Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تدمر الأثرية تتحرر من "داعش" وتتحضر لاستقطاب السياح

سوريون يعبرون عن فرحتهم بالعودة إلى المنطقة بعد الحرب

استخدم "داعش" المسرح الروماني لتنفيذ عمليات إعدام جماعية (أ ف ب)

ملخص

كثيراً ما شكلت تدمر وجهة سياحية بارزة مع توافد أكثر من 150 ألف سائح إليها سنوياً للاستمتاع بآثارها التي تعود لأكثر من 2000 عام، وتضم أكثر من 1000 عامود وتماثيل ومعابد ومقابر برجية مزخرفة ومسرحاً وساحة.

بدأ سكان مدينة تدمر السورية العودة لها بعد أعوام من النزوح إثر سيطرة تنظيم "داعش"، ليجدوا أن معالم "لؤلؤة الصحراء" تضررت كثيراً بسبب الاستهداف والإهمال، ولا تزال حتى اليوم تفتقد العناية والحراسة.

قبل نحو عقد من الزمن، غادر ياسر المحمود (54 سنة) مدينته حين سيطر عليها التنظيم المتطرف، ليستقر في شمال سوريا. وعاد أدراجه مع عائلته الشهر الماضي واستعاد عادته القديمة في زيارة آثار تدمر المعروفة بضخامتها في وسط الصحراء والمدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة للتراث العالمي الإنساني (يونيسكو).

"عودتنا كانت حلماً"

على قاعدة عامود داخل الموقع، كان الرجل يسكب الشاي الساخن لأفراد أسرته في أكواب زجاجية، وهو ما كان ممنوعاً على الأرجح قبل الحرب، بينما تتجول بضع عائلات بحرية داخل الموقع الأثري الذي يبدو مهجوراً ولا يخضع لأية حراسة.

ويقول المحمود لوكالة الصحافة الفرنسية، "كنا نأتي إلى هنا كل يوم جمعة" قبل اندلاع النزاع عام 2011. ويضيف "عودتنا كانت حلماً، لكن الحمد لله عاد كل شيء لأصحابه والناس سعداء".

قبل الحرب، شكل الموقع الأثري مصدر رزق للرجل على غرار كثر من أبناء المنطقة.

 

 

بعد الإطاحة بحكم بشار الأسد وتسلم السلطات الجديدة، يأمل المحمود في أن تستقطب المدينة مجدداً السياح، ليتمكن من استئناف عمله في بيع أطواق الزينة.

وكثيراً ما شكلت تدمر وجهة سياحية بارزة مع توافد أكثر من 150 ألف سائح إليها سنوياً للاستمتاع بآثارها التي تعود لأكثر من 2000 عام، وتضم أكثر من 1000 عامود وتماثيل ومعابد ومقابر برجية مزخرفة ومسرحاً وساحة.

"عروس البادية"

وعرفت "عروس البادية" أوج ازدهارها في القرن الثالث في ظل حكم الملكة زنوبيا التي تحدت الإمبراطورية الرومانية، ثم تعاقبت عليها عهود عدة.

خلال النزاع السوري الذي بدأ باحتجاجات ضد حكم الأسد في عام 2011، ثم تشعب لتدخل على خطه دول ومجموعات متطرفة، سيطر تنظيم "داعش" على المنطقة في مايو (أيار) 2015 لتستعيدها قوات النظام السوري بعد عام، لكنه عاد واستولى عليها في نهاية عام 2016 ليخسرها مجدداً في مارس (آذار) 2017.

ودمر المتطرفون تمثال أسد أثينا الشهير عند مدخل متحف تدمر ومعبدي بعل شمين وبل بالمتفجرات، كما دمروا عدداً من المدافن البرجية وحولوا قوس النصر الشهير إلى ركام، فألحقوا بالتراث السوري خسائر لا تعوض.

في مكان آخر من الموقع، تفترش عائلة الأرض متظللة بعمود أثري عملاق بينما يتناول أفرادها المقرمشات، ويعمد شبان إلى إشعال فحم وتدخين نرجيلة.

ووسط وضع أمني غير مستقر تماماً، يخشى المدير العام للآثار والمتاحف محمد نظير عوض من أن يطاول التنقيب العشوائي الموقع.

ويقول إن "هناك حراساً" من المديرية، لكن "لا أعتقد أنهم قادرون على القيام بعملهم على أكمل وجه، لأن التنقيب العشوائي والهمجي انتشر على مساحات واسعة جداً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير إلى أن المنقبين غير القانونيين يستخدمون "الآليات، وأجهزة كشف المعادن المدمرة"، مضيفاً أن "الحفر يدمر السويات الأثرية والمواقع، ولا يبقي شيئاً".

ولم تقتصر آثام التنظيم على تدمير آثار المدينة فحسب، إذ ارتكب عناصره أشنع جرائمهم فيها، واستخدموا المسرح الروماني لتنفيذ عمليات إعدام جماعية بثوا صور بعضها عبر أدواتهم الدعائية.

عمليات إعدام

بعد أيام قليلة من سيطرتهم على تدمر، أعدم الإرهابيون المدير السابق للمتاحف في المدينة خالد الأسعد (82 سنة) بقطع رأسه وتعليقه على عمود كهرباء في ساحة المدينة، بعدما عذبوه محاولين أن يعرفوا مكان القطع الأثرية التي تم تهريبها.

وانكفأ عناصر التنظيم إثر دحرهم من آخر مناطق سيطرتهم عام 2019، إلى البادية السورية المترامية الأطراف والممتدة من ريف حمص الشرقي حتى دير الزور شرقاً، وتنفذ خلايا منهم أحياناً عمليات في المنطقة.

عندما سيطر الجيش السوري ومجموعات موالية له ولإيران على المدينة بدعم روسي، بات الدخول إليها شبه مستحيل، وفق ما يروي سكان.

وعاد خلدون الربع (32 سنة) الذي قضى طفولته بين آثار تدمر، إلى المدينة، وكان نزح منها وانضم إلى فصيل معارض.

ويوضح أن أبناء المدينة لم يكونوا قادرين خلال الأعوام الماضية على زيارة المناطق الأثرية، بعدما "تحولت إلى منطقة عسكرية".

مع توقف المعارك، ترك الربع السلاح. ويستعد حالياً لشراء جمال يتجول السياح عليها في مقابل بدل مادي، على غرار ما اعتاد القيام به قبل الحرب.

على هاتفه الخلوي، يعرض صورة يظهر فيها وهو يمتطي جمله الذي قتل في الحرب، وخلفه قوس النصر الذي استحال ركاماً. ويقول بفخر "ترعرعت هنا، كنت أعمل في المكان مذ كان عمري أربع سنوات".

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنشأت المجموعات المسلحة "مواقع ونقاطاً عسكرية" في مدينة تدمر ومنطقتها الأثرية منذ عام 2017، وتحولت فنادقها إلى "أماكن إقامة لهم"، بينما كان يمنع على الزوار أو السكان دخول المنطقة.

وأسفرت ثلاث غارات إسرائيلية في الـ20 من نوفمبر (تشرين الثاني) على تدمر، واستهدفت إحداها اجتماعاً لمجموعات موالية لطهران، عن مقتل 106 مقاتلين، وفق حصيلة المرصد.

ومنذ نحو شهر، يقل خالد الشليل (57 سنة) في سيارة الأجرة التي يملكها أبناء المدينة الراغبين بالعودة لها، من دون أن يتمكن من العودة هو لمنزله في تدمر الذي دمره قصف إسرائيلي.

ويقول "على رغم الدمار ركعت على الأرض من شدة الفرح وبكيت عند عودتي" للمرة الأولى، لكنه يضيف "لا استقرار هنا في الوقت الحالي، لا منازل لدينا، ولا يمكن أن نعود الآن".

المزيد من متابعات