Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"المجلس الإسلامي السوري"... من التأسيس في إسطنبول حتى العودة لدمشق

يقول أيمن الجمال إنه قام "بدور مهم في حفظ مسار الثورة من الانحراف"

اجتماع أعضاء "المجلس الإسلامي السوري" في مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي في الثامن من أغسطس 2021 (الموقع الرسمي للمجلس)

ملخص

تأسس في أبريل 2014 في مدينة إسطنبول، وفي نوفمبر 2021 عين رئيسه الشيخ أسامة الرفاعي مفتياً عاماً لسوريا بعد قيام بشار الأسد بإصدار مرسوم رئاسي بإلغاء منصب المفتي، ومطلع 2025 انتقل المجلس إلى دمشق وسط تكهنات في استمراره ككيان مستقل أو اندماجه بوزارة الأوقاف.

في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 توفي الفنان والمغني السوري الشهير صباح فخري، الذي جمع السوريين سواء معارضين أو مؤيدين لشعبيته الكبيرة، وعدم اتخاذه موقفاً سياسياً بعد الثورة، وفي مجلس عزائه بمدينته حلب كان على رأس الحاضرين المفتي العام لسوريا في ذلك الوقت أحمد بدر الدين حسون، المعروف بتأييده المطلق للنظام، لدرجة أنه هدد بـ"مسح أوروبا عن الخريطة" لأنها فرضت عقوبات على النظام.

في مجلس العزاء وأمام جمع غفير من الحاضرين، ألقى المفتي حسون كلمة أثارت غضب علماء مسلمين بينهم مؤيدو النظام أنفسهم، إذ قال إن "خريطة سوريا مذكورة في القرآن الكريم، وتحديداً في سورة التين، إذ إن الله أقسم بالتين والزيتون، ومعناهما سوريا، أقسم بأن من يتركها يرده الله أسفل سافلين، لذلك الذين تركوا سوريا (يقصد اللاجئين) سيردهم الله أسفل سافلين)".

التصريحات الغريبة لحسون أجبرت وزارة أوقاف النظام على إصدار بيان رسمي توضيحي ينفي صحة تفسير حسون لـ"سورة التين"، ويصفه بـ"المفهوم الضيق".

 

إلغاء منصب المفتي في سوريا

بعد أيام من هذه الحادثة أصدر رئيس النظام السوري السابق بشار الأسد المرسوم رقم 28 الذي ينص على إلغاء المادة رقم 35 من القانون الناظم لعمل وزارة الأوقاف، الذي يسمى بموجبه المفتي العام للجمهورية، وبذلك ألغي منصب المفتي كلياً، وهو منصب عريق في سوريا، ويتم اختيار المفتي عادة بصورة مباشرة من رئيس الجمهورية، وفي عام 2005 اختار بشار الأسد أحمد حسون ليكون مفتياً وبقي في منصبه 16 عاماً حتى إلغاء المنصب كله.

في الضفة المقابلة، في مدينة إسطنبول، تجمع إسلامي واسع تحت مسمى "المجلس الإسلامي السوري"، معظم علماء الدين فيه هم منشقون عن النظام أو معارضون له، يتبنون "الثورة السورية"، ويصدرون بين الحين والآخر بيانات ضد الأسد، وعادة ما يشيرون إليه في بياناتهم باسم "العصابة الحاكمة"، كما أن لهذا المجلس مقراً في مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي.

مفت جديد 

بعد إصدار بشار الأسد قرار إلغاء منصب المفتي بأيام قليلة، أعلن "المجلس الإسلامي السوري" اختيار الداعية أسامة الرفاعي مفتياً عاماً للجمهورية العربية السورية، وينحدر الرفاعي من عائلة دمشقية عريقة، كما سمي على اسم عائلته أحد أشهر مساجد دمشق "مسجد الرفاعي"، لكنه انشق مع شقيقه الداعية سارية الرفاعي عن النظام منذ 2011، واستقرا في إسطنبول حتى مطلع 2025، إذ عاد أسامة الرفاعي إلى دمشق تزامناً مع وفاة شقيقه سارية الذي نقل جثمانه أيضاً إلى دمشق، وشارك في تشييعه قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في المسجد الأموي.

التأسيس والهوية

تأسس "المجلس الإسلامي السوري" في مدينة إسطنبول في أبريل (نيسان) 2014، إذ يضم عشرات مع المشايخ السوريين والهيئات والمنصات الإسلامية، ويقول المجلس على موقعه الرسمي إنه "مع بداية الثورة تشكلت في الداخل السوري الهيئات والروابط الشرعية لتسد الفراغ الحاصل من غياب مؤسسات الدولة وانحسارها في المناطق المحررة، على صعيد آخر شهد عام 2011 مبادرات لإيجاد كيان جامع موحد من العلماء والروابط التي أجبرها النظام على الاغتراب، واجتمع نحو 40 رابطة وهيئة شرعية في منتصف أبريل 2014، لتعلن تأسيس المجلـس الإسلامي السوري، الذي ضم العلماء والهيئات الشرعية والروابط العلمية السورية، ليكون قراراً مشتركاً يعبر عن إرادة موحدة لرموز المدارس الفكرية الإسلامية المعتدلة في سوريا"، وعن هويته يقول المجلس إن "هيئة مرجعية شرعية وسطية سورية، تسعى إلى جمع كلمة العلماء والدعاة وممثلي الكيانات الشرعية، وتوجيه الشعب السوري، وإيجاد الحلول الشرعية لمشكلاته وقضاياه، والحفاظ على هويته ومسار ثورته".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أهداف "المجلس الإسلامي"

حول أهداف "المجلس الإسلامي"، يقول أيمن الجمال عضو المجلس لـ"اندبندنت عربية" إن "مناهج العاملين على الساحة الثورية من الدعاة والعلماء تنوعت، وتعددت اتجاهاتهم الفكرية، وفي بعض الأحيان كان هناك تكرار للجهود وتداخل في مناطق العمل وإهمال لمناطق أخرى، كما أن كلمتهم تجاه الأحداث لم تكن واحدة، فقام المجلس الإسلامي لينسق الجهود ويوحد الكلمة، ويكون له تأثير سياسي واجتماعي وإصلاحي في الساحة، وتأسس المجلس من أكثر من 40 جمعية وهيئة ورابطة علمائية بعضها متخصص بمكان، مثل المجلس الشرعي في حلب أو حماة، أو الهيئة الشرعية في الغوطة وريفها، وبعضها متخصص بعمل فكري أو دعوي مثل رابطة العلماء السوريين، ورابطة الأئمة والخطباء، ومؤسسة إتقان لتعليم القرآن الكريم، وغيرها من المؤسسات، وبعض تلك المؤسسات يمثل تياراً دينياً في المجتمع السوري مثل رابطة علماء الشام التي تمثل الخط الوسطي المعتدل في علماء سوريا، وهيئة شام الإسلامية التي تمثل الخط السلفي المعتدل في سوريا أيضاً، فقام المجلس بالتنسيق بين كل تلك المؤسسات وشكل رابطة حقيقية بينها، أذابت كثيراً من الجمود بين القائمين عليها والعاملين فيها والمنتسبين إليها، وضم المجلس مع ذلك عدداً من العلماء غير المنتسبين إلى هذه الروابط والهيئات، فهو في بنيته وتركيبته فريد لا يماثله جسم من الأجسام القائمة في سوريا قبل الثورة ولا بعدها".

الإنجازات والانتقال إلى دمشق

يضيف الجمال لدى سؤاله عن إنجازات المجلس أنه قام "بدور مهم في حفظ مسار الثورة السورية من الانحراف، فأصدر وثيقة المبادئ الخمسة للثورة السورية وثوابت الثورة ووثيقة الهوية السورية، وأصدر عدداً من البيانات حول مسارات الحل السياسي المتعددة واجه فيها مواقف بعض الدول بانتماء ظاهر إلى الثورة السورية، فضبط المسار في أستانا وسوتشي، ومنع من تحويل شباب الثورة إلى بندقية مستأجرة في الدول الأخرى، كما نص في بعض بياناته، وقد كان لتواصل المجلس مع الدول والمؤسسات الرسمية والشخصية أثر كبير في منع انزلاق الثورة نحو الحلول السياسية التي تقوي النظام، كما أن أفراداً من المجلس كانوا مشاركين مع المقاتلين على الجبهات، كما أن المجلس، بالنظر إلى أفراده ومكوناته، هو الجسم الأكبر الجامع لطلاب العلم المعبر عن توجهاتهم الفكرية المتنوعة، وتتشكل المرجعية الحقيقية هكذا في نفوس الشعب، وهذا التنوع لا يوجد في أي جسم ثوري شرعي على هذا النحو".

وعن احتمال نقل المجلس الذي تأسس في مدينة إسطنبول إلى دمشق، يوضح الجمال أن "النظام الأساسي للمجلس ينص على أن مقره الدائم هو مدينة دمشق، وهذا لا يحتاج إلى قرار جديد، وللمجلس مقر في منطقة أعزاز، وأعضاؤه منتشرون في كل المناطق السورية اليوم، ومع ذلك فقد أصدر تعميماً داخلياً بنقل مقره إلى دمشق تأكيداً على ما ورد في نظامه الأساسي".

مستقبل غير واضح

وحول مستقبل "المجلس الإسلامي" بعد سقوط النظام، يقول العضو في مجلس إدارته إن "للمجلس اتفاقات وبروتوكولات معقودة مع جهات ومؤسسات تركية عدة ليتمكن بموجبها من العمل عن طريق مكوناته في الساحات التي يوجد فيها أعضاؤه، وهو يستمر بدوره المناط به في حفظ هوية المجتمع السوري، كما أصدر المجلس رؤيته للتوافق الوطني، وللمجلس أدوار أخرى في مكوناته المحلية في مختلف المحافظات السورية اليوم".

وحول إذا ما كان المجلس الإسلامي السوري سيكون بديلاً عن وزارة الأوقاف السورية السابقة، لم يكن هناك رد بهذا الخصوص، كما أن المسؤولين في وزارة أوقاف النظام السابق رفضوا الرد على الأسئلة ذاتها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير