Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تزدهر السوق السوداء للنفط رغم العقوبات؟

عدم استعداد الحكومات الغربية لقبول أسعار أعلى يدفع روسيا وفنزويلا وإيران إلى الاستمرار في التهرب من الغرامات

بلغ إجمالي إنتاج إيران العام الماضي نحو 4.5 مليون برميل يومياً (أ ف ب)

ملخص

قالت الوكالة إن "الخلفية السياسية والاقتصادية مهمة لفهم ما سيحدث للسوق السوداء للنفط، إذ إن تهريب النفط ليس أمراً سهلاً، لكنه مربح للغاية لدرجة أن العوائق لا تفعل أكثر من إبطاء العملية". وترى "بلومبيرغ" أنه على رغم قدرة السلطات على جعل التعامل مع البراميل غير القانونية أقل ربحية، لكن في النهاية، سيستمر تدفق النفط

وصفت وكالة "بلومبيرغ" الوضع في السوق السوداء للنفط بـ"فشل سياسي مروع"، وانتقدت غياب التحرك الفعلي من قبل الحكومات الغربية في مواجهة تلك السوق، إذ اقتصرت الإجراءات على الخطابات والكلمات فحسب.

وأشارت إلى أنه "ما دام أن الحكومات الغربية ترفض دفع أسعار نفط أعلى لتدمير السوق السوداء، ستظل روسيا وإيران وفنزويلا قادرة على بيع براميلها".

وقالت الوكالة إن "الخلفية السياسية والاقتصادية مهمة لفهم ما سيحدث للسوق السوداء للنفط، إذ إن تهريب النفط ليس أمراً سهلاً، لكنه مربح للغاية لدرجة أن العوائق لا تفعل أكثر من إبطاء العملية". وترى "بلومبيرغ" أنه على رغم قدرة السلطات على جعل التعامل مع البراميل غير القانونية أقل ربحية، لكن في النهاية، سيستمر تدفق النفط.

وأشارت إلى أن تدفق النفط لا يزال مستمراً مع ضخ روسيا وإيران وفنزويلا، وهي الدول الرئيسة المنتجة للنفط والتي تخضع لعقوبات غربية، نحو 16 مليون برميل من النفط يومياً، بما في ذلك النفط الخام والسوائل النفطية الأخرى، لافتة إلى أنه إذا افترضنا أن هذه الدول تبيع النفط بخصم قدره 20 في المئة عن أسعار السوق، فهذا يعادل مليار دولار من النفط يومياً.

وتابعت الوكالة أن هذا التدفق الهائل من النفط يخلق بيئة تتسم بالإغراء الكبير للمتورطين في السوق السوداء، حتى إن كانت العواقب القانونية والاقتصادية وخيمة.

وقالت "نشك في قدرة الجولة الأخيرة من العقوبات والوعود بفرض قيود أشد صرامة على وقف التجارة غير المشروعة"، مشيرة إلى أن "هذه التدابير قد تزيد التعقيدات وتجعل التهريب أكثر صعوبة وربما أقل ربحية، مما يدفع البائعين إلى تقديم خصومات أكبر"، لكنها استدركت أنه "مع ذلك، لن تؤدي هذه الإجراءات إلى خفض كبير في تدفقات النفط، فضلاً عن إيقافها تماماً".

وقالت إن "المبالغ المتداولة في هذه التجارة ضخمة للغاية ومربحة إلى حد يجعل جميع الأطراف المتورطة سواء البائعين أو المشترين أو الوسطاء يمتلكون دافعاً قوياً للعثور على طرق بديلة وحيل وأساليب جديدة للحفاظ على استمرارية هذا النشاط، ومع مرور الوقت، يشعر المنفذون بالإرهاق، بينما يصبح المهربون أكثر حيلة ودهاء".

الإرادة السياسية لفرض عقوبات رادعة ضعيفة

ولكن دولاً عدة لا تعتبر النفط الروسي والإيراني والفنزويلي غير قانوني، فبالنسبة إلى دول مثل الصين والهند وكثير من الدول النامية الأخرى، فإن براميل النفط تعتبر بالقيمة نفسها لأي نفط آخر.

علاوة على ذلك، فإن الدول التي تفرض العقوبات لديها دافع للتساهل مع المهربين للحفاظ على انخفاض أسعار النفط، وسيتعين عليها إقناع الآخرين، خصوصاً بكين ونيودلهي، بأن النفط الأغلى هو الثمن الذي يجب دفعه من أجل فرض العقوبات.

وهناك سابقة تاريخية لذلك، وهو نجاح الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على النفط من العراق والكويت عامي 1990-1991.

وتقول "بلومبيرغ" إنه على مدى السنوات الخمس الماضية، اتضح أن الغرب يفتقر إلى الإرادة السياسية لتحمل كلف الطاقة المرتفعة، بينما لا يبدي الجنوب العالمي اهتماماً بدعم واشنطن وبروكسل ولندن، والإرادة السياسية لفرض عقوبات صارمة ضعيفة للغاية، حتى إن اليابان التي تتماشى عادة مع الولايات المتحدة لا يتجاوز دعمها لهذه العقوبات مجرد التصريحات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكدت الوكالة أن فهم الخلفية السياسية والاقتصادية أمر أساس لاستيعاب ما سيحدث لاحقاً في السوق السوداء للنفط، فالأنظار تتركز على روسيا وإيران اللتين تضخان معاً نحو 15 في المئة من النفط الخام في العالم.

وأشارت إلى أن المذكرة بدت على الورق كإجراء صارم، لكن ترمب أضعف من تأثيرها بنفسه عندما  تردد حيالها، قائلاً "الجميع يريد مني أن أوقعها، أنا أوقعها ولكن غير سعيد"، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل أوضح أنه لا يريد في النهاية تعطيل تدفق النفط، مضيفاً "نأمل في ألا نحتاج إلى استخدامه".

وما يزيد الأمر تعقيداً أن المذكرة كانت غنية بالكلمات لكنها فقيرة في الأفعال، فبعد أيام أعلنت وزارة الخزانة الأميركية في بيان منفصل فرض قيود على "الشبكة" التي تستخدمها إيران للالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة على النفط، لكن المشكلة أن هذا التحرك استهدف ناقلة نفط كبيرة واحدة واثنتين صغيرتين فحسب، في حين أن إيران اعتمدت خلال الأعوام الأخيرة على أكثر من 500 ناقلة لنقل نفطها، ولا يزال نحو 60 في المئة منها خارج نطاق العقوبات.

إيران ضخت نحو 4.5 مليون برميل يومياً العام الماضي

وأكدت "بلومبيرغ" أنه على رغم العقوبات، تواصل ناقلات النفط تحميل الخام الإيراني للتصدير، إذ تستغرق وقتاً أطول للعثور على مشترين، مما يدفع بعضها إلى تخزين النفط في البحر المفتوح موقتاً، لكن في النهاية الأمر يتعلق بالوقت فحسب وبتقديم خصومات أكبر على الأسعار السوقية قبل أن يجد هذا النفط من يشتريه.

علاوة على ذلك، فإن إنتاج إيران من النفط عند احتسابه بالكامل يقترب من أعلى مستوياته في أكثر من 40 عاماً، فإلى جانب النفط الخام الذي يُعدّ الهدف الرئيس للعقوبات، تنتج طهران أيضاً مكثفات وسوائل غازية طبيعية، وهما فئتان من المنتجات البترولية تمكنتا من التهرب من القيود بسهولة أكبر، وشهدتا ارتفاعاً ملحوظاً في الإنتاج خلال الأعوام الأخيرة، وعند أخذ هذه المنتجات في الاعتبار، بلغ إجمالي إنتاج إيران العام الماضي نحو 4.5 مليون برميل يومياً، وهو ثالث أعلى مستوى منذ عام 1978.

وتضيف الوكالة أن روسيا تواجه العقوبات منذ هجومها على أوكرانيا، لكن الأولوية لدى السياسيين الغربيين كانت الحفاظ على انخفاض أسعار النفط بدلاً من تقييد تدفقاته، وخلال أيامه الأخيرة في المنصب، شدد الرئيس الأميركي السابق جو بايدن العقوبات على موسكو، فارضاً أقوى القيود حتى ذلك الحين، لكن بعد زوال الصدمة الأولية، تحرك المهربون سريعاً للبحث عن حلول، ولم تستغرق روسيا سوى 25 يوماً لإيجاد طرق بديلة واضطر الكرملين إلى بيع النفط بأسعار مخفضة وتحمل كلف نقل أعلى، وعلى رغم العقبات، لم يتوقف تدفق النفط، فبعض الإنتاج لم يجد مشترين نهائيين بعد، مما أجبر بعض الناقلات على العمل كمرافق تخزين عائمة موقتة، ومع ذلك فإن الصورة العامة واضحة ومفادها بأن النفط الروسي لا يزال يصل إلى الأسواق.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز