Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تبعات الأزمة الكورية على الاقتصاد تتوالى

تدخل حكومة سيول بضخ النقد لضمان استقرار السوق لم يُعد ثقة المستثمرين

لم يزد نمو الناتج المحلي الإجمالي في كوريا الجنوبية على نسبة 0.1 في المئة خلال الربع الثالث من العام الحالي (أ ف ب)

ملخص

في حال استمرار الأزمة مع عزم البرلمان التصويت على عزل الرئيس، ودخول البلاد في أزمة سياسية ممتدة لن يكون التأثير في الاقتصاد الكوري الصاعد فحسب، بل سيمتد إلى الاقتصاد العالمي كله الذي يمر بوضع في غاية الهشاشة من الأساس

تتوالى الآثار الاقتصادية للأزمة السياسية في كوريا الجنوبية منذ أعلن الرئيس الكوري الجنوبي الأحكام العرفية متحدياً البرلمان المنتخب، قبل أن يتراجع عن قراره بعد رفض السلطة التشريعية له، وإعلان عدد من الوزراء عزمهم الاستقالة ثم تقدم المعارضة في البرلمان بطلب عزل الرئيس.

بالطبع ظهر الأثر المباشر على الاقتصاد الكوري الذي يحتل المرتبة رقم 12 بين الاقتصادات العالمية والرابع في آسيا، بهبوط مؤشرات الأسهم في بورصة "سيول" بنحو نقطة مئوية لدى إغلاق جلسة اليوم الخميس، بعدما خسر مؤشر "كوسبي" ما يقارب 1.5 في المئة من قيمته أمس الأربعاء، وارتفع العائد على سندات الخزانة السيادية متوسطة الأجل لمدة 10 أعوام وشهدت العملة الوطنية الـ"وون"، هبوطاً أمام الدولار إلى أدنى مستوى لها خلال عامين.

لكن في حال استمرار الأزمة مع عزم البرلمان التصويت على عزل الرئيس، ودخول البلاد في أزمة سياسية ممتدة لن يكون التأثير في الاقتصاد الكوري الصاعد فحسب، بل سيمتد إلى الاقتصاد العالمي كله الذي يمر بوضع في غاية الهشاشة من الأساس.

وسيضاعف ذلك من التحديات المتوقعة مع سياسات حماية مشددة تجاه الشركاء التجاريين تفرضها الإدارة الأميركية الجديدة، التي تتولى السلطة بداية عام 2025 مع دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

إلى ذلك، يتوقع المحللون أن يستمر خروج الأموال من السوق الكورية مع تراجع ثقة المستثمرين في الاقتصاد الكوري الجنوبي.

وبالفعل سحب المستثمرون الأجانب ما يزيد على 223 مليار وون (158 مليون دولار) من السوق على الفور، وتعرضت أسهم شركات كبرى مثل "كيا" و"هيونداي" و"سامسونغ" للهبوط الشديد مع بيع المستثمرين الأجانب أسهمهم فيها.

وضع هش

لم يكن الاقتصاد الكوري الجنوبي في أفضل أحواله مع اندلاع الأزمة السياسية هذا الأسبوع، وعلى رغم مسارعة السلطات بضخ 40 تريليون وون (28.3 مليار دولار) في السوق لاستعادة استقرارها، فإن ذلك لم يطمئن الأسواق ولا المستثمرين الأجانب.

ومع أن مسؤولي البنك المركزي والسلطات المالية الحكومية تعهدوا بضخ ما قد يصل إلى 55 مليار دولار من السيولة لضمان الاستقرار، فإن التوتر ما زال مخيماً على الجميع خصوصاً المستثمرين والشركاء التجاريين خارج كوريا.

المشكلة أن الاقتصاد الكوري الجنوبي وهو من بين الاقتصادات الصاعدة في العالم لا يكاد يحقق نمواً خلال الآونة الأخيرة ويبدو في حال جمود تام، إذ لم يزد نمو الناتج المحلي الإجمالي على نسبة 0.1 في المئة خلال الربع الثالث من هذا العام.

وفي أحدث بيانات التجارة الرسمية الصادرة مطلع هذا الشهر تراجعت صادرات كوريا الجنوبية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى أدنى مستوى لها خلال 14 شهراً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولم تحقق صادرات كوريا الجنوبية سوى نمو بمعدل شهري بنسبة 1.4 في المئة، لتصل إلى 56.4 مليار دولار.

وهبطت صادرات كوريا الجنوبية للصين الشهر الماضي للمرة الأولى منذ فبراير (شباط) 2024، بينما انخفضت صادراتها للولايات المتحدة للمرة الأولى منذ شهر يوليو (تموز) 2023.

ومطلع هذا الأسبوع، خفضت منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي توقعاتها لنمو الاقتصاد الكوري الجنوبي عن تقديراتها السابقة، وأعلنت في تقرير لها أن الناتج المحلي الإجمالي الكوري الجنوبي يمكن أن ينمو بنسبة 2.1 في المئة عام 2025.

وعلى رغم أن تلك النسبة في حدود المتوسط المتوقع لاقتصادات آسيا من قبل صندوق النقد الدولي للعام المقبل عند نسبة نمو اثنين في المئة، فإنها تعكس تباطؤاً شديداً في اقتصاد كوريا الجنوبية.

التأثير الأوسع

في حال تصويت البرلمان لمصلحة عزل الرئيس لن تكون تلك نهاية الأزمة السياسية، وإنما سيحتاج ذلك لتصديق المحكمة الدستورية العليا وقد تستمر العملية لأشهر عدة.

ومن شأن استمرار الأزمة السياسية أن تنعكس على الوضع الاقتصادي للبلاد وثقة المستثمرين فيه وأيضاً على الشركاء التجاريين لسيول.

وربما لا تتأثر اقتصادات كبيرة مثل أكبر اقتصادين في العالم داخل الولايات المتحدة والصين كثيراً بالاضطراب في كوريا الجنوبية، لكن اقتصادات أخرى متقدمة وصاعدة ستتأثر بصورة أكبر، ليس فحسب باضطراب سلاسل التوريد مع نشاط شركات مثل "سامسونغ و"أل جي" و"هيونداي" حول العالم فحسب، وإنما أيضاً بسبب الاستثمارات المتبادلة التي ستشهد جموداً وربما تراجعاً.

على سبيل المثال ترتبط كوريا الجنوبية بعلاقات واسعة مع دول العالم العربي، خصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي التي وقعت معها اتفاقات اقتصادية تقضي بإلغاء القدر الأكبر من الرسوم الجمركية على المبادلات بينها.

وتعد كوريا الجنوبية من الدول الصناعية الصاعدة المستوردة للطاقة، ومن شأن التباطؤ في اقتصادها نتيجة الأزمة السياسية أن يضعف الطلب العالمي، مما يشكل ضغطاً هبوطياً على أسعار النفط.

أيضاً، هناك عدد من الدول التي تستثمر في السوق الكورية أو تتعاون معها في مجالات التكنولوجيا على سبيل المثال، إذ إن الكوريين هم من بنوا محطات الطاقة النووية التي بدأت عملها في الإمارات أخيراً.

وقد يكون التأثير الأوسع على الأسواق خصوصاً بالنسبة إلى الصناديق والمستثمرين في الأسهم والأوراق المالية وأدوات الدين المختلفة.

ومع استمرار تدهور الثقة إذا طال أمد الأزمة السياسية وتعقدت أكثر سيستمر نزف الأموال خارج سوق سيول، ويمكن أن تتعرض بعض سلاسل الإمداد للاضطراب وزيادة القلق لدى الشركاء حول العالم.

اقرأ المزيد