Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحرب الأخيرة تترك ندوبا نفسية قاسية لدى أبناء الجنوب اللبناني

ظهرت عوارض لدى مجموعة من المواطنين بعد توقف المعارك والقصف منها الاكتئاب وفقدان الأمل

بعد أشهر قاسية من الحرب التي شهدت فصولاً دموية وقاسية لا تحظى التبعات النفسية لهذه الحرب بالاهتمام الكافي (ا ف ب)

ملخص

يعد القطاع الصحي في لبنان من القطاعات التي تضررت بصورة مباشرة في الحرب الأخيرة، فقد استهدفت المستشفيات بصورة مباشرة وأقفل عدد كبير منها في المناطق الحدودية، وكذلك قتلت عناصر طبية من مسعفين وكوادر كانت ولا تزال تعمل في مناطق خطرة مع اشتداد المعارك والقصف.

لا يزال أبناء الجنوب اللبناني بعد أشهر على توقف الحرب يعودون تدريجاً إلى بلداتهم المدمرة، بخاصة تلك التي شهدت قصفاً إسرائيلياً عنيفاً لم يُبقِ أي منزل قائماً، ولا حتى أية مؤشرات إلى أن الحياة كانت قائمة في تلك البلدات.

تحدث هذه العودة فيما لا تزال القوات الإسرائيلية موجودة في عدد من البلدات المحاذية للحدود مع إسرائيل وسط ترقب لما إذا كانت ستخرج منها نهائياً بحلول الـ18 من فبراير (شباط) الجاري، وهو الموعد الذي حدد بعد تمديد مهلة وقف إطلاق النار التي أنهت الحرب بين إسرائيل و"حزب الله".

كثيرة هي متطلبات عودة أبناء الجنوب إلى منازلهم منها أساس كالكهرباء والماء وتوفر محال وصيدليات وعودة المؤسسات التجارية التي كانت قائمة إلى سابق نشاطها، لكن الأمر يتطلب أسابيع من العمل المتواصل حتى تعود المنطقة إلى ما كانت عليه، ناهيك بمبالغ مالية كبيرة لعملية إعادة الإعمار قدرت من قبل وزارة الاقتصاد اللبنانية في الحكومة السابقة بنحو 15 مليار دولار. 

القطاع الصحي ضحية الحرب

يعد القطاع الصحي من القطاعات التي تضررت بصورة مباشرة في الحرب الأخيرة، فقد استهدفت المستشفيات بصورة مباشرة وأقفل عدد كبير منها في المناطق الحدودية، وكذلك قتلت عناصر طبية من مسعفين وكوادر كانت لا تزال تعمل في مناطق خطرة مع اشتداد المعارك والقصف.

واليوم تبدو عودة الجسم الطبي إلى الجنوب خجلة جداً، ويصعب الحديث عن وجود أطباء في البلدات التي بدأت تشهد عودة المواطنين إليها.

وفي هذا السياق يكشف الطبيب هاشم جابر من بلدة بليدا لـ"اندبندنت عربية" عن أن جزءاً من الجسم الطبي عاد للجنوب، لكن المشكلة ليست في الجسم الطبي، بل في المستشفيات بسبب غياب الإمكانات لفتح كل الأقسام نتيجة الأضرار الجسيمة التي لحقت بها، وتحديداً في منطقة الشريط الحدودي، فيما هناك حاجة إلى كوادر بشرية طبية في الجنوب في كل القطاعات الصحية ومن ضمنها قطاع التمريض.

وعن التحديات التي يواجهها الأطباء راهناً في الجنوب يقول جابر "كل شيء صعب، الوضع المادي والسكن والاتصالات والإنترنت، كما لا توجد كهرباء، فيما الوضع المادي صعب جداً على المؤسسات الصحية لإصلاح الأضرار ودعم العاملين من أطباء وممرضين وعاملين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تحديات الحصول على الرعاية الصحية

أصدرت منظمة "أطباء بلا حدود" الدولية تقريراً قبل أيام قالت فيه إن كل العائدين والنازحين يواجهون تحديات كبيرة في الحصول على الرعاية الصحية بسبب تدمير البنية التحتية ونقص الكوادر الطبية وارتفاع كلف العلاج التي باتت تفوق قدرة كثر ممن انقطعت مصادر دخلهم خلال أشهر الحرب.

والمنظمة كانت وسعت نطاق عمليتها خلال مهلة وقف إطلاق النار التي عرفت بمهلة "60 يوماً"، وقد نشرت ثلاث فرق طبية متنقلة تخدم 11 بلدة في محافظة النبطية، مكملة بذلك فريقين طبيين متنقلين يزوران بلدات محافظة الجنوب، فيما هدفت هذه الفرق لسد الثغرات الحرجة في مجال الرعاية الصحية في بعض المناطق المتضررة بشدة من خلال توفير الخدمات الطبية الأساسية لمن يحتاج إليها.

وفقاً لوزارة الصحة اللبنانية في الحكومة السابقة قتل 83 شخصاً وأصيب ما لا يقل عن 228 آخرين على يد القوات الإسرائيلية في لبنان منذ إعلان وقف إطلاق النار في الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

الصحة النفسية بعد الحرب

بعد أشهر قاسية من الحرب التي شهدت فصولاً دموية وقاسية لا تحظى التبعات النفسية لهذه الحرب بالاهتمام الكافي، على رغم أهميتها وتأثير الحرب في الصحة النفسية لكل الفئات العمرية، مع التركيز أكثر على الأطفال الذين يعدون فئة هشة وأكثر قابلية للتأثر النفسي خلال الحروب.

تكشف مستشارة الصحة النفسية في مؤسسة "أطباء بلا حدود" الطبيبة ديانا طبارة لـ"اندبندنت عربية" عن أنه خلال هذه الفترة الصعبة التي يعيشها سكان الجنوب هناك مشاعر كثيرة من اليأس والإحباط، وبسبب الأعباء المادية يواجه الناس صعوبات لشراء الدواء أو حتى دفع كلف التنقل للعيادات أو مراكز الرعاية الصحية الأولية. وتضيف أن الكوادر الطبية تواجه صعوبة أحياناً للوصول للأشخاص المستهدفين، فيما تشهد منطقة الجنوب نقصاً كبيراً بالقطاع الطبي لأسباب كثيرة أهمها عيادات الرعاية الصحية الأولية المدمرة أو الدمار القريب منها، والتي يصعب الوصول إليها، ناهيك بعدم وجود خطة واضحة لإعادة الإعمار.

أما عن أهم القطاعات الطبية التي تحتاج راهناً إلى كوادر بشرية فتقول طبارة إنها الصحة النفسية لكثرة الحاجة إليها، بخاصة أن سكان الجنوب يعانون كثيراً العوارض النفسية أبرزها الاكتئاب.

وتكشف مستشارة الصحة النفسية في مؤسسة "أطباء بلا حدود" عن أن المنظمة تقوم بحملات توعية حول أهمية الصحة النفسية والعوارض التي من الممكن أن تظهر عند الأشخاص المعنيين عبر مرشدين معالجين نفسيين في عيادات متنقلة في قضائي صور والنبطية، إنما الحالات التي تحتاج إلى دواء للعلاج فهناك صعوبة في تأمين الدواء اللازم، إن كان في المراكز الصحية أو حتى في الصيدليات.

أما أبرز العوارض النفسية التي خلفتها الحرب الأخيرة، فتتمثل بنوبات الهلع والشعور بالخوف وعدم القدرة على عيش حياة طبيعية والخوف من الأصوات المرتفعة وقلة الشهية وأوجاع جسدية غير مبررة وصعوبة في النوم وفقدان الأمل، وصولاً إلى تسجيل بعض العوارض الانتحارية لدى أشخاص محددين، بخاصة من خسر أشخاصاً مقربين منه. أما لدى الأطفال فتكشف طبارة عن أن غالب الأعراض هي الكوابيس والتبول اللاإرادي وصعوبة العودة إلى المدرسة والتعلق الشديد بالأهل والشعور باليأس.

المزيد من تقارير