ملخص
توصلت دول الاتحاد الأوروبي الـ27 في نهاية يناير إلى اتفاق مبدئي على رفع تدريجي للعقوبات بدءاً بقطاعات أساسية مثل الطاقة، وهو ما تطالب به بإلحاح السلطات السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع.
تعهدت نحو 20 دولة عربية وغربية الخميس في ختام المؤتمر حول سوريا في باريس المساعدة في إعادة بناء سوريا وحماية المرحلة الانتقالية في وجه التحديات الأمنية والتدخلات الخارجية، بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول).
وجاء في البيان الختامي الموقع من سوريا والدول العربية الرئيسة في المنطقة وتركيا ودول أوروبية بينها فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة واليونان ودول من مجموعة السبع مثل كندا واليابان، أن المشاركين يعتزمون "العمل معاً لضمان نجاح المرحلة الانتقالية في إطار آلية يقودها السوريون".
ولم توقع الولايات المتحدة البيان، إذ لم تحسم إدارة الرئيس الجديد دونالد ترمب موقفها بعد، وفق ما أوضح مصدر دبلوماسي فرنسي.
كما تعهدت الدول الموقعة دعم الحكومة السورية في مكافحة "كل أشكال الإرهاب والتطرف".
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعا في ختام المؤتمر السلطات السورية إلى المشاركة في التصدي لتنظيم "داعش"، الذي لا يزال نشطاً في هذا البلد.
وقال ماكرون إن "مكافحة داعش هي أولوية مطلقة" وحض السلطات الانتقالية على "إقامة شراكة وثيقة" مع التحالف الدولي، الذي يكافح التنظيمات المتشددة منذ سنوات في العراق وسوريا.
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أن البيان الختامي للمؤتمر "يشهد على اقتناع الشركاء بأن نجاح سوريا من مصلحة الجميع".
وكان بارو أعلن عند افتتاحه المؤتمر "من دواعي سرورنا أن نعاود التواصل مع سوريا بعد سنوات من العزلة الدولية"، مرحباً بحضور نظيره السوري أسعد الشيباني الذي يقوم بأول زيارة رسمية له إلى أحد بلدان الاتحاد الأوروبي منذ تولي السلطات الجديدة قيادة البلاد.
ولم يدل الشيباني بأي تصريحات أمام الصحافة الدولية.
رفع سريع للعقوبات
وقال بارو إن الدول الـ20 تقريباً التي اجتمعت الخميس في باريس تريد قيام "سوريا حرة سيدة موحدة ومستقرة"، مؤكداً أن الاتحاد الأوروبي يعمل من أجل "رفع سريع" للعقوبات الاقتصادية المفروضة على نظام الأسد.
وتوصلت دول الاتحاد الأوروبي الـ27 في نهاية يناير (كانون الثاني) إلى اتفاق مبدئي على رفع تدريجي للعقوبات بدءاً بقطاعات أساسية مثل الطاقة، وهو ما تطالب به بإلحاح السلطات السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفت بارو إلى أن "هذه العقوبات لم يعد من الممكن أن تشكل عقبة أمام نهوض سوريا وإعادة إعمارها"، داعياً إلى "تدفق سريع للمساعدة الإنسانية" وتسهيل "التدفقات المالية والتجارية الضرورية لإعادة الإعمار".
وكان مصدر في وزارة الخارجية السورية قال لوكالة الصحافة الفرنسية إن "توقعات الإدارة الجديدة من مؤتمر باريس هو رفع العقوبات بالدرجة الأولى، لأنها الأساس لتنفيذ كل شيء آخر، سواء إصلاح البينة التحتية وتطويرها وتحسين الواقع الحالي للخدمات والرواتب والكهرباء والماء والمدارس المشافي، والانتقال لاحقاً إلى مرحلة إعادة الإعمار".
وقدرت الأمم المتحدة بأكثر من 400 مليار دولار كلفة إعادة الإعمار في سوريا بعد حرب مدمرة استمرت 14 عاماً، وتسببت بسقوط أكثر من نصف مليون قتيل، وأسفرت عن أكثر من 10 ملايين لاجئ ونازح.
وقف التدخلات الأجنبية
واجتمعت جهات مانحة متعددة الأطراف ووكالات دولية صباح الخميس في باريس لوضع "استراتيجية لتنسيق المساعدة الدولية" التي تبقى مجزأة حتى الآن، كذلك دعا بارو إلى "وقف إطلاق نار شامل على كامل الأراضي السورية" و"وقف التدخلات الأجنبية".
وقال "يجب أن تصمت الأسلحة في كل أنحاء سوريا ولا سيما في الشمال والشمال الشرقي"، حيث لا تزال تدور معارك عنيفة بين فصائل موالية لتركيا وقوات كردية.
وبعدما بقيت سوريا لسنوات طويلة ساحة حرب بالوكالة بين دول المنطقة وأبعد من ذلك، إذ كان الأسد مدعوماً من إيران وروسيا، حذر مصدر دبلوماسي من أن البلد البالغ عدد سكانه 23 مليون نسمة يبقى مجزأ وقد تعمه الفوضى من جديد، مذكراً بأن قوات الأمن الحالية لا تضم سوى نحو 30 ألف عنصر.
وأعلنت الإدارة السورية الجديدة حل الجيش، وكذلك المجموعات المسلحة التي شاركت في إسقاط الأسد ودمجها في جيش وطني موحد.
من جهة أخرى، شدد البيان الختامي على الحاجة إلى مرحلة انتقالية تضم كل مكونات المجتمع السوري، وقال بارو بهذا الصدد أن الشيباني أكد الخميس لمحاوريه الدوليين أن الحكومة الانتقالية المزمع إعلانها في الأول من مارس (آذار) في سوريا ستعكس "تنوع" البلاد.
كما طالب بارو بـ"جدول زمني واضح وملزم للمرحلة الانتقالية"، في وقت لا يزال الغموض يلف هذه الآلية، وذلك بعدما اعتبر الشرع في مطلع فبراير (شباط) أن تنظيم انتخابات في سوريا يتطلب أربع إلى خمس سنوات.
وعلى هامش المؤتمر، شددت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك التي زارت دمشق مع بارو مطلع يناير، على ضرورة تشكيل حكومة "تشمل كل الأطراف"، مؤكدة أن "من الأساس أن يكون للنساء تمثيل".
ومؤتمر باريس هو ثالث لقاء من نوعه منذ سقوط الأسد، بعد اجتماعين في الأردن والسعودية.