ملخص
يمثل هذا التحول انعكاساً جذرياً للاتجاه الذي ساد خلال الأعوام القليلة الماضية إذ جذبت الهند الاستثمارات بعيداً من الصين
أسهم الاختراق الذي حققته شركة "ديب سيك" في مجال الذكاء الاصطناعي في إعادة توجيه تدفقات صناديق الأسهم نحو الصين بعدما كانت متجهة إلى الهند.
وتتدفق صناديق التحوط إلى الأسهم الصينية بأسرع وتيرة منذ أشهر، مدفوعة بموجة تفاؤل حول الطفرة التكنولوجية التي تقودها "ديب سيك"، إلى جانب الآمال في مزيد من التحفيز الاقتصادي، في المقابل تشهد الهند نزوحاً قياسياً لرؤوس الأموال وسط مخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي الكلي وتراجع أرباح الشركات وارتفاع تقييمات الأسهم.
وأضافت الأسواق الصينية، سواء المحلية أو الخارجية، أكثر من 1.3 تريليون دولار إلى قيمتها الإجمالية خلال الشهر الماضي فحسب، مدفوعة بإعادة تخصيص رؤوس الأموال، في حين فقدت السوق الهندية أكثر من 720 مليار دولار، ويتجه مؤشر (MSCIChina) لتسجيل أداء يفوق نظيره الهندي للشهر الثالث على التوالي، في أطول سلسلة مكاسب نسبية منذ عامين.
وقال المتخصص في محافظ الأسهم الآسيوية لدى "إيستسبرينغ إنفسامنت"، كين وونغ، لـ"بلومبيرغ"، إن "ديب سيك" أثبتت أن "الصين لديها شركات تشكل جزءاً حيوياً من منظومة الذكاء الاصطناعي ككل"، وأوضح أن شركته زادت من حيازاتها في أسهم الإنترنت الصينية خلال الأشهر الماضية، في حين قلصت استثماراتها في الأسهم الهندية الأصغر التي ارتفعت قيمتها بصورة تتجاوز مضاعفات التقييم.
ويمثل هذا التحول انعكاساً جذرياً للاتجاه الذي ساد خلال الأعوام القليلة الماضية، إذ جذبت الهند الاستثمارات بعيداً من الصين، وكان ذلك مدفوعاً بطفرة الإنفاق على البنية التحتية في الهند وإمكاناتها كبديل تصنيعي للصين، وعدت الهند ذات التوجه المحلي ملاذاً نسبياً في مواجهة خطط دونالد ترمب المتعلقة بالرسوم الجمركية.
الصين ودفع ثورة الذكاء الاصطناعي
ويبدو أن الصين تستعيد جاذبيتها الاستثمارية من خلال إعادة تقييم شاملة لقابليتها للاستثمار، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، فبعدما أثارت حملات القمع التنظيمية قلق المستثمرين في الأعوام الأخيرة، تشير التطورات الأخيرة إلى أن بكين قد تؤدي دوراً محورياً في دفع ثورة الذكاء الاصطناعي، ويعزز هذه الفرضية دعوة كبار قادة البلاد رواد الأعمال البارزين، بمن فيهم المؤسس المشارك لمجموعة "علي بابا القابضة المحدودة"، جاك ما، مما يعكس تحولاً في نهج الحكومة تجاه القطاع الخاص.
وقال مدير الصندوق في "كاندريام" فيفيك داوان، إن التطورات المرتبطة بمشروع "ديب سيك" من المرجح أن تسهم في تعزيز الاقتصاد الصيني وأسواقه، مما يوفر دفعة أوسع نطاقاً، وأضاف "إذا جمعنا كل العناصر معاً تصبح الصين أكثر جاذبية من الهند في الوضع الحالي، استناداً إلى مبدأ المخاطرة مقابل العائد".
ويعزز فارق التقييم أيضاً جاذبية السوق الصينية، إذ يُتداول مؤشر (MSCIChina) عند 11 ضعفاً فقط لتقديرات الأرباح المستقبلية، مقارنة بنحو 21 ضعفاً لمؤشر (MSCIIndia).
يظهر تحليل لبيانات "بلومبيرغ" حول التخصيصات الإقليمية لبعض أكبر صناديق الأسهم الآسيوية النشطة أن معظمها قلل من تعرضه للأسهم الهندية في الأشهر الأخيرة، مقابل زيادة مخصصاته للأسهم الصينية.
وعلى رغم أن "ديب سيك" ساعد في تسريع التدفقات إلى الصين، فإن الإعلانات المرتقبة عن مزيد من التحفيز الصيني تظل عاملاً مهماً أيضاً، وفقاً لرئيس الأسهم الآسيوية في "مان غروب" أندرو سوان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال سوان "نعتقد أن السياسة ستتحول الآن نحو دعم الاستهلاك، مع محاولة مستهدفة لتشجيع مستويات الادخار المرتفعة حالياً"، ورفع صندوق "مان آسيا للأسهم اليابانية"، الذي يديره، تعرضه للأسهم الصينية إلى 40 في المئة من 30 في المئة العام الماضي، بينما خفض استثماراته في الهند إلى 18 في المئة من 21 في المئة.
تدفقات الصناديق
ومن غير المرجح حدوث انعكاس كامل في تدفقات الصناديق، إذ يرى المتفائلون في سوق الأسهم الهندية، بما في ذلك "مورغان ستانلي"، أن التصحيح الأخير قد يكون مبالغاً فيه، وأن قصة النمو الطويلة الأجل للهند لا تزال سليمة.
في الوقت نفسه عززت الرسوم الجمركية الإضافية بنسبة 10 في المئة التي فرضها ترمب على الصين موقف "أموندي أس أي" (إدارة أصول فرنسية تحت الإدارة بقيمة 2.3 تريليون دولار بحلول عام 2024)، المحايد تجاه الأسهم الصينية، وفقاً لاستراتيجي الاستثمار الكبير في آسيا، أيدان ياو، الذي قال "في حين أن الهدنة ممكنة مع تقارب الجانبين في محادثات التجارة، فإن الديناميكيات الخارجية ستظل سائلة وستشكل تحدياً للصين في المستقبل المنظور".
وهناك أيضاً تشكك بين المتداولين الذين تضرروا من فشل ارتفاعات الصين في الماضي، وأشار البعض إلى التداول المزدحم والتقييمات المتزايدة كسبب للحذر.
وترى كبيرة مسؤولي الاستثمار في شركة "نان فونغ ترينيتي هونغ كونغ المحدودة"، هيلين تشو، عدم اليقين في شأن ما إذا كان من الممكن تكرار نجاح الذكاء الاصطناعي لشركة "ديب سيك"، وقالت "في نهاية المطاف لا تعرف حقاً ما فرص تحقيق الدخل المحتملة على المديين المتوسط والطويل".
مع ذلك هناك ضجة ملموسة حول "عودة الصين" في الأسواق أخيراً، إذ تستمر الإيجابيات في التراكم، مع إضافة "علي بابا" 100 مليار دولار إلى القيمة السوقية على مدى الأسابيع الخمسة الماضية، ودخول مؤشر "هانغ سنغ" للتكنولوجيا سوقاً صاعدة.
وقالت مديرة المحافظ في شركة "مانوليف لإدارة الاستثمار"، نيكول وونغ، لـ"بلومبيرغ" "كانت أخبار ديب سيك بمثابة حافز جيد التوقيت ومؤثر تمكن المشاركون في السوق من بناء قضية لإعادة الدخول إلى الأسواق الصينية... من الناحية التكتيكية نعتقد أنه من المنطقي الاستفادة من هذا الزخم".