Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أخطار تهجير سكان غزة إلى سيناء تتجاوز تهديد الأمن القومي لمصر

تجمع غالب القراءات والتحليلات وحتى آراء المراقبين ممن تحدثوا لـ"اندبندنت عربية" أن أي سيناريو لتهجير الفلسطينيين إلى دول الجوار وعلى رأسهم مصر لا سيما في شبه جزيرة سيناء، من شأنه أن يزيد من "عدم الاستقرار والاضطراب في المنطقة"

 تحاول القاهرة التمسك بمواقفها الرافضة لأي سيناريو للتهجير خشية "تصفية القضية الفلسطينية" وتقول إنها لن تشارك في مثل هذا الظلم التاريخي (أ ف ب)

ملخص

تجمع غالب القراءات والتحليلات وحتى آراء المراقبين ممن تحدثوا لـ"اندبندنت عربية" أن أي سيناريو لتهجير الفلسطينيين إلى دول الجوار وعلى رأسهم مصر لا سيما في شبه جزيرة سيناء، من شأنه أن يزيد من "عدم الاستقرار والاضطراب في المنطقة"، ولن تقتصر تهديداته على "الأمن القومي للدولة العربية الأكثر تعداداً للسكان"، مما يعني أن لن يكون "حلاً قابلاً للتطبيق بأي شكل كان"، إذ يمثل التهجير بما يخالفه للقانون الدولي والإنساني، "قنبلة تهدد معها معادلات الأمن والاستقرار في الإقليم برمته"، وهو الأمر الذي تدركه القاهرة، وتعتبره بمثابة "خط أحمر" بالنسبة إليها.

في الـ18 من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أي مرور أقل من أسبوعين على اندلاع الحرب الإسرائيلية في غزة، تمسك الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي برفض أي سيناريو لتهجير الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء، بعد أن اعتبر مبكراً أن ما يحدث في القطاع هو "محاولة لدفع السكان والمدنيين إلى النزوح نحو مصر"، مستبدلاً ذلك الخيار بالدعوة إلى "نقلهم (السكان) إلى صحراء النقب لحين انتهاء الحرب"، وذلك أمام تصاعد الدعاوي والمساعي الإسرائيلية حينها إلى دفع سكان غزة للخروج من تلك المساحة الجغرافية الصغيرة باتجاه الحدود المصرية.

في شرح السيسي آنذاك، قال إن "نقل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، هو نقل فكرة المقاومة والقتال إلى شبه الجزيرة المصرية، لتكون الأخيرة قاعدة لانطلاق الهجمات ضد إسرائيل، وحينها يكون لها (تل أبيب) الحق في الدفاع عن نفسها، وبالتالي تقوم في إطار رد الفعل بالتعامل مع مصر، وتوجيه ضربات للأراضي المصرية"، وواصل حديثه بالقول "لا نريد تبديد السلام بفكرة غير قابلة للتنفيذ، لو كانت هناك فكرة للتهجير، فهناك صحراء النقب في إسرائيل. يتم نقل الفلسطينيين هناك حتى تنتهي إسرائيل من العملية المعلنة في تصفية المقاومة أو الجماعات المسلحة مثل حماس والجهاد في القطاع، وتتم إعادة السكان بعد ذلك مجدداً".

على رغم أن الرفض المصري لأي سيناريو لتهجير الفلسطينيين تحت أي مسمى من غزة، كان "مبكراً وصريحاً ومباشراً"، وفق ما يقول مراقبون، منذ الأيام الأولى من الحرب الإسرائيلية في القطاع مع التحذير من تداعيات "جعله غير قابل للحياة" عبر "تدميره بصورة ممنهجة"، مما أنتج "إجهاض" الفكرة طوال الشهور الماضية، تحاول القاهرة التمسك بمواقفها تلك في مواجهة إصرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، منذ عودته للبيت الأبيض في الـ20 من يناير (كانون الثاني) الماضي، على ضرورة نقل سكان غزة إلى مصر والأردن، بصورة "موقتة أو دائمة"، مقترحاً السيطرة على القطاع أميركياً وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، لما تراه أن أي مقترح كهذا يعني "تصفية القضية الفلسطينية"، وهو ما يعني "ظلماً تاريخياً" لن تشارك فيه أو تكون جزءاً منه.

لكن مع ترويج بعضهم لافتراضات "مقبولية نقل الفلسطينيين أو جزء منهم إلى سيناء على قاعدة ترامي جغرافية الدول العربية في مقابل مساحة إسرائيل متناهية الصغير"، يتجاهل أصحاب تلك الأطروحات، "تداعيات وأخطار" إقامة "تجمع سكني لمواطني القطاع في سيناء"، لن تقتصر على الحدود المصرية، بل تتجاوزها إلى دول الإقليم وفي قلبها إسرائيل، حتى مع احتمالات "تشديد الإجراءات الأمنية"، مما يعني "ترحيل ونقل للمشكلة من دون حلها بصورة جذرية".

كيف ستتجاوز الأخطار الجغرافيا المصرية؟

تجمع غالب القراءات والتحليلات وحتى آراء المراقبين ممن تحدثوا لـ"اندبندنت عربية" أن أي سيناريو لتهجير الفلسطينيين إلى دول الجوار وعلى رأسهم مصر لا سيما في شبه جزيرة سيناء، من شأنه أن يزيد من "عدم الاستقرار والاضطراب في المنطقة"، ولن تقتصر تهديداته على "الأمن القومي للدولة العربية الأكثر تعداداً للسكان"، مما يعني أن لن يكون "حلاً قابلاً للتطبيق بأي شكل كان"، إذ يمثل التهجير بما يخالفه للقانون الدولي والإنساني، "قنبلة تهدد معها معادلات الأمن والاستقرار في الإقليم برمته"، وهو الأمر الذي تدركه القاهرة، وتعتبره بمثابة "خط أحمر" بالنسبة إليها.

ويقول المحلل الاستراتيجي عضو المجلس العسكري المصري السابق اللواء سمير فرج، "ما من شك أن احتمالات نقل هذه الأعداد الكبيرة من الفلسطينيين في قطاع غزة إلى أية دولة ما يبقي من الصعوبة بمكان تنفيذه"، موضحاً في حديثه معنا "أمام الرفض المصري الواضح والمدعوم عربياً، واعتباره خطاً أحمر بالنسبة إليها، فضلاً عما أظهره الفلسطينيون من تشبث بأرضهم حتى لو كانت مدمرة بعد وقف إطلاق النار، يبقي واقعية حدوثه مستبعدة".

ومعدداً أخطار وتهديدات سيناريو التهجير بالنسبة إلى مصر، أوضح فرج في حديثه معنا، "أخطار النقل أو التهجير سيكون لها تداعيات كارثية ليس فقط على الأمن القومي المصري وحسب وإنما على أمن المنطقة"، مضيفاً "التهجير يعني عملياً تصفية القضية الفلسطينية، وتجاوز ما استقرت عليه الشرعية الدولية من حل الدولتين كخيار وحيد لإنهاء الصراع، فضلاً عن أنه يعني ترحيل المشكلة وتصديرها لدولة أخرى من دون النظر في المتسبب الرئيس في تلك المعاناة".

 

ويتابع فرج "مع مثل هكذا سيناريوهات فإننا حيال تغير في معادلات الأمن والاستقرار، وإعادة إنتاج الفوضى والاضطراب في المنطقة بصور أخرى، وهو ما أوصلته الدولة المصرية لكل العواصم الدولية المؤثرة حول العالم في تعاطيها مع مقترحات ترمب"، مشيراً إلى أنه لا ينبغي لأي عاقل التصور بأن الفلسطينيين المبعدين عن أراضيهم سيقبلون بالتهجير أو يتخلوا عن الدفاع عن أرضهم ووطنهم الأصلي بأية صورة كانت.

في الاتجاه ذاته يحذر اللواء علاء عز الدين، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة سابقاً، من تداعيات التهجير إلى سيناء على أمن المنطقة برمتها وليس فقط مصر، قائلاً في حديثه معنا "تبقى مثل هكذا مقترحات وخطط غير واقعية واقتراضية، ولن تقبل بها مصر بأية صورة كانت".

ويوضح عز الدين: "عند الحديث عن التهجير لا ينبغي علينا تجاهل مشاهد عودة الفلسطينيين لشمال القطاع بعد توقف الحرب على رغم ما أصابه من دمار وتحوله لأنقاض، فأي إنسان عاقل يراها يدرك جيداً أنها انتصار لإرادة المواطن الفلسطينيين في التشبث بأرضه ورفضه احتلالها، بغض النظر عن خسائر الحرب التي حدثت في القطاع"، منبهاً إلى أن معظم سكان القطاع من اللاجئين أو أحفاد لاجئي نكبة عام 1948 الذين ظلوا 75 عاماً في مخيمات اللاجئين بغزة ولم يتركوا وطنهم، وأشار إلى أن تلك المشاهد تؤكد أن ما يتحدث عنه ترمب "مجرد أوهام" يصعب تنفيذها.

ويتابع عز الدين "إذا حدث وهجر أهل غزة قسراً إلى سيناء، في صورة تجمعات أو ما إلى ذلك، فلن يصمتوا ولن يتركوا إسرائيل أو أية دولة كانت تهنأ في موطنهم الأصلي غزة، بالتأكيد سنرى مزيداً من علميات المقاومة ضد المحتل، ما سيتبعه رد ورد مقابل، وهنا ندخل في دوامة من العنف لا نهاية لها، بل ستتسع رقعتها"، معتبراً أن تلك الفرضيات "ستولد إشكالات غير مسبوقة تنذر بتبعات خطرة للغاية، لعل أبرزها إضعاف دولة أساسية وركيزة محورية للاستقرار الإقليمي".

بدوره يتفق، خالد شنيكات، رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، مع أن الأخطار الأمنية لن تقتصر على مصر، مع سيناريو التهجير إلى سيناء، قائلاً في حديثه معنا "تهجير الفلسطينيين إلى سيناء سيحمل حتماً أخطاراً وتهديدات أمنية مباشرة لمصر، تتعلق بأمنها القومي واحتمال توسع الصراع ليشمل سيناء وتصبح شبه الجزيرة المصرية جزءاً من المواجهة مع إسرائيل مرة أخرى"، مضيفاً "إذا تمكنت إسرائيل من تنفيذ مخططها في غزة، فلن يقتصر الأمر على القطاع، بل سيمتد ويشمل الأردن في مرحلة لاحقة، إذ تزايدت احتمالات تهجير سكان الضفة الغربية باتجاه الأردن ودول أخرى في المنطقة وتصبح الفكرة ككرة الثلج"، معتبراً الأمر بمثابة "خلط للأوراق في الإقليم ومحاولة حل الصراع على حساب دول المنطقة، مما يعني الدخول في دورة جديدة من العنف أكثر تطوراً واتساعاً مما سبق".

ويتابع شنيكات "بجانب احتمالات المواجهة بين مصر وإسرائيل بسبب التهجير، فإن إقامه تجمعات أو مناطق سكنية للفلسطينيين في سيناء من شأنها أن تحدث قلاقل في الداخل المصري، وتعرض تماسكه المجتمعي إلى الخطر"، مشدداً أن على الجميع أن يدرك أن "القضية الفلسطينية هي قضية على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ أكثر من سبعة عقود، وتحتاج إلى حل داخل الأراضي الفلسطينية وليس على حساب دول الجوار، ومن ثم عدم الانصياع إلى أحلام اليمين المتطرف داخل إسرائيل الذي لديه نوايا مبيتة لا تقتصر على قطاع غزة، بل إجهاض حلم تأسيس أية دولة فلسطينية قابلة للحياة".

 

ومنذ إعلان ترمب للمرة الأولي في الـ25 من يناير (كانون الثاني) الماضي، سعيه إلى نقل الفلسطينيين في غزة إلى مصر والأردن لـ"تطهير القطاع"، قوبلت تصريحات الرئيس الأميركي برفض شديد على المستويين الرسمي والشعبي من البلدين، فيما آثار مقترحه الأخير الثلاثاء الماضي بالسيطرة أميركياً على غزة، وذلك خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالبيت الأبيض، بموجة إدانة ورفض واستنكار دوليين واسعين، إذ قال زعماء إقليميون وعالميون إن مثل هذه الخطوة ستهدد استقرار المنطقة.

وعلى مدار السنوات الماضية رفض القادة الفلسطينيون أي اقتراح بمغادرة الفلسطينيين قطاع غزة، الذي يريدون أن يشكل جزءاً من دولتهم المستقلة، كما رفضت الدول العربية هذا الاقتراح منذ بدء الحرب في غزة.

أخطار عابرة للإقليم

على وقع غموض خطة الرئيس الأميركي ترمب حول نقل أكثر من مليوني فلسطيني أو السيطرة أميركياً على غزة، وغياب أي تفاصيل أو توضيحات عن مدى قابليتها للتطبيق، تحذر قراءات وتحليلات من تجاوز أخطار تنفيذ "المقترح" إقليم الشرق الأوسط.

فبينما أوضح خالد شنيكات، في حديثه معنا، أن الأخطار الأبعد لخطة تهجير ترمب، تتمثل "في تغذية المشاعر المعادية لواشنطن في المنطقة، فضلاً عن تدمير أي آمال لخلق سلام حقيقي بين إسرائيل ودول المنطقة، مما يعني زيادة زعزعة الاستقرار الإقليمي ودفعه نحول مزيد من الصراعات والتوترات غير النهائية"، كتب ديفيد إغناتيوس، بصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، قائلاً خطة ترمب "تعد تحريضاً على منطقة تتعافى من صدمة الحرب"، ونقل عن مسؤول استخباري عمل لعقود في المنطقة قوله إن "اقتراحات التهجير قد تسبب اضطرابات كبيرة في مصر والأردن، وأن عدم الاستقرار قد ينعكس على إسرائيل في شكل انتفاضة جديدة عنيفة في الضفة الغربية وعلى حدودها".

من جانبه، كتب بن رودس، الذي شغل منصب نائب مستشار الأمن القومي الأميركي في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، في صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن تعاطي الإدارة الأميركية الجديدة لترمب في مثل هذه المقترحات يسرع "انحدار مكانة الولايات المتحدة عالمياً"، ويدفع حلفاءها نحو الصين، ويفكك الأسس الدولية التي تحمي العالم من الفوضى.

وبحسب بن رودس فإن مقترح الرئيس ترمب الذي يمثل "تطهير غزة عرقياً" يتجاهل حق مليوني فلسطيني في أرضهم، وقد يزعزع استقرار الدول العربية المجاورة عبر إجبارهم على المشاركة في التطهير العرقي لغزة، محذراً من أن سياسات ترمب، الساعي إلى تعزيز سلطته وترسيخ إرثه قبل انقضاء حكمه، "تدفع بالعالم نحو الفوضى والصراعات عكس وعوده بإنهاء الحروب".

ومتسائلاً عن نظرة العالم للولايات المتحدة تحت حكم رئيس يتجاهل "سيادة الدول" في وقت يحاول فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضم أجزاء من أوكرانيا، ويعمل الرئيس الصيني شي جين بينغ على سيطرته على تايوان، أوضح بن رودس أن بعض الساسة الإسرائيليين يريدون ضم قطاع غزة والضفة الغربية، وكل ذلك تحت ستار الأمن القومي، فإذا "كانت الولايات المتحدة تريد استثناء نفسها من القواعد، فلماذا تتبعها الدول الأخرى؟"، مشيراً إلى أن تاريخ النصف الأول من القرن الـ20 يظهر العواقب الكارثية للقومية المتطرفة، عندما لا تكون مقيدة بالقوانين والمؤسسات والقيم، وأن حكم "القوميين المستبدين" في الدول الكبرى يؤدي بالضرورة إلى صراعات ومعاناة إنسانية، ويتعين على المتوجسين مما يخبئه المستقبل أن يدركوا أنه لن يكون هناك عودة للماضي ولا أمل في استعادة النظام الذي تمخض عن الحرب العالمية الثانية.

وبجانب الأخطار السياسية، تفتح مقترحات ترمب للتهجير، الباب واسعاً أمام انتهاك القانون الدولي من أكبر قوة في العالم، إذ يحظر القانون الدولي الاستيلاء على الأراضي بالقوة، وهو ما يعرف بأنه عمل عدواني، وذلك في وقت تعتبر الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية (أعلى محكمة دولية) قطاع غزة جزءاً من الأراضي الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي، كما تحظر معاهدات دولية قائمة منذ فترة طويلة إجبار الناس على مغادرة أراضيهم والاستيلاء عليها، كذلك ينص ميثاق الأمم المتحدة على أن "جميع الأعضاء يمتنعون في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة وعن استخدامها ضد سلامة أراضي أية دولة أو استقلالها السياسي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول مايكل بيكر، وهو أستاذ مساعد في قانون حقوق الإنسان الدولي في كلية ترينيتي بدبلن، "في نهاية المطاف يصل اقتراح الرئيس ترمب إلى حد الرفض الصارخ للمبادئ الأساسية للقانون الدولي السارية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في الأقل واعتماد ميثاق الأمم المتحدة"، مضيفاً بحسب ما نقلت عنه وكالة "رويترز"، إنه في حال أعلنت الولايات المتحدة ملكيتها لقطاع غزة "فإن هذا سيصل إلى مستوى الضم غير القانوني للأراضي، كما أنه لا يحق لإسرائيل التنازل عن أراض فلسطينية للولايات المتحدة أو لأية جهة أخرى".

كذلك نقلت "رويترز" عن جانينا ديل، العضو في إدارة معهد أكسفورد للأخلاق والقانون والصراع المسلح والمتخصصة في القانون الإنساني الدولي قولها "لا توجد ظروف يجوز فيها الاستيلاء على الأراضي بالقوة. والحجة القائلة إن ذلك يعود بالنفع على السكان هناك أو في أي مكان آخر لا معنى لها من الناحية القانونية، حتى لو كانت صحيحة من الناحية الواقعية".

وبموجب ميثاق الأمم المتحدة، تقع مسؤولية تعريف الأفعال بأنها عدوانية والرد عليها على عاتق مجلس الأمن، إذ تتمتع الولايات المتحدة بعضوية دائمة وحق النقض (الفيتو)، كما أن العدوان هو أيضاً من الجرائم التي يمكن ملاحقة مرتكبها أمام المحكمة الجنائية الدولية. والولايات المتحدة وإسرائيل ليستا من أعضاء المحكمة الجنائية الدولية، لكن المحكمة أكدت وقوع الأراضي الفلسطينية ضمن اختصاصها، بما في ذلك ما ترتكبه دول غير أعضاء من أفعال في هذه الأراضي.

وسواء تحققت خطة ترمب لغزة أم لا، يبقي حجم وكلفة إعادة إعمار قطاع غزة السؤال الأكبر في معادلة استقرار المنطقة لضخامة الأموال المطلوبة، إذ تقول الأمم المتحدة إن نحو 70 في المئة من مباني غزة دمرت أو تضررت، بما فيها أكثر من 245 ألف وحدة سكنية، فضلاً عن تضرر نحو 70 في المئة من الأراضي الزراعية، في ما يعد الحرب "الحضرية" الأكثر تدميراً في التاريخ الحديث. وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإنه وبعد وقف إطلاق النار في غزة، لم يعد الفلسطينيين قادرين على التعرف على أحيائهم، بينما تعج الشوارع بالذخائر غير المنفجرة، وأشارت إلى أن إزالة نحو 50 مليون طن من الحطام الناتج من أشهر من القصف قد تستغرق أكثر من عقد من الزمن. ويقول الخبراء إن إعادة بناء غزة تحتاج إلى عشرات المليارات من الدولارات، وتقدر الأمم المتحدة أن استعادة اقتصاد القطاع إلى مستويات ما قبل الحرب سيستغرق 350 عاماً.

المزيد من تقارير