Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القوات الأوكرانية في سوريا بين الوهم والحقيقة

مصادر أمنية تؤكد استعانة "تحرير الشام" بعسكريين من كييف خلال معارك حلب ولا تعليق من معارضي الأسد

اعتادت سوريا وجود مقاتلين وضباط وخبراء من جنسيات عدة (أ ف ب)

ملخص

أشار مصدر أمني رفيع تحدث إلى "اندبندنت عربية" إلى أن جهازه الأمني يمتلك معلومات مؤكدة حول وجود عشرات الضباط والمدرِبين الأوكرانيين الموجودين في مدينة إدلب وعلى محاور حلب وحماه.

فتح سقوط حلب في أيدي ائتلاف فصائل القوى المسلحة تحت راية "هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقاً) خلال ثلاثة أيام فقط، الأعين على طبيعة ونوعية المقاتلين الذين خاضوا المعركة، وسط تأكيدات رسمية سورية تدعمها تقارير ومصادر صحافية، واتهامات دولية رأس حربتها روسيا، حول وجود ضباط أوكرانيين على جبهات القتال في مواجهة الجيش السوري، ما بين مستشارين ومدربين وخبراء أمنيين وعسكريين ومهندسي طيران مسيّر.

ولا يعتبر هذا الاتهام جديداً إذ إن روسيا سبق وقالته مراراً عبر قنواتها السياسية والدبلوماسية والأمنية والإعلامية، وضمناً جلسات مجلس الأمن والأمم المتحدة في مواقيت متفرقة سبقت الحرب الحالية.

ضباط أوكرانيون في سوريا

وأشار مصدر أمني رفيع تحدث إلى "اندبندنت عربية" إلى أن جهازه الأمني يمتلك معلومات مؤكدة حول وجود عشرات الضباط والمدربين الأوكرانيين الموجودين في مدينة إدلب وعلى محاور حلب وحماه، وأكد المصدر أن وجود الخبراء الأوكرانيين أعطى زخماً للعمليات العسكرية لقوى "ردع العدوان" المنبثقة أساساً من تنظيم "القاعدة - فرع سوريا" التي تحولت إلى "جبهة النصرة" ثم "هيئة تحرير الشام" لاحقاً، وفق قوله.

ولفت إلى أن هؤلاء الأوكرانيين تمرسوا في حربهم مع روسيا وامتلكوا قدرات ميدانية كبيرة تؤهلهم لتحضير جماعات مقاتلة أخرى هدفها الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المناطق التي توجد فيها قواته إستراتيجياً وتكتيكياً، بخاصة سوريا والمنفذ الروسي على المياه الدافئة.

وتابع المصدر "منذ شهور بدأت استخباراتنا برصد دخول الأوكرانيين إلى سوريا عبر الحدود الشمالية، وهؤلاء القادمون تمكنوا من استحداث معامل لتصنيع الطائرات المسيرة وتدعيمها فنياً ولوجستياً، وكذلك تدريب الفصائل المسلحة على استخدامها بجودة وفعالية عالية أثبتت نفسها خلال الفترات الماضية، وتحديداً خلال الأيام القليلة الماضية في معارك حلب وحماه وإدلب، حيث تمكنت تلك المسيرات من الوصول إلى أهداف أكثر عمقاً جغرافياً مثل مصياف شمال غربي حماه، وحمص وسط البلاد، مما يدل على كفاءة عنصري التصنيع والتدريب". وقال أيضاً "ذلك يدل أيضاً على الدخول الأوكراني بدعم جزئي غربي في معارك سوريا، وسط استغلال سحب روسيا اعتباراً من عام 2022 معظم قواتها المقاتلة والجوية من سوريا، وتوجيهها نحو المعارك الأوكرانية حيث تلفت الأنظار، ليستغل الأوكرانيون هذا الخرق والانفتاح في الجبهة السورية وينقلوا جزءاً من المعركة نحو شرق المتوسط".

وأوضح المصدر أن "معلوماتنا لا تتحدث عن أعداد كبيرة من الضباط والمستشارين الأوكرانيين الآن، لكن هذا الأمر مستمر منذ مدة، وبالتأكيد جرى تناوب على البعثات المرسلة، والأهم أنها تمكنت من استحداث خرق في موازين القوى الجوية وأسست لجيش مسيرات قادر على تهديد جبهات كثيرة".

الجولاني ليس الهدف

مصدر ميداني مطلع آخر تحدث إلى "اندبندنت عربية" واصفاً حديثه بالسر العملياتي المتقن، ومستذكراً الأخبار التي جرى تداولها خلال اليومين الماضيين عن ضربة عسكرية أفضت إلى مقتل زعيم "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني في إدلب، إثر استهداف أحد مقار العمليات الميدانية هناك وانتشار الخبر مثل النار في الهشيم، مبيناً أن الحقيقة كانت استهداف مقر عمليات فعلاً ولكنه يتبع ضباطاً أوكرانيين، مما أدى إلى مقتل وإصابة عدد منهم.

 

وأوضح أنه "قبل امتصاص الصدمة كان دور الأوكرانيين واضحاً في التنسيق للعمليات ورسم بعض الخطط الميدانية، ولم يكن ذلك ما يقلقنا بقدر المسيرات التي برعوا في تصميمها وتدريب المسلحين عليها، ولعبها دوراً كبيراً في الحرب استطلاعاً وقتالاً، مما شكل مأزقاً في بعض الأحيان وسهل كثيراً من عمليات الاغتيال في أحيان أخرى، مثل حادثة اغتيال رئيس فرع الأمن العسكري بحماه، ورصد مدير البحوث العلمية قبل اغتياله، ومئات الأحداث الأخرى، وبخاصة مع خطر وجود طائرات انقضاضيه متفجرة بحوزتهم".وأشار المصدر إلى أن المعاناة مع المسيرات، وبخاصة المتطورة منها، تكمن في تهالك منظومة الدفاع الجوي السوري التي دُمر معظمها خلال عقد ونصف من الحرب، وخلالها كان لإسرائيل دور كبير في الإجهاز على البنية التحتية للمنظومة.

التأكد المطلق

وتتفق كل المصادر العسكرية والميدانية الرسمية التي استمعت إليها "اندبندنت عربية" حول وجود قوات أوكرانية رجحت كفة الميزان للطرف الآخر، مؤكدين أن وجود الأوكرانيين لم يعد مثار شك أو دراسة، بل هو أمر أكده تطابق مصادر الأجهزة الأمنية والعسكرية السورية وحلفائها من الدول الصديقة، مع تقارير صحافية استقصائية بينها ما هو أوكراني وما هو محلي، يضاف إلى ذلك البينة في نشر بعض المقاتلين الأوكرانيين لصورهم في سوريا، وبعضهم نشر صور جواز سفره مع لباسهم وعتادهم الميداني الكامل والمميز والمشهورين به كجيش أوكراني، لا يمكن أن تخطئ العين ملامحه بعد أعوام الصراع مع روسيا وانكشاف الجبهات ونوعية التسليح وطريقة التخطيط وخوض الأعمال القتالية.

مسرح للقوى العالمية

الأكاديمي في الشؤون الدولية جمال الدين حمود قال إنه غير متفاجئ من المعلومات التي تتحدث عن وجود قوات أوكرانية، "فقد اعتادت سوريا وجود مقاتلين وضباط وخبراء من جنسيات عدة، بينها إيغور وشيشان وأتراك وعراقيون وإيرانيون وغيرهم، بيد أن أطرافاً مثل روسيا وإيران وبعضاً ممن في الجانب العراقي كانت تتمسك بما تسميه سوريا المطالب الشرعية بتدخل حلفائها إلى جانبها، أما على الجانب الآخر فكانت المواجهات لأعوام طويلة مع متطرفين من القاعدة وداعش، بالتزامن مع جهود استخباراتية كبرى قدمتها أطراف عدة في الحرب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب الأكاديمي فإن الحضور الأوكراني بدأ فعلياً بعد أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في فلسطين، وما يحصل اليوم كان نتاج تحضير طويل الأمد، وتجب المساءلة حول الكيفية التي تمكّن فيها الأوكرانيون من استحداث معامل طيران مسير على الأرض السورية، مضيفاً أن "التدخل الأوكراني خطر للغاية لأنه يعكس صورة جيش منظم سرعان ما انعكست تعليماته على القوى المقاتلة على الأرض، والتي بدأت سابقاً بمحاولة نزع 'النصرة' التصنيف الإرهابي الدولي عن نفسها، وخلع زعيمها الجولاني بزته العسكرية وارتداء اللباس المدني الرسمي، لتبدو الحركة اليوم في معارك حلب نيو-ليبرالية وخارج عباءة الأيدولوجية المتطرفة والضيقة".

وختم حديثه بأن "الأوكرانيين يعرفون ما يفعلون جيداً، وهذا تحول خطر من ميليشيات مصنفة إرهابية إلى سياق جيش منظم يفكر ويحلل ويخطط وينظم ويهاجم، ثم يعطي الأمان للناس في منازلهم، وهذا بحد ذاته مخيف لأن أي تبدل في الفكر والعودة خطوة للوراء، وهو متوقع جداً، يعني مذابح ومجازر وذبحاً على الهوية"، متابعاً "إذاً أوكرانيا نظمت شكل الحرب وأعطتها بعداً عملياتياً ميدانياً رقيقاً، لن يطول الوقت قبل خرقه وعودة 'النصرة' لتفكيرها المعهود، وديموغرافياً فتلك القوى غير مقبولة في أية مدينة تحوي تنوعاً مذهبياً وقومياً، لذلك فإن تقدمهم نحو جبهات أخرى سيفتح حروباً أوسع قوامها السكان الذين لا يشكلون بيئة حاضنة لهم، ويملكون معهم ذكريات متقدة في الخوف من تكرار سني الحرب والقتل".

تأكيدات أخرى

وفي السياق أكد "المرصد السوري المعارض"، ومقره لندن، تدريب ضباط من أوروبا الشرقية لعناصر من "هيئة تحرير الشام" على استعمال المسيرات في سوريا، ليتماشى تأكيد المرصد مع تقارير غربية أخرى باتت ترى أنه من نافلة القول الحديث عن الأمر أو محاولة إثبات المُثبت، وهو ما ذهبت إليه روسيا بالحديث قبل شهور حين قال مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي سيرغي ناريشكين إن "نظام كييف يزود المنظمات الإرهابية بطائرات هجومية واستطلاعية من دون طيار في سوريا، إضافة إلى الذخيرة في مقابل تجنيد مسلحيها".

في حين بيّن مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك خلال جلسة لمجلس الأمن أن "الهجوم الإرهابي على حلب تزامن مع تدفق الإرهابيين عبر الحدود الشمالية وتكثيف الدعم الخارجي لهم، بما فيه العتاد الحربي والأسلحة الثقيلة والعربات والطائرات المسيرة، وتقانات الاتصال الحديثة وتأمين خطوط الإمداد العسكري واللوجيستي".

الهجوم والإسقاط

وقد أُسقطت 25 مسيرة أخيراً، وهو تطور تقني لافت في تمكن المسلحين من استخدام هذا الكم من المسيرات، بوصفه سلاحاً خطراً يدخل الميدان فيزيده تعقيداً واضطراباً، وتطور لافت من منظور آخر بتمكن الحيش من إسقاط هذا الكم، عدا عما أُسقط خلال الأيام الماضية.

يضاف إلى ذلك اعترافات أدلى بها مقاتلون مسلحون أُسروا خلال المعارك، عن التقنية المتقدمة التي طورتها أوكرانيا في إدلب ودربتهم عليها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير