Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مبادرة ترمب لتطويق الولايات المتحدة بـ"القبة الحديدية"

تتركز على إطلاقات اعتراضية في الفضاء لتدمير الصواريخ الباليستية العابرة للقارات

تدعو الخطة إلى تعزيز "طبقة الحراسة" التابعة لوكالة تطوير الفضاء (أ ف ب)

ملخص

بحسب المعلومات الأولية ستتكون بنية "القبة الحديدية" الأميركية من دفاع متعدد الطبقات لتعظيم فعاليتها، وستشمل مجموعة موسعة من الصواريخ الاعتراضية ربما تصل إلى نحو 100 صاروخ، ويمكن تعزيزها بطبقة أساس من صواريخ "أس أم 3" التي تستخدم حالياً في دفاعات الصواريخ الأميركية من طراز "إيجيس"، وصواريخ الدفاع الطرفية عالية الارتفاع ودفاعات الصواريخ المجنحة.

أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب قبل بضعة أيام توجيهات إلى وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" لإعداد خطة شاملة في غضون 60 يوماً حول كيفية الدفاع عن الولايات المتحدة ضد الهجمات الصاروخية الروسية والصينية، وغيرها من التهديدات الجوية.

جوهر المبادرة يتمحور حول "القبة الحديدية" الأميركية والتي تتطلب استراتيجية شاملة للدفاع الجوي والصاروخي، مع التركيز بصورة كبيرة على الصواريخ الاعتراضية الفضائية التي يمكنها تدمير الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.

وستكون قوة الفضاء الأميركية مفتاح هذه الجهود إذ تدعو الخطة إلى تعزيز "طبقة الحراسة" التابعة لوكالة تطوير الفضاء، تزامناً مع نشر مئات الأقمار الاصطناعية التي يمكنها نقل البيانات وتسهيل الملاحة.

 

لماذا تلجأ الولايات المتحدة لبناء "القبة الحديدية"؟

ركزت سياسة الدفاع الصاروخي الداخلية للولايات المتحدة على مدى العقود الماضية على نظام قادر على الدفاع ضد التهديدات المحدودة من كوريا الشمالية بدرجة كبيرة، وعلى هذا النحو نشرت الولايات المتحدة 44 صاروخاً اعتراضياً أرضياً في كاليفورنيا وألاسكا، ولم تصمم هذه الصواريخ للتعامل مع مجموعة أوسع من التهديدات خلال القرن الـ21، والتي تشمل الصواريخ التقليدية والنووية والمجنحة، فضلاً عن الصواريخ الأسرع من الصوت.

واستبعدت واشنطن منذ فترة طويلة توجيه الدفاعات الصاروخية ضد القوى العظمى المنافسة كالصين وروسيا، بحجة أنها تريد أن تعتمد بدلاً من ذلك على الردع النووي لمنع هجماتهما، وزعم أنصار هذا الرأي داخل الولايات المتحدة أن قبول الضعف المتبادل يخلق "استقراراً استراتيجياً" لأن كلا الجانبين يدرك أن لديه كثير ليخسره في حرب كبرى.

 

 

لكن هذه القناعة تبدلت بمرور الوقت، وبخاصة مع شن روسيا أكبر حرب برية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وشروع الصين في أكبر عملية حشد للأسلحة النووية منذ ذروة الحرب الباردة، وتضييق الخناق على حلفاء الولايات المتحدة وشركائها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، واستمرارها في التهديد بالقوة العسكرية للاستيلاء على تايوان.

وفي الوقت نفسه، تقوم كلتا القوتين ببناء مجموعة من الصواريخ الهجومية المتقدمة التي تشكل تهديداً حيوياً للولايات المتحدة، وهذا ما جعل باختصار النهج الأميركي الحالي غير فعال، ودفع واشنطن إلى اتخاذ إجراءات لحماية نفسها واستعادة الردع الاستراتيجي على مستوى العالم.

ما فائدته؟

إن بناء نظام صاروخي مثالي قادر على وقف هجوم واسع النطاق بمئات أو آلاف الصواريخ الروسية أو الصينية المسلحة نووياً قد يكون مستحيلاً، من وجهة نظر الخبراء خلال الوقت الحالي، ولكن لا يزال يتعين على واشنطن أن تصمم نظاماً أكثر محدودية لحماية المواقع الرئيسة، مثل القواعد العسكرية والبنية الأساس الحيوية ومنطقة العاصمة الوطنية، ومن شأن مثل هذا النظام أن يبعد الأهداف الأكثر أهمية بالنسبة إلى أميركا من متناول هجوم الأعداء.

وإضافة إلى الدفاع والردع، فإن "القبة الحديدية" الأميركية من شأنها أن تسهم في ضمان أمن الحلفاء، بحيث تظهر واشنطن وكأنها قادرة على المساعدة في الدفاع عنهم وحماية وطنها في الوقت نفسه.

في الاختبارات، تتمتع أنظمة الدفاع الصاروخي الحالية في الولايات المتحدة بمعدل نجاح يبلغ نحو 50 في المئة، وفي بعض الأحيان قد تصل فرصة الاعتراض الناجح أقرب إلى 100 في المئة، وبحسب المعلومات الأولية، ستتكون بنية "القبة الحديدية" الأميركية من دفاع متعدد الطبقات لتعظيم فعاليتها وستشمل مجموعة موسعة من الصواريخ الاعتراضية، ربما تصل إلى نحو 100 صاروخ، ويمكن تعزيزها بطبقة أساس من صواريخ "أس أم 3" التي تستخدم حالياً في دفاعات الصواريخ الأميركية من طراز "إيجيس"، وصواريخ الدفاع الطرفية عالية الارتفاع، ودفاعات الصواريخ المجنحة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويوجه أمر ترمب الجديد "البنتاغون" إلى تطوير ونشر "صواريخ اعتراضية فضائية منتشرة"، إذ إنه لناحية قوانين الهندسة والفيزياء من الأسهل اعتراض صاروخ قادم من الفضاء مقارنة باعتراضه من الأرض.

تعقيدات محتملة

بيد أن بناء قبة دفاعية للولايات المتحدة وهي دولة يفوق حجمها حجم إسرائيل بمئات المرات، ستتطلب أنظمة دفاعية تغطي نطاقاً هائلاً، ومن المؤكد أنها ستحتاج عقوداً من الزمن لحماية كامل الأراضي الأميركية.

وتختبر الولايات المتحدة حالياً هذا الأمر في جزيرة غوام في المحيط الهادئ، بتطويرها نوعاً من الدفاع الصاروخي متعدد الطبقات، وتعد جزيرة غوام موطناً لنحو 175 ألف شخص، وتقع على بعد أقل 3 آلاف كيلومتر من الصين وتستضيف قاعدة "أندرسن" الجوية وهي قاعدة لقاذفات القوات الجوية الأميركية، وموطن للغواصات النووية الهجومية الأميركية التي يمكن أن تكون حيوية في أي دفاع عن تايوان.

ويشبه ما تختبره الولايات المتحدة هناك "القبة الحديدية" الإسرائيلية، ففي حين تقاوم "القبة الحديدية" الصواريخ والأسلحة المدفعية المقبلة، تتولى منظومة "مقلاع داود" الحماية من التهديدات قصيرة ومتوسطة المدى، فيما تصد أنظمة "أرو2" و"أرو3" الصواريخ الباليستية.

وفي إشارة إلى بنية دفاعية مماثلة الطبقات، قالت القيادة الأميركية في المحيطين الهندي والهادئ إنها استخدمت خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي قدرات التتبع لنظام الدفاع الصاروخي الأميركي عالي الارتفاع "ثاد" المتمركز في غوام.

ويذكر أن "ثاد" صمم لإيقاف الصواريخ المقبلة في مرحلتها النهائية أو مرحلة الهبوط من الطيران، بينما يقوم نظام "إيجيس" باعتراضها في مرحلة منتصف المسار، خارج الغلاف الجوي للأرض.

ومع ذلك فإن الجدول الزمني للدفاع الصاروخي الكامل في غوام سيستغرق تجميعه عقداً من الزمن في الأقل، وهذا ما يشير إلى التحديات في بناء أي نظام لمحاربة الصواريخ الباليستية والانزلاقية الأسرع من الصوت، ناهيك بأن مشروع ترمب للدفاع الصاروخي عن منطقة بحجم الولايات المتحدة لا يقدم أي تقدير لكلف مثل هذا النظام، التي يعدها اتحاد العلماء الأميركيين بأنها ستكون فلكية.

وحتى لو تمكنت التكنولوجيا الأميركية من تطوير ونشر كل ما يطلبه ترمب، فإن الدفاع الصاروخي المنيع قد يظل مستحيلاً، وأثبتت الهجمات التي شنتها إيران ووكلائها العام الماضي بأن نظام "القبة الحديدية" الإسرائيلي ليس منيعاً عند إطلاق وابل كبير من الصواريخ.

الدفاع الصاروخي

تنشر روسيا حالياً عدداً من الأنظمة التي يمكنها توفير دفاع صاروخي متعدد الطبقات عبر أراضيها، ويعد نظام "إي 135" المنتشر حول موسكو النظام الوحيد المصمم خصيصاً للدفاع ضد الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.

وشرعت روسيا في عملية إصلاح نظام "إي 135" بالكامل، وأطلق على النظام المعاد تصميمه اسم "إي 235"، يتضمن ثلاث طبقات من الدفاع، بعيدة المدى بمدى اعتراض يبلغ 1500 كيلومتر وارتفاع 800 كيلومتر، متوسطة المدى بمدى 1000 كيلومتر وارتفاع 120 كيلومتراً، وقصيرة المدى بمدى أقصى يبلغ 350 كيلومتراً وارتفاع 50 كيلومتراً.

 

 

ومنذ عام 2010، تعمل الصين بنشاط على تطوير واختبار الصواريخ الاعتراضية الدفاعية، وفي حين أن هذه الاختبارات المبكرة ربما كانت موجهة في المقام الأول حول قدرات الأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية، فإن أحدث صاروخ اعتراضي صيني، المسمى "دونغ نينغ 3"، خضع لاختبارات دفاعية ناجحة بين عامي 2018 و2021.

واختبرت الصين نظام "أتش كيو 19" وهو نظام اعتراضي حركي مشتق من نظام "أتش كيو9"، ولديه القدرة على اعتراض الصواريخ الباليستية التي يبلغ مداها 3000 كيلومتر في منتصف مسارها ومرحلة طيرانها النهائية، ووصفه العلماء الصينيون بأنه مشابه تقريباً لنظام "ثاد" الأميركي.

وتمتلك إسرائيل درعاً دفاعية متعددة الطبقات وتتضمن منظومة "القبة الحديدية" القصيرة المدى، ومنظومة "مقلاع داود" الصاروخية المتوسطة المدى، وأنظمة "أرو 2" و"أرو 3" البعيدة المدى.

من جهتها، اشترت المملكة المتحدة تكنولوجيا "القبة الحديدية" لإنشاء نظامها "سكاي سابري"، والذي يتضمن مركزاً للتحكم في النيران من إنتاج شركة "رافائيل" مقترناً برادار سويدي وصواريخ مضادة للطائرات من طراز (CAMM) طورت في المملكة المتحدة وتطلق من السطح إلى الجو.

وبالمثل اشترت وزارة الدفاع الأذرية نسختها من "القبة الحديدية" الإسرائيلية عام 2021، وبعد فترة وجيزة من إعلان أذربيجان عن شرائها، انتشرت إشاعات كثيرة حول تطوير كوريا الجنوبية لنسختها الخاصة من "القبة الحديدية" للدفاع عن نفسها ضد العدوان الكوري الشمالي.

وخلال يونيو (حزيران) 2021، أعلنت حكومة كوريا الجنوبية عن خطط لإنفاق أكثر من 2.5 مليار دولار على البحث والتطوير لإنشاء نظام دفاعي يؤمن الحماية لشبه الجزيرة بحلول عام 2035.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير