ملخص
أوضحت وكالة الطاقة الدولية أن أي مشاريع جديدة للوقود الأحفوري تتعارض مع أهداف المناخ العالمية
قبل ما يقارب ثلاثة أعوام، دمر الهجوم الروسي على أوكرانيا أكبر مصدر للغاز في أوروبا، وأدى إلى صدمة في أسواق الطاقة العالمية، مما هيأ الأرضية لتحقيق أرباح أعلى من المتوقع من قبل منتجي الوقود الأحفوري الذين كانوا مستعدين للاستفادة من التقلبات، والآن، بدأت هذه التقلبات تهدأ.
لكن مع تراجع الأسواق إلى درجة التقلب الهادئ، حذر مسؤولو شركات النفط من أن الأرباح أيضاً تتراجع، في حين قد يعني فائض المشاريع الجديدة للنفط والغاز، الذي تغذيه أجندة مؤيدة للوقود الأحفوري من البيت الأبيض، أسواقاً أضعف في المستقبل أيضاً.
ومن المتوقع على نطاق واسع أن تعلن أكبر شركة نفط في أوروبا "شل"، عن أرباح أضعف هذا الأسبوع عندما تكشف عن نتائجها المالية للسنة كاملة. وكانت أكبر تاجر للغاز الطبيعي المسال في العالم حذرت المساهمين في وقت سابق من هذا الشهر من أن نتائج تجارة النفط والغاز الخاصة بها للربع الأخير من العام الماضي، من المرجح أن تكون أقل بكثير من الأشهر الثلاثة السابقة.
ومن المرجح أن تنخفض أرباح "شل" المعدلة السنوية إلى ما يزيد قليلاً على 19 مليار جنيه استرليني (24 مليار دولار) عام 2024، وفقاً لرأي المحللين في "سيتي"، وهذا يمثل انخفاضاً مقارنة بعام 2023، عندما انخفضت أرباحها السنوية إلى 28.25 مليار دولار من مستوى قياسي بلغ تقريباً 40 مليار دولار في العام الذي بدأت فيه حرب روسيا.
ومن المتوقع أن تظهر أكبر شركة نفط أميركية "إكسون موبيل"، أرباحاً أضعف في نتائجها السنوية هذا الأسبوع، وأعلنت شركة النفط الكبرى التي سجلت أرباحاً قياسية بلغت 56 مليار دولار عام 2022، لمستثمريها هذا الشهر أنه من المتوقع انخفاض حاد في أرباح تكرير النفط وضعف في جميع أعمالها.
عودة الأرباح التي جلبتها آلة الحرب الروسية
حتى مع سلسلة الإجراءات التي اتخذها ترمب لدعم قطاع الوقود الأحفوري، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت شركات النفط يمكن أن تتوقع عودة الأرباح التي جلبتها آلة الحرب الروسية. وفي غضون أيام من توليه منصبه، دعا الرئيس الأميركي الـ47، تحالف "أوبك" إلى خفض أسعار النفط العالمية بصورة أكبر من طريق ضخ مزيد من النفط الخام. وزعم ترمب أن هذا يمكن أن ينهي الحرب في أوكرانيا، على الأرجح من خلال خنق إيرادات شركة النفط الروسية، متهماً المنتجين بإطالة أمد النزاع من خلال إبقاء الأسعار مرتفعة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في حين قد يؤدي طلب ترمب بزيادة إنتاج النفط من السعودية، ودعوته لشركات النفط الأميركية بـ"الحفر، الحفر، الحفر" إلى تحقيق وعده بتخفيف الكلفة للأسر، لكن سيكون لذلك فائدة قليلة لشركات النفط التي تبرعت بملايين الدولارات لحملته الرئاسية، وفقاً للمحللين.
وظهرت تحذيرات الأرباح الأخيرة من "إكسون" و"شل" إلى حد كبير بسبب أسواق النفط والغاز الأضعف، التي لا تظهر أي علامة على تعاف هيكلي في المدى القريب.
وبلغ متوسط سعر الغاز المرجعي في الولايات المتحدة، المعروف باسم "هنري هاب"، 2.57 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية (MMBtu)في 2023، مما يشير إلى انخفاض بنحو 62 في المئة مقارنة بمتوسط عام 2022، عندما شهدت أسواق الغاز ارتفاعاً حاداً بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا. في 2024، انخفضت أسعار الغاز أكثر إلى متوسط قدره 2.33 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، أما بالنسبة إلى أسواق النفط، فتتمثل القصة المشابهة في أن سعر "خام برنت" الدولي بلغ متوسطاً فوق 100 دولار للبرميل في 2022 مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، قبل أن ينخفض إلى 82.60 دولار في 2023. وفي 2024، بلغ متوسط الأسعار 80.20 دولار للبرميل، رغم تصاعد الصراع في غزة، مع انخفاض الأسعار إلى 74.40 دولار للبرميل في الربع الأخير من عام 2024.
شهية العالم المستقبلية للوقود الأحفوري
جزئياً، يعكس الانخفاض المستمر في أسعار الوقود الأحفوري "الطبيعة الجديدة للطاقة" في أوروبا، إذ تكيفت الدول مع فقدان إمدادات الغاز والنفط من خطوط أنابيب روسيا من طريق الاعتماد بصورة أكبر على الواردات البحرية من الولايات المتحدة والشرق الأوسط.
لكن انخفاض أسعار النفط والغاز يثير أسئلة أعمق حول شهية العالم المستقبلية للوقود الأحفوري والنمو المستمر للمشاريع الجديدة لتلبية هذه الشهية. وأوضحت وكالة الطاقة الدولية أن أي مشاريع جديدة للوقود الأحفوري تتعارض مع أهداف المناخ العالمية، وأن الزيادة في مشاريع النفط والغاز الطبيعي المسال الجديدة ستتجاوز الطلب بدءاً من هذا العام، مما يؤدي إلى انخفاض أسعار السوق لبقية العقد.
ويقول محلل السلع في "أس أي بي" بيارن شيلدروب لصحيفة "الغارديان"، "دفع ترمب نحو خفض أسعار النفط يجعلك تعتقد أنه أقل قرباً من صناعة النفط الأميركية مما قد يعتقد البعض". ويضيف، "هل هو يقف مع المستهلك الأميركي، مفضلاً خفض أسعار النفط والبنزين، أم إنه يقف مع لوبي النفط الغني الذي يريد التحكم في الإمدادات والحفاظ على مستوى صحي لأسعار النفط؟".