Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لقاء حفتر مع السيسي وهواجس تكرار السيناريو السوري في ليبيا

تؤكد الزيارة حرص مصر على تأمين حدودها الغربية ضد الإرهاب وتهريب السلاح وضمان استقرار جارٍ حيوي يمس أمنها القومي مباشرة

يُخيم الجمود السياسي والعسكري على ليبيا بعد إلغاء الانتخابات العامة التي كان من المُزمع إجراؤها في عام 2021 (أ ف ب)

ملخص

-"التغيرات التي مرت بها منطقة الشرق الأوسط ودخول فاعلين جدد، سرع في الواقع عقد هذا الاجتماع وخصوصاً ما يحدث في السودان وعلاقته بنهر النيل. وهذا اللقاء بين حفتر والسيسي سبقته ترتيبات قادها رئيس الاستخبارات العامة في مصر حسن رشاد الذي زار ليبيا أخيراً".

-تسود مخاوف في ليبيا من عودة متشددين كانوا ينشطون في سوريا وذلك بعد سقوط نظام الأسد الذي فر إلى روسيا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

على وقع رمال مُتحركة تشهدها المنطقة، التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في القاهرة، قائد "الجيش الوطني الليبي" المُشير خليفة حفتر، وبحث الجانبان تطورات الأزمة في ليبيا وضرورة إخراج المرتزقة من هذا البلد الذي يعاني من فوضى أمنية وسياسية منذ إطاحة العقيد الراحل معمر القذافي في عام 2011.

ولا تُخفي مصر جهودها الرامية إلى إخراج المرتزقة من ليبيا لكن لم يتم تحقيق أي اختراق يُذكر في هذا الملف، ما يطرح تساؤلات جدية حول ما إذا كان هذا اللقاء النادر بين حفتر والسيسي سيُعجل بخروج هؤلاء. ولم يلتقِ حفتر والسيسي منذ عام 2021.

واستعانت حكومة "الوفاق الوطني" السابقة، التي تُسيطر على غرب ليبيا، بمرتزقة سوريين وعرب في عام 2019 وذلك إثر هجوم شنه حفتر على العاصمة طرابلس في العام ذاته، فيما تتهم تقارير غربية وأممية حفتر باستقدام مرتزقة روس من مجموعة "فاغنر" شبه العسكرية.

وقال بيان نشرته الرئاسة المصرية إن "الرئيس السيسي أكد ضرورة منع التدخلات الخارجية في ليبيا، وإخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية".

لا تغيير على الأرض

وجاء لقاء السيسي – حفتر بينما يُخيم الجمود السياسي والعسكري على ليبيا، وذلك بعد انهيار الانتخابات العامة التي كان من المُزمع إجراؤها في عام 2021، ولا يزال الفرقاء يتقاذفون الاتهامات والسجالات السياسية.

ولا تزال العديد من الملفات تُراوح مكانها في ليبيا على غرار واقع المرتزقة وتوحيد المؤسستين الأمنية والعسكرية وإعادة هيكلة السلطة التنفيذية حيث يوجد انقسام حكومي في البلاد.

الباحث في "المعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة" جلال الحرشاوي، اعتبر أن "الاجتماع بين الرئيس السيسي والمشير حفتر مهم من الناحيتين الرمزية والسياسية، لكنني لا أعتقد أنه سيُحدث تغييراً في الوضع على الأرض".

وتابع الحرشاوي في حديث لـ"اندبندنت عربية" أن "هذه الخطوة من السيسي تؤكد أنه الداعم الأساسي والراعي الأصلي للقيادة العامة في ليبيا".

وشدد على أن "الرسالة التي حملها هذا اللقاء واضحة: مصر لا تريد أن ترى حفتر ينهار كما انهار الرئيس السوري السابق بشار الأسد، لكن على رغم رسالة مصر، لا أعتقد أن هذه الأنشطة المستجدة ستخف حدتها في أي وقت قريب".

وبين الحرشاوي أن "مصر وحفتر لن يقدرا على إحداث اختراق في المرحلة الراهنة في ملف المرتزقة في ليبيا، فالقاهرة تتحدث بصوت عالٍ عن هذا الملف منذ عام 2020 ولم تحقق أي إنجاز تقريباً".

مخاوف من عودة "داعش"

وقال اللواء السابق في الجيش المصري سمير فرج إن "هذا اللقاء حتمته التطورات في المنطقة، إذ نعرف أن المشير خليفة حفتر دعمته مصر في وقت سابق، لأنه حارب تنظيم ’داعش‘ في بنغازي ودرنة وغيرها من المدن الليبية".

وتابع فرج في تصريح خاص "اليوم هناك مخاوف من عودة ’داعش‘ أيضاً في ليبيا بعد سقوط النظام السوري، كما أن مصر ترى أن أمن ليبيا امتداد لأمنها القومي، بالتالي تحركت أيضاً من أجل حلحلة مشكلة المرتزقة الذين تصرف أموال طائلة عليهم".

وشدد على أن "القاهرة تسعى أيضاً إلى توحيد السلطة التنفيذية في ليبيا في ظل وجود حكومتين، أولى في الشرق وثانية في الغرب، وهي من بين النقاط التي طرحت على ملف السيسي وحفتر".

فصيلان من المرتزقة

وليس من الواضح ما إذا السيسي وحفتر قد خططا لوضع استراتيجيات أو آليات تقود إلى إخراج المرتزقة الذين يؤرقون دول جوار ليبيا. وتتكتم تركيا وروسيا، البلدان المتهمان بإرسال مرتزقة إلى ليبيا، بصورة كبيرة عن هذا الملف.

وقال الباحث السياسي المصري حامد محمود، إن "اللقاء الذي تم بين الرئيس السيسي وقائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر، له دلالات ورسائل مهمة من حيث طبيعة الملفات التي تم بحثها، فمصر حريصة على تأمين ليبيا وهذا أمر ليس وليد اللحظة".

وفي تصريح خاص أردف محمود أن "التغيرات التي مرت بها منطقة الشرق الأوسط ودخول فاعلين جدد، سرع في الواقع عقد هذا الاجتماع وخصوصاً ما يحدث في السودان وعلاقته بنهر النيل. وهذا اللقاء بين حفتر والسيسي سبقته ترتيبات قادها رئيس الاستخبارات العامة في مصر حسن رشاد الذي زار ليبيا أخيراً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفت إلى أن "الرئيس السيسي أكد أن ليبيا تمثل جزءاً من الأمن القومي المصري وهذا أمر مهم، والأهم هو تأكيده على ضرورة إخراج المرتزقة وهو ملف خطير جداً بالنسبة إلى مصر لأن هناك فصيلين، الأول الذي يدعم حكومة ‘الوحدة الوطنية‘ مثل السلطان مراد وغيره، وهي تشكيلات من المرتزقة أرسلتها تركيا في عام 2019 بطلب من رئيس المجلس الرئاسي آنذاك فايز السراج، وهذا الفصيل يمثل صمام أمان لحكومة الدبيبة".

وزاد قائلاً "أما الفصيل الثاني فهو ‘فاغنر‘ الموجود في شرق ليبيا وتم نقل معدات وأسلحة نوعية روسية من سوريا أخيراً إلى ليبيا بعد سقوط بشار الأسد، وهناك نقطة أخرى مهمة هو أن هؤلاء المرتزقة يعطلون الحل السياسي وإجراء الانتخابات العامة في ليبيا".

تأمين الحدود

وتسود مخاوف في ليبيا من عودة متشددين كانوا ينشطون في سوريا، وذلك بعد سقوط نظام الأسد الذي فر إلى روسيا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وقال المستشار السياسي لرئيس البرلمان الليبي، فيصل أبو الرايقة، إن "الزيارة تمثل متطلبات الأمن القومي لكل من ليبيا ومصر من منظور جيواستراتيجي، فبالنسبة لمصر: تؤكد الزيارة حرص مصر على تأمين حدودها الغربية ضد الإرهاب وتهريب السلاح، وتعزيز تحالفها في ليبيا لضمان استقرار جارٍ حيوي يمس أمنها القومي مباشرة".

وأكد أبو الرايقة "بالنسبة لليبيا: تمثل الزيارة تأكيداً لتحالف الجيش الوطني الليبي مع مصر كداعم رئيسي في مواجهة خصومه، مع السعي لتأمين مناطق الشرق الليبي وحماية مصالحه الإقليمية في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية".

وأشار إلى أن "الجوانب الأمنية المشتركة بين البلدين تُبرز أهمية التعاون لاحتواء التهديدات الحدودية والإقليمية".

تفاهمات حول السودان

ولقاء السيسي – حفتر جاء بعد أيام من فرض الولايات المتحدة الأميركية عقوباتٍ على قائد "الدعم السريع" في السودان، محمد حمدان دقلو، المعروف بـ "حميدتي" بسبب الحرب التي دخل فيها مع الجيش.

ويقف حفتر والسيسي على طرفي نقيض في السودان، فالأول متهم من قبل تقارير دولية ومحللين بمساعدة "الدعم السريع"، فيما دعمت مصر بشدة الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان.

وقال الباحث السياسي السوداني محمد حامد نوار، "من المؤكد أن لقاء بهذا الحجم يُشير بالضرورة إلى تقييمات متعلقة بتطورات منظورة أو متوقعة في ملف ليبيا وتحديداً في نقاط التقاء المصالح والتحالفات بين الرجلين، وهذا بالضرورة سيراعي تطورات الأحداث بخاصة الأمنية والعسكرية في النطاق الليبي وقبله الداخل الليبي".

وأضاف نوار أن "بالنطاق المجاور قطعا ومؤكداً تمت مناقشات وتفاهمات حول أحداث الحرب بالسودان والتي لمصر فيها موقف صارم وصريح بالوقوف إلى جانب الجيش السوداني والرئيس البرهان ولو على المستوى السياسي والدبلوماسي".

وتابع "فيما أن خليفة حفتر يدعم جانب قوات ‘الدعم السريع‘ ويعتقد وفق مراجع أممية وتقارير منظمات أن له أدواراً في دعم الجماعة التي تحارب الجيش السوداني ولذا أعتقد أن هذه جملة ملامح من بعض الجوانب الخاصة باللقاء".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير