Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الانتخابات التشريعية التونسية بين الصمت الانتخابي وحيرة الناخبين

كثرة المرشحين وتشابه البرامج خففت الحماسة لدى التونسيين

مواطنان تونسيان يعاينان ملصقات جدارية لقوائم مرشحة للانتخابات التشريعية في العاصمة (أ. ف. ب.)

 

ساعات قليلة تفصل تونس عن ثاني موعدٍ لانتخاب برلمان جديد بعد تجربة انتخابية ديموقراطية أولى جرت عام 2014 إثر إقرار الدستور الجديد. الصمت الانتخابي، الذي ابتدأ منتصف ليل يوم الجمعة ويستمر إلى حين إعلان نتائج الانتخابات، ترك مساحة من القلق والحيرة لدى الناخبين الذين فشلت الحملات الانتخابية التي نظمتها الأحزاب والمستقلون لشد الانتباه إلى اجتماعاتهم وبرامجهم والشخصيات الذين ترشحت على قوائم في مختلف الدوائر الانتخابية الـ 33 داخل وخارج تونس.
وقد يكون لهذه الحيرة انعكاسٌ سلبيٌّ على تفاعل الناخبين وتوجههم إلى صناديق الاقتراع لاختيار مَن سيمنحونه أصواتهم ليكون ممثلاً عنهم تحت قبة البرلمان.

حملات انتخابية باهتة
 ورأى مراقبون كثر أن الحملات الانتخابية للانتخابات التشريعية كانت باهتة وفاشلة، إذ إن قوائم عدة لم تطبع ملصقات خاصة بها أو لم تعرّف الناس بأعضائها وبرامجها الانتخابية. واكتفت بعض القوائم بطباعة أوراق صغيرة تحمل صور بعض أعضائها ووزعتها بالعشرات في الشوارع، وكأن رغبةً دفعت أعضاء كثر في القوائم إلى تسجيل أسمائهم في لائحة مَن ترشح مرةً لمجلس النواب، وليس السعي بجد للوصول إلى عضوية المجلس.
واعتبرت الاعلامية وفاء دعاسة أن "الحملات الانتخابية فشلت في إثارة اهتمام الناخبين، بل أنهم شتتوا تفكير الناخب بالكم الهائل لعدد القوائم المرشحة، التي تُعدّ بالعشرات في الدائرة الانتخابية الواحدة، ما انعكس سلباً على اختيار الناخبين للمرشحين الذين سيمنحونهم أصواتهم عن قناعة وثقة في البرنامج الانتخابي المقترح، إضافة إلى أن الحملات الانتخابية خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي، لم تنجح سوى في تأجيج الخلافات بين التونسيين وخلق أجواء متوترة".
 


تصويت عقابي آخر؟!  

ولفتت دعاسة إلى أن كل ذلك سينعكس على مشاركة الناخبين في الانتخابات التشريعية، التي لن تكون بحسب تقديرها بنسب مرتفعة. وقالت إنه "مثلما عاقب الناخبون المرشحين في الرئاسية، أعتقد أنهم سيعيدون الكرة في التشريعية خصوصا فئة الشباب، الذين سئموا الوعود الواهية والتجاذبات السياسية والمشاحنات بين النواب تحت قبة البرلمان".
ويتحمل مسؤولية هذا العزوف بحسب دعاسة، السياسيين والمرشحين الذين أثبتوا فشلهم في حل مشكلات الجهات التي يمثلونها في مجلس النواب، وفقدوا ثقة الناخبين فيهم.
وعبّرت الناشطة الشبابية ريم الثابتي عن الموقف ذاته، إذ ذكرت أنها مثل "كثير من الشباب الذين لن يمنحوا أصواتهم لأي من المرشحين في الانتخابات التشريعية، لأنهم يعتبرون أن النواب الجدد لن يختلفوا في أدائهم وسلوكهم عمَن سبقهم في الانتخابات الماضية ووزع وعوداً وعهوداً للشباب كانت كلها من دون استثناء، كاذبة". وأضافت أن "هذه الانتخابات ستشهد تراجع عدد الناخبين مقارنةً بالانتخابات الرئاسية التي نجح فيها المرشحون بإثارة اهتمام الشباب ببرامجهم وأفكارهم وشخصياتهم".
وقالت الثابتي إن "حيرة كبيرة فرضت نفسها على الناخبين في تونس جراء العجز عن الاختيار لمَن قرر التصويت بين قوائم الأحزاب التي كذبت عليهم وبين قوائم مستقلة مجهولة بالنسبة لهم، وهذا ما سيربك الناخبين ويصعّب خيارهم، في ظل العدد المهول للقوائم في كل دائرة انتخابية".

عجز عن الاختيار

 

ظاهرة جديدة دخلت للمشهد في الانتخابات التشريعية، تمثلت في حيرة عدد كبير من الناخبين في اختيار المرشح أو القائمة التي سيصوتون لها. ورصدت مراكز استطلاعات الرأي حيرة لدى الناخبين بنسبة تصل إلى 35%، الرقم الذي اعتبره المحلل السياسي هشام الحاجي "رقماً مرتفعاً يدل على أن الأحزاب تجاهلت خلال الفترة السابقة دورها في تأطير الجماهير والاتصال بالناخبين، وعجزت عن القيام بحملات انتخابية تثير اهتمام الناخبين وتشحذ هممهم، وهذا أوقع هؤلاء في خلط كبير ولم تعد لهم القدرة على التمييز بين البرامج والمرشحين ما أدى إلى هذه الوضعية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


مخاطر على الانتقال الديموقراطي

ونبّه الحاجي إلى أن "ضعف التفاف الجماهير حول المؤسسات لا يمكن إلا أن يكون مؤشراً خطيراً على مستقبل مسار الانتقال الديموقراطي وكل التجربة الديموقراطية لأن الديموقراطية بالأساس نظام يوجِد أفضل السبل للتعبير عن الارادة الشعبية عبر صناديق الانتخاب. والمخاوف من أن تكون نسب التصويت منخفضة عن الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي كانت أساساً دون الـ50% من عدد مَن يحق لهم الانتخاب يضع كل المسار الديموقراطي في مهب الريح، خصوصا أن هناك هوة تزداد اتساعاً للأسف بين النخب السياسية وبقية المواطنين".

نتائج متقاربة وحيرة مبالغ بها

من جهة أخرى، قال مدير مؤسسة "امرود كونسلتينغ" لاستطلاعات الرأي نبيل بلعم، إن "نسبة مَن لم يقرروا بعد لمَن سيدلون بأصواتهم ستكون حاسمة في تحديد هوية الفائزين في الانتخابات التشريعية. كما أن نسب التصويت لن تختلف عما كانت عليه في الانتخابات الرئاسية السابقة بشكل كبير"، متوقعاً أن "تكون المنافسة كبيرة بين الأحزاب الأساسية والمستقلين". وأضاف بلعم أن "نسبة مَن هم في حيرة ستكون حاسمة في تحديد نسب المشاركة في الانتخابات وتحديد مَن سيكون صاحب المركز الأول فيها".
حيرة ستصنع المفاجأة

واعتبرت الإعلامية سناء الماجري أن "الاستحقاق الانتخابي عنوانه الأول هو الحيرة، حيث يردد جل التونسيين عبارة وحيدة منذ أيام، ألا وهي: من سنختار؟؟ وتعود هذه الحيرة بالأساس إلى طفرة القوائم الانتخابية وكثرة المرشحين. وهذه الكثرة شتت الأفكار وأضاعت البوصلة لدى البعض، خصوصا أمام تشابه البرامج والوعود الانتخابية لقرابة 15 ألف مرشح وزعوا وعوداً هلامية تنقصها آليات التنفيذ". وأضافت الماجري أن "الثابت هو أن المشهد السياسي سيتغير في قادم الأيام خصوصا مع صعود وجوه جديدة شابة ومستقلة، مقابل التراجع الكبير للأحزاب التقليدية لكن لا أحد يمكن أن يتكهن بنتيجة الانتخابات".
وتابعت أن "من بين الأمور التي زادت من حيرة الناخبين، هو أن جل المرشحين يحملون تقريباً البرامج الانتخابية ذاتها، التي تتعلق بمجملها بالمشكلات الاجتماعية والاقتصادية والتنموية، وتقدم حلولاً للبطالة والقضاء على الفقر وتحسين القدرة الشرائية والتوزيع العادل للثروات وغيرها من الوعود، التي سبق وقُدمت في الاستحقاقات الانتخابية السابقة ولم يتحقق منها شيء، ولعل انعدام الثقة في السياسيين هو الذي جعل نسبة الإقبال ضعيفة خلال الدور الأول من الانتخابات الرئاسية، وبحسب المؤشرات الأولية فإن هذه النسبة لن ترتفع كثيراً غدا الأحد، موعد الانتخابات التشريعية".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي