Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أسرى "حزب الله" لدى إسرائيل: هل يكون أمهز وتسوركوف مفتاحين لصفقة؟

يدرس الحزب خيارات أخرى منها خطف جنود إسرائيليين كما فعل عام 2006

تجاوز عدد المقاتلين المفقودين من مقاتلي "حزب الله" لحظة وقف إطلاق النار 1000 مقاتل (أ ف ب)

ملخص

خلال الحرب الأخيرة بين "حزب الله" وإسرائيل أسر الجيش الإسرائيلي ما لا يقل عن سبعة من مقاتلي الحزب، بينما تشير تقارير أخرى إلى أن العدد قد يصل إلى 10، لكن اتفاق وقف إطلاق النار لم يتضمن بنداً في شأن الأسرى، في حين تتواصل المفاوضات لتحريرهم، وسط حديث عن صفقة تبادل محتملة تشمل الرهينة الإسرائيلية إليزابيث تسوركوف المحتجزة في العراق، ومع عدم وجود إحصاء دقيق لعدد مفقودي الحزب، فإن مصير كثير من مقاتليه لا يزال غير واضح، مما يضع ملف الأسرى في صلب المفاوضات المقبلة.

خلال الحرب الأخيرة بين "حزب الله" وإسرائيل أفادت تقارير بأن إسرائيل أسرت ما لا يقل عن سبعة من مقاتلي "حزب الله"، بينما أشارت مصادر أخرى إلى أن العدد قد يصل إلى 10، بينهم أربعة من وحدة "الرضوان" النخبوية، ومن ضمنهم قائد ميداني، وعند التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل لم يتضمن الاتفاق بنداً صريحاً يتعلق بمصير هؤلاء الأسرى.
"حزب الله" لم يغفل هذا الملف، إذ طرح مسألة الأسرى ضمن ملاحظاته عند تسلمه اقتراح وقف إطلاق النار، ومع ذلك لم تسفر المفاوضات عن نتيجة في هذا الشأن ولم يدرج طلبه في الوثيقة الأساس التي اُتفق عليها، في حين لم يكن لدى الحزب معلومات حاسمة حول عدد الأسرى لا سيما أن مصادر أمنية لبنانية أشارت إلى أن عدد مفقودي عناصر الحزب لحظة وقف إطلاق النار تجاوز 1000 مقاتل لذا كانت هناك صعوبة لمعرفة ما إذا كانوا أسرى أو قتلى أو مفقودين.
فيما سلم "حزب الله" قبل أسبوع السلطات اللبنانية قائمة بأسماء سبعة مقاتلين أسرهم الجيش الإسرائيلي خلال المواجهات الأخيرة، وهم كامل يونس أسر في قرية بليدا، وحسن جواد ويوسف عبدالله وإبراهيم الخليل ومحمد جواد وحسين شريف، وأُسروا في قرية "عيتا الشعب"، إضافة إلى عماد أمهز الذي اقتيد في عملية لكوماندوس إسرائيلي من مدينة البترون (شمال).

وتفيد التقارير بأن المفاوضات مستمرة لإطلاق سراح هؤلاء الأسرى في إطار اتفاق وقف النار الحالي، من خلال اللجنة الخماسية المكلفة مراقبة تطبيق القرار 1701 وبنود اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين لبنان وإسرائيل.

صفقة ثلاثية

تكشف مصادر أمنية متابعة عن مسارات محتملة عدة لمعالجة هذا الملف، المسار الأول يتمثل في طرح قضية الأسرى خلال المفاوضات السياسية المزمع إجراؤها عقب الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من القرى الحدودية، أما المسار الثاني فيتعلق بإمكان إضافة ملف أسرى "حزب الله" إلى ملف الأسرى الفلسطينيين ضمن صفقة تبادل شاملة بين إسرائيل وحركة "حماس"، في حين كشفت مصادر إعلامية إسرائيلية وإيرانية عن مساعٍ لعقد صفقة تبادل ثلاثية بين إسرائيل والعراق ولبنان، يُطلق بموجبها سراح الرهينة الإسرائيلية الروسية إليزابيث تسوركوف، مقابل أسرى "حزب الله" لدى إسرائيل.
وتسوركوف هي طالبة دكتوراه في العلوم السياسية بجامعة برينستون، سافرت إلى العراق كجزء من بحثها للدكتوراه حول الحركات السياسية في الشرق الأوسط مستخدمة جواز سفرها الروسي لدخول البلاد، حيث اختُطفت من قبل فصائل مسلحة عراقية موالية لإيران. وطرحت هذه المسألة تساؤلات عن الجهة التي اختطفت تسوركوف في العراق عام 2023، وعما إذا كان "حزب الله" متورطاً باختطافها أو أن الفصائل العراقية سلمت الحزب ورقة تفاوضية لتحرير أسراه برعاية إيرانية، في حين تشير المعلومات إلى دخول أميركا على خط المفاوضات.


خطف إسرائيليين

مصادر مقربة من  "حزب الله" اعتبرت بدورها أن لبنان يخوض معركة جديدة مع إسرائيل، وهذه المرة ليست بقيادة الحزب، بل عبر الدولة اللبنانية، إذ يتركز عنوان هذه المواجهة على "تحرير أسرى ’حزب الله‘ العسكريين" الذين اعتقلهم الجيش الإسرائيلي خلال فترة الحرب. وأكد أن رئيس الجمهورية جوزاف عون اشترط على الولايات المتحدة الحصول على ضمانات لتحرير أسرى "حزب الله" مقابل الموافقة على تمديد مهلة اتفاق وقف إطلاق النار حتى الـ18 من فبراير (شباط) الجاري، وهو ما استجابت له واشنطن عبر تقديم وعود للبنان بهذا الخصوص.

وهدد أنه في حال عدم التجاوب مع مطالب الدولة اللبنانية، "قد يجد الحزب نفسه مضطراً إلى اعتماد خيار المقاومة المباشر، وهو الأسلوب الذي اعتمدته عام 2006 عندما أسر الحزب جنديين إسرائيليين، مما أدى لاحقاً إلى تحرير الأسرى اللبنانيين"، مؤكداً أن الحزب لن يسمح بأن يبقى أي من مقاتليه قيد الأسر من دون اتخاذ إجراءات حاسمة.

أسرار القبطان أمهز

وفي السياق اعتبر العميد المتقاعد سعيد القزح أن ما قامت به مصادر مقربة من "حزب الله" بالكشف عن لائحة تضم أسماء سبعة أسرى لدى إسرائيل كان خطوة مفاجئة، بخاصة مع تضمنها اسم القبطان عماد أمهز، الذي اختُطف عبر عملية إبرار، ولفت إلى أن هذا يثير تساؤلات حول دوره، مشيراً إلى أنه قد لا يكون عنصراً تنظيمياً في الحزب، إلا أنه كان يقدم خدمات كبيرة للحزب، ويعتبر مخزناً للمعلومات التي تهم الجانب الإسرائيلي، مما يجعل إسرائيل في حاجة إليها لدرجة أنها قد تكون خاطرت من أجلها عبر عملية الإنزال على الساحل في البترون (شمال غربي لبنان).
ورأى أن "حزب الله" قد يطالب بأسماء الأسرى السبعة، لكن من المرجح أن الأعداد أكبر من ذلك، وأضاف أنه "من مسؤولية الدولة اللبنانية تولي المفاوضات مع الجانب الأميركي لإطلاق سراح الأسرى وتسليمهم"، أما في شأن المقابل الذي قد تطلبه إسرائيل، فأشار إلى أنه "لا توجد أية معلومات عن أسرى إسرائيليين أحياء أو جثث، مما يعني أن عملية تبادل الأسرى ليست محورية في هذه المرحلة".
ولفت إلى أنه "في خضم الأحاديث المتداولة في الأيام الماضية حول وجود معتقلة إسرائيلية، وهي صحافية روسية إسرائيلية خطفت في العراق منذ عامين، فإن هذا قد يكون شرطاً من شروط التبادل، مما دفع بعض المراقبين إلى الاعتقاد بإمكانية إجراء عملية تبادل على هذا الأساس".

وتابع أن "عدد المقاتلين المفقودين في صفوف الحزب لا يزال غير محدد بدقة"، مشيراً إلى أن الحزب يعتبر أنهم قتلوا، مع العلم أن جثثهم لا تزال تحت الأنقاض في المناطق التي لم يدخلها الجيش اللبناني بعد، أو في المناطق المدمرة، وأضاف أن "الدفاع المدني والجيش يواصلان انتشال كثير من الأشلاء والجثث يومياً".


وأوضح أن كشف "حزب الله" عن لائحة تضم سبعة أسرى لدى إسرائيل هو بمثابة اعتراف بوجود هؤلاء الأسرى، مع احتمال أن يكون العدد أكبر من ذلك. وعلى رغم أن الحزب لا يمتلك إحصاءً دقيقاً لعدد المفقودين، يقدر القزح أن "هناك بين 1000 و1500 مقاتل مفقودين، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كانوا ضحايا تحت الأنقاض أم محتجزين لدى إسرائيل، إلا أن هناك في الأقل سبعة أسرى في يد إسرائيل".
وفي ما يتعلق بوقف إطلاق النار، لفت القزح إلى أنه لم يتضمن أي بند في شأن الأسرى، مما اعتبره ثغرة في الاتفاق. وأكد أن الحكومة اللبنانية المقبلة ستكون أمام تحدٍّ كبير في ملف مصير الأسرى لدى إسرائيل، وأن هذا الملف سيكون من أولويات مهام الحكومة الجديدة، وأوضح أن "المفاوضات بدأت بالفعل مع رئيس الجمهورية الذي بدأ بالتواصل مع الجانب الأميركي، باعتباره الجهة الوحيدة القادرة على لعب دور الوساطة"، وأضاف أن "المفاوضات الجدية ستبدأ بمجرد تشكيل الحكومة الجديدة وتصبح شرعية، لتكون قضية الأسرى من أبرز الملفات التي ستناقشها الحكومة مع الجانب الأميركي".
واستبعد أن يكون لحركة "حماس" أو القوى الأخرى الموجودة في غزة أي دور في ملف أسرى "حزب الله" لدى إسرائيل، وأكد أن إسرائيل لن توافق على التفاوض في شأن أسراها المحتجزين في غزة إلى جانب أسرى الحزب، لأنها تسعى إلى فصل الجبهتين والمسارين بصورة تامة، وأوضح أن إسرائيل تعمل على معالجة الملفين اللبناني والفلسطيني بصورة منفصلة، من دون أية علاقة أو ترابط بينهما، وأضاف أن المفاوضات في هذا السياق ستتم بصورة مستقلة، مع عدم وجود أي ارتباط بين الملفات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ليس من الأولويات

من جهته، شدد العميد المتقاعد يعرب صخر على أنه لا توجد معطيات جديدة في شأن الأسرى، وأكد أن هذا الملف ليس من الأولويات بالنسبة إلى "حزب الله"، وأوضح أن "حزب الله" لم يدرج مسألة الأسرى في اتفاق وقف إطلاق النار الذي يشمل 13 بنداً، بما في ذلك القرار الدولي، كذلك لم يُطرح هذا الموضوع من قبل الحزب أو من "ممثله والناطق باسمه (رئيس البرلمان) نبيه بري"، في اللجنة الخماسية.

وأضاف صخر أن "حزب الله" يرى أن "مسألة الأسرى ليست جزءاً من الاتفاقات الأساس"، وأن إسرائيل قد تشن حرباً بسبب اختطاف جندي أو مواطن من مواطنيها، إلا أن "الحزب لا يرى أن مصير أي عنصر أو مواطن من أفراده يحمل أهمية مماثلة، فهو يعتبرهم بمثابة حطب ووقود لمشاريعه، على رغم تخطي عدد القتلى والمصابين نحو 15 ألفاً من أفراد الحزب خلال المواجهات السابقة، وبالنسبة إليه لا يعتبر ذلك خسارة كبيرة".
وأشار صخر إلى أن "حزب الله" يعترف فقط بسبعة أسرى، من بينهم القبطان عماد أمهز، وأنه في حال قرر طرح قضية الأسرى في الوقت الحالي، فسيواجه شروطاً قاسية وتعجيزية من إسرائيل، التي ستستغل هؤلاء الأسرى ككنز معلومات ثمين، وفي حال لم تعد إسرائيل في حاجة إليهم، قد تتركهم من دون أي تفاوض.
وفي ختام حديثه، دعا صخر إلى ضرورة عدم تسميتهم "أسرى حزب الله"، بل "أسرى لبنانيين لدى إسرائيل"، مشيراً إلى أن هذا الموضوع يجب أن ينظر إليه من منظور الدولة، وليس من خلال منظور التنظيمات، وبذلك يصبح التعامل مع هذا الملف من منظور "دولة إلى دولة"، وهو ما يتماشى مع بداية مرحلة "قيامة الدولة" في لبنان.


عمليات التبادل

وكثيراً ما شكلت قضية الأسرى إحدى أبرز القضايا في الصراع بين "حزب الله" وإسرائيل، إذ شهدت الأعوام الماضية عدداً من عمليات التبادل الناجحة بين الطرفين، إذ بدأت قضية الأسرى مع اجتياح إسرائيل لبنان عام 1982، حين اعتقل الجيش الإسرائيلي كثيراً من المقاتلين اللبنانيين والفلسطينيين، كانوا يحتجزون في معتقلات مثل "أنصار" و"الخيام".

وبدا "حزب الله" يعتمد في تعامله مع ملف الأسرى على إستراتيجيات عدة، أبرزها خطف جنود إسرائيليين لاستخدامهم كأوراق ضغط في أية عملية تبادل مستقبلية، كذلك فإنه يصر على مبدأ "عدم ترك أي أسير في السجون الإسرائيلية"، مما يجعله يتمسك بمطالبه خلال المفاوضات، حتى لو استغرق الأمر أعواماً.

وأبرز عمليات تبادل الأسرى البارزة بين "حزب الله" وإسرائيل:

عملية التبادل عام 1996: شهدت هذه العملية الإفراج عن عدد من الأسرى اللبنانيين مقابل رفات جنديين إسرائيليين قتلا خلال اشتباكات مع الحزب، وكانت هذه إحدى أولى العمليات التي عززت مكانة الحزب كقوة تفاوضية قوية.

عملية التبادل عام 2004: عرفت بصفقة "الشيخ عبدالكريم عبيد" و"مصطفى الديراني"، حين نجح "حزب الله" في تحرير أكثر من 400 أسير لبناني وفلسطيني مقابل إطلاق سراح الضابط الإسرائيلي "الحنان تاننباوم"، الذي كان قد اختطفه الحزب عام 2000، إضافة إلى جثث ثلاثة جنود إسرائيليين.

عملية الرضوان عام 2008: تعد هذه العملية الأبرز في تاريخ تبادل الأسرى، حين نجح "حزب الله" في استعادة الأسير اللبناني سمير القنطار وأربعة مقاتلين آخرين، إضافة إلى رفات عشرات الشهداء، مقابل تسليم إسرائيل جثث جندييها إيهود غولدفاسر وإلداد ريغيف، اللذين قتلا خلال عملية خطف نفذها الحزب عام 2006، مما أدى إلى اندلاع حرب يوليو (تموز) 2006.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات