ملخص
تعيش إيناس مستضافة عند جيرانها في خيمة مهترئة، كل ما تطالب به هو إيواء مناسب، وتندب حظها على عدم حصولها على خيمة. "اندبندنت عربية" وقفت على تفاصيل حاجة غزة إلى الخيام والمأوى.
فوق أنقاض بيتها تقف إيناس حائرة وعاجزة عن استصلاح أي غرفة من الركام، تقول "أطالب بخيمة فقط"، إذ تعيش المرأة برفقة أسرتها كضيفة عند معارفها في إيواء بالي لا يحميها من برد ومطر الشتاء، ولا إيواء لها نهائياً.
عندما عادت إيناس إلى شمال غزة بعد نزوح قسري في المنطقة الإنسانية جنوب القطاع، وجدت منزلها مدمراً بالكامل، فقالت "وجدت بيتي حجارة متناثرة فقط، وحاولت استصلاح غرفة لنعيش فيها لكن للأسف كل شيء خراب".
تندب حظها
لا خيمة لدى إيناس تعيش فيها بدلاً من منزلها الذي سحقته إسرائيل في حربها ضد حركة حماس، واضطرت السيدة الطلب من جيرانها العيش معهم في خيمتهم البالية المهترئة بفعل العوامل الجوية، مؤكدةً في الوقت ذاته أن ذلك ليس حلاً، وكل أملها حالياً هو أن تحصل على مأوى تعيش فيه.
كئيبة إيناس لدرجة أنها تقول "لا أريد طعاماً ولا شراباً ولا أي شيء آخر، أطلب فقط خيمة أعيش فيها مع أبنائي". وباجتهاد حاولت السيدة التواصل مع المؤسسات الدولية للحصول على إيواء، وجاء الرد "عندما تسمح إسرائيل بدخول الخيام لك الأولوية" فلا مأوى في غزة.
تندب السيدة حظها "كانت لنا بيوت جميلة، والحرب حرمتنا منها، أقصى طموحي اليوم هو أن أحصل على خيمة، أو حتى بيت متنقل، أي كرفان لا أحلم به، هذه الحرب جعلتنا نعيش حياة بدائية وقبلنا بها، لكن هي لم تقبل بنا وتجعلنا نعاني".
الحصول على مأوى أمر معقد
تعد إيناس وأبنائها واحدة من آلاف الأسر الذين يحتاجون بشكل فوري إلى مأوى محرومين منه، وتنتظر على أحر من الجمر بدء إسرائيل بإدخال الخيام والبيوت المؤقتة المتنقلة "الكرفانات" لقطاع غزة، تطبيقاً للبروتوكول الإنساني الذي تضمنه اتفاق وقف إطلاق النار.
في الواقع، يعد الحصول على مأوى أمر صعب جداً في غزة، إذ دمرت إسرائيل في حربها على القطاع نحو 79 في المئة من مسكان غزة، وبات الجميع يبحث عن خيام أو "كرفانات" للعيش فيها عوضاً عن منازلهم المسحوقة.
وتشير تقديرات المؤسسة الحكومية في غزة إلى وجود مليون ونصف مليون فرد بلا مأوى، وجميعهم يحتاجون إلى خيام وكرفانات مؤقتة، إلى حين بدء عملية الإعمار، ولكن لا يوجد في القطاع عدد كاف من هذا المأوى ويضطر كثيرون للعيش في العراء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
البروتوكول الإنساني متعثر
وفقاً للبروتوكول الإنساني الذي تضمنه اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، فإنه خلال المرحلة الأولى يجب على إسرائيل السماح بدخول 60 ألف منزل متنقل (كرفانات) و200 ألف خيمة إلى غزة.
لكن إسرائيل لم تلتزم بتنفيذ هذا البند من البروتوكول الإنساني، ما أجبر آلاف العائلات على العيش في العراء، وسبّب ضغطاً شديداً وطلباً مرتفعاً على الخيام نادرة الوجود والكرفانات التي وعِد بها سكان غزة المنكوبين.
وشكّل عدم إدخال الخيام والكرفانات بكميات كافية تهديداً مباشراً لاتفاق وقف إطلاق النار، وكاد أن ينهار، لكن تدخل الوسطاء، وبحسب المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم فإن "اتصالات الوسطاء ركزت على إدخال الخيام والبيوت الجاهزة واستمرار تدفق الإغاثة". ويقول قاسم، "إسرائيل تتذرع بالأمور اللوجستية لمنع دخول المساعدات لكن في الحقيقية لا يوجد ما يمنع من السماح بإدخال الخيام والمنازل المتنقلة بالحجم المتفق عليه، لقد وافقت إسرائيل على الوفاء بالتزاماتها".
المأوى جاهز على معبر رفح
وبالفعل، أظهرت مقاطع فيديو اصطفاف عشرات الشاحنات التي تحمل خياماً وبيوتاً متنقلة على الجانب المصري من معبر رفح الحدودي تمهيداً لدخولها إلى قطاع غزة لحل أزمة الضغط على المأوى.
لكن وسط هذه الاستعدادات، نفى المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، ديفيد منسر، إمكانية إدخال كرفانات إلى قطاع غزة، وقال "لا يوجد تنسيق بهذا الخصوص، لا يوجد أي اتفاق لإدخال الكرفانات أو المعدات الثقيلة إلى غزة".
370 ألف أسرة بحاجة إلى خيام
بغض النظر عن هذا الخلاف إذا تم حله أو أنه لا زال عالقاً، فإن أهالي غزة بحاجة إلى مأوى بشكل عاجل، وبناءً على الظروف المعيشية للسكان فإنهم يحتاجون فوراً إلى الخيم والكرفانات، وعدم تنفيذ ذلك يجعلهم يعيشون في الشوارع فعلياً.
منذ بدء وقف إطلاق النار، سمحت إسرائيل بإدخال الخيام إلى غزة، ولكن بكميات وأعداد محدودة وسط طلب متزايد عليها، أما الكرفانات فلا تسمح نهائياً بإدخالها للقطاع، ويبدو أن لن توافق على ذلك في وقت قريب.
ووفقاً للبيانات الحكومية يوجد في غزة نحو 500 ألف أسرة، من بينها حوالي 370 ألف عائلة بحاجة إلى مأوى سواء كان خيم أو كرفانات. وبالنسبة للخيام فإنها بحاجة إلى تغيير مستمر كل عام على الأقل وسط حديث عن استغراق إعادة الإعمار حوالي 15 سنة.
20 ألف خيمة دخلت غزة ولا كرفان وصل القطاع
تفيد معلومات "اندبندنت عربية" أن إسرائيل أدخلت إلى غزة منذ بدء وقف إطلاق النار نحو 20 ألف خيمة إيواء من أصل 200 ألف خيمة متفق عليها ضمن البروتوكول الإنساني، ولكن ما دخل إلى القطاع لا يلبي احتياجات السكان المدمرة بيوتهم.
وتشير معلومات "اندبندنت عربية" إلى أن إسرائيل وافقت على إمداد غزة بحوالي 800 كرفان فقط، وطلبت "حماس" إدخال مواد بديلة مثل ألواح الصفيح بدل 60 ألف كرفان، لكن الجانب الإسرائيلي رفض.
ثلث الاحتياجات
يقول رئيس المكتب الإعلامي الحكومي سلامة معروف إن "الأوضاع الإنسانية لا تزال كارثية في غزة وتتدهور بشكل خطير، في ظل استمرار إسرائيل في المماطلة والتلكؤ في تنفيذ البروتوكول الإنساني، رغم وضوح بنوده وتحديد الاحتياجات والأولويات المطلوبة والنص بشكل واضح على مواقيت محددة". ويضيف "لم تتجاوز حصيلة ما تم إدخاله 30 في المئة من احتياجات القطاع من الخيام، كما لم يتم إدخال أي بيوت متنقلة، ما يعني أن مئات آلاف المواطنين في غزة يعيشون في الشارع دون مأوى مناسب".
وينفي مكتب تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية عرقلة إدخال الخيام، ويؤكد غسان عليان مسؤول تنسيق أعمال إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، أنه سمح بدخول مئات الآلاف من الخيام منذ سريان وقف إطلاق النار فضلاً عن إمدادات المأوى.