Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كير ستارمر ومهمة ضبط العلاقات مع الاتحاد الأوروبي

لقيت الدعوة المفاجئة للانضمام إلى الاتفاق الأورو-متوسطي ترحيباً في قطاع الأعمال اللندني، فلماذا تتعامل حكومة حزب العمال معه ببرودة؟

التعاون الاقتصادي البريطاني الأوروبي بعيون الذكاء الاصطناعي (تشات جي بي تي)

ملخص

كير ستارمر يواجه ضغوطاً لإعادة ضبط العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، وبخاصة عبر الانضمام إلى الاتفاق الأورو-متوسطي. وهذه الخطوة قد تعزز قطاع التصنيع البريطاني وتسهم في تخفيف العوائق التجارية، كما أنها تعد اختباراً لوعود حزب العمال.

عقب اتهام حزب العمال بمحاولة التقليل من شأن الجانب الاقتصادي منذ فوزه في الانتخابات، أصبح الحزب يستميت بصورة يائسة لتعزيز أوراق اعتماده في مجال دعم النمو.

وفي هذا السياق، دعا الحزب (من خلال الحكومة العمالية) الهيئات التنظيمية للأعمال إلى بذل مزيد من الجهود لإعطاء الأولوية للنمو، ووعد بالقضاء على البيروقراطية والإجراءات الروتينية في سبيل دفع بريطانيا إلى الإعمار والبناء، وأشار إلى نيته منع "المتطفلين" من إحباط مشاريع البنية التحتية الأساس الضخمة من خلال المراجعات القضائية المعقدة. وبعد أن خسرت البلاد أكثر من 10 آلاف مليونير [منذ تسلم "العمال" السلطة]، تراجع عن تشديد القواعد الضريبية الصارمة المفروضة على غير المقيمين والتي أعلن عنها في موازنة أكتوبر (تشرين الأول) 2024.

ومع ذلك، تبقى رافعة واحدة من شأنها أن تمنح اقتصاد المملكة المتحدة دفعة فورية ولكن الوزراء أقل حماسة على مقاربتها، وهي الانضمام مجدداً إلى الاتحاد الأوروبي، حتى لو تم ذلك بأبسط الطرق الفنية والتقنية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فهل يمكن أن يتغير كل هذا؟ لمح مفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي هذا الصباح إلى أن بروكسل منفتحة على انضمام المملكة المتحدة إلى منطقة الجمارك الأوروبية الشاملة، كجزء من "إعادة ضبط كبرى" للعلاقات مع أوروبا.

وفي هذا الإطار، لن يعني الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي التراجع عن خروج بريطانيا منه، كما أنه لن يعني حتى العودة إلى السوق الموحدة أو الاتحاد الجمركي. بل يعني دخول المملكة المتحدة في اتفاق محدود ولكنه عقلاني ومنطقي للغاية، من شأنه أن يجعل الحياة أسهل إلى حد كبير بالنسبة إلى شركات التصنيع البريطانية على وجه الخصوص.

ويتيح الاتفاق الأورو-متوسطي (PEM) الذي أطلق عام 2012، بتوريد المواد والأجزاء والمكونات اللازمة لسلاسل توريد الصناعات ليس من الاتحاد الأوروبي فحسب، بل أيضاً من دول منطقة التجارة الحرة الأوروبية (أيسلندا وليختنشتاين والنرويج وسويسرا)، وأجزاء من شمال أفريقيا وتركيا وعدد من دول البلقان وأوكرانيا. والمملكة المتحدة هي واحدة من بين عدد قليل من الدول الأوروبية التي لم توقع على الاتفاق بعد.

فإذا كتب لاستراتيجية الحكومة الصناعية التي روج لها بشدة النجاح في يوم من الأيام – وجل من لا يعلم أن القطاع يحتاج إلى دفعة كما يتضح من خلال النظر إلى أرقام الناتج المحلي الإجمالي الأخيرة - فإنها تحتاج حتماً إلى إزالة بعض الأسوار التي يجب على المصنعين تخطيها لبيع منتجاتهم داخل القارة.

لا داعي لتصديق كلامي. إليكم مثلاً "ميك يو كي" (MAKE UK) الهيئة التجارية التي تمثل جميع أنواع المصنعين وصناع المعادن والشركات المصنعة التي قد تستفيد منها بريطانيا بصورة أكبر، إذ عدَّ مدير الأعمال الدولية في الهيئة ريتشارد رومبيلو أنه "مع الفرصة التي اقترحها مفوض التجارة الحالي في الاتحاد الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش، يتعين على حكومة المملكة المتحدة - بدعم من هيئة "ميك يو كي" وغيرها من جهات القطاع الصناعي - أن تعطي الأولوية حالياً للخيارات التي من شأنها أن تؤدي إلى إعادة الانضمام إلى الاتفاق الأورو-متوسطي ​​لتعزيز صادرات السلع البريطانية".

وتابع قائلاً "فضلاً عن ذلك، سيتيح هذا الأمر مزيداً من التناغم في شأن معايير قواعد المنشأ الأساس، من ثم فتح خيارات تجارية أوسع ومخصصات مع الاتحاد الأوروبي. لقد عملنا بصورة وثيقة مع الإدارات المتعاقبة منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي للسعي إلى الحد من الحواجز أمام التجارة وإزالتها، لحماية ودعم سلاسل القطاعات الحيوية عبر القنال الإنجليزي".

وأضاف "نواصل حث الحكومة على السعي إلى إعادة ’ضبط‘ العلاقات مع الاتحاد الأوروبي بصورة تسمح باتباع نهج سياسة التجارة والتصدير، الذي يقلل تدريجاً من الكلف والتأخيرات والتحديات في الحفاظ على الوصول إلى أسواق المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي".

وفي هذا الإطار، لا يقتصر الأمر على جعل منظمة "ميك يو كي" تتجند لدعم هذه الفكرة. فقد أخبرني "معهد المديرين" [هيئة تجارية بريطانية] أن أعضاءه كانوا واضحين بأن إعادة ضبط العلاقات مع أوروبا يجب أن تكون "أولوية" خلال الأيام المئة الأولى من فترة الحكومة، وذلك بسبب التحديات التي تفرضها الترتيبات الحالية على المصدرين.

وفي غضون ذلك، وصفت مستشارة السياسة التجارية إيما رولاند هذه الإجراءات بأنها "قيود على النمو" - وهي الكلمة التي يحبها رئيس الوزراء ووزير الخزانة بشدة - وقالت "أي مسار من شأنه أن يقلل من الاحتكاكات التجارية مع أكبر شريك تجاري لنا، يستحق مزيداً من الاستكشاف".

الأمر ليس معقداً لهذه الدرجة. ومع ذلك، فإن الأصوات المتعالية والصارخة ستصف بلا شك أي شيء يتعلق بأوروبا بأنه "خيانة لبريكست". ولا شك أيضاً أن كثيراً من "المحافظين" سيخالجهم الشعور نفسه. من ثم، بوسع رئيس الوزراء إما أن يخضع لهم، أو أن يظهر بعض الزعامة من خلال اتخاذ خطوة منطقية وعملية تصب في إطار المصلحة الوطنية.

وفي هذا السياق، من شأن الانضمام إلى الاتفاق الأورو-متوسطي أن يكون مفيداً، خصوصاً للشركات المصنعة التي تمتلك سلاسل توريد معقدة ومتعددة الجوانب، أي تلك الشركات التي تصنع منتجات معقدة ومتخصصة، وهو ما تقوم به الصناعات البريطانية بصورة كبيرة. إن متطلبات قواعد المنشأ ضمن اتفاق التجارة والتعاون (TCA) بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، التي تفاوض في شأنها بوريس جونسون تجعل الحياة معقدة وصعبة خصوصاً لهذا النوع من الأعمال.

وبعد أن أشارت داونينغ ستريت إلى أن اتفاق التجارة الأوروبي لن يتجاوز "الخطوط الحمراء" للحكومة في ما يتعلق بعلاقاتها المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي، قال وزير الشؤون الأوروبية نيك توماس سيموندز أمام مجلس العموم، إنه لا يملك حالياً "أية خطط للانضمام إلى الاتفاق الأورو-متوسطي".

أفترض أن هذا الجواب ليس نفياً قاطعاً. ولكن ربما يكون طرح هذه الفكرة فتح عقول بعض الأشخاص على الإمكانية والقدرات الكامنة في هذا الخيار.

ولا شك أن ممارسة الضغط من جانب قطاع الأعمال سينطلق بصورة جدية الآن.

© The Independent

المزيد من تحلیل