Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"خزان قولو" السوداني ميدان "معركة المياه" في الفاشر

"الدعم السريع" تزعم السيطرة عليه والقوات المشتركة تؤكد استمرار المعارك حول المنطقة

المصدر الرئيس لمياه الشرب بالمنطقة بات هدفاً محورياً لقوات "الدعم السريع" (اندبندنت عربية- حسن حامد)

ملخص

في ظل احتدام الصراع حول الخزان وما تبعه من تبادل السيطرة عليه حذرت مصادر محلية من محاولات التسلل المستمرة لعناصر متخفية من قوات "الدعم السريع" إلى أطراف المدينة تستهدف تعطيل انسياب إمدادات مياه الخزان إلى المدينة.

بينما لا تزال مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور ترزح تحت الحصار الطويل المضروب عليها بواسطة قوات "الدعم السريع" لأكثر من عام يحتدم صراع متجدد داخل المعركة الأم للاستيلاء على المدينة هدفه السيطرة على "خزان قولو" المصدر الرئيس لمياه الشرب للإنسان والحيوان هناك، والذي بات هدفاً محورياً لقوات "الدعم السريع" أحال محيطه إلى نقطة ملتهبة بالاشتباكات المتجددة، في وقت يتابع فيه الطيران الحربي غاراته الجوية المكثفة لمنع تقدم "الدعم السريع" وسيطرتها على الخزان.

ومع استمرار المواجهات خلال الأيام الماضية حول "خزان قولو" تتابع قوات "الدعم السريع" حشد مقاتليها وعتادها بإصرار على الاستيلاء على مدينة الفاشر. وبثت القوات مقاطع فيديو لأرتال من العربات القتالية التي زعمت أنها تعزيزات لوجيستية أو ما سمته "العدة الجديدة" استعداداً لهجوم جديد على الفاشر وخوض معارك فاصلة من خلال مساعيها لنقل عتاد كبير وأسلحة متطورة من بينها طائرات مسيرة استراتيجية.

ونشرت قوات "الدعم السريع" الأسبوع الماضي مقاطع فيديو تؤكد فيها سيطرتها على الخزان، وأظهرت المقاطع جنود "الدعم" وهم يقفون على ضفة بحيرة "خزان قولو" ويؤكدون سيطرتهم عليها، مما نفته القوات المشتركة، مؤكدة أن المعارك مستمرة حول المنطقة.

وشيد "خزان قولو" (15 كيلومتراً غرب مدينة الفاشر) في ولاية شمال دارفور عام 1947 لتخزين 4 ملابين متر مكعب من مياه الشرب لسكان المدينة، لكن تراكم الطمي على مدى سنوات مضت تسبب في طمر عدد من الجسور وتغيير مجري انسياب المياه إلى داخل حوض الخزان في موسم الخريف.

وفي ظل احتدام الصراع حول الخزان وما تبعه من تبادل السيطرة عليه حذرت مصادر محلية من محاولات التسلل المستمرة لعناصر متخفية من قوات "الدعم السريع" إلى أطراف المدينة تستهدف تعطيل انسياب إمدادات مياه الخزان إلى المدينة.

معارك فاصلة

في المقابل وإزاء الأنباء عن التحشيد الجديد لقوات "الدعم السريع" حول مدينة الفاشر أوضحت مصادر محلية أن القوة المشتركة للحركات المسلحة سحبت بعض قواتها المشاركة في العمليات وسط وشمال البلاد لتعزيز موقف العمليات في شمال دارفور وللدفاع عن المدينة وفك الحصار عنها نهائياً، بعدما أنجزت تلك القوات مهامها إلى جانب الجيش والقوات الأخرى المتحالفة معه في تحرير ود مدني واستعادة السيطرة على مصفاة الخرطوم للنفط بمنطقة الجيلي شمال العاصمة.

وأشارت المصادر إلى أن الجيش قام بعمليات إسقاط لإمدادات كبيرة من العتاد والمؤن الغذائية والصحية للقوات الموجودة بالفاشر في إطار ترتيبات فك الحصار عنها.

من جانبها أكدت الفرقة السادسة مشاة للجيش بالفاشر أن سلاح الطيران شن ست غارات جوية دقيقة استهدفت تجمعات الميليشيات في مناطق جبل أبوجا شمال الفاشر جنوب شرقي المدينة ومنطقة كفوت غرب الفاشر، وأسفر ذلك عن تدمير عدد من العربات القتالية بمن فيها.

 

وكشف بيان صحافي للفرقة مقتل قائد ثانٍ من الميليشيات و12 قناصاً وتدمير عدد كبير من العربات القتالية وإصابة عناصر في إحدى الغارات الجوية للطيران في المحور الجنوبي للمدينة أمس.

وأكدت الفرقة أن الحملات الأمنية التي تقودها قوات العمل الخاص والاستخبارات العامة والمستنفرون أسهمت في الحد من تحركات الميليشيات داخل المدينة، مشددة على استقرار الأوضاع الأمنية في الفاشر، في وقت تتقدم القوات المسلحة السودانية بمختلف المحاور في الخرطوم وكردفان والجزيرة.

ونفى البيان وجود أية خلافات داخل صفوف القوات المسلحة أو القوة المشتركة، معتبراً أن الإشاعات التي تروجها "الدعم السريع" تهدف إلى تشتيت الرأي العام بعد الهزائم المتتالية التي لحقت بها.

وأوضح البيان أن مدينة الفاشر شهدت حالاً من الفرار الجماعي لعناصر "الدعم السريع" على خلفية خلافات حادة داخل صفوف الميليشيات إثر اتهامات بتسليم مقاتلين بارزين للقوات المسلحة والقوة المشتركة.

تبادل السيطرة

وكانت قوات "الدعم السريع" بثت نهاية مايو (أيار) الماضي مقطعاً مصوراً لقائدها الميداني علي رزق الله الشهير بـ"السافانا" يؤكد فيه سيطرته على الخزان، ويأمر جنوده بإغلاق محطات تنقية المياه وقطع الإمدادات عن سكان مدينة الفاشر، وأن عليهم بعد الآن جلب المياه من البحر الأحمر.

بعد ثلاثة أيام فقط أعلن مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور، رئيس حركة تحرير السودان، المشرف العام على القوة المشتركة، استعادة الجيش والقوات المشتركة "خزان قولو".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بدورها عادت "الدعم السريع" لتعلن في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي استعادة سيطرتها على الخزان تزامناً مع قصف مدفعي استهدف السوق المركزية بالمدينة، وذلك قبل أن يتمكن الجيش والقوات المشتركة من استعادة السيطرة عليه وإعادة إمدادات المياه إلى المدينة.

وأصدرت القوات المشتركة بياناً أكدت فيه إفشالها مخطط قطع المياه عن مدينة الفاشر بعد تكرار محاولات قوات "الدعم" مهاجمة منطقة "خزان قولو" المصدر الرئيس للمياه بعاصمة شمال دارفور.

في السياق أوضح المتحدث باسم القوات المشتركة المقدم أحمد حسين لـ"اندبندنت عربية" أن الهدف الرئيس لميليشيات "الدعم السريع" وظهورها في الخزان هو محاولة قطع المياه من سكان مدينة الفاشر كما سبق وصرح بذلك قائدهم المدعو "السافانا" من قبل.

وأوضح حسين أن مجموعات من الميليشيات عادت مرة أخرى وحاولت تعطيل إمدادات المياه، غير أن قوات الجيش بالتعاون مع القوات المشتركة تصدت لهم وأبعدتهم من محيط الخزان والمنطقة. وأوضح أن السلوك الذي تمارسه الميليشيات الغرض الأساس منه تعطيش سكان الفاشر وطردهم من المدينة، مؤكداً أنه ليس هنالك أي وجود عسكري للميليشيات حالياً في محيط الخزان.

ومنتصف العام الماضي دارت معارك ضارية حول "خزان قولو" تمكن خلالها الجيش والقوات المشتركة من حركات الكفاح المسلح من استعادة السيطرة على الخزان بعد اشتباكات عنيفة لثلاثة أيام مع "الدعم السريع".

صنع الجحيم

‏من جانبه جدد حاكم إقليم دارفور منى أركو مناوي اتهامه لقوات "الدعم السريع" بالسعي إلى صنع الجحيم في مدينة الفاشر، ومعاقبتها بأقصى ما تملك من أدوات المهانة، انتقاماً من السكان لرفضهم الانصياع لمطالبها بمغادرة المدينة والهرب إلى المجهول.

وقال مناوي في تغريدة على حسابه بمنصة "إكس"، "صمدت الفاشر بأطفالها ونسائها وبناتها وشبابها وشيوخها وأئمتها ومعسكراتها، على رغم إغلاق كل الطرق المؤدية إليها لمدة عام، لتمسح العار عن وجه الاتحاد الأفريقي الذي عجز أن ينطق بأن إنسان الفاشر يستحق الحياة كالآخرين، صمدوا جميعهم وفي ذاكرتهم ماذا حدث في الجنينة". وتابع "على رغم فشل دعوات مجلس الأمن لفك الحصار عن المدينة فإنها بقيت صامدة، وظلت الكوادر الطبية تقوم بالعمليات الكبيرة داخل خنادق ترابية بعدما عطلت الميليشيات كافة المستشفيات بالمسيرات الممنوحة لها من بعض دول أعضاء في الأمم المتحدة".

 

على الصعيد نفسه أوضح المتخصص في فض النزاعات الرحيمة نورين أن استهداف قوات "الدعم السريع" لكل مصادر المياه في محيط المدينة والقرى المتاخمة لها، وعلى رأسها "خزان قولو" جاء بسبب أهميته الحيوية والاستراتيجية كمصدر رئيس للمياه بمدينة الفاشر وما حولها من قرى.

ولفت نورين إلى أن الخزان أصبح ضمن أهداف وأدوات الميليشيات لاستكمال خطة حصارها الطويل القاتل لمدينة الفاشر بمنع وصول كافة أنواع الإمدادات الغذائية والصحية عن المدينة كجزء من محاولتها المستميتة لخنقها تمهيداً للانقضاض والسيطرة عليها إلى جانب تواصل القصف المدفعي للأعيان والمرافق المدنية الخدمية بما فيها مصادر المياه.  وأردف أن "قوات (الدعم السريع) باتت الآن تسابق الزمن في تحشيد قوتها المنسحبة من وسط البلاد وتوجيهها صوب استعجال السيطرة على مدينة الفاشر، وذلك قبل أن يكتمل تحرير وتأمين العاصمة الخرطوم وتتفرغ قوات الجيش بكل قدراتها نحو معارك تحرير دارفور"، متوقعاً أن تتواصل الهجمات على الخزان على رغم تحوله إلى شبه مصيدة متجددة للقصف الجوي تقع فيها قوات "الدعم السريع".

تشدد وتقدم

في الأثناء شدد رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان على أنه لا تفاوض مع التمرد والميليشيات أو وقف لإطلاق النار خلال شهر رمضان المقبل ما لم يتم فك الحصار عن المواطنين في الفاشر وبابنوسة وكل المناطق المحاصرة.

وتسلم البرهان في لقاء مع القوي السياسية والمجتمعية مطلع هذا الأسبوع، وعلى رأسها الكتلة الديمقراطية، رؤية تلك الكيانات بعد حوار استمر لفترة طويلة خلال الأشهر السابقة، مؤكداً التزامه تشكيل حكومة تكنوقراط مستقلين بحسب ما توافقت عليه القوى السياسية.

وفي الخرطوم يواصل الجيش تقدمه واقترابه من تحرير القصر الجمهوري بوسط المدينة بعد سيطرته على تخوم العاصمة ومنطقة سوبا والقرى المحيطة بشرق النيل، ودخول القوات المتقدمة من ولاية الجزيرة إلى مشارف مدينة جياد الصناعية جنوب العاصمة، إلى جانب تقدم قوات سلاح المدرعات نحو قلب الخرطوم ضمن خطة الجيش لبسط سيطرته على كامل العاصمة.

وأعلن مساعد قائد الجيش الفريق أول ياسر العطا اقتراب السيطرة الكاملة على ولايات الخرطوم والجزيرة والنيل الأبيض، مشيراً إلى قرب انتهاء العمليات العسكرية بتحقيق أهدافها.

وكانت منظمة الـ"يونيسيف" حذرت من أن النزاع على "خزان قولو" كمصدر رئيس لمياه شرب الفاشر يعرضه لخطر التلف والتدمير، وحرمان العائلات والأطفال من المياه الآمنة والكافية، فضلاً عن زيادة خطر الأمراض المنقولة عبر المياه في منطقة تعاني الحرب.

ودعت المديرة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أديل خضر الأطراف المتقاتلة إلى ضمان استدامة خدمات المياه والوصول الآمن لها، وإنهاء الهجمات على البنية التحتية المدنية الحيوية وتشمل مرافق وشبكات المياه والمدارس والمستشفيات والمراكز الصحية.

ونهاية يناير الماضي جدد مجلس الأمن الدولي إدانته الشديدة للهجمات التي تشنها قوات "الدعم السريع" على مدينة الفاشر في دارفور، مطالباً بوقف "فوري" لإطلاق النار بين الطرفين.

ومنذ الأشهر الأولى لاندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" منتصف أبريل (نيسان) 2024 تمكنت الأخيرة من إحكام قبضتها على أربع من أصل ولايات إقليم دارفور الخمس هي جنوب وغرب وشرق ووسط دارفور، وتسعى حثيثاً إلى السيطرة على الفاشر عاصمة شمال دارفور وحاضرته التاريخية لاستكمال بسط نفوذها على كامل الإقليم.

وانفجرت الأوضاع والمعارك العنيفة بين الجانبين بالفاشر عقب تخلي "القوة المشتركة" لحركات دارفور المسلحة الموقعة على "اتفاق جوبا" للسلام عن الحياد وانضمامها للقتال إلى جانب الجيش في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

المزيد من متابعات