ملخص
قد يؤدي حظر السفر الذي فرضته الولايات المتحدة على موظفي المحكمة إلى تعقيد عملهم، وقد ترفض مؤسسات مالية العمل مع المحكمة خشية انتقام أميركي. ويمكن أن تؤثر العقوبات أيضاً في العمليات التقنية للمحكمة، بما في ذلك جمع الأدلة.
سيكون المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أول من سيتأثر بعقوبات اقتصادية وأخرى تتعلق بالسفر أقرها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لاستهداف المحكمة بسبب تحقيقها مع مواطنين أميركيين أو حلفاء للولايات المتحدة، وفق ما نقلته وكالة "رويترز" عن مصدرين مطلعين.
وقال مسؤول كبير في المحكمة ومصدر آخر إن مسؤولين من الحكومة الأميركية أبلغوهما بأن البريطاني خان ورد اسمه أمس الجمعة في ملحق لم يُنشر بعد لأمر تنفيذي وقعه ترمب أول من أمس الخميس.
وطلب المسؤول والمصدر عدم الكشف عن هويتيهما بسبب سرية الأمر. وتشمل العقوبات تجميد أصول بالولايات المتحدة للأشخاص المشمولين بالعقوبات ومنعهم هم وعائلاتهم من زيارة أميركا.
مواصلة تحقيق العدالة
وتعهدت المحكمة الجنائية الدولية أمس الجمعة مواصلة تحقيق العدالة "للملايين من ضحايا الفظائع" في سائر أنحاء العالم، وذلك رداً على العقوبات التي فرضها عليها الرئيس الأميركي ولاقت استهجاناً أممياً وأوروبياً ومن غالبية الدول الأعضاء في هذه الهيئة القضائية.
وفرض ترمب هذه العقوبات على المحكمة بتهمة "مباشرتها إجراءات قضائية لا أساس لها ضد الولايات المتحدة وحليفنا المقرب إسرائيل"، في خطوة أشادت بها إسرائيل.
ويحظر المرسوم الذي وقعه ترمب الخميس ونشره البيت الأبيض دخول مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية وموظفيها وعناصرها إلى الولايات المتحدة، وكذلك أقرب أفراد عائلاتهم وكل من قدم مساعدة في تحقيقات المحكمة. ويلاحظ المرسوم تجميد أصول جميع هؤلاء الأشخاص في الولايات المتحدة. ولم تعلن في الحال أسماء الأفراد المستهدفين.
وبحسب نص المرسوم الذي نشره البيت الأبيض فإن المحكمة الجنائية الدولية "باشرت إجراءات غير قانونية ولا أساس لها في حق أميركا وحليفنا المقرب إسرائيل"، في إشارة إلى تحقيقات في جرائم ضد الإنسانية فتحتها المحكمة في حق جنود أميركيين بأفغانستان وعسكريين إسرائيليين في قطاع غزة.
ونددت المحكمة الجنائية الدولية، ومقرها لاهاي بالعقوبات، مؤكدة في بيان أنها "تقف بحزم وراء موظفيها وتلتزم مواصلة إحقاق العدالة وإعطاء الأمل من جديد لملايين الضحايا الأبرياء الذين قاسوا فظائع في العالم بكل القضايا التي ترفع إليها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأُسِّست المحكمة عام 2002، وتضم حالياً 125 دولة عضواً، ولم تصدر سوى عدد قليل من الإدانات منذ إنشائها.
ويأتي قرار ترمب في خضم موجة انتقادات دولية لاقتراحه سيطرة الولايات المتحدة على غزة وتنمية القطاع اقتصادياً وعقارياً، ونقل الفلسطينيين المقيمين فيه بشروط لم يحددها إلى دولة أو عدد من الدول المجاورة.
ولاية ترمب الأولى
وخلال ولاية ترمب الأولى عام 2020 فرضت الولايات المتحدة عقوبات مالية على المدعية العامة لدى المحكمة آنذاك فاتو بنسودة ومسؤولين كبار آخرين في الهيئة وحظراً على دخولهم أراضيها.
وصدر ذاك المرسوم بعدما فتحت المحكمة التي وصفتها إدارة ترمب يومذاك بـ"محكمة الكنغر" تحقيقاً في مزاعم جرائم حرب منسوبة إلى جنود أميركيين في أفغانستان.
ولم يذكر المرسوم في ذلك الحين إسرائيل بالاسم، لكن مسؤولين في إدارة ترمب قالوا إنه جاء أيضاً رداً على فتح بنسودة تحقيقاً في الوضع في الأراضي الفلسطينية عام 2019.
ورفع بايدن العقوبات المفروضة على المحكمة بعد توليه الرئاسة في 2021. وأسقط كريم خان الذي خلف بنسودة الولايات المتحدة من التحقيقات في الملف الأفغاني التي باتت تركز على حركة "طالبان".
والشهر الماضي طرح مجلس النواب الأميركي مشروع قانون لفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، لكن نواباً ديمقراطيين اعترضوا عليه بحجة أنه قد يرتد سلباً على حلفاء الولايات المتحدة والشركات المتعاونة معها.
مخاوف من انتقام أميركي
وقال متخصصون لوكالة الصحافة الفرنسية إنه قد يكون للعقوبات الأميركية تأثير تشغيلي معوق. فقد يؤدي حظر السفر الذي فرضته الولايات المتحدة على موظفي المحكمة إلى تعقيد عملهم، وقد ترفض مؤسسات مالية العمل مع المحكمة خشية انتقام أميركي.
ويمكن أن تؤثر العقوبات أيضاً في العمليات التقنية للمحكمة، بما في ذلك جمع الأدلة.
وقال الباحث في معهد TMC Asser وجامعة أمستردام جيمس باتريك سيكستون "يمكن أن تتوقف شركات ومنظمات ببساطة عن التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية لأن ذلك ينطوي على مخاطرة كبيرة، ويمكن لشركات كبيرة مثل (مايكروسوفت) أن تنسحب ببساطة بصورة استباقية".