تدير بها الحكومة الأميركية أعمالها، ربما يسعى ماسك إلى إثراء شبكة صغيرة ولكن قوية من الحلفاء.

إن المستفيد الأول من هذا هو ترمب، ولا سيما أنه ليس غريباً على استخدام منصبه من أجل توسيع إمبراطورية أعمال عائلته، ومع تحقيق السيطرة بصورة كاملة على الدولة يمكن لترمب أن يتولى دوراً نشطاً في تحديد كيفية توزيع الثروة العامة بين النخب التجارية والسياسية، وغالباً ما تسير هذه القوة في اتخاذ القرار جنباً إلى جنب مع الأنظمة "الشخصية"، إذ يكون كل شيء بمثابة مبادلات تجارية مع الزعيم.

إن المستفيد الثاني هو ماسك نفسه وغيره من عمالقة مليارديرات وادي السيليكون الكبار الذين خضعوا لترمب، ومن خلال تقديم شركاتهم التكنولوجية كمصدر للحلول لجوانب الخلل المزعوم في [عمل] الحكومة الفيدرالية، وبخاصة عندما يتعلق الأمر باستخدام الذكاء الاصطناعي، فإن من المنتظر أن يؤمن هؤلاء العقود المربحة التي تمنحها الدولة "الجديدة".

أما المستفيد الثالث فهو الجيش الصغير من المهندسين والفنيين الذين يعملون مع ماسك لقلب الحكومة الأميركية، وباعتبار أن هؤلاء هم العاملون المخلصون الذين يقارعون الصعاب ويكافحون باجتهاد سيجري تعويضهم بالترقية الوظيفية والمكاسب المالية وفرص التواصل مع التمتع بالإفلات من العقاب القانوني، وهذا النوع من المقايضة هو الطريقة التي تعمل بها الأنظمة الاستبدادية.

ماذا يمكن أن يعني هذا بالنسبة إلى الولايات المتحدة؟

مع استمرار ماسك في هجومه على البيروقراطية الفيدرالية سيعاني الشعب الأميركي العواقب.

إن التأثير الأكثر مباشرة الناجم عن الاستيلاء على الدولة يتمثل في اتخاذ قرارات أسوأ، فمن خلال تطهير المؤسسات من الموظفين المدنيين من أصحاب الخبرة وإلغاء العقود الحكومية والوصول إلى أنظمة المعلومات الحساسة، من المرجح أن تؤدي تصرفات ماسك إلى تدهور مستوى المعيشة في الداخل وتعريض حياة الأميركيين إلى الخطر في الخارج.

ويؤدي الاستيلاء على الدولة أيضاً إلى قدر أقل من المساءلة في ما يتعلق بقرارات السياسة العامة لإدارة ترمب، ومع الافتقار إلى الرقابة من قبل الكونغرس والجهات المستقلة فإن هناك احتمال أن تتخذ القرارات الرئيسة في شأن توزيع الفوائد الاقتصادية بصورة غير رسمية خلف وتحت الطاولة.

وأخيراً، لا يمكن فصل الاستيلاء على الدولة عن الفساد، فقد يصبح التعامل مع الحكومة الفيدرالية الأميركية قريباً مشروطاً باجتياز "اختبار الولاء" بدلاً من استيفاء معايير المصلحة العامة.

وفي هذه البيئة سيواجه أعداء ترمب مزيداً من العقبات، بينما سيحصل حلفاؤه على مقعد على طاولة صنع القرار.

 

لي مورغنبيسر أستاذ مشارك في كلية الحكومة والعلاقات الدولية في جامعة غريفيث

أعيد نشر هذه المقالة من موقع "كونفرسيشن" اقرأ المقالة الأصلية

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل