ملخص
يواجه رئيس الوزراء البريطاني الذي انتخب لقيادة سادس أكبر اقتصاد بالعالم في يوليو (تموز) مجموعة من التحديات الداخلية والخارجية التي تضع حكومته في مأزق. لكن الطريق نحو الخليج وفقاً لمراقبين قد يكون محملاً باتفاقات وشراكات تحقق مكاسب لكافة الأطراف.
في خضم الأحداث المتسارعة في الشرق الأوسط تأتي زيارة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى الخليج، للمرة الأولى منذ توليه منصبه، وهي الزيارة التي تحمل أجندتها ملفات أمنية واقتصادية لكن أبرزها السعي نحو إبرام اتفاقية تجارة حرة مع دول الخليج، بالإضافة إلى بحث ملفات الاستقرار في المنطقة.
واستقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اليوم الإثنين رئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض، وقالت الحكومة البريطانية إن رئيس الوزراء كير ستارمر تعهد بتعزيز حضور بلاده في الشرق الأوسط لدعم الاستقرار على المدى الطويل، ونقل بيان عن ستارمر قوله خلال أول زيارة له للمنطقة منذ أن تولى منصبه في يوليو (تموز) "استقرار الشرق الأوسط أمر بالغ الأهمية لتوفير أساس للأمن في بلادنا".
وأضاف البيان "رئيس الوزراء قال إن بريطانيا ستلعب دوراً أكثر حضوراً وثباتاً في المنطقة، وستعمل مع الشركاء على زيادة التعاون الدفاعي لتعزيز الردع في مواجهة التهديدات من البر والبحر والجو والفضاء وعبر الإنترنت".
وفي أبوظبي التقى ستارمر رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، وأكد على أنه سيشجع مجلس التعاون الخليجي على إبرام اتفاقية تجارة حرة.
ويواجه رئيس الوزراء الذي انتخب لقيادة سادس أكبر اقتصاد بالعالم في يوليو (تموز) مجموعة من التحديات الداخلية والخارجية التي تضع حكومته في مأزق. لكن الطريق نحو الخليج وفقاً لمراقبين قد يكون محملاً باتفاقات وشراكات تحقق مكاسب لكافة الأطراف.
من جهتها، تسير دول الخليج نحو "سوق حرة" مفتوحة على كل القارات، ومراراً ما عقد مجلسها الذي يضم أعضاء البلدان الست خطوات واتفاقيات مع كل من "دول رابطة الافتا" وسنغافورة وتركيا واليابان والصين وأستراليا، ودخل بعضها حيز التنفيذ.
بوابة الاقتصاد
ويمضي ستارمر نحو بوابة الاقتصاد أكثر من أجل وضع خريطة طريق نحو بلدان مجلس التعاون الخليجي التي تمثل قيمة التبادلات التجارية معها 55 مليار جنيه إسترليني (نحو 66.3 مليار يورو). ويتألف مجلس التعاون الخليجي من السعودية، والإمارات، وقطر، والبحرين، والكويت، وسلطنة عمان.
وتعتبر الحكومة البريطانية دول الخليج من المستثمرين الرئيسيين، إذ تبلغ قيمة التبادل التجاري بين بريطانيا والإمارات 23 مليار جنيه إسترليني (نحو 29.3 مليار دولار)، بينما يبلغ حجم التبادل التجاري مع السعودية نحو 17 مليار جنيه إسترليني (نحو 21.6 مليار دولار).
ويُتوقع أن تضيف اتفاقية التجارة الحرة 1.6 مليار جنيه إسترليني (نحو 2 مليار دولار) للناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة، و1.2 مليار جنيه إسترليني (نحو 1.49 مليار دولار) للناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج.
وأشار بيان نقلاً عن ستارمر: "سأعمل على تحقيق تقدم سريع في اتفاقية التجارة الحرة مع دول مجلس التعاون الخليجي، وتعميق تعاوننا في مجالات البحث والتطوير وشراكتنا في مشروعات المستقبل".
ويأمل الرجل الذي تزعم حزب العمال قبل رئاسة الوزراء، "تعزيز الاستثمار وتعميق الشراكات الدفاعية والأمنية"، ووفقاً لبيان من الحكومة البريطانية التي وصفت البلدين (السعودية والإمارات) بأنهما "من أهم شركاء المملكة المتحدة في العصر الحديث".
ورغم أن المنطقة تمر بأزمات عاصفة، من حرب لبنان وغزة إلى سقوط مدوٍ لنظام بشار الأسد في دمشق، إلا أن دول مجلس التعاون الخليجي عادة ما تسعى مع دبلوماسيتها إلى التهدئة مواصلة بناء اقتصاداتها والمضي قدماً نحو تنفيذ خططها التنموية التي رسم بعضها قبل عقد وأكثر من الزمن.
ومن الواضح أن جل تركيز الزيارة وأجندتها الرئيسة هي السياسة والاقتصاد، وكما ذكر البيان الحكومي البريطاني أنه من المتوقع أن يكون الاستقرار في الشرق الأوسط "على رأس جدول الأعمال"، بما في ذلك الحاجة الملحة إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإفراج عن جميع الرهائن، وتسريع وصول المساعدات إلى القطاع على نحو عاجل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويأمل ستارمر الحصول على استثمارات للمساعدة في تمويل مهمته لإعادة بناء البنية التحتية القديمة في بريطانيا ومساعدته في التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، وهو يقول "هناك إمكانيات هائلة غير مستغلة في هذه المنطقة". والتحول إلى مصادر الطاقة النظيفة هو هدف تشترك في تحقيقه الدول النفطية، خصوصاً وأنه أبرم قبل نحو أسبوع شراكة جديدة في مجال الطاقة الخضراء مع قطر أكثر البلدان تصديراً للغاز المسال في العالم.
وزار وزيران بريطانيان المنطقة في سبتمبر (أيلول) لمحاولة دفع محادثات اتفاقية التجارة الحرة. ومن المتوقع أن تؤدي مثل هذه الاتفاقية إلى زيادة التجارة الثنائية بنسبة 16 في المئة وربما تزيد 8.6 مليار جنيه إسترليني سنوياً في الأمد الطويل.
بايدن وضع الحلفاء في ورطة
ويقول المهندس فارس القضيبي وهو مستشار اقتصادي وخبير في الشراكات الاستراتيجية الدولية، "متانة الاقتصاد الخليجي دائماً ما تقود زعماء أوروبا لتعزيز الشراكات الاستراتيجية مع دول الخليج".
ويرى أن ثمة أزمات خانقة تتفاقم في أفق المملكة المتحدة وجاراتها، نتيجة لما وصفها بـ"الانقسامات الجيوسياسية جراء الأزمة الروسية الأوكرانية".
ويقول إن "موقف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تجاه الدول الأوروبية الحليفة في الحرب الأوكرانية تركت هذه الدول تغرق في بحر التناقضات الأميركية حيث استغلت الولايات المتحدة نقص الإمدادات في الغاز المسال جراء الحرب الروسية ورفعت أسعار التوريد لمستويات تاريخية، وهو ما انعكس على الداخل الأوروبي على شكل ارتفاعات متتالية لأسعار الطاقة وصناعات أساسية أخرى تعتمد على الغاز ما زاد من عمق الأزمة حتى اليوم وهو الأمر الذي أغضب قادة الدول الأوروبية".
شراكات استراتيجية لدفع عجلة النمو
ولا يستبعد القضيبي تطور الوضع في القارة العجوز نتيجة التضخم وصعوبة خلق الوظائف وكذلك ارتفاع تكلفة المساكن وزيادة أسعار السلع والخدمات الأساسية والتي من المحتمل أن تتطور لما هو أعمق من ذلك بكثير لأن تصبح أزمة أمنية يصعب التنبؤ بتداعياتها، ولهذا "يندفع قادة الدول الكبرى إلى الخليج بخاصة العاصمة الجاذبة لرؤوس المال والأعمال الرياض لما تحظى به من موثوقية عالية في إيجاد حلول لمثل هذه الأزمات".
والشراكة البريطانية - الخليجية شهدت أخيراً تطوراً واضحاً، وفق القضيبي، الذي يقول إن هناك خطوات ملموسة بين الطرفين وأهمها إلغاء اشتراطات تأشيرة الدخول للمملكة المتحدة لمواطني عدد من دول الخليج الأمر الذي زاد من عدد السياح بشكل كبير ما يدعم الحركة الاقتصادية المصاحبة بالإضافة إلى ذلك هناك توجيه للاستثمارات الخليجية المباشرة في عدد من القطاعات الهامة في بريطانيا حيث استثمر صندوق الاستثمارات العامة السعودي في مطار هيثرو. كما زاد الصندوق نفسه حصته في سلسلة المتاجر الفارهة "سيلفريدجز"، وغيرها من الاستثمارات الخليجية ذات القيمة المضافة للاقتصاد البريطاني ما يدعم النمو في القطاعات المستهدفة كما يدعم استمرار خلق فرص العمل، وهذا ما يدفع رئيس الوزراء البريطاني إلى النظر في إمكانيات استثمار هذا التوافق والانفتاح الاقتصادي.
استقرار الشرق الأوسط
في الموازاة، قالت الحكومة البريطانية اليوم الاثنين إن رئيس الوزراء كير ستارمر تعهد بتعزيز حضور بلاده في الشرق الأوسط لدعم الاستقرار على المدى الطويل.
ونقل بيان عن ستارمر قوله خلال أول زيارة له للمنطقة منذ أن تولى منصبه في يوليو (تموز) الماضي، أن "استقرار الشرق الأوسط أمر بالغ الأهمية لتوفير أساس للأمن في بلادنا". وأضاف البيان أن "رئيس الوزراء قال إن بريطانيا ستلعب دوراً أكثر حضوراً وثباتاً في المنطقة، وستعمل مع الشركاء على زيادة التعاون الدفاعي لتعزيز الردع في مواجهة التهديدات من البر والبحر والجو والفضاء وعبر الإنترنت".
كما خصص ستارمر 11 مليون جنيه إسترليني (14.07 مليون دولار) إضافية للمساعدات الإنسانية لسوريا.
كما وافق ستارمر على تعزيز شراكة دفاعية قائمة بين بلاده والسعودية وزيادة التعاون في مجال الصناعات العسكرية.