ملخص
حاول الوسطاء نحو 40 مرة الذهاب إلى صفقة تبادل أسرى ووقف إطلاق النار داخل قطاع غزة، لكن كان يخرج وزراء في إسرائيل يعارضون هذه الخطوة ولا يدعمون هذا التوجه.
على وقع الزخم الذي تشهده مفاوضات وقف إطلاق النار بين حركة "حماس" وإسرائيل في قطاع غزة، بدأ وزراء حكومة بنيامين نتنياهو الأكثر تشدداً يبدون موافقتهم على الذهاب إلى صفقة، مما يمثل تغيراً ونمطاً مختلفاً بعد أن عارضت عناصر الائتلاف الحكومي هذه الخطوة باستمرار.
أخيراً، بدأ فريق الرئيس الأميركي جو بايدن حراكاً جديداً في شأن حرب القطاع، وكذلك شرع فريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب في العمل على وقف إطلاق النار داخل غزة، وقدمت مصر بالتعاون مع الوسطاء خريطة طريق لهذا الملف وأبدت "حماس" استعدادها العلني على تقديم تنازلات في شأن المواضيع العالقة.
أفكار ناضجة
وعلى ضوء هذا التطور الذي يجري التباحث في شأنه داخل دهاليز الاستخبارات المصرية، نضجت أفكار جديدة في شأن وقف إطلاق النار داخل غزة، وحرصاً على عدم إفشال هذه المحادثات وقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمام الكنيست وأكد تأييده شخصياً للذهاب إلى صفقة.
وخلال الـ13 شهراً الماضية حاول الوسطاء نحو 40 مرة الذهاب إلى صفقة تبادل أسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، لكن كان يخرج وزراء إسرائيليون يعارضون هذه الخطوة ولا يدعمون هذا التوجه ويهددون بحل الحكومة أو إحداث بلبلة في ملفات داخلية، مما يعوق التوصل إلى هدنة.
ترى الباحثة السياسية نداف يوشع أن إسرائيل لم تكن جاهزة إلى الذهاب لصفقة وأن التغيير الذي جرى جاء بعد ضغوط من ترمب، فضلاً عن أن الوقت بات مناسباً لهذا الإجراء.
وتقول "كان نتنياهو و’حماس‘ على حد سواء يعرقلون الصفقة تماماً، ولكن عندما تغيرت المواقف أثر رئيس الوزراء على أعضاء حكومته وشجعهم على تأييد وقف إطلاق النار الذي لن ينهي الحرب تماماً، ولهذا حدث انقلاب في مواقف الوزراء وباتوا يؤيدون تعليق الأنشطة العسكرية".
عمل مشترك
وباجتهاد، تدفع الولايات المتحدة سواء الإدارة الحالية أو المقبلة لإبرام اتفاق في شأن القطاع، إذ يقول بايدن "سنعمل مرة أخرى باتجاه التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة".
وفي خضم ذلك، بدأ جميع الوسطاء بما فيهم قطر التي استأنفت دورها كوسيط رئيس إلى جانب مصر وتركيا والولايات المتحدة بإجراء مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، وتوصلوا إلى مسودة اتفاق كبير يتضمن اليوم التالي للحرب.
ولإتمام الاتفاق زار فريقا بايدن وترمب الشرق الأوسط وعقدا لقاءات مع الوسطاء، في أمر يبدو وكأن الإدارتين تعملان معاً من أجل اتفاق غزة المرتقب، لكن "اندبندنت عربية" لم تتأكد من ذلك.
وعلى ضوء المحادثات المكوكية، أعلن مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان أن المفاوضين على مقربة من التوصل إلى اتفاق في ما يتعلق بتبادل الأسرى، وأن ثمة ترتيبات تفصل بين وقف إطلاق النار في غزة والإعلان عن ذلك.
ويقول أيضاً مستشار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لشؤون الشرق الأوسط مسعد بولس "تم تحديد الخطوط الرئيسة لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة. وجرى وضع خريطة طريق للتنفيذ خلال شهر أو أكثر في إطار وقف إطلاق النار، وبقيت تفاصيل وهي في طريقها للحل".
نتنياهو موافق
وللحفاظ على هذا التقدم وعدم عرقلته من طرف إسرائيل، خرج جميع المسؤولين من رأس الهرم إلى قاعدته يؤيدون إتمام صفقة ويؤكدون أنها مهمة وتحقق أهداف الحرب التي وضعتها الحكومة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبما أن الاتفاق في إسرائيل على الذهاب إلى صفقة أمر صعب في ظل حكومة تضم وزراء متطرفين، تسلم رئيس الوزراء بنفسه مهمة الترويج للمقترح داخل حكومته. وقال نتنياهو "قد أوافق على وقف إطلاق النار في غزة وليس إنهاء الحرب، ثمة فرق بين الأمرين".
وأضاف نتنياهو "يمكن أن نشعر أن هناك شيئاً ما يحدث، الآن هناك فرصة للتوصل إلى صفقة تبادل للأسرى وظروف التوصل إلى اتفاق باتت أفضل بقدر كبير، لن أخوض في التفاصيل لكنها ستظهر قريباً".
رئيس إسرائيل يشجع
وبعد تأييد نتنياهو الاتفاق المرتقب الذي يعمل عليه الوسطاء شجع الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ ذلك، قائلاً "أكرر النداء، الآن بعد لبنان حان الوقت للتوصل إلى اتفاق وإعادة المختطفين في غزة، هناك مفاوضات لكنها قاسية ومريرة".
وتابع "ندائي إلى العالم أجمع وإلى قيادة دولة إسرائيل وإلى جميع الوسطاء، هذا هو الوقت المناسب الآن وأشجع المفاوضات خلف الكواليس وأقول هذا ممكن، الآن توجد فرصة لإحداث تغيير خاص من شأنه أن يؤدي إلى صفقة لاستعادة الرهائن وبموجبها يتم تشجيع الاستقرار وعودة الهدوء".
وبعدها صعد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس مشجعاً الاتفاق، قائلاً "سأكشف لكم، الضغط على ’حماس‘ يزداد وهذه المرة ثمة احتمال بأن نستطيع التقدم نحو صفقة تبادل. أهم شيء في الحرب هو إعادة الرهائن وهذا هو الهدف الأسمى، ونعمل بكل السبل من أجل الوصول إليه".
ترحيب دبلوماسي
وبعد تشجيع الصفقة على المستوى السياسي والعسكري في إسرائيل، بدأ تأييدها دبلوماسياً. وقال وزير الخارجية جدعون ساعر "هناك تفاؤل حذر في شأن احتمالات التوصل إلى اتفاق محتمل ونرى درجة أكبر من المرونة، وسنعرف مزيداً خلال الأيام المقبلة".
وأضاف "هناك رغبة عند الجميع في التوصل إلى اتفاق أتحدث من وجهة نظر الحكومة الإسرائيلية، وآمل أن تتمكن من المضي قدماً في هذا الشأن، بما يضمن أن ’حماس‘ لا تستطيع السيطرة على غزة مجدداً وستغادر بلا رجعة".
وقال وزير الثقافة الإسرائيلي ميكي زوهار "سأدعم الصفقة التي يطرحها نتنياهو على الطاولة لإعادة المحتجزين، ولا أحد في الحكومة يوافق على إنهاء الحرب داخل قطاع غزة، والانسحاب من أماكن كمحور فيلادلفي".
وتابع "تحدثت مع نتنياهو حول إتمام صفقة تبادل أسرى مع حركة ’حماس‘ ووجدت رئيس الوزراء يرغب في التوصل إلى اتفاق مع الحركة الفلسطينية، بلادنا لديها خطوط معينة ويبدو أن الاتفاق يسير في اتجاه هذه الخطوط".
مفارقة بن غفير وسموتريتش
وفي ما يمثل انقلاباً واضحاً على مواقفه السابقة، قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير "خطوطي الحمراء واضحة جداً، سأسمح بتمرير صفقة ووقف موقت لإطلاق النار، ولن أسمح بوقف كامل للحرب في قطاع غزة".
وكان بن غفير معارضاً شرساً لأي اتفاق مع "حماس" يقف ضد الذهاب إلى صفقة رهائن، ويهدد دوماً بالانسحاب من الائتلاف وحل حكومة نتنياهو إذا وافق على صفقة، ولكن تغيرت مواقفه وبات يؤيد اتفاقاً لا ينهي الحرب.
وحتى المعارضة الإسرائيلية وافقت على الصفقة وأيد زعيمها يائير لبيد الأمر. وقال "أطالب مجدداً بوقف الحرب في غزة وإبرام صفقة تبادل لإعادة الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى ’حماس‘".
وجاء في بيان عن عائلات الرهائن الإسرائيليين "طريق إعادة أبنائنا من غزة يمر عبر إنهاء الحرب هناك كجزء من صفقة، الجميع يشجع هذا الأمر وعلينا الذهاب إليه فوراً".
والشخص الوحيد الذي يعارض الصفقة هو وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الذي لا يزال يقول "إعادة الرهائن من غزة تتم بزيادة الضغوط على "حماس" وهزيمتها بدلاً من الاستسلام لمطالبها السخيفة".