Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تنامي نفوذ الصين المالي في الجامعات البريطانية

حصري: أرقام جديدة تظهر مقدار الاستثمار الوارد من البلاد الآسيوية إلى جامعات بريطانية مرموقة وسط مخاوف من نفوذ بكين

تلقت الجامعات البريطانية أكثر من 50 مليون دولار في الأعوام الأخيرة (غيتي)

ملخص

كشف تحقيق عن أن جامعات بريطانية كبرى تلقت تمويلات بعشرات الملايين من مصادر صينية خلال أربع سنوات، تثير هذه الدفعات مخاوف في شأن النفوذ الصيني والأمن القومي، على رغم تأكيد الجامعات التزامها بالإجراءات القانونية والشفافية.

كشف تحقيق أجرته "اندبندنت" عن أن جامعات بريطانية كبرى تلقت عشرات الملايين من الجنيهات الاسترلينية من مؤسسات صينية، وسط تحذيرات من خبراء في شأن استهداف الصين المتزايد للمملكة المتحدة لتعزيز نفوذها العالمي وقمع الانتقادات.

كشفت سلسلة من طلبات حرية المعلومات الموجهة إلى جامعات مجموعة "راسل"، وهي منظمة تضم أفضل 24 جامعة بحثية في المملكة المتحدة، أن هذه الجامعات تلقت ما يقرب من 50 مليون جنيه استرليني (62.42 مليون دولار) من مصادر صينية في السنوات الأربع الماضية، ولم تتهم أي من الجامعات المدرجة في هذا التقرير بقبول أموال في صورة غير سليمة أو بارتكاب أية مخالفات أخرى.

وتلقت جامعتا أوكسفورد وكامبريدج العدد الأكبر من التبرعات والهبات والمنح والتمويلات البحثية من مصادر صينية، واستقطبت جامعة أوكسفورد 24 مليون جنيه استرليني بين عامي 2020 و2024، بينما حصلت جامعة كامبريدج ما بين 12 مليون جنيه استرليني و19 مليوناً في الفترة نفسها. وشملت المبالغ أموالاً أرسلتها شركة "هواوي تكنولوجيز" وشركات تابعة لها إلى جامعة كامبريدج، بعد منع الشركة الصينية في يوليو (تموز) 2020 من المشاركة في البنية التحتية للاتصالات في بريطانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحذر السير إيان دنكان سميث، زعيم حزب المحافظين السابق والرئيس المشارك للتحالف البرلماني الدولي في شأن الصين، من أن الجامعات البريطانية أصبحت "تعتمد كلياً على الأموال الصينية"، بما يؤدي بالأكاديميين والمؤسسات إلى "الخضوع إلى الصين وآرائها"، وأضاف السير إيان أن تدفق الأموال الآتية من الصين يخنق حرية التعبير والنقاش حول انتهاكات حقوق الإنسان في تلك البلاد.

وقال النائب عن دائرة تشينغفورد أند وودفورد غرين للـ"اندبندنت": "ليس التمويل مصادفة، بل متعمد. تسعى الصين إلى الحصول على معلومات حساسة من المملكة المتحدة بسبب روابطنا الاستخبارية مع الولايات المتحدة، وترى بكين في النظام الجامعي نقطة ضعف في الاستخبارات البريطانية".

وتلقت جامعة أوكسفورد 1.8 مليون جنيه استرليني من جامعة سيشوان بين عامي 2020 و2021 مخصصة لأغراض "التعاون الطبي الحيوي"، ويصنف المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية جامعة سيشوان ضمن فئة "عالية الخطورة" بسبب علاقتها بـ"برنامج الأسلحة النووية الصيني، وصلاتها المشتبه بها بالتجسس السيبراني، وعدد متوسط من المختبرات الدفاعية". وتورد "قائمة الكيانات الأميركية" الخاصة بالجهات الحكومية [قائمة قيود تجارية ينشرها مكتب الصناعة والأمن التابع لوزارة التجارة الأميركية] الجامعة بوصفها تحمل اسماً مستعاراً، إذ إنها في الواقع الأكاديمية الصينية للفيزياء الهندسية، أي المنشأة الأساسية في الصين لبحوث الرؤوس الحربية النووية.

كذلك تلقت جامعة أوكسفورد أيضاً 3 ملايين و287 ألفاً و935 جنيهاً استرلينياً من مصادر صينية في السنة المالية 2023-2024، لكنها لم تكشف عن الأصل المحدد لهذا الدخل استجابة لطلب صحيفة "اندبندنت" الموجه وفق مبدأ حرية المعلومات.

وقال متحدث باسم جامعة أوكسفورد: "ليس للممولين أي أثر في كيفية إجراء أكاديميي أوكسفورد بحوثهم، أو في سياساتنا التعليمية والمتينة في شأن الحرية الأكاديمية".

وأضاف "يخضع المانحون جميعاً إلى سياساتنا المتعلقة بقبول الهبات، وتكون الموافقة على المانحين والممولين المهمين جميعاً لازمة من لجنة الجامعة لمراجعة التبرعات وتمويل البحوث، وهي تمثل نظاماً متيناً ومستقلاً يأخذ المسائل القانونية والأخلاقية والسمعة في الاعتبار".

وأضاف المتحدث أن الجامعة تعمل في شكل وثيق مع الهيئات الحكومية لحماية عملها الأكاديمي، وتشدد على الشراكات الدولية لمواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ والمسائل الصحية.

أما جامعة كامبريدج فاختارت الكشف عن نطاقات المبالغ التي استقطبتها كتمويل، لذلك تبقى الأرقام الحقيقية غير معروفة، ومع ذلك تشمل مصادر التمويل مئات الآلاف من جهات مرتبطة إما بجيش التحرير الشعبي أو جماعات خاضعة إلى عقوبات أميركية.

وتشمل التمويلات 204 آلاف جنيه استرليني هي عبارة عن منح بحثية أرسلها معهد الجيولوجيا والجيوفيزياء في الأكاديمية الصينية للعلوم في فبراير (شباط) 2024، والأكاديمية الصينية للعلوم هي أكبر منظمة بحثية في العالم. ووفق وسائل الإعلام الصينية، تعد جامعتها الرئيسة، جامعة الأكاديمية الصينية للعلوم، موطن معهد الصواريخ التابع لمركز تنمية التكامل العسكري المدني.

وتشمل الأموال أيضاً 174997 جنيهاً استرلينياً دفعتها جامعة تيانجن، التي يصنفها المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية مؤسسة "عالية الخطورة" لمشاركتها في بحوث الدفاع وصلاتها بالتجسس. ذلك أن المؤسسة تجري في مختبرين دفاعيين بحوثاً عسكرية سرية حول تكنولوجيات متقدمة مثل الوقود الدافعة والإلكترونيات الضوئية، كذلك تجري بحوثاً لصالح وكالة الاستخبارات المدنية الصينية المسماة وزارة أمن الدولة.

وقال متحدث باسم جامعة كامبريدج "يصل أقل من واحد في المئة من منحنا البحثية السنوية من الصين، وتخضع المنح والتبرعات المقدمة من الصين كلها إلى تدقيق صارم، تدعمه مجموعة من المبادئ المصوغة خصيصاً لإدارة الأخطار التي تحيق بالعلاقات الدولية".

وأضاف "كان التمويل المقدم من معهد الجيولوجيا والجيوفيزياء مخصصاً لبحوث تستهدف تعزيز فهمنا للزلازل، من خلال بيانات ذات قيمة مجتمعية محتملة، ونعتزم إنشاء مصدر مفتوح".

وقبلت جامعة إدنبره ما بين 5.3 و6.2 مليون جنيه استرليني في تبرعات وهبات ومنح وتمويلات بحثية من مصادر صينية بين عامي 2020 و2024، ويشمل ذلك ما بين 250 ألفاً وجنيه استرليني واحد و500 ألف استقطبتها الجامعة من "هواوي تكنولوجيز" في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بعد ثلاث سنوات من منع الشركة من المشاركة في البنية التحتية للاتصالات في بريطانيا.

وقال متحدث باسم جامعة إدنبره "تخضع شراكات الجامعة كلها إلى عملية صارمة في مضمار العناية الواجبة، بما يشمل التبرعات والتمويلات البحثية. نعي تماماً مسائل الأمن القومي ونلتزم بإرشادات حكومة المملكة المتحدة الحالية، ونلتزم أيضاً بدعم موظفينا واستثمرنا في الموارد المخصصة لتقديم التوجيه إلى الباحثين الذين يعملون مع متعاونين دوليين".

وتلقت جامعة شيفيلد 2.4 مليون جنيه استرليني من مصادر صينية في الفترة الزمنية نفسها، وتشمل 360 ألف جنيه استرليني أرسلها معهد "سي آر آر سي" جوجاو، والمعهد ليس إلا مؤسسة تابعة لشركة السكك الحديد الصينية، المصنفة من وزارة الدفاع الأميركية بوصفها "شركة عسكرية صينية شيوعية".

ومن المرجح أن يكون الرقم الحقيقي الخاص بالتمويل الوارد من مصادر صينية إلى جامعات بريطانية أعلى، إذ جوبهت الطلبات الموجهة من "اندبندنت" إلى الجامعات وفق مبدأ حرية المعلومات بالرفض من بعض المؤسسات.

وقال سام دانينغ، مدير مركز بحوث الشفافية بين المملكة المتحدة والصين، لصحيفة "اندبندنت": "يركز النظام الصيني تماماً على استخدام الشراكات الأكاديمية لتعزيز برامجه للتحديث العسكري، قد تنطوي أي بحوث تبدو غير ضارة على استخدامات عسكرية غير متوقعة".

وأضاف "المؤسسات والعلماء الصينيون عرضة إلى ضغوط كبيرة للمساعدة في التحديث العسكري، في غياب القدر المعتاد من الحرية في الرفض، قد يؤدي ذلك إلى حجب هويات ونوايا تكمن وراء الشراكات، يجب أن تكون الجامعات البريطانية متيقظة لواقع الصين التي يقودها شي جينبينغ اليوم".

وحض السيد دانينغ جامعات المملكة المتحدة على اعتماد شفافية أكبر في شأن التبرعات التي تستقطبها، ولا سيما تلك الواردة من "دول استبدادية".

وقال بن مور، رئيس السياسة الدولية في "مجموعة راسل" لـ"اندبندنت"، "تعتبر الشراكات الدولية حيوية لعمل جامعاتنا. ثمة مزايا إيجابية كبيرة في التعاون مع بلدان مثل الصين، إذ يمكننا الاستفادة من تمويل البحوث والمواهب والمعرفة، بما يساعدنا في مواجهة بعض من أكبر التحديات العالمية. وفي الواقع، تحقق شراكات البحث والتطوير في ’مجموعة راسل‘ مع الصين بالفعل مزايا للمملكة المتحدة، بما في ذلك في المجالات الحيوية مثل الرعاية الصحية".

وأضاف "وفي الوقت نفسه، إن الجامعات على دراية بالأخطار التي ينطوي عليها ذلك، وتواصل تحمل مسؤولياتها على صعيد الأمن القومي في صورة جدية. هي تعمل عن كثب مع الحكومة والأجهزة الأمنية لمعالجة المسائل الناشئة وللتعاون من أجل التخلص من الأخطار، وتنفذ عمليات مكثفة في مجال العناية الواجبة تحقيقاً للامتثال الكامل لتنظيمات المملكة المتحدة ولحماية المصالح الوطنية، وتنطبق العناية الواجبة هذه أيضاً على الهبات الخيرية. وبينما تفضل الجامعات الاعتراف علناً بمساهمة متبرع ما، ستنظر بعناية في الحاجة إلى الخصوصية في الحالات التي قد يؤدي فيها تحديد هوية المتبرع علناً إلى تعريض سلامته أو أمنه إلى خطر".

وأحال متحدث باسم جامعة شيفيلد "اندبندنت" إلى بيان "مجموعة راسل"، وأضاف المتحدث أن تعاون الجامعة مع معهد "سي آر آر سي" جوجاو يتماشى تماماً مع التشريعات الحكومية، بما في ذلك التنظيمات الخاصة بمراقبة التصدير.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير