ملخص
دارت أكبر المعارك على محور شرق ولاية الجزيرة، تقدمت إثرها قوات الجيش ودرع السودان بقيادة أبو عاقلة كيكل داخل مزيد من مناطق محلية أم القرى.
قتل سبعة أشخاص بقصف جوي للجيش السوداني طاول مسجدا في شمال الخرطوم اليوم الجمعة، وفق ما أفادت مجموعة محامين سودانيين مؤيدين للديمقراطية، الأمر الذي أكدته أيضاً لجنة من الناشطين.
وقال المحامون الذين يوثقون انتهاكات حقوق الإنسان منذ اندلاع الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع: "تعرض مسجد الشيخ أحمد الصديق في حي شمبات بمدينة بحري لقصف جوي عشوائي عقب صلاة الجمعة، مما أسفر عن مقتل سبعة من المصلين".
وأضاف المحامون أنه "تم تنفيذ القصف بواسطة صاروخ انطلق من طائرة عسكرية تابعة للجيش".
وانتقل ثقل الحرب بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" إلى وسط السودان حيث تدور معارك ومواجهات وصفت بأنها الأشرس منذ اندلاع القتال على مشارف مدينة ود مدني، التي حشد لها الجيش قوات ضخمة ومتنوعة يسعى من خلالها إلى إحكام حصار وتطويق عاصمة ولاية الجزيرة من خمسة اتجاهات بمشاركة كثيفة من سلاح الطيران، تأهباً لمعركة فاصلة لاستعادة المدينة التي تسيطر عليها قوات "الدعم السريع" منذ عام مضى.
في المقابل، واصلت قوات "الدعم السريع" حشد تعزيزات كبيرة باستدعاء قوات تابعة لها من شرق النيل في ولاية الخرطوم وعدد من مناطق شمال ووسط ولاية الجزيرة الأخرى.
مواجهات طاحنة
وقالت مصادر ميدانية إن المعارك والمواجهات البرية تركزت على مناطق أم القرى ومحيط قرية ود المهيدي التي تبعد 15 كيلومتراً من عاصمة ولاية الجزيرة واتسمت بالعنف والكر والفر، وكثافة نيران المدفعية من الطرفين.
وبحسب المصادر، دارت أمس الخميس واليوم الجمعة أكبر المعارك على محور شرق ولاية الجزيرة، تقدمت إثرها قوات الجيش وقوات درع السودان التي يقودها القائد المنشق عن "الدعم السريع" المنضم إلى الجيش أبو عاقلة كيكل داخل مزيد من مناطق محلية أم القرى التي سيطر عليها الجيش مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري.
جسور حاكمة
كشفت المصادر أن القوات تصدت لعملية التفاف بهجوم كبير من قوات "الدعم السريع" لإبعادها من محيط محلية أم القرى شرق الجزيرة، وعبرت بالفعل كوبري "ود المهيدي" وسيطرت على عدة جسور حاكمة بالمحور الغربي وسط مشروع الجزيرة، متابعة لتقدمها نحو عاصمة الولاية.
وبحسب مرصد أم القرى نجح الطيران الحربي التابع للجيش في تشتيت قوات الإسناد التي كانت في طريقها إلى المنطقة (الفعج)، وتصدى لمحاولات الإمداد في عدة نقاط على طريق الخرطوم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق المصادر نفسها، يبدو أن قوات الجيش تجاوزت بعض المشكلات التي عرقلت تقدمها في بعض المحاور بوصول إمدادات بشرية ومادية تعزز قدرتها على متابعة تقدمها، وتوسيع عملياتها الحربية خلال الأيام المقبلة.
وفي محور الفاو الشرقي، قال التحالف السوداني للحركات المسلحة (القوات المشتركة) إن جميع قواته تشارك بفاعلية في العمليات العسكرية على رغم ضخامة التضحيات.
ونفى المتحدث باسم التحالف محمد السماني أن تكون قواتهم تخاذلت أو تراجعت أو انسحبت من قوات المحور المتقدمة نحو مدينة ود مدني، واصفاً ما يتردد في هذا الصدد بأنه محض إشاعات مغرضة.
معارك متتالية
وذكر تقرير للموقف الميداني لقوات درع السودان التي يقودها كيكل أنها خاضت ليومين متتاليين معارك كبيرة في محور شرق وغرب مدينة أم القرى، وتمكنت من كسر شوكة العدو في منطقة (ود الأبيض) ووصلت حتى (ود المهيدي)، وفتحت المسارات أمام قوات الجيش القادمة على محور (الخياري) من الشرق، وتأمين المناطق التي جرى تنظيفها من قوات العدو بمنطقة أم القرى.
وأوضحت قوات الدرع في بيان لها "أنها بمساندة من سلاح الطيران تمكنت من التصدي لهجمات مضادة من ثلاثة محاور للميليشيات"، سجلت خلالها قتلى وجرحى ومفقودين، لكنها أنجزت مهامها بصورة كاملة وتتهيأ بمشاركة المحاور الأخرى لتنسيق الهجوم المتزامن والاكتساح الكبير نحو مدينة ود مدني.
وأضاف البيان "بعض قوات العدو ما زالت تتمركز الآن بمناطق غرب ود المهيدي وغابة مهيلة، بينما تتمركز قوات الجيش ودرع السودان والقوات المساندة لها في مناطق سيطرتها غرب مدينة أم القرى، بعد أن باءت كل محاولات قوات ’الدعم السريع‘ بالفشل في استعادة كبرى ود المهيدي الحيوي الذي يمثل المفتاح إلى جسر (حنتوب) المدخل الرئيس لمدينة ود مدني من جهة الشرق، بعد أن خسرته في وقت سابق مع كثير من قواتها داخل ولاية الجزيرة".
وأكدت قوات درع السودان أن منطقة (العريباب) شهدت معارك شرسة في الصراع على إحكام قبضتها على كوبري حنتوب، بعد أن تابعت قوات الجيش والقوات المشتركة ودرع السودان تقدمها باتجاهه".
ضغط عسكري
في السياق، يرى المراقب والباحث الأمني والعسكري إسماعيل يوسف أن قوات "الدعم السريع" تتعرض لضغط عسكري كبير بهجوم متزامن من خمسة محاور، وبدا واضحاً استنجادها بقواتها في محاور أخرى مع قلة المركبات الرباعية الدفع المسلحة وظهورها بعربات ملاكي صغيرة وحافلات نقل عادية، مما يشير إلى مشكلات كبيرة تواجهها في العتاد والإمداد.
وأضاف يوسف أن كل المؤشرات تؤكد أن الجيش السوداني يحقق تقدماً متسارعاً في عدد من المحاور وأن كفته والقوات المتحالفة معه ستكون الراجحة مع استمرار المعارك، على رغم الصمود والقتال الشرس من جانب "الدعم السريع".
وتنبأ أن يتمكن الجيش من حسم المعارك ودخول مدينة ود مدني في غضون أسبوع أو 10 أيام على أسوأ تقدير، بالنظر إلى حجم المعارك الجارية وتقديرات القيادات الميدانية.
لكن المراقب يشير إلى أن وجود قوات "الدعم السريع" داخل ولاية الجزيرة ومدينة ود مدني والقرى التي حولها مكنها من تقوية وتعزيز دفاعاتها بصورة كبيرة، ويتوقع كذلك أن تكون نشرت مجموعات من القناصة على مداخل المدينة التي توقع أن تشهد خسائر كبيرة من الجانبين، مما يعني أن الجيش يخوض الآن معارك صعبة ومعقدة وربما حافلة بالمفاجآت، مما سيؤخر بدوره من سرعة تقدمها نحو عمق عاصمة الجزيرة.
تصدٍ ومطاردة
من جانبها، أكدت قوات "الدعم السريع" تصديها لمقدمة قوات الجيش على بعد 18 كيلومتراً شرق مدينة ود مدني وفي منطقة ود المهيدي على وجه التحديد، وأرغمتها على التراجع إلى داخل منطقة أم القرى.
وأوضح الباشا طبيق مستشار قائد "الدعم السريع" أن "قواتهم سحقت تحركات الجيش وكتائب البراء وما يسمى قوات درع السودان في محور أم القرى، واستولت منهم على عدد من سيارات الدفع الرباعي والمدافع الثقيلة (عيار 23) وكبدتهم مئات القتلى والأسرى، وتطارد الآن قائدها الهارب (الخائن) أبو عاقلة كيكل".
الوالي يبشر
بدوره بشر والي ولاية الجزيرة الطاهر إبراهيم الخير بقرب استرداد مدينة ود مدني حاضرة الولاية، مؤكداً أن حسم المعركة بات قريباً وأن الحرب باتت في خواتيمها.
وطالب الخير لدى لقائه رجال المال والأعمال بمحلية (24) القرشي الخاضعة للجيش جنوب الولاية بدعم المجهود الحربي، وتضافر الجهود والتنسيق لمد يد العون للنازحين بعد عودتهم إلى مناطقهم المنتظر تحريرها قريباً.
وأكد مدير شرطة الولاية اللواء شرطة عبدالإله علي أن الموقف العملياتي مطمئن بفضل التنسيق وتكامل الأدوار بين الجيش والقوات النظامية الأخرى والمستنفرين والمقاومة الشعبية وحركات الكفاح المسلح.
نزوح جديد
في الأثناء قالت المنظمة الدولية للهجرة إنها رصدت موجات نزوح لعشرات الأسر من مناطق الجبلين والدويم وأم رمتة في ولاية النيل الأبيض، وكذلك من محلية أم روابة في شمال كردفان، نتيجة العمليات العسكرية التي يشنها الجيش السوداني والقوات المساندة له ضد "الدعم السريع" في تلك المناطق منذ أيام عدة.
وذكرت أن مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة تلقت معلومات أولية تفيد بنزوح نحو 153 أسرة من محلية أم روابة، شمال كردفان مطلع هذا الشهر.
وبحسب المنظمة، تبحث الأسر النازحة في المقام الأول عن مأوى في مواقع داخل محليات الجبلين وربك والديوم وكوستي في النيل الأبيض، وكذلك بعبور الحدود نحو جنوب السودان.
السقوط المفاجئ
وقبل عام مضى، أحدث دخول قوات "الدعم السريع" المفاجئ إلى مدينة ود مدني خلال ديسمبر (كانون الأول) 2023 حالاً من الصدمة والرعب، ترافقت مع موجات كبيرة ومتزايدة من النزوح نحو ولايتي سنار والقضارف المجاورتين.
وأصدرت قوات "’الدعم السريع‘ وقتها بياناً أكدت فيه دخول قواتها إلى مدينة ود مدني بعد اجتيازها معسكر شرطة الاحتياط المركزي وكوبري حنتوب في المدخل الشرقي للمدينة".
وقال الجيش السوداني وقتها إن قواته انسحبت من مواقعها في ود مدني، وإنه فتح تحقيقاً بسبب انسحاب قواته من مواقعها في المدينة للوقوف على الأسباب والملابسات، التي أدت إلى انسحاب القوات من مواقعها شأن بقية المناطق العسكرية، وسترفع نتائج التحقيق فور الانتهاء منها لجهات الاختصاص، ومن ثم تمليك الحقائق للرأي العام".
وتتمتع مدينة ود مدني بثقل اقتصادي وكثافة سكانية كبيرة وشكل سقوطها تحولاً نوعياً خطراً في مسار الحرب زاد من الضغوط على الجيش السوداني.
وسيفسح تحرير المدينة المجال أمام الجيش لفرض سيطرته على كامل سهل البطانة وصولاً إلى ولايات القضارف المتاخمة للحدود الإثيوبية، ويؤمن بذلك مدن كسلا وبورتسودان وولاية سنار جنوباً ويقطع خطوط الإمداد عن قوات "الدعم السريع" بالتحكم في معظم مفاتيح الطرق القومية.