Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دخان الحرائق يفتك بصحة الإنسان وتأثيراته طويلة الأمد

بعض الفئات السكانية أكثر عرضة لنتائجها الضارة مثل الأطفال وكبار السن

يتكون دخان حرائق الغابات من خليط من بخار الماء والغازات والجسيمات الدقيقة (أ ف ب)

ملخص

يؤثر أول أكسيد الكربون، وهو غاز عديم اللون والرائحة، في الأشخاص الذين يقتربون من الحرائق المشتعلة، وعند استنشاقه يمكن أن يقلل كمية الأوكسجين الموجودة في الدم والتي يجري إيصالها إلى الأعضاء الحيوية في الجسم.

أتت حرائق لوس أنجليس في ولاية كاليفورنيا الأميركية على أحياء بكاملها لتحيلها رماداً، وتسببت في إتلاف وتدمير أكثر من 12 ألف منزل ومنشآت أخرى، وأجبرت ما يصل إلى 200 ألف شخص على النزوح، وبعد أن التهمت النيران منطقة بحجم واشنطن العاصمة تقريباً، تظهر مشكلة كارثية أخرى تتمثل بتلوث الهواء في عدد من أنحاء المقاطعة.

والحال أن تزايد عدد حرائق الغابات عالمياً بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري يطرح أسئلة جوهرية حول تأثير هذه الحرائق في صحة الإنسان وكيفية تعامل الأفراد معها لتجنب الضرر، وهو أمر بات يشكل عامل قلق لدى المنظمات الدولية المعنية بالصحة.

تسمم الهواء

يتكون دخان حرائق الغابات من خليط من بخار الماء والغازات والجسيمات الدقيقة، وأصغر هذه الجسيمات المعروفة باسم (PM2.5) يشكل الخطر الأكبر على صحة الإنسان، ويمكن أن تستقر عميقاً في الرئتين وتدخل مجرى الدم في بعض الأحيان، وخلال الأسبوع الماضي ارتفعت هذه الجسيمات داخل محيط لوس أنجليس إلى مستويات خطرة لتضرب مستويات سلبية قياسية في مؤشر جودة الهواء ضمن الولايات المتحدة.

ويؤثر أول أكسيد الكربون، وهو غاز عديم اللون والرائحة، في الأشخاص الذين يقتربون من الحرائق المشتعلة، وعند استنشاقه يمكن أن يقلل كمية الأوكسجين الموجودة في الدم والتي يجري إيصالها إلى الأعضاء الحيوية في الجسم، وعندما لا تتلقى أعضاء مثل الكلى والقلب كمية كافية من الأوكسجين فإنها معرضة لخطر الفشل، مما قد يؤدي في النهاية إلى حالات ضارة مثل إصابة الكلى وفشل القلب وحتى النوبات القلبية.


التأثيرات الصحية قصيرة المدى

ولا تؤثر حرائق الغابات في أولئك القريبين من الأبخرة المشتعلة وحسب بل وأيضاً في عدد من الأشخاص المعرضين لجودة الهواء الرديئة من الدخان، وخلال العام الماضي انتشر الهواء الرديء الجودة من دخان حرائق الغابات في كندا إلى ولاية نيويورك وولايات أخرى عدة شمال شرقي أميركا، مما شكل تهديدات خطرة للصحة على بعد مئات وآلاف الكيلومترات من الحريق الفعلي، وينطبق الشيء نفسه على الحرائق الحالية في لوس أنجليس والتي ستؤثر بلا شك في مئات آلاف إن لم يكن ملايين الأميركيين في الولايات المجاورة.

والسبب في ذلك يرجع للتأثيرات الضارة لتلوث الجسيمات، وهي جزيئات صغيرة حجمها أصغر من حجم بصيلات الشعر وتعلق في الغلاف الجوي عندما تحترق الأشجار والمنازل والبلاستيك، وتعمل هذه الجزيئات الصغيرة كمهيجات وخصوصاً عندما تترسب في العينين والأنف والفم.

وتتفاوت أعراض هذه الجسيمات من خفيفة فتسبب حرقاناً أو حكة في العينين وسيلان الأنف وحكة في الحلق وصداعاً، إلى مشكلات تنفسية حادة بما في ذلك صعوبة التنفس والصفير والسعال والتعب وألم الصدر، وفي أخطر الحالات تزيد من نسبة الوفاة الباكرة، وقد يستغرق ظهور الأعراض من بضع ساعات إلى أيام بعد التعرض.

وإضافة إلى ذلك يمكن استنشاق الجسيمات عميقاً إلى الرئتين مما يتسبب في إصابة الرئة ويؤدي إلى ضيق التنفس وألم في الصدر أو صفير فيه، وتحدث كل هذه التأثيرات الصحية بسرعة بالنسبة إلى معظم الأفراد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التأثيرات الصحية طويلة الأمد

وكما سبق وأسلفنا تستقر الجسيمات الملوثة عميقاً في الرئتين وقد لا يتمكن الجسم من التخلص منها بالكامل، ولا سيما إذا استمر التعرض لهذه السموم فترات طويلة من الزمن، إذ يمكن أن يؤدي هذا إلى تأثيرات صحية ضارة طويلة الأمد، كإثارة حالات مزمنة مثل الربو وكذلك مرض الانسداد الرئوي والتهاب الشعب الهوائية.

وأظهرت البحوث الطبية أن أولئك الذين تعرضوا لدخان حرائق الغابات أو المتأثرين بتلوث الجسيمات هم أكثر عرضة للإصابة بحالات مزمنة مثل مرض الانسداد الرئوي أو لديهم خطر متزايد للإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية بسبب التهاب الجسيمات في الرئتين أو مجرى الدم، ووفقاً لدراسة جديدة نشرتها مجلة "ذا لانسيت" الطبية فإن التعرض الطويل الأمد لحرائق الغابات يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة في النهاية، على غرار الطريقة التي يظل بها التدخين السلبي عامل خطر للإصابة بهذا النوع من السرطان.

الفئات السكانية المعرضة للخطر
وعلى رغم أن صحة الجميع قد تتأثر عند التعرض لحرائق الغابات لكن بعض الفئات السكانية أكثر عرضة للتأثيرات الصحية الضارة لها، وتشمل هذه الفئات الأطفال وكبار السن والذين يعانون حالات طبية مزمنة، ويعتبر الأطفال أكثر عرضة للخطر لأن رئاتهم لا تزال في طور النمو ولا يمكنها إزالة السموم بكفاءة مثل البالغين الذين لديهم رئات مكتملة النمو، وإضافة إلى ذلك فإن كبار السن أكثر عرضة للإصابة بحالات طبية مزمنة وضعف في جهاز المناعة، مما يجعل من الصعب إزالة الجسيمات من الرئتين ومجرى الدم.


كيف تحمي نفسك والآخرين؟

إن الطريقة الأكثر فعالية للحفاظ على الصحة أثناء حرائق الغابات هي البقاء في الداخل وإبقاء النوافذ والأبواب مغلقة، وهذا يمنع الجسم من استنشاق الدخان الضار وحطام الحرائق والتفاعل معه، كما أن وجود أجهزة ترطيب وتنقية الهواء يمكن أن يساعد في توزيع الهواء عالي الجودة لتقليل خطر الهواء رديء الجودة.

وبالنسبة إلى البقاء في الداخل فهو ليس خياراً ممكناً دائماً لعدد من الأشخاص أثناء حرائق الغابات، ولذلك فمن المهم الإخلاء عند الضرورة وطلب الرعاية الطبية إذا بدأتَ في السعال أو الشعور بألم في الصدر أو ضيق في التنفس.

وإذا كنت بحاجة إلى الخروج فإن ارتداء قناع "N95" أو "KN95" أمر بالغ الأهمية لمنع استنشاق الجسيمات الصغيرة السامة والحطام الذي يمكن أن يؤثر سلباً في الصحة، ولا ترتدِ قناعاً جراحياً لأنه ليس كافياً لمنع بعض الدخان من التسرب من جوانبه واستنشاقه داخل الأنف.

وأخيراً تجنب المواقد والشموع والمكانس الكهربائية ومواقد الغاز لأن جسيمات دقيقة تنبعث منها ويمكن أن تؤدي إلى تقليل جودة الهواء الداخلي، وعند السفر في السيارة يمكنك تقليل التعرض للدخان من طريق إغلاق النوافذ وتشغيل مكيف الهواء وضبط الهواء لإعادة التدوير.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير