ملخص
تعمل الجماعات المتطرفة على استغلال الحركات النسوية عبر تشويه الروايات لخدمة أجندتها الإرهابية، عن طريق إنشاء تمكين زائف. وقد تتلاعب الجماعات المتطرفة بالقضايا المتعلقة بالنوع الاجتماعي لجذب النساء، وتصور قضيتهن بصورة خطأ كوسيلة للتمكين أو التحرير.
تهدف بعض الدول الأفريقية إلى دعم وتعزيز حركات المقاومة النسوية والجماعات التي تعنى بالمرأة في جميع أنحاء أفريقيا، وتمكينها من تعزيز العدالة بين الجنسين مع الحفاظ على شمولية ومرونة ضد الهجمات المتزايدة من الحركات المناهضة لحقوق المرأة.
تاريخ النسوية
تعود جذور الحركة النسوية في الصومال إلى فترة ما قبل الاستقلال، عندما بدأت النساء بالدفاع عن التعليم والحقوق الاجتماعية خلال السبعينيات والثمانينيات، في ظل النظام الاشتراكي لسياد بري. وتم تعزيز حقوق المرأة كجزء من سياسة الدولة وتمكنت المرأة خلالها من الوصول إلى التعليم والتوظيف والمشاركة السياسية، رغم أن هذه التطورات كانت في كثير من الأحيان من أعلى إلى أسفل وتحت سيطرة الدولة، حتى شهدت الحركة النسوية تطوراً في الصومال، كما الحال في عديد من البلدان الأخرى، استجابة للسياق الاجتماعي والسياسي والثقافي المحدد للمنطقة. وفي ما يلي لمحة عامة عن أصولها وانتماءاتها والتحديات التي تواجهها، بما في ذلك استغلالها من قبل الجماعات المتطرفة.
النسوية الحديثة
تقود الحركة النسوية في الصومال مجموعة متنوعة من الناشطين والمنظمات والشبكات، وتشمل مجموعات مثل مركز تنمية المرأة الصومالية (SWDC)، ومركز "جالكايو" التعليمي للسلام والتنمية (GECPD)، ومنظمة إنقاذ النساء والأطفال الصوماليين (SSWC). وتحظى الحركة أيضاً بدعم المنظمات الدولية والجهات المانحة التي تعمل على المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة في الصومال.
شراكات دولية
وتحظى الحركة النسوية الصومالية بدعم المنظمات الدولية للمرأة مثل هيئة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وعديد من المنظمات غير الحكومية التي توفر التمويل والتدريب والدعم في مجال المناصرة. وتساعد هذه الشراكات على إيصال صوت المرأة الصومالية على الساحة العالمية وتوفير الموارد للمبادرات المحلية.
تمرير أجندات
وحاولت الجماعات المتطرفة مثل حركة "الشباب"، استغلال الخطاب الجنساني لخدمة أجنداتها. فعلى سبيل المثال يصورون أنفسهم في بعض الأحيان على أنهم حماة "شرف" المرأة و"القيم الإسلامية" لكسب الشرعية داخل المجتمعات المحافظة ومع ذلك، في الواقع، يفرضون قيوداً صارمة على حقوق المرأة، بما في ذلك الحد من حصولها على التعليم والعمل وحرية التنقل.
مكافحة التطرف
وأوضح مصدر مطلع أن الجهات الدولية والحكومة سخرت برامج مكافحة التطرف عبر دعم العائلات وتصميم برامج الحماية للعائلات الراغبة، وهذا يشمل توفير ملاذ آمن للأسرة وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للزوجات لتمكينهن من التأثير، وتقديم التوعية والدعم النفسي وتعزيز البدائل الاقتصادية ودور المرأة في المجتمع، مؤكدين أن الزوجات يمكن أن يكن عاملاً مهماً في تشجيع الرجال على الانشقاق عن حركة "الشباب" ولكن هذا يتطلب توفير بيئة آمنة وداعمة لهن، ولعائلاتهن برامج مكافحة التطرف بغية إضعاف الجماعات المتطرفة.
قمع وإكراه
وأكد مختصون في الشؤون الأمنية والسياسية أنه غالباً ما تجد زوجات المسلحين في حركة "الشباب"، أنفسهن محاصرات في دورة من القمع والإكراه. وكثيراً ما يتعرضن لتفسيرات صارمة للشريعة الإسلامية التي تفرضها الجماعة. وفي كثير من الحالات، تجبَر النساء على الزواج من مقاتلي "الشباب"، وغالباً في سن مبكرة ومن دون موافقتهن، مما يديم نظام الاستغلال والإساءة. وبمجرد زواجهن، يتوقَع أن يلتزمن بصرامة تفسير الحركة المتشددة للشريعة الإسلامية، وهي مدونات سلوك صارمة، تملي عليهن كل شيء من ملابسهن إلى أنشطتهن اليومية. ويمكن أن يؤدي أي "انحراف" عن هذه القواعد إلى عقاب شديد، بما في ذلك العنف الجسدي أو حتى الموت، مما يسلط الضوء على الواقع الوحشي الذي تواجهه النساء داخل تمرد "حركة الشباب"، كما أن جو الخوف والترهيب المتفشي يمنع النساء من تأكيد حقوقهن أو طلب المساعدة، ويحاصرهن في حلقة من القمع والعنف.
استغلال السكان
وأوضحت مصادر مطلعة أن الجماعات المتطرفة تتكون في الغالب من الرجال، ولكن تم الإبلاغ أيضاً عن تجنيد نساء وأطفال، غالباً من خلال الإكراه والتلاعب واستغلال السكان الضعفاء عبر التجنيد القسري. ومعروف أن حركة "الشباب" تجند النساء والأطفال قسراً، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرتها. وكثيراً ما تتعرض الأسر للتهديد، ويتم اختطاف الأطفال من المدارس أو المنازل لتدريبهم كمقاتلين أو لاستخدامهم في أدوار داعمة.
تشويه الروايات
بين أن الجماعات المتطرفة تعمل لاستغلال الحركات النسوية عبر تشويه الروايات لخدمة أجندتها الإرهابية، عن طريق إنشاء تمكين زائف. وقد تتلاعب الجماعات المتطرفة بالقضايا المتعلقة بالنوع الاجتماعي لجذب النساء، وتصور قضيتهن بشكل خطأ كوسيلة للتمكين أو التحرير. كما أن الدعاية الزائفة موجهة غالباً إلى الفئات الشابة، ويستخدم المتطرفون النساء في الدعاية لتقديم واجهة من الشمولية أو لجذب جماهير أوسع، بمن في ذلك أولئك المتعاطفون مع القضايا النسوية. ولفت مختصون إلى أن تكتيكات حركة "الشباب" تشكل جزءاً من نمط أوسع تشهده المنظمات الإرهابية على مستوى العالم، إذ تستغل الفئات السكانية الضعيفة، بما في ذلك النساء والأطفال، لتحقيق أهدافها. وتتطلب مكافحة هذا الاستغلال معالجة الأسباب الجذرية مثل الفقر، ونقص التعليم، وعدم الاستقرار السياسي، فضلاً عن مكافحة الدعاية المتطرفة.
تزويج المتطرفين
وقدم مخبر رئيس تابع للحكومة الصومالية وجهة نظره بأن "كل منشق (عضو في حركة الشباب) لديه زوجة. في بعض الأحيان يكون لديهم اثنان أو ثلاثة أو أربعة. لا يوجد لدى عناصر حركة "الشباب" زوجة واحدة فقط". ومع ذلك، ورغم الرأي الشائع بأن جميع مسلحي "الشباب" لديهم زوجات، هناك كثيرون في المجموعة لا يستطيعون الزواج. ويؤثر الموقع الذي يتمركز فيه عنصر الحركة المتطرفة على احتمال زواجه، إذ أوضح المخبر ذاته أنه "عندما تستولي حركة "الشباب" على بلدة، فإنها تزوّج عناصرها من نسائها، لتشجيع الرجال في المجموعة على الزواج. وعندما يكونون في الأدغال، فإنهم يثبطون الزواج، لأنهم ليسوا في المدينة، لذلك لن يصلوا إلى الاحتياجات الأساسية. ويمكن للرجال الأكبر سناً مواصلة زواجهم، بينما يوقفون "الشباب" عن الزواج عندما يكونون في الغابات". كما أوضح عضو سابق كبير في المجموعة أن "80 في المئة من الأعضاء غير متزوجين. وعدد قليل فقط منهم متزوجون، وهؤلاء ليسوا من 'الشباب'. هؤلاء هم الذين تزوجوا قبل انطلاق الحركة".
تمكين المجتمع
وقال مسؤول مطلع، إن "شن تمرد ناجح يتطلب مجتمعاً تمكينياً، إذ يميل المسلحون إلى أن يكون لديهم زوجات وعائلات تدعمهم. ويشكل المقاتلون وعائلاتهم شبكة معقدة ونظاماً مترابطاً يحتاج إلى تحليل، لفهم كيفية عمل مجموعة مسلحة حقاً. وجزء رئيس ولكن غير مدروس من هذه الصورة، هي زوجات المسلحين"، مشيراً إلى أن "الكفاح من أجل إنهاء العنف ضد النساء والفتيات عالمي. ومع ذلك، فإن عدم المساواة بين الجنسين هو السبب الجذري للعنف ضد النساء والفتيات السائد بصورة خاصة في المناطق المتضررة من الأزمات، بما في ذلك النزاعات والانقلابات العسكرية والنزوح والصدمات المناخية والجوع".
"جهاد عائلي"
ويظهر تقرير استقصائي صومالي "الأدوار التي تلعبها زوجات عناصر حركة الشباب في دعم أزواجهن والجماعة، حيث يظهر غالباً في جلسات التحقيق والمحاكمات أن دور الزوجات في الحركة معقد ويختلف تبعاً للظروف الفردية، ولكنهن غالباً ما يشاركن في أنشطة الجماعة إلى حد ما، إما عن طيب خاطر أو تحت الإكراه، ويجب أن تأخذ الجهود المبذولة لمكافحة حركة الشباب، في الاعتبار، الديناميكيات الجنسانية للجماعة، وأن تقدم الدعم للنساء والأسر التي تسعى إلى الهرب من نفوذها. ويشمل ذلك إنشاء مسارات آمنة للانشقاق، وتقديم الدعم الاقتصادي والاجتماعي، ومعالجة الأسباب الجذرية للتطرف".
أدوار تقليدية
ويسلط تورط الزوجات في حركة "الشباب" الضوء على استغلال الجماعة للأدوار التقليدية للجنسين والهياكل الأسرية لدعم عملياتها. وغالباً ما تُستخدم النساء كأدوات للتجنيد والدعاية والحفاظ على النسيج الاجتماعي للجماعة. ومع ذلك غالباً ما تتسم حياة الزوجات اللاتي يعشن في المناطق التي تسيطر عليها حركة "الشباب" بالصعوبة والخوف والاستقلالية المحدودة. وتتشكل تجاربهن من خلال تفسير الجماعة الصارم للشريعة، والتهديد المستمر بالعنف، والسيطرة الشاملة على الحياة اليومية. وفي ما يلي نظرة متعمقة على حياتهن وأسباب مغادرتهن وما ينتظرهن في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.
تشجيع حكومي
ينصب التركيز الحكومي في الصومال حالياً على تمويل صندوق مجمَّع من المانحين، يقدم الدعم للبرنامج الوطني لعلاج المقاتلين المنفصلين، وهي مبادرة تقودها الحكومة الاتحادية الصومالية، وتشجع على انشقاق مقاتلي حركة "الشباب". ويشرف "البرنامج الوطني" على سلسلة من مراكز لإعادة تأهيل المنشقين الذكور، وخلال الأعوام الماضية، بدأت بالنظر في أفضل الطرق لدمج النساء في هذا البرنامج، سواء لجهة معاملة المنشقات، والتفكير في كيفية التعامل مع النساء المرتبطات بجماعة "الشباب" كزوجات وأفراد أسر المسلحين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هيمنة عشائرية
وبعد الزواج أمر أساس في مشروع حركة "الشباب". وكونها مجموعة دينية، تستخدم حركة "الشباب" الزواج كأداة للنهوض بمصالحها الاجتماعية والسياسية، بما في ذلك تنسيق مصالح العشائر. وتعد المجموعة المجندين الذكور بتعزيز وصولهم إلى الزوجات، بما في ذلك عن طريق إلغاء العادات التي تمنع الرجال من "العشائر الثانوية" من الزواج من نساء العشائر الأكبر أو الأكثر بروزاً. ويُستخدم الزواج لتعزيز العلاقات والحصول على الولاءات عبر خليط واسع من العشائر. ويتزوج عديد من المسلحين من زوجتين إلى ثلاث زوجات من عشائر مختلفة. وزادت مستويات الزواج المختلط بين العشائر المهيمنة والأقليات في ظل حكم حركة "الشباب".
فرض الزواج
وبينت المصادر أنه كوسيلة لجذب المقاتلين الأجانب، تعدهم حركة "الشباب" بالزوجات عند انضمامهم. وضغطت المجموعة على العشائر المحلية لتقديم الشابات للأجانب القادمين، إلا أن العائلات والعشائر الصومالية قاومت ذلك، لتعارضه مع تقاليد البلاد، حيث ينظر إلى الزواج على أنه ممارسة تؤمن علاقات العشائر. ورفضت بعض العائلات تسليم بناتها إلى المقاتلين الأجانب، بينما غيرهن تزوجن من الأجانب، ويمكن التعرف عليهن مع أطفالهن بسبب لونهن الشاحب، ويقال إنهن يواجهن صعوبات في الاندماج، وغالباً ما يصبحن مقاتلات من حركة "الشباب" في سن مبكرة. وانحسرت هذه الممارسة مع انخفاض عدد المجندين الأجانب.
الهرم النسائي
أفادت المصادر عينها أن لدى الزوجات تجارب مختلفة مع المجموعة، اعتماداً على هوية أزواجهن، ودعمهن الأيديولوجي لحركة "الشباب"، ومواقعهن، وظروفهن الشخصية. وهناك وضع خاص للرجال داخل حركة "الشباب". ثم هناك تسلسل هرمي للنساء، بناء على هوية أزواجهن وعشائرهن، وأشارت المعلومات إلى أن "النساء المتزوجات من مقاتلي حركة الشباب يمارسن قدراً كبيراً من الاستقلالية في حياتهن اليومية ويلتزمن بشدة بقضية حركة الشباب".
تهميش الضحايا
وأوضحت مسؤولة شؤون المرأة الصومالية صفية حاجي أنه "من غير المرجح أن تنهي الفتيات دراستهن في السياقات المتأثرة بالأزمات بسبب الزواج المبكر أو حمل المراهقات أو المعايير الاجتماعية التي تتطلب من الفتيات التضحية بتعليمهن من أجل تحمل المسؤوليات المنزلية، ويجب معالجة الحواجز التي تمنع الفتيات من متابعة التعليم. إذ مع التعليم يأتي مزيد من السلامة والأمن والصحة وتقرير المصير". ولفتت حاجي إلى أن "التهميش الاقتصادي للمرأة يقلل من الحريات والفرص ويتسارع بسبب العنف والأزمات والنزوح التي تخلق صدمة، وتقيد حركة المرأة، وتؤثر سلباً على قدرة المرأة على الوصول إلى سوق العمل والخدمات المالية".
التحرر والتمكين
وأضافت حاجي أن "المرأة في الصومال تستحق التحرر من التمييز والتحرش والعنف، إضافة إلى العمل على معالجة خدمات التمكين الاقتصادي للمرأة في السياقات المتأثرة بالأزمة هذه الحواجز المتقاطعة أمام الفرص الاقتصادية، وبشكل عام، يُنظر إلى النساء في الصومال نظرة دونية، ويتم قمعهن من خلال ممارسات ضارة مختلفة من تشويه الأعضاء التناسلية للإناث والعنف القائم على نوع الجنس إلى الزواج القسري وعدم المساواة". وزادت أنه "غالباً ما تواجه النساء اللاتي يعملن كناشطات في مجال حقوق الإنسان في الصومال تحديات تشمل الوصم والعنف والتهديدات بالاعتداءات الجسدية والمضايقات والقتل المستهدف والاختفاء القسري. المدافعات عن حقوق الإنسان في الصومال شجاعات في أكثر الحالات استثنائية".
مهن ضعيفة
تميل النساء الصوماليات إلى شغل المهن الأكثر ضعفاً وأقل المهن أجراً. في حين أن بعض العاملات المستضعفات قد يكون لديهن جمعياتهن الخاصة، إلا أن عديداً منهن لا يزلن غير منظمات وغالباً ما لا يستطعن الدفاع عن حقوقهن.