فيما تتصدع معاهدة القوى النووية متوسطة المدى بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، تعود أشباح الحرب الباردة بين القطبين، واشنطن وموسكو، لتخيّم فوق فنزويلا.
ويتردد السؤال عن احتمال اندلاع حرب في هذا البلد النفطي الذي يُعد أغنى دولة في أميركا اللاتينية، لكنه يعاني أزمة إقتصادية لأسباب عديدة منها تراجع أسعار النفط، فيتكرر السؤال عمّا سيفعله الجيش.
في مثل هذا الأحوال، يتبارى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو والمعارض خوان غوايدو، رئيس مجلس النواب الذي نصّب نفسه رئيساً، في تنظيم التظاهرات الشعبية، ويبدو العلم الفنزويلي بلونين فحسب، هما الأصفر الذي يرمز إلى الثروات والموارد الطبيعية في البلاد، والأحمر الذي يدل على الدماء، فيما اللون الثالث، الأزرق الذي يرمز إلى السماء، فمحجوب إلى أجل غير مسمى.
وقد أبدى الرئيس مادورو، السبت في 2 فبراير (شباط)، تأييده إجراء انتخابات تشريعية مبكرة خلال 2019 فيما كانت مرتقبة في 2020، علماً أن البرلمان خاضع لسيطرة المعارضة. وتستمر الولاية الحالية للنواب الذين انتخبوا نهاية 2015 حتى يناير (كانون الثاني) 2021، على أن تجري الانتخابات التشريعية المقبلة نهاية 2020.
وقال مادورو أمام آلاف من أنصاره، الذين تجمعوا في كراكاس، إن الجمعية التأسيسية الموالية للسلطة القائمة تدعو إلى "انتخابات تشريعية مبكرة هذه السنة، وأنا موافق وألتزم هذا القرار". وقد أحيا مادورو ومؤيدوه الذكرى العشرين للثورة البوليفارية التي قادها الزعيم الراحل هوغو تشافيز.
في المقابل، دعا غوايدو أنصاره إلى تنظيم أكبر تظاهرة في 12 فبراير الحالي، بهدف الإطاحة بمادورو، الذي لا يزال يقاوم الضغوط لإجراء انتخابات رئاسية.
ونقلت بعض وسائل الإعلام أن اشتباكات وقعت بين الأمن الفنزويلي ومتسللين من كولومبيا. ويتقاطع ذلك مع ما قاله مادورو عن سعي واشنطن وإدارة الرئيس دونالد ترمب إلى قتله بالتنسيق مع عصابات كولومبية. واتهم غريمه غوايدو بأنه "دمية" بيد الولايات المتحدة تستخدم لمحاولة الانقلاب عليه. واعترفت واشنطن بغوايدو رئيساً قبل 10 أيام، فيما قالت أربع دول أوروبية كبرى، بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا، إنّها ستعترف بغوايدو إذا لم يدعُ مادورو إلى انتخابات رئاسية خلال مهلة ثمانية أيام تنتهي منتصف ليل الأحد.
وقبل بدء التظاهرات، السبت، تلقى غوايدو دعماً لافتاً بعدما أعلن جنرال في سلاح الجو الفنزويلي، فرانشيسكو يانيز، انشقاقه ليصبح أرفع ضابط ينشق ويعترف بغوايدو رئيساً للبلاد.
ودعت واشنطن العسكريين الفنزويليين إلى اللحاق بيانيز. وكتب مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جون بولتون على تويتر "تدعو الولايات المتحدة جميع عناصر الجيش إلى الاقتداء بالجنرال يانيز وحماية المتظاهرين السلميين الذين يدعمون الديمقراطية".
ودعا غوايدو القوات المسلحة في فنزويلا إلى السماح بدخول مساعدات إنسانية، قال إنها ستصل في الأيام المقبلة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق غوايدو، هناك "ثلاثة مراكز لجمع المساعدة الإنسانية: (واحد) في كوكوتا (كولومبيا) واثنان آخران في البرازيل وفي جزيرة في البحر الكاريبي".
ولم يحدد طبيعة هذه المساعدة الإنسانية، لكنه أعلن إنشاء "تحالف عالمي للمساعدة الإنسانية والحرية في فنزويلا".
وأضاف "سيبدأ في الأيام المقبلة جمع المساعدة الإنسانية... كل ما هو ضروري لصمود شعبنا... وأنت أيها الجندي... لك أن تقرر السماح بدخول هذه المساعدات من عدمه".
أما مادورو فقال لآلاف من أنصاره في قلب كراكاس "لم نكن أبداً ولسنا دولة متسوّلين". ورفض دخول المساعدات إلى فنزويلا، مشيراً إلى أنها ستؤدي إلى تدخل عسكري أميركي في البلاد.
وأضاف "هناك بعض الأشخاص يشعرون بأنهم متسوّلون للإمبريالية ويبيعون وطنهم لقاء 20 مليون دولار"، في إشارة إلى كلفة مساعدات الأغذية والأدوية التي سترسلها الولايات المتحدة.
وتدهور الوضع الاقتصادي لفنزويلا الغنية بموارد النفط، وبات سكانها يعانون نقصاً حاداً في المواد الغذائية والأدوية، مع تضخم متفاقم بلغ عشرة ملايين في المئة، وفق صندوق النقد الدولي. ما ساهم في تراجع شعبية مادورو.
ولا يزال الجيش الفنزويلي الداعم الرئيسي لحكم مادورو، في حين أعلن غوايدو عن منح عفو للعسكريين الذين يقررون الانشقاق عن نظام مادورو.