ملخص
إعادة الإعمار أصعب التحديات التي تواجه السلطة الجديد في سوربا بعد عقد من الحرب والدمار وسط آمال بأن ينهي إعادة بناء الاقتصاد رحلة الهجرة القسرية للسوريين.
تنتظر الحكومة الجديدة في سوريا بعد سقوط نظام الأسد تحديات جسيمة، وعلى رأسها إعادة إعمار البلاد التي ستعني تعافي سوريا وعودة اللاجئين بعد رحلة هجرة قسرية، وعقد من الحرب والدمار.
بعد سقوط الرئيس المخلوع بشار الأسد وهربه مع عشرات مليارات الدولارات، بحسب ما تناقلته الأنباء الواردة من روسيا، حيث مكان إقامته في العاصمة موسكو، فإن كبرى الشركات تنتظر فرصة انتهاء الحرب بصورة تامة والانتقال السياسي لتزج بآلياتها، وهذا ما تريده الإدارة الجديدة، والتي تعيش تحديات كبيرة، خصوصاً وجود ملايين النازحين في مخيمات الشمال السوري ينتظرون العودة إلى منازلهم، لكن نسبة الدمار الواسعة أعاقت ذلك.
ما هي التحديات الرئيسية أمام إعادة الإعمار في سوريا؟
يربط المتخصص في الشأن الاقتصادي آدم خوري في حديثه إلى "اندبندنت عربية" بالعمل أولاً على استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية بضمان نجاح أي جهود إعادة الاعمار، وتوفير الأرضية اللازمة لذلك، ويحدد المرحلة المبدئية للإعمار بأنها يجب أن تمر بأربع نقاط أساسية تتركز بتقييم شامل عبر إعداد تقارير دقيقة عن الأضرار والاحتجاجات، والثانية إعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية مثل (المياه والكهرباء والطرقات، إلخ) بحدها الأدنى.
أما النقطة الثالثة فتتلخص بإطلاق مشاريع صغيرة في القطاعات الزراعية والصناعية لتوفير فرص عمل مباشرة، والأخيرة دعم المبادرات المحلية عبر تمكين المجتمعات المحلية من المشاركة في جهود إعادة الإعمار. وأضاف، "النقاط الأربعة السابقة تعد مرحلة مبدئية ويمكن القيام بها على التوازي مع عملية الاستقرار السياسي والأمني كونها محلية بجزئها الأكبر.
ويلخص الباحث الاقتصادي خطوات عملية إعادة الاعمار بصورة فعلية ومنظمة بإنشاء صندوق دولي لإعادة الإعمار بالتعاون مع المنظمات الدولية والدول الداعمة لتوفير التمويل اللازم، مع وضع خطط مدروسة وتحديد أولويات القطاعات مثل الإسكان والتعليم والصحة والبنية التحتية وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي عبر تقديم حوافز ضريبية وتسهيلات قانونية للمستثمرين وإعادة بناء المؤسسات لضمان شفافية وعدالة توزيع الموارد، علاوة على إشراك الكفاءات السورية، سواء داخل سوريا أو في الشتات للإسهام في التخطيط والتنفيذ، إضافة إلى حماية التراث الثقافي والحفاظ على المواقع الأثرية والتاريخية التي تعد من ركائز الهوية الوطنية.
وعن المكاسب التي تحققها سوريا مع إطلاق إعادة الإعمار فإن خوري يعتقد أن ذلك يتركز في استعادة الاستقرار الاجتماعي عبر توفير الخدمات الأساسية، مما سيعيد الثقة لدى السكان ويحسن الظروف المعيشية هي أولها. وتابع، "اعتقد أن المكاسب المحتملة ضخمة، وكبيرة وأهمها تحسين الوضع الاقتصادي عبر خلق فرص عمل مباشرة في مشاريع الإعمار، مما يسهم في خفض البطالة، فضلاً عن دعم دولي متزايد، فعند نجاح المشاريع الأولية قد تتشجع الدول والمنظمات على زيادة دعمها، وتعزيز الوحدة الوطنية عبر إشراك مكونات المجتمع كافة في إعادة البناء"
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كيف يمكن للإدارة السورية الجديدة التعامل مع العقوبات؟
تواجه الحكومة الحالية صعوبات عدة تتعلق بالعقوبات الاقتصادية على سوريا، إذ ربط رئيس الحكومة محمد البشير انطلاق مشروع إعادة الإعمار برفع العقوبات عن سوريا خلال مؤتمر صحافي في أعقاب زيارة له إلى مخيمات في بلدة دير سنبل بالشمال السوري.
ودعت الحكومة السورية إلى رفع العقوبات الدولية بغية إعادة الإعمار بعد سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024. بالتالي فإن هذه العقوبات تشكل أكبر التحديات التي تواجه العهد الجديد بإطلاق عجلة التنمية والإعمار، وهذا مرتبط بعودة ملايين النازحين واللاجئين ومنهم 6 ملايين خارج البلاد في بلدان عربية وأوروبية وسط اقتصاد متداعٍ بحكم الفساد المالي والإداري مع ضرورة تحديث القوانين والتشريعات التي تساعد بدوران عجلة الإنتاج، وتوفير فرص العمل، وإعادة الإنتاج الزراعي بعد تعثره مع الإنتاج الصناعي نحو عقد من الزمن وكل ذلك مرتبط برفع العقوبات.
وكانت الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي قد فرضت عقوبات اقتصادية على النظام السوري، ومن أشهر تلك العقوبات قانون قيصر في الـ17 من ديسمبر عام 2019، والذي يستهدف الأفراد والشركات والدول التي تقدم التمويل أو المساعدة لبشار الأسد ويستهدف الصناعة السورية المتعلقة بالبنية التحتية والصيانة العسكرية وإنتاج الطاقة، عدا عن استهدافه لكثير من الكيانات الإيرانية والروسية.
في هذا الوقت لم يخف المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا آدم عبدالمولى بعد زيارته إلى دمشق تفاؤله بإعادة إعمار سوريا وسط تشاور لإعداد مشاريع تنموية، في حين أن الأمم المتحدة في طور تجهيز برنامج تنموي لتحسين البنى التحتية في البلاد، تتضمن الكهرباء والصحة والري والزراعة وغيرها ضمن خطة استراتيجية للتعافي المبكر.
وإلى ذلك ليس من الواضح بعد صورة خطة الإعمار أو مدتها الزمنية، فحاجة الإدارة الجديدة تتمحور اليوم بإعادة ترتيب البيت الداخلي للمؤسسات الحكومية، وترميم أو إعادة بناء البنية التحتية المدمرة بمرحلة ما قبل التحرير وبعده عدا عن قضايا تشغلها مرتبطة بالاستقرار والسلم الأهلي، والذي سيأخذ وقتاً.
في المقابل يتوقع خوري أن تستغرق المدة الزمنية لإعادة الاعمار في المرحلة الأولى (تأهيل البنية التحتية الأساسية) ما بين 3 و5 سنوات، بينما قد يمتد الإعمار الكامل إلى 10-15 سنة بحسب الموارد المتاحة، "وهذا يتوقف على مدى الاستقرار الداخلي وسرعة الوصول إلى الاستقرار السياسي، وأيضاً متعلقة بحجم الدعم الدولي، وسرعة وضع وتنفيذ الخطط".
ما هو حجم الأضرار الاقتصادية في سوريا بعد الحرب؟
قدر البنك الدولي في تقرير له حجم الأضرار والخسائر في سوريا حتى يناير (كانون الثاني) 2022 تراوح ما بين 8.7 إلى 11.4 مليار دولار، ومن إجمال تقديرات الأضرار شكلت قطاعات البنية التحتية المادية 68 في المئة من الأضرار أو ما يراوح بين 5.80 و7.8 مليار دولار في ظل عدم وجود إحصاء دقيق لكلفة إعادة الإعمار للبلاد، وتتطلب دراسة تفصيلية لواقع المدن السورية.
في المقابل تفاوتت تقديرات حجم الخسائر، وكلفة إعادة الإعمار ففي وقت قدر فيه المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرنتييف كلفة إعادة إعمار بنحو 800 مليار دولار قدرت الجامعة العربية الكلفة بـ900 مليار دولار، أما النظام السابق قدر الكلفة بنحو 400 مليار دولار.
وتشير توقعات المحللين إلى أن المكسب الحقيقي في إعادة إعمار سوريا ينطبق عليه "أن تضرب عدد من العصافير بحجرة واحدة"، فمن شأن ذلك أن يسرع رفع العقوبات الاقتصادية وإعادة اللاجئين إلى ديارهم والأهم من ذلك المطالبة بمليارات الدولارات التي نهبها النظام السابق وتسخيرها في مشروع إعادة الإعمار.