ملخص
مصر تدرك أن إعادة الإعمار وحدها هي الكفيلة بتشكيل حائط صد مدعوم من البلدان العربية والأوروبية وغيرها من الدولة المحبة السلام والساعية لاستقرار الأوضاع في الشرق الأوسط، والبحث عن حلول تتفق مع مخرجات وقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني
في وقت يترقب الجميع ملامح المشروع المصري لإعادة إعمار قطاع غزة الذي دمرته الحرب الإسرائيلية، يتساءل كثر حول ما إذا كان التصور المصري سيكبح خطط الرئيس الأميركي دونالد ترمب الرامية إلى تهجير فلسطينيي القطاع إلى مصر والأردن والسيطرة عليه بشكل دائم، وهو الأمر الذي أثار موجة استنكار وإدانة واسعة حول العالم.
وفي ذلك يقول مساعد وزير الخارجية المصري السابق السفير محمد حجازي "مصر تبنت منذ بداية اندلاع الأحداث في السابع من أكتوبر (تشرين الثاني) 2023 موقفاً جاداً وصلباً يتفق مع الشرعية الدولية، ويرفض التهجير القسري بوصفه جريمة حرب لا يمكن أن تشارك فيها مصر أو تتركها تحدث بالمخالفة للقانون الدولي". مضيفاً في مقابلة صوتية مع "اندبندنت عربية" أن "مصر تدرك أن إعادة الإعمار وحدها هي الكفيلة بتشكيل حائط صد مدعوم من البلدان العربية والأوروبية وغيرها من الدولة المحبة للسلام والساعية لاستقرار الأوضاع في الشرق الأوسط، والبحث عن حلول تتفق مع مخرجات وقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومن خلال حملة دبلوماسية صاحبت المواجهات منذ السابع من أكتوبر 2023، نظمت مصر المؤتمر الدولي للسلام وانطلقت بعدها في حملة تفاوض ماراثونية بالشراكة مع قطر والولايات المتحدة، أسهمت في التوصل بعد 15 شهراً لاتفاق هدن تخللت مرحلته الأولى بعض المعوقات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق حجازي فقد "تقدّمت مصر بخطة لإعادة إعمار غزة خلال المؤتمر الذي عقد منذ أسابيع قليلة في القاهرة، وكان معبّراً عن توافق الجهود المصرية مع الجهود الأممية، إذ كان الأمين العام للأمم المتحدة من خلال نائبته شريكاً لوزير الخارجية المصري في إدارة جلسات هذا المؤتمر الذي شاركت فيه أيضاً منظمة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) وخرج عنه اتفاق حول أهمية الإسراع بعملية إعادة إعمار غزة، ومن ثم فالقاهرة حريصة على أن تقدم خطتها التي تبدأ بالمساعدات الإنسانية العاجلة، لا سيما بعد توقف إسرائيل عن الالتزام ببعض بروتوكولها الإنساني المشكل للمرحلة الأولى لاتفاق تبادل الأسرى والرهائن واتفاق وقف إطلاق النار، والانتقال بعد مرحلة الإغاثة العاجلة إلى مرحلة إعادة الإعمار والتعامل مع البنى التحتية المهدمة عن آخرها، مع إبقاء الشعب الفلسطيني على كامل أرض وتراب غزة، إضافة إلى العمل بأقصى الطاقة وبأسرع وقت للتنفيذ وتحقيق هذا الهدف".
ويتابع حجازي "ثم الانتقال بعد ذلك إلى الاجتماع المهم الذي سيعقد في الرياض والذي ستعرض مصر فيه خطتها على كل من السعودية والأردن والإمارات والبحرين وقطر"، مضيفاً "تنتقل مصر بعد ذلك إلى القمة العربية ليكون مشروعاً عربياً موحداً تحمله مصر وقيادتها السياسية إلى واشنطن، وتلك هي رؤية مصر في شأن خطة إعادة الإعمار التي ترى أنها أيضاً لا بد من أن تسير مع تطبيق اتفاق الهدنة أو اتفاق وقف إطلاق النار واحترامه بوصفه أحد مكتسبات العمل الدبلوماسي المصري والقطري والأميركي المكثف، الذي أسفر عن التوصل إلى هذا الاتفاق المهم الذي يجب أن تتضافر الجهود لحمايته، ودفع حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل إلى تنفيذ بنوده حتى يتسنى إطلاق أفق سياسي خلال المرحلة التالية من خلال المؤتمر ربما الذي ستدعو إليه فرنسا والسعودية في الـ 25 من يونيو (تموز) المقبل، وعلى أية حال فالخطة المصرية بمراحلها العاجلة ومرحلة إعادة الإعمار وإطلاق أفق سياسي تمثل حائط الصد ضد الأطماع الإسرائيلية، ومواجهة أية ادعاءات أو تصريحات تطلقها الإدارة الأميركية أو الرئيس ترمب في شأن التهجير القسري المدان عالمياً ولا يمكن القبول به".
وحتى اللحظة تحاول القاهرة لملمة خياراتها للتعاطي مع جموح سياسات الرئيس العائد للبيت الأبيض والمغايرة لما استقرت عليه السياسة الأميركية طوال عقود ماضية، وعينها على أخطار توتر العلاقات مع واشنطن في وقت تتشدد برفض أية خطة لتهجير أو نقل الفلسطينيين من غزة، إذ تعتبر القاهرة ذلك تهديداً خطراً لأمنها القومي بما يتضمنه من احتمالات لتفشي التطرف وتوفير ذريعة لهجمات إسرائيلية مستقبلية، فضلاً عن كونه ظلماً تاريخياً للفلسطينيين لن تشارك فيه، وينذر بتصفية قضيتهم للأبد.
Listen to "هل تكبح "إعادة إعمار" غزة مخطط التهجير؟" on Spreaker.