ملخص
في حين انسحب الجيش الإسرائيلي من الناقورة ومن كامل مناطق القطاع الغربي لجنوب لبنان، لا يزال منتشراً في مناطق أخرى، لا سيما في القطاع الشرقي.
في بلدة الناقورة الساحلية المطلة على المتوسط والحدودية مع إسرائيل اختفت معالم الحياة بين البيوت المدمرة وساد السكون، فسكانها لم يتمكنوا من العودة بعد على رغم وقف إطلاق النار الذي أنهى حرباً عنيفة بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي.
وقبل يومين من انتهاء تطبيق شروط اتفاق وقف إطلاق النار في الـ26 من يناير (كانون الثاني) الجاري، ينتشر الجيش اللبناني في البلدة منذ انسحاب القوات الإسرائيلية منها في السادس من الشهر نفسه.
وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين الذي دخل حيز التنفيذ في الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، يجب على الجيش الإسرائيلي سحب قواته خلال 60 يوماً من جنوب لبنان، على أن يترافق ذلك مع تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان "يونيفيل".
تفجير يدوي
وفي حين انسحب الجيش الإسرائيلي من الناقورة ومن كامل مناطق القطاع الغربي لجنوب لبنان، لا يزال منتشراً في مناطق أخرى، لا سيما في القطاع الشرقي.
ويمنع الجيش اللبناني السكان من دخول الناقورة حفاظاً على سلامتهم، ونادراً ما يسمح بجولات تفقدية. وتمكن رئيس البلدية عباس عواضة من المجيء الأربعاء الماضي ليتفقد الأضرار.
من أمام مبنى البلدية المتضرر، قال عواضة إن "الناقورة أصبحت بلدة منكوبة... مقومات الحياة غير موجودة فيها" مما يجعل إعادة البناء أمراً بعيد المنال حتى الآن، لا سيما مع عدم توافر أي تمويل بعد. ويضيف "نحتاج إلى ما لا يقل عن ثلاثة أعوام لإعادة البناء".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من حوله، تعمل جرافة صغيرة على إزالة الردم. في الجهة المقابلة، شجرة معمرة اقتلعت من الجذور، وبيوت متضررة استحالت هياكل، أما الشارع فتحول إلى طريق رملي وعر.
وتابع "الجيش الإسرائيلي دخل البلدة بعد وقف إطلاق النار" في الـ27 من نوفمبر 2024، و"دمر المنازل"، مضيفاً أنه "قبل وقف إطلاق النار كانت نسبة الدمار 35 في المئة، لكن بعد وقف النار امتد الدمار إلى 90 في المئة". وأشار إلى أن الدمار حصل من خلال "التفجير اليدوي وعبر الجرافات".
انتشال جثتين
قرب مقر "يونيفيل" الواقع في البلدة، البيوت لا تزال على حالها. لكن عند التقدم أكثر يتكشف حجم الدمار الهائل بين البيوت المتصدعة التي غادرها أصحابها على عجل، تاركين أثاثهم وملابسهم وكتبهم.
بين الركام تظهر بزات عسكرية سوداء، فيما تحمل جدران أحد المنازل كتابات باللغة العبرية. أما مدرسة القرية فقد تصدعت تماماً، وبساتين الموز ذبلت، وبقيت ثمار الليمون على الأشجار، لم يجنها أحد، وتطغى رائحة زهورها على رائحة الموت.
وأعلن الدفاع المدني اللبناني الثلاثاء الماضي عن انتشال جثتين من تحت الأنقاض، فيما عثر جنود من الجيش اللبناني خلال دورية لهم في البلدة على صاروخ غير منفجر بين مبنيين.
وتحول تبادل القصف عبر الحدود بين "حزب الله" وإسرائيل في أكتوبر 2023، مع بدء الحرب في غزة، إلى مواجهة مفتوحة بين سبتمبر (أيلول) ونوفمبر 2024.
وموجب اتفاق وقف إطلاق النار، يجب على "حزب الله" سحب عناصره وتجهيزاته والتراجع إلى شمال نهر الليطاني الذي يبعد نحو 30 كيلومتراً عن الحدود، وأن يفكك أية بنية تحتية عسكرية متبقية في الجنوب.
ويتبادل الطرفان الاتهامات بانتهاك الاتفاق. وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية في لبنان منذ سريانه، عن غارات إسرائيلية على الجنوب وعمليات تفجير وتجريف وهدم لمنازل من قبل الجيش الإسرائيلي.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن "قواته ملتزمة التفاهمات الواردة في اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان". وأضاف أنها "تعمل... على إزالة التهديدات التي تواجه دولة إسرائيل ومواطنيها، بما يتوافق تماماً مع القانون الدولي".
حلم العودة
في الطريق من مدينة صور إلى الناقورة تنتشر أعلام "حزب الله"، لكن لا وجود لعناصره. وتسير "يونيفيل" دوريات، بينما وضع الجيش اللبناني نقاط تفتيش.
وفي النقطة الأخيرة للجيش قبل الطريق المؤدي إلى الناقورة يمنع دخول أية سيارة مدنية غير مصرح لها بالعبور، إلا أن محاولات السكان اليومية لا تتوقف. وعند العبور تختفي حركة السير وأعلام "حزب الله"، ويسود هدوء تام على الطريق الساحلي.