ملخص
عبر سكان غزة عن أملهم في أن يسهم وقف إطلاق النار بغزة في زيادة كمية المساعدات الإنسانية، لكن لا يزال البروتوكول الإنساني والإغاثي لتدفق المعونات غامضاً.
يتفقد خميس الملجأ البائس الذي أقامه في مخيم النزوح، يدور حوله ويعد قطع القماش البالية التي تحتاج إلى تغيير لأجل أن يعيش فيه فترة طويلة حتى إعادة إعمار منزله الذي دمره الجيش الإسرائيلي في حربه ضد قطاع غزة.
بيديه النحيلتين يشد خميس غطاءً بلاستيكياً مهترئاً ليستر نفسه، ويقول، "أنتظر دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، لعلي أحصل على خيمة إيواء أعيش فيها حتى تبدأ مرحلة إعادة الإعمار"، ثم يدخل إلى المأوى المصنوع من قطع القماش والبلاستيك الذائب، تعبيراً عن اليأس.
في مشهد آخر كان الطفل ريان يزاحم عشرات الجائعين حتى يصل إلى قدر الطعام، لكن حشد الناس أمام إناء البازلاء كبير ولم يستطع صغير السن أن يحصل على كمية من الأكل ليومه، فيبكي وسط الجائعين مثله ويقول، "متى تدخل المساعدات الإنسانية حتى تنتهي أزمة الجوع؟".
داخل مستشفى ميداني وسط غزة لم يجد سعيد علاجاً مناسباً للتشافي من جروحه الخطرة التي أصيب بها نتيجة شظية صاروخ إسرائيلي، ويقول "عند دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ ستدخل المساعدات الإنسانية فوراً أعتقد أنها ستخفف من أملي".
متفائل خميس بأن وقف إطلاق النار في غزة، سيسهم في زيادة كمية المساعدات الإنسانية التي ستدخل إلى القطاع، ويحصل على خيمة جديدة، وكذلك الطفل ريان يعتقد أن المعونات الغذائية ستكون كبيرة بما يسد جوعه، وهو الأمل نفسه الذي يعيش عليه سعيد بأن يجد علاجاً مناسباً عند تدفق الإمدادات الطبية للقطاع.
600 شاحنة يومياً
ينص اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي توصل إليه الوسطاء بين "حماس" وإسرائيل على زيادة كمية المساعدات الإنسانية للقطاع من دون معوقات. وجاء نصياً، "يسمح بمرور 600 شاحنة بصورة يومية خلال المرحلة الأولى من الاتفاق، تشمل مساعدات إنسانية وبضائع ووقوداً لتشغيل محطة الكهرباء الوحيدة في غزة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكد مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة، "لا تقتصر المساعدات الإنسانية على المواد الغذائية فحسب، بل تشمل أدوية ومستلزمات طبية وخياماً وشوادر بلاستيكية، وفقاً للتقديرات الحكومية لا تكفي غزة 600 شاحنة يومياً، لتلبية الحاجات الإنسانية يحتاج القطاع إلى 1000 شاحنة يومياً". وقال، "أرسلنا قائمة حاجات أساسية شملت إنشاء وترميم المستشفيات والمراكز الصحية ومراكز الأشعة والأدوية والصيدليات، وإجراء العمليات الجراحية، وطلبنا كميات كافية من الغذاء والوقود ومواد البناء، وعلى نطاق الإيواء فإنه يجب إدخال كرفانات وخيم وحمامات متنقلة بعدد كبير جداً".
البروتوكول الإنساني والإغاثي غامض
في الواقع يعاني قطاع غزة أزمة إنسانية كبيرة جداً، ومن الصعب حلها بسرعة، إذ لا تزال إسرائيل تتحفظ على تدفق المعونات للقطاع، خوفاً من إشراف حركة "حماس" على تسلم المساعدات، ولذلك اتفق طرفا الحرب على وضع بروتوكول إغاثي وإنساني لتدفق المساعدات الإنسانية.
لا تزال آلية إدخال المساعدات إلى غزة غير واضحة على رغم إعلان اتفاق وقف إطلاق النار، واجتماع الإسرائيليين مع الوفود الفنية، إذ لم يتم الاتفاق على جهة فلسطينية تابعة للسلطة أو لأي من المؤسسات الدولية تتولى مهمة تسلم هذه المعونات وتشرف على توزيعها.
على رغم غموض البروتوكول الإنساني والإغاثي لغزة تستعد آلاف الشاحنات لنقل المساعدات الإنسانية إلى غزة، حيث اصطفت في محافظة شمال سيناء المصرية، تمهيداً لإدخال المعونات.
مصر جاهزة للمساعدة
وعلمت "اندبندنت عربية" أن أول دفعة من المساعدات الإنسانية التي ستدخل من مصر إلى غزة ستحمل جميع المستلزمات ومقومات الحياة الأساسية للقطاع، مثل المواد الغذائية والملابس وإمدادات طبية وخيم وحمامات متنقلة ومستلزمات نظافة ومواد إغاثة أخرى.
وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، "بلادنا جاهزة لتقديم الدعم اللوجيستي من حاجات ومساعدات إنسانية إلى الفلسطينيين في قطاع غزة، بمجرد تفعيل اتفاق وقف إطلاق النار، سنعمل باجتهاد من أجل حل الأزمة الإنسانية".
حسب تقديرات الأمم المتحدة فإنه يوجد نحو 120 ألف طن متري من المساعدات الغذائية في العريش المصرية وبانتظار السماح بإدخالها، وهو ما يكفي لتوفير الحصص الغذائية للمواطنين بالكامل لأكثر من ثلاثة أشهر.
استعدادات كبيرة
بدورها أكدت منسقة الأمم المتحدة للجهود الإنسانية في غزة سيغريد كاغ أن "زيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار ستكون مجرد بداية لمعالجة الأزمة الإنسانية، ومن الضروري أن يزيل وقف إطلاق النار أي عقبات أمنية وسياسية تحول دون توصيل المعونات، العمل جارٍ على تجهيز مستودعات دولية لاستقبال مخزون كبير من حاجات الفلسطينيين".
واستعداداً لوقف الحرب شرعت الجهات الدولية باتخاذ كامل الاستعدادات على الأرض، بما في ذلك إقامة المستشفيات الميدانية، فيما بدأت المنظمات الإغاثية بوضع خطط العمل الإغاثية لليوم التالي لوقف إطلاق النار.
وعلى الأرض شرعت جرافات ومعدات هندسية بمرافقة فرق الهلال الأحمر الفلسطيني بتسوية مناطق مختلفة لاستقبال النازحين وإنشاء مستشفيات ميدانية. وهنا تقول مسؤولة الإعلام في الهلال الأحمر الفلسطيني نبال فرسخ، "العمل جار على قدم وساق لإغاثة السكان".
ومضت في حديثها، "نعمل على إقامة مستشفى ميداني في مدينة غزة، في ظل توقع عودة أعداد كبيرة للنازحين، وتقديم خدمات إغاثية أخرى تشمل توفير الخيام للسكان النازحين في كافة مناطق القطاع، وكذلك توفير الأغطية والملابس الشتوية".
من دون تدخل "حماس"
جهزت منظمة الصحة العالمية خططاً لزيادة المساعدة وتجهيز المرافق الطبية وإجلاء المرضى، ويقول ممثل المنظمة في الأراضي الفلسطينية ريك بيبركورن، "نخطط لإدخال عدد غير محدد من المستشفيات الجاهزة لدعم قطاع الصحة المدمر، نتوقع زيادة عمليات الإجلاء الطبي لأكثر من 12 ألف مريض مع وقف إطلاق النار".
كل هذه التجهيزات تجري وسط غموض حول آليات التنفيذ، ويقول الباحث السياسي جهاد حمد، "هذه الضبابية تفيد إسرائيل في استمرار سياسة التحكم بالمساعدات الإنسانية، إذ ستسمح فقط للمؤسسات الدولية والإغاثية التي لا تتبع لـ(حماس) أو حكومتها بتولي مسؤولية تسلم المساعدات وتسليمها، وتطلب ضمانات لعدم وصول المعونات ليد الفصائل، وسيعمل الاحتلال بصورة غير معلنة على التحضير لما يتعلق باليوم التالي للحرب، الذي يستثني الحركة من غزة".
يقول منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية غسان عليان إنه سيجري فتح خمسة معابر لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، من دون أي قيود، ولكن بضمان عدم تدخل "حماس" في هذه المهمة. إسرائيل تعمل على تخفيف الأزمة الإنسانية منذ بدء الحرب لأنها لا تقف ضد المدنيين في القطاع".