ملخص
في أبريل الماضي أعلن البنك المركزي سحب أوراق الـ50 ديناراً بسبب انتشار كميات "مزيفة" منها
يدفع نقص السيولة في ليبيا السكان للجوء بصورة متزايدة إلى البطاقات المصرفية، في بلد غني بموارده الطبيعية لكنه يعاني أزمة نقدية بعد أعوام من النزاع وعدم الاستقرار.
بات سحب الأموال عملية تشوبها عقبات وتحديات في غالبية المدن الليبية، إذ يصطف المئات من الزبائن لساعات خارج فروع البنوك منتظرين دورهم للحصول على نقود غالباً ما تنفد سريعاً بسبب نقص الإمدادات في النظام المصرفي.
ويعني عدم الثقة بالنظام المالي المتهالك أساساً، أن هذه الأموال نادراً ما يعاد ضخها في المصارف، إذ يفضل الليبيون الاحتفاظ بنقودهم في متناول اليد.
تحديد حد أقصى للسحب
وإلى جانب نقص السيولة، غالباً ما يتلقى موظفو القطاع الحكومي الذين يشكلون حصة الأسد من السكان العاملين في ليبيا (2.3 مليون من أصل 2.6 مليون)، رواتبهم متأخرة، مع تحديد حد أقصى للسحب من نوافذ البنوك عند ألف دينار (206 دولارات)، وغالباً ما يكون ذلك مرة شهرياً.
في مصراتة، وهي مدينة ساحلية رئيسة ومركز تجاري بارز على بعد نحو 200 كيلومتر شرق طرابلس، يبلغ عدد سكانها 400 ألف نسمة، يتزايد عدد الذين يسجلون للحصول على بطاقات مصرفية.
وقال عبدالله القطيط، الموظف في أحد مصارف مصراتة، ثالث كبرى مدن البلاد، إن ثقافة عدم استخدام النقود "لم تتجذر بعد، لكن الأجيال الشابة تتبناها بسهولة".
وتحدث المصرفي البالغ 30 سنة عن "وعي متزايد" بين المواطنين "بأهمية الحلول الإلكترونية لتسهيل المعاملات اليومية، وخصوصاً في أوقات أزمة السيولة، حتى لو كانت البنية التحتية لا تزال غير كافية".
نقص أجهزة الصراف الآلي
لكن كما هي الحال غالباً في البلاد، فإن التحول نحو المعاملات الخالية من النقد لا يخلو من عقبات، أبرزها نقص أجهزة الصراف الآلي، علاوة على ذلك، فإن عديداً من التجار لا يقبلون مدفوعات البطاقات لأنهم غير مجهزين بمحطات دفع.
وقال المتخصص الاقتصادي خالد الدلفق، إنه في حين يدفع نقص السيولة كثيرين للتحول إلى استخدام البطاقات، يجب أن يكون ذلك مصحوباً بالعمل "لجعل هذه الخدمات أكثر سهولة في الوصول إليها".
في ظل شح الخيارات الأخرى، تحول كثيرون بالفعل إلى البطاقات المصرفية، ومنهم محمد السوسي.
وقال الرجل الخمسيني الذي كان يتبضع لعائلته في متجر استهلاكي في مصراتة، "أصبحت المعاملات أبسط مع البطاقة... لم أعد في حاجة إلى حمل كميات كبيرة من النقود معي بعد الآن".
وتسبب الاضطراب السياسي في ليبيا بتأثيرات جانبية إضافية، مثل المطبوعات المتعددة للأوراق النقدية من فئة 50 ديناراً، ووقعت مؤسسات البلاد منذ عام 2014 بين المعسكرين المتنافسين على السلطة، ولم يكن مصرفها المركزي استثناء. وحتى العام الماضي، بقي هذا البنك منقسماً إلى جزأين، مقر معترف به دولياً في العاصمة وآخر في بنغازي في الشرق، مع توقيع محافظي كل منهما على طباعة النقود الورقية.
خفض العمولات على الدفع الإلكتروني
في 2012، طرحت عملة جديدة بقيمة 50 ديناراً (10.24 دولار)، وهي أكبر فئة متاحة، للتداول لتسهيل الحياة على المستهلكين الذين غالباً ما يقومون بدفعات نقدية بالآلاف.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن في أبريل (نيسان) الماضي، أعلن البنك المركزي سحب أوراق الـ50 ديناراً بسبب انتشار كميات "مزيفة" منها، إلى جانب تلك التي أصدرها المصرف وطبعها في بريطانيا، وأخرى مطبوعة في روسيا صادرة عن سلطات شرق ليبيا الموازية.
وقال المدرس مصعب الهدار (45 سنة) أثناء زيارته فرعاً لمصرفه لطلب بطاقة إلكترونية "أصبح الوضع أكثر تعقيداً مع رفض الشركات الأوراق النقدية من فئة 50 ديناراً".
وحدد البنك المركزي في البداية موعداً نهائياً لسحب الأوراق النقدية (فئة 50 ديناراً) من التداول بنهاية أغسطس (آب) الماضي، قبل أن يمدد المهلة إلى نهاية العام.
وفي محاولة لمعالجة أزمة السيولة، ضخ البنك 15 مليار دينار (3 مليارات دولار) في النظام المصرفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بينما حث البنوك على "تسهيل إصدار البطاقات" للعملاء، ومطالبته بخفض العمولات لتشجيع الليبيين بصورة أكبر على "الدفع الإلكتروني".