ملخص
غزة تترقب وقف إطلاق النار وسط قصف إسرائيلي مستمر أودى بحياة عشرات، وعلى رغم الأمل والتفاؤل الذي صاحب أخبار الهدنة إلا أن المعاناة إنسانية في غزة ستبقى مستمرة لوقت طويل
أفاد مسؤولو الصحة المحليون في غزة بأن المدنيين القلقين "يعدون الثواني" بانتظار دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، فيما استمر القصف الإسرائيلي بدك القطاع المحاصر، وأودى بحياة عشرات.
وبذل دبلوماسيون ومفاوضون دوليون كل المساعي الممكنة لإنقاذ الهدنة بين حركة "حماس" وإسرائيل، التي أعلنها الرئيس الأميركي جو بايدن والقيادة القطرية الأربعاء الماضي.
وعلى رغم خطر الانهيار الذي أصاب الاتفاق على إثر تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن "حماس" حاولت "ابتزاز تنازلات في اللحظة الأخيرة"، بدا أن الاتفاق عاد لمجراه ليلة الأمس ومن المفترض المصادقة عليه اليوم الجمعة وتوقف القتال الأحد المقبل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما في غزة التي اجتاحتها الحرب، فأفادت وزارة الصحة بتواصل الضربات الجوية الإسرائيلية في هذه الأثناء، مما أدى إلى مقتل 77 شخصاً، نصفهم من النساء والأطفال.
"نتوقع أن تكون الساعات المقبلة قبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ دموية وقاسية"، كما قال الدكتور رائد مصلح، وهو يبلغ من العمر 52 سنة، ويختص في الطب الداخلي ونزح أيضاً من منزله والتجأ إلى مدينة خان يونس في الجنوب، حيث يفتقر الأطباء إلى الأدوية المطلوبة لعلاج الجرحى، بحسب تعبيره.
وأضاف "نحن معتادون أن تكون الساعات الأخيرة شديدة الصعوبة وخطرة".
من جانبه، ناشد محمود بصل، أحد عناصر الدفاع المدني الفلسطيني في شمال غزة، المجتمع الدولي التدخل لوقف القصف تجنباً لخسارة مزيد من الأرواح في هذه الفترة التي أصبحت فيها نهاية الصراع المحتملة وشيكة.
وقال "ستكون الساعات المقبلة شديدة الصعوبة إذا واصلت إسرائيل القصف بهذه الوتيرة، التي أفضت حتى الآن إلى مقتل 77 شخصاً منذ لحظة إعلان التوصل إلى اتفاق".
وأعربت عائلات في غزة بأن أكثر ما تخشاه هو أن تلغي عناصر اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية هذا الاتفاق في النهاية.
وقال رامي مرجان، وهو بروفيسور جامعي في مادة الكيمياء ونازح من شمال غزة إلى دير البلح وسط القطاع، "نعد الدقائق، بل الثواني، بانتظار تطبيق وقف إطلاق النار على الأرض".
وأسفر الصراع الدامي المستمر منذ 15 شهراً عن مصرع نحو 46700 شخص في غزة، وفقاً للمسؤولين الفلسطينيين، و1200 شخص في إسرائيل. ونزح أكثر من 90 في المئة من سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة، فيما دمرت مناطق شاسعة من القطاع.
وقال الذين يترقبون بقلق احتمال إقرار اتفاق وقف إطلاق النار إنه حتى لو تمت الموافقة عليه، فلن يكون ذلك "سوى بداية الكابوس التالي".
وأشارت هناء أحمد، وعمرها 64 سنة، إلى أن قصف مدينة غزة التي أوت إليها "لم يهدأ منذ لحظة إعلان وقف إطلاق النار".
ثم أضافت أنها تخشى المستقبل حتى إن توقفت الغارات الجوية، إذ ما يزال الجوع يتربص بمناطق عدة من القطاع فيما دمرت منازلهم، في وقت تعتاش فيه عائلتها من الزراعة في منطقة ربما تكون إسرائيل ضمتها إلى "منطقتها العازلة".
وتابعت بقولها "نحن قلقون جداً من خسارة أراضينا، التي ابتعناها ووضعنا كل مالنا فيها".
ومن ناحيته، قال إبراهيم المسلمي، وهو من وجهاء المجتمع المحلي ويبلغ من العمر 75 سنة، وقد نزح سبع مرات من شمال غزة، إن فلسطينيي القطاع "بحاجة إلى أنواع المساعدة كافة"، بعد "موجة جوع طويلة وقاسية".
وقال إنه حتى لو تمكنوا من العودة للشمال فلم يتبق هناك شيء، وأقصى ما ستقدر عليه عائلته هو أن تسكن في الأرض التي بنت عليها منزلها في يوم من الأيام "إن تمكنت من الحصول على خيمة هناك".
لكن الدكتور مصلح أكد أنهم لن يستسلموا، وأوضح قائلاً "على رغم الجحيم الذي قاساه شعب غزة على مدار 15 شهراً، ما زال الأمل والتفاؤل يملأ نفوس أبنائه. سنعيد بناء حياتنا من الصفر، أو من تحت الصفر. نحن نملك الإرادة لاسترجاع حياتنا، ولدينا القدرة على البدء من جديد".
تنص بنود الاتفاق الذي سيتم على ثلاث مراحل على إطلاق سراح 33 محتجزاً على مدار الأسابيع الستة المقبلة في مقابل إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين وانسحاب إسرائيل من مناطق عدة في القطاع، ومن المفترض أن يمهد الاتفاق الطريق لإنهاء القتال على الأمد البعيد وبصورة دائمة، وإلى عودة الفلسطينيين لمنازلهم.
وتقول جماعات حقوق الإنسان إن غزة تعيش أزمة إنسانية "غير مسبوقة"، في أعقاب هذا القصف العنيف.
وفي هذا السياق، قدم ائتلاف يضم 18 منظمة غير حكومية، من بينها جمعية "العون الطبي للفلسطينيين" Medical Aid For Palestinians و"أوكسفام" ومنظمة العفو الدولية، التماساً إلى الحكومة البريطانية أمس الخميس، كي تحرص على أن تتحول هذه الهدنة إلى "نهاية دائمة لمعاناة الفلسطينيين"، وتكون "نقطة انطلاق لتحقيق العدالة وللمحاسبة، وليس نهاية تسمح للسلطات الإسرائيلية بالاستمرار بفرض الحصار والاحتلال وقمع الفلسطينيين".
ومن جانبها، قالت المنظمة البريطانية "العمل من أجل الإنسانية" Action For Humanity إن اتفاق وقف إطلاق النار يجب ألا "يطلق يد إسرائيل لارتكاب أكبر عدد ممكن من جرائم الحرب" في الفترة التي تسبق دخوله حيز التنفيذ، ونفت إسرائيل مراراً وتكراراً مسؤوليتها عن ارتكاب أية جرائم في غزة.
© The Independent