ملخص
بعدما جمدت واشنطن مساعداتها الخارجية مع وصول دونالد ترمب إلى السلطة، أصبحت منظمات كثيرة في السودان تعنى بتأمين الطعام للسكان بلا تمويل، ما وضع آلاف السودانيين في وجه خطر المجاعة.
حذرت منظمات إنسانية من تصاعد العنف في مخيم سوداني يعاني المجاعة قرب مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور المحاصرة، مع استمرار الحرب بين الجيش وقوات "الدعم السريع".
وأعلن رسمياً في أغسطس (آب) الماضي أن مخيم زمزم الذي تقول الأمم المتحدة إنه يستضيف أكثر من 500 ألف شخص، يعاني المجاعة.
وقالت منظمة "أطباء بلا حدود" غير الحكومية اليوم الخميس إن جرحى مدنيين يصلون إلى مستشفاها في المخيم منذ الثلاثاء، لكن الموظفين غير قادرين على علاجهم بسبب نقص "القدرات الجراحية".
وأوضحت منسقة مشروع أطباء بلا حدود في شمال دارفور ماريون رامستين لوكالة الصحافة الفرنسية "بإمكاننا فقط أن نعمل على استقرار حالتهم".
وأصبح الوصول إلى أقرب مستشفى مجهز بالكامل، هو المستشفى السعودي في الفاشر، شبه مستحيل بسبب القتال العنيف، وفق منظمة أطباء بلا حدود.
منذ أبريل (نيسان) 2023، يشهد السودان نزاعاً دامياً بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات "الدعم السريع" بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي".
وفي الأسابيع الأخيرة، كثفت قوات "الدعم السريع" هجماتها على مدينة الفاشر التي تحاصرها منذ مايو (أيار) الماضي، وهي آخر مدينة في إقليم دارفور (غرب) لا تزال تحت سيطرة الجيش.
وقصفت قوات "الدعم السريع" مخيمات النازحين التي تعاني المجاعة واشتبكت مع فصائل مسلحة متحالفة مع الجيش.
وأفادت منظمة أطباء بلا حدود الأربعاء بوقوع اشتباكات عنيفة بين مقاتلي قوات "الدعم السريع" وقوات مشتركة موالية للجيش داخل زمزم، محذرة من أن "مئات الآلاف من الأشخاص" معرضون للخطر.
وفي اليوم نفسه، استقبل مستشفى المنظمة في المخيم 17 جريحاً، بعد استقباله 23 جريحاً الثلاثاء. وقالت "أطباء بلا حدود" في بيان إن سبعة أشخاص على الأقل توفوا لدى وصولهم.
بدورها، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) الأربعاء من تفاقم الأزمة في زمزم، قائلة إن "مئات الآلاف من الأطفال معرضون للخطر" مع تصاعد القتال.
في الأثناء، دانت الحكومة السودانية الموالية للجيش هجمات قوات "الدعم السريع" على مخيمات النازحين في دارفور، ومن بينها زمزم.
ويوجد في ولاية شمال دارفور وحدها 1.7 مليون نازح، ويواجه مليونا شخص انعداما شديداً في الأمن الغذائي، وفق الأمم المتحدة.
أواخر العام الماضي، امتدت المجاعة إلى مخيمين آخرين للنازحين في الفاشر، هما أبو شوك والسلام، ومن المتوقع أن تنتشر في خمس مناطق أخرى بحلول مايو.
للمرة الأولى منذ بدء الحرب قبل عامين، تعجز مطابخ الحساء في السودان عن تقديم الطعام لأشخاص يعانون الجوع بعد تجميد المساعدات الإنسانية الأميركية التي يعتمد عليها كثر كمصدر رئيسي للدعم.
وقالت متطوعة في جمع التبرعات تحاول الحصول على المال لإطعام عشرات الآلاف من الأشخاص في الخرطوم، "سيموت كثير من الناس بسبب هذا القرار".
وأضافت متطوعة سودانية أخرى لوكالة الصحافة الفرنسية "لدينا 40 مطبخاً في كل أنحاء البلاد تطعم ما بين 30 ألفاً و35 ألف شخص يومياً"، مشيرة إلى أن كل هذه المطابخ أغلقت بعد تجميد المساعدات الخارجية الأميركية بقرار من الرئيس دونالد ترمب. وأضاف "يُرفض (إطعام) نساء وأطفال".
السودانيون يواجهون كارثة جديدة
منذ أبريل (نيسان) 2023 تدور حرب في السودان بين الجيش وقوات "الدعم السريع" أدت إلى كارثة إنسانية هائلة مع مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون شخص فيما الملايين على حافة المجاعة.
ويعاني نحو 25 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد في جميع أنحاء السودان، وفقاً للأمم المتحدة.
وقال رئيس الفريق الطبي لمنظمة "أطباء بلا حدود" في مدينة أم درمان جاويد عبدالمنعم لوكالة الصحافة الفرنسية، إن "تأثير قرار وقف التمويل بهذه الطريقة الفورية له عواقب مميتة".
وأضاف "هذه كارثة إضافية للسودانيين الذين يعانون أصلاً تداعيات العنف والجوع وانهيار النظام الصحي، واستجابة إنسانية دولية مزرية".
وأعلن ترمب تجميد المساعدات الخارجية الأميركية مع استثناءات قليلة تعد حيوية مثل تلك المتعلقة بالحيلولة دون وقوع مجاعة في السودان، لكن المنظمات الإنسانية هناك اضطرت إلى تعليق عملياتها الأساس المرتبطة بتوفير الغذاء والمأوى والصحة.
وقال منسق مساعدات سوداني آخر "كل الاتصالات الرسمية مقطوعة"، بعد أن وضع موظفو الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في إجازة هذا الأسبوع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
المجاعة تضرب 5 مناطق سودانية
وأفادت "أطباء بلا حدود"، وهي إحدى المنظمات المستقلة القليلة التي ما زالت موجودة في السودان، بأنها تلقت طلبات من الجهات المعنية المحلية للتدخل السريع. لكن منظمة "أطباء بلا حدود" لا تستطيع ملء الفراغ الذي تركه سحب التمويل الأميركي، وفق عبدالمنعم.
وكانت الولايات المتحدة أكبر جهة مانحة للسودان العام الماضي مع تقديمها ما يصل إلى 45 في المئة من الأموال لخطة الاستجابة للأمم المتحدة.
ويواجه أكثر من 8 ملايين شخص خطر المجاعة في السودان، وفق التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي المدعوم من الأمم المتحدة.
وتضرب المجاعة خمس مناطق سودانية فيما يتوقع أن تمتد إلى خمس مناطق أخرى بحلول مايو (أيار) المقبل، قبل بدء موسم الأمطار الذي سيؤدي إلى عدم وصول الغذاء لملايين الأشخاص في كل أنحاء البلاد.
وقال منسق المساعدات الذي لم يرغب في كشف اسمه "الأمر الأكثر تدميراً هو أنه قطعت وعود كثيرة".
استنفاد التمويل في غضون أسابيع
وبحسب كثير من المتطوعين، عندما قرر ترمب خفض المساعدات الخارجية كانت المنظمات الإنسانية قدمت ملايين الدولارات من المساعدات الغذائية والرعاية الصحية والمأوى بناءً على وعود التمويل الأميركية.
وأوضح منسق المساعدات "لقد دفعت بعض النفقات، لكن الخوف هو ما سيحدث بعد ذلك. لديها (المنظمات) المال الآن لكن ماذا عن الشهر المقبل؟ كم من الأشخاص سيجوعون".
في كل أنحاء البلاد، يستنفد متطوعو مطابخ الحساء ما تبقى لديهم من تمويل يكفي لبضعة أسابيع.
وقالت المتطوعة في جمع التبرعات لوكالة الصحافة الفرنسية "ليس هناك ما يكفي، لكن في الأقل هناك شيء يصل إلى الناس. الوضع من سيئ إلى أسوأ"، مضيفة "الناس يعانون سوء تغذية، والنساء الحوامل يمتن بسبب عدم وجود دعم صحي. وهناك انعدام للحياة حرفياً".
وسيزداد الوضع سوءاً، فقد أوقف عمل "فيوز نت" (FEWS Net) وهي منظمة لمراقبة الأمن الغذائي تمول بتعاون أميركي، مما أثار مخاوف من أن مراقبة المجاعة في السودان ستصبح أكثر صعوبة.